عالم المتدينين في اسرائيل.. تفاصيل كشف عنها مركز الدراسات الاستراتيجية

متابعة: كمال حمزة

عقد مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم ندوة علمية بعنوان “مجتمع المتدينين في إسرائيل: واقعهم، ومشاكلهم، ومستقبلهم”، برئاسة اللواء محمد عبدالمقصود رئيس المركز، والأستاذ الدكتور محمد صالح مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز.

شارك في الندوة عدد من باحثي الوحدة وعدد آخر من خارج الوحدة، وشارك في النقاشات والمداخلات ضيوف متخصصون في الشأن الإسرائيلي.

افتتح اللواء محمد عبدالمقصود الندوة بكلمة أكد فيها على أن موضوع المتدينين في إسرائيل من الموضوعات المهمة جدًا، والتي تؤثر على الداخل الإسرائيلي بشكل كبير ، ويرتبط بشكل خاص بمتابعة الموقف السياسي الخاص بالداخل الإسرائيلي.

كما يرتبط أيضا بموضوعات مهمة يجب أن يتعامل معها المتخصصون في الشأن الإسرائيلي، لهذا وجب البدء في دراسة هذه القضايا والوقوف على تأثيراتها على الداخل الإسرائيلي والقضية الفلسطينية والوضع الإقليمي والدولي.

ومن جانبه، قال أ.د محمد أحمد صالح مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز في كلمته بالندوة: “نجتمع لمناقشة قضية جديدة وهي قضية مجتمع المتدينين في إسرائيل.

وأضتاف أنه يتضح من خلال تشكيل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال السنوات الماضية أن المتدينين يدفعون بشكل عام نحو تعقيد الوضع السياسي، ولاحظنا منذ أيام ولأول مرة منذ قيام إسرائيل تحديا صارخا للإرادة العربية والإسلامية، الإقليمية والدولية.

وواصل، شاهدنا أن القوى الدينية المتطرفة باتت تغلب على البعد السياسي بوضوح وفجاجة غير معهودة، بعدما عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعها الدوري في الأنفاق تحت المسجد الأقصى، وهو ما لم يحدث من قبل، الأمر الذي يدلل ذلك على الخلفية الإيديولوجية الواضحة التي تغلب على البعد السياسي ، في تحد صارخ وبغيض للأمة العربية والإسلامية، وهذا ما دفعنا اليوم لدراسة وضع المتدينين سياسيا واجتماعيا وعسكريا وعلاقاتهم بيهود العالم”.

وجاءت الندوة في أربعة محاور سعت إلى تغطية الجوانب المتعلقة بمجتمع المتديين في المجتمع الإسرائيلي.

المحور الأول جاء في ورقتين بحثيتين، بعنوان “تداعيات تؤثر حكومة نتنياهو الدينية المتطرفة على العلاقات الخارجية الإسرائيلية”، أعدها الباحث سعد عبدالعزيز، وركزت على إئتلاف نتنياهو الحاكم وخطورته وتداعياته وتحدياته على الملف الفلسطيني، وإمكانية أن تؤدي الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين إلي إنتفاضة جديدة، وإمكانية سقوط السلطة الفلسطينية، وكذلك أثرها على العلاقات مع الأردن وتركيا وإيران واليونان وقبرص والولايات المتحدة وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.

طالع المزيد:

حاخام إسرائيلى يحذر متطرف صهيونى: لا تصعودوا إلى الأقصى.. لا تستفزوا الفلسطنيين| فيديو

وفي المحور نفسه قدمت الباحثة نورهان علي ورقتها بعنوان “تداعيات تصدر اليمين المتطرف للمشهد السياسي على الشأن الإسرائيلي الداخلي”، فأشارت إلى تمكن نتنياهو فى تشكيل حكومة متطرفة ذات توجهات استيطانية وقضائية أثرت على الأوضاع الداخلية فى إسرائيل، فأدت سياسات تلك الحكومة إلى النذور بحرب أهلية فى ظل تصاعد الاحتجاجات وتأججها ضد قوانين مايسمى بـ”الإصلاح القضائي”، وما نتج عنها من عصيان مدنى نفذته مؤسسات مختلفة، وتهديدات بعض جنود الاحتياط برفض الخدمة فى الجيش، فضلا عن تصاعد العنف والأنشطة الاستيطانية فى الضفة الغربية، وتهميش دور المرأة الاسرائيلية، بعدما تراجعت نسبة تمثيلها فى اسرائيل لتحتل المرتبة ال 140 عالميًا

