لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: F-16 فوق سماء أوكرانيا

بيان

تحت عنوان: F-16 فوق سماء أوكرانيا، كتب اللواء الدكتور سمير فرج مقاله الأسبوعي في جريدة المصري اليوم السبت ٢٧ مايو ٢٠٢٣، وفى التالى نصه:

وفجأة انتهت قمة السبعة الكبار G7 في هيروشيما في اليابان الأسبوع الماضي، والتى ضمت رؤساء أمريكا، وانجلترا، وفرنسا، واليابان، وإيطاليا، وألمانيا، وكندا، ليخرج منها الرئيس جو بايدن ويعلن قراره بدعم أوكرانيا بـ 1,2 مليار دولار، ليصبح إجمالي الدعم الأمريكي الذي قدمته أمريكا لأوكرانيا منذ بدء الحرب 23,24 مليار دولار.

وجاءت المفاجأة الثانية الكبرى، فى قرار جو بايدن بموافقة أمريكا على دعم أوكرانيا بالطائرات المقاتلة من طراز “أف 16” من الجيل الرابع، لينزل هذا القرار كالصاعقة على دول العالم التي كانت تأمل أن تنتهي هذه الحرب التي دخلت عامها الثاني، والعالم كله يعاني من التضخم، وارتفاع الأسعار، والبطالة، وارتفاع ديون معظم الدول العالم، بسبب هذه الحرب الروسية الأوكرانية.

كان الرئيس الأوكراني يطالب منذ مدة أن تمده أمريكا بهذا النوع من الطائرات، التي تمثل أعلى المقاتلات المتطورة في العالم، والتي يصل مداها إلى أكثر من 4 الآف كم.

ورغم أن جو بايدن أعلن أنه أكد على الرئيس الأوكراني ألا يستخدم هذه الطائرات في مهاجمة وضرب العمق الروسي حتى لا تضطر روسيا أن تتخذ من ذلك ذريعة لاستخدام القنابل الذرية التكتيكية ضد أوكرانيا، وعلى الفور بدأت التحليلات والدراسات حول إمكانية أوكرانيا استخدام مثل هذه الطائرات الأحدث تطورا في العالم.

وكان السؤال الأول: هل تستطيع المطارات والقوات الجوية الأوكرانية أن تستوعب إقلاع وهبوط مثل هذه الطائرات المتطورة؟، وهل ستحتاج وقت إلى إعداد مدارج الهبوط والإقلاع لكي تلائم هذه الطائرات الحديثة؟.. لذلك من المحتمل أن تستخدم هذه الطائرات F16 من مطارات خارج أوكرانيا.
ثانيا: ما هو الوقت اللازم لتدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام هذه الطائرات المتطورة والتي لم يسبق لأوكرانيا استخدام مثل هذه الطائرات من الدول الغربية حيث كانت أوكرانيا من قبل تستخدم طائرات الميج الروسية الصنع للدخول بها في معارك جوية ضد الطائرات الروسية الحديثة؟.
وبالطبع، جاءت الإجابة التقليدية أن التوقيت المحتمل هو من ثلاث إلى أربع شهور ليكون الطيار الأوكراني قادر على قيادة هذه الطائرة الأمريكية الحديثة، وهذا يعني بالطبع عدم قدرة أوكرانيا على القيام بالهجوم المضاد، ضد القوات الروسية في إقليم دونباس الذي كان مخططا له في الربيع، وبالتالي سيتأخر الى أواخر الصيف القادم.

ثالثا: جاء تساؤل أخر هو: كيف تستطيع أوكرانيا استخدام هذه الطائرات الجديدة، وروسيا لديها سيادة جوية air supremacy على كل الأجواء الأوكرانية؟، وهذا يعني صعوبة إقلاع هذه الطائرات F16، وروسيا تسيطر على السماء الأوكرانية.
رابعا: يظهر تساؤل أخر هو كيف تنظم أوكرانيا دفاعها الجوي وقبلها بأسبوعين نجحت روسيا في تدمير أو إبطال عمل أهم سلاح جوي أمريكي وهو بطارية الباتريوت المضادة للطائرات والصواريخ في منطقة كييف العاصمة بواسطة صاروخ روسي كنجال (الخنجر) أحدث منظومات الصواريخ الروسية؟!، وأعتقد أنها كانت ضربة قوية للقوات الأمريكية.

كما أعتقد أنه في صباح اليوم التالي لتدمير أو إبطال عمل هذه البطارية، كانت هناك طائرة سي 130 الأمريكية تحمل حوالي من 70 إلى 80 فني، ومهندس، وخبير للمعاينة على الواقع، وللتحقيق في هذه الكارثة في فشل أهم قطعة سلاح في الدفاع الجوي الأمريكي.

وهنا يبرز السؤال: كيف ستحمي أوكرانيا طائرتها الجديدة ضد الطائرات الروسية طراز سيخوي، والصواريخ الكينجال؟!.

خامسا: تأتي المشاكل اللوجستيكية، من حيث قطع الغيار وتصنيفها بالذخائر واحتياجاتها، ثم وسائل التعارف، أو كما يطلق عليها RF، وهي ترددات تطلقها الطائرات لكي لا تهاجم من وسائل الدفاع الجوي الصديقة، وهنا يبرز السؤال: هل تستطيع أوكرانيا أن تحقق كل ذلك في ثلاث أو أربع شهور قادمة؟!.

سادسا: يأتي سؤال أخر هو: هل ستقبل أمريكا أن تخسر أحدى طائراتها F16 أمام الطائرات الروسية، مثلما حدث في مهاجمة بطارية الباتريوت.
ويجيء الرد وهو من أدراك أن أمريكا تريد اختبار هذه الطائرة F16 في قتال حقيقي أمام العدو العسكري التقليدي لها وهو روسيا وهنا تأتي الإجابة أن ذلك الأمر ممكن لو كان من يطير بهذه الطائرات هو الطيار الأمريكي، وليس الطيار الأوكراني غير المدرب جيدا.

ويستمر الديالوج ، أن أمريكا استفادت من تدمير بطارية الباتريوت بأنها عرفت نقطة الضعف التي استغلتها القوات الروسية. ويمكن تلافيها مستقبلا، وبالتالي هي فرصة أيضا لمعرفة أي نقاط ضعف في الطائرة. F16 بدخولها، أعمال قتال حقيقية أمام عدوها التقليدي، وهو الروس.
ويأتي الرد السريع أن أمريكا لا يمكن أن تفقد سمعة أهم طائرة قتال لديها. إذا نجح الروس في القضاء عليها، ولكن هناك وجهة نظر أخرى بأن أمريكا تقبل أن تظهر نقاط ضعف هذه الطائرات في القتال فوق أوكرانيا، بدلا من أن تظهر في معركة قادمة بين الروس والأمريكان.

على أي حال، فإن قرار جو بايدن أثار العالم. كله لإنه يعني ببساطة أن هذه الحرب مستمرة، وأنه لم يعد هناك أمل في المستقبل القريب أن يتوقف القتال، كذلك ظهر للجميع أن أوكرانيا لن تستطيع القيام بالهجوم المضاد في الفترة القريبة القادمة لاستعادة أرضها التي فقدت 20% منها، أي ليس قبل نهاية الصيف القادم.

وعلى العكس، هناك روسيا التي استولت على القطاعات الأربعة لوغانسك، دونيتسك، ذابورجيا، وخيرسون، بل وضمتها إلى الدولة الروسية، ونجحت القوات الروسية نجحت في فصل الشتاء الماضي في إعداد وتنظيم الدفاعات، بحيث أصبحت قادرة على صد أي هجوم مضاد أوكراني محتمل.
كما جاء استيلاء القوات الروسية على باخموت الأوكرانية بعد 442 يوم قتال ليرفع الروح المعنوية للقوات الروسية رغم أنه تم الاستيلاء عليها بقوات فاجنر، لكن ذلك رفع ذلك الروح المعنوية للجيش الروسي.

وعلى الطرف الآخر حقق انخفاض للروح المعنوية. للجيش الأوكراني.

وفي وسط تلك الأحداث لا ننسى الكارثة العسكرية. التي حلت بالقوات الروسية، عندما نجحت طائرتان مسيرتان معاديتان في الوصول إلى مبنى الكرملين في موسكو، وانفجرت، فوق المبنى العريق رمز الدولة الروسية، هذا الحدث أدى إلى عدم قيام روسيا يوم 9 مايو بإجراء الاستعراض العسكري، في الذكرى السنوية للانتصار على النازية الألمانية، كما كان يتم كل عام، واقتصر هذا العام على حفل لمدة 40 دقيقة لم يتم فيها استخدام العروض الجوية الروسية خوفا من استهداف العرض مرة أخرى بطائرات مسيرة.

كما، وضعت روسيا حاليا قيود على استخدام الإنترنت وأساليب GPS في وسط موسكو تخوفا من احتمال هجوم ثان بالطائرات المسيرة المعادية.

وهكذا تمضي الأحداث، ولكن أهم ما فيها أن الحرب مستمرة، وأعتقد ان المنتصر الآن هي أمريكا الذي نجحت في استنزاف الاقتصاد الروسي لمدة عام وربع تقريبا ومازال العالم كله يعيش في اقتصاد بائس ينتظر بارقة أمل أن تنتهي هذه الحرب ويعم السلام والرخاء العالم كله.

اقرأ أيضا للكاتب:

لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: عادل إمام.. محمد منير.. والقوى الناعمة

زر الذهاب إلى الأعلى