تناول المحور الثالث الجانب العسكري، ليقدم الباحث محمد جمال ورقة بعنوان “المتدينون في الجيش الإسرائيلي بين إشكاليات الخدمة والتطلع لقيادة المؤسسة العسكرية”، التي تناولت تغلغل التيار الديني بشكل كبير في المجتمع الإسرائيلي، وتشكيله مصادر قوة في كثير من المجالات، ومن أبرزها التغلغل في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتزايد أعداد المتدينين في الجيش الإسرائيلي بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ولكن يعاني المتدينون من عدة إشكاليات في الخدمة في الجيش الإسرائيلي، منها إشكالية الطعام الحلال “الكوشير”، وحلق اللحى، وضعف بعض القيم الدينية، والخدمة في الوحدات العسكرية المختلطة بين النساء والرجال. أضف إلى ذلك سعيهم الحثيث للسيطرة على قيادة المؤسسة العسكرية، مثل منصب رئاسة أركان الجيش، والمناصب القيادية الأخرى بالجيش. وتبرز حاجة إسرائيل إلي تجنيد المتدينين في الجيش في ضوء نقص الموارد البشرية على خلفية التحديات الكبرى التي تتهددها، مع عزوف الشباب من بعض فئات المجتمع عن أداء الخدمة العسكرية

ناقش المحور الرابع واقع المجتمع الحريدي، فاشتمل على ورقتين بحثيتين، الأولى قدمتها الباحثة نيفين أبو حمدة بعنوان “واقع المجتمع الحريدي وتأثيره على مستقبل إسرائيل” فسلطت الضوء على آخر المستجدات وقدم إحصاءات عن مجتمع المتدينين في إسرائيل، فعددت الجماعات اليهودية المتدينة في إسرائيل، وفي القلب منهم الحريديم، وحضورهم وتأثيرهم في المجتمع الإسرائيلى، على مستوى الديموجرافيا والتعليم والاقتصاد، والتحولات والقضايا التى تؤثر في تركيبتهم الاجتماعية، وفي السياسة الإسرائيلية بشكل عام.

جاءت الورقة الثانية في هذا المحور بعنوان “تأثير وباء كورونا على وضع الأسرة في المجتمع الحريدي” أعدتها الباحثة سميرة عربي، باحثة الدكتوراة بجامعة القاهرة، فتناولت تأثير وباء كورونا على المجتمع الحريدي في إسرائيل، خاصة وأنهم يعيشون في مناطق ذات كثافة سكانية عالية وفقر شديد وإنخفاض مستوى الدخل، الأمر الذي تسبب في مشاكل اجتماعية وأسرية، فأصبحت الأسرة تواجه تحديات أستوجبت أن تخرج المرأة الحريدية للعمل، فضلا عن انتشار ظاهرة العنف الأسري داخل هذا المجتمع.

جاء المحور الرابع عن علاقة يهود إسرائيل بيهود العالم فتضمن ورقتين بحثيتين/ الأول بعنوان “المرتكزات العقدية للشباب الأمريكى ودورها فى دعم المتدينين داخل إسرائيل” أعدها الباحثة نور حلمي، فتناولت دعم فئة الشباب الأمريكى الكيان الصهيونى داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة، وطرحت عدة تساؤلات منها: ما هى المعتقدات الدينية التى ترتكز عليها؟ وما هو تأثير اللوبى الصهيو-أمريكى على متخذ وصانع القرار داخل الولايات المتحدة؟. من هنا تجيب الدراسة عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال تحديد سمات مايسمى بـ”المسيح المخلص” فى العقيدة اليهودية والعقيدة المسيحية، والنقد الكتابى الموجه لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتى، بوصفه المرجع الاساسى للرؤية البروتستانتية لمسيح آخر الزمان، والأسس التوراتية للصراع الروسى الأمريكى، ومدى اتفاق المعتقدات اليهودية والمسيحية البروتستانتية حول شخص ووصف المسيح، والدور الجوهرى الذى تقوم به المنظمات الشبابية الأمريكية لدعم الكيان الإسرائيلى.

وجاءت الورقة البحثية الثانية في هذا المحور بعنوان “أصول اليهود المتدينين “حسيديم” شرق أوروبا تأثيرها على اليهود المتدينين في إسرائيل” أعدتها الباحثة نورهان عبدالنبي ، المعيدة بقسم اللغة العبرية وآدابها بكلية الآداب جامعة أسيوط، وتناولت نشأة الحركة الحسيدية في القرن الثامن عشر الميلادي ومبادئها، والحركة المعارضة لها، والفرق الحسيدية المنشقة من الطائفة الحسيدية، والتواجد الحسيدي في إسرائيل وخارجها وعاداتهم والطقوس الخاصة بهم.

وبعد انتهاء الباحثين من إلقاء أوراقهم البحثية فتح باب المناقشات والمداخلات والتعليقات، فتفاعل الحاضرون وطرحوا أسئلتهم التي تمركزت حول سبل مواجهة هذه التطرف الذي تمارسه هذه الحكومة، ودور الحكومة المصرية في الوساطة بين الجانبين الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية من ناحية وتوحيد الصف الفلسطيني من ناحية أخرى، فضلا عن مواجهة التنظيمات الصهيونية المتطرفة والأعمال الاستيطانية المتزايدة، ونذر اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.

وفي الختام تقدم اللواء محمد عبد المقصود وأ.د.محمد أحمد صالح بالشكر الجزيل للباحثين على أوراقهم البحثية المتميزة، والتي وعد بأنها ستنشر في كتاب للمركز فور الإنتهاء منها.

زر الذهاب إلى الأعلى