قصة الظاهر بيبرس ومسجده.. من الإهمال إلى التجديد والترميم
- بيبرس قائد المماليك.. بطل الانتصارات على الصليبيين و المغول - مسجده ثالث أكبر المساجد الأثرية فى مصر بعد مسجد مصر بالعاصمة الإدارية ومسجد أحمد بن طولون بالقاهرة
كتب: إسلام فليفل
فى عام ٦٦٥ هجرية، أنشأ أحد أشهر حكام مصر فى العهد المملوكى مسجدا، مازال قائما إلى اليوم يخلد اسم صاحبه، الحاكم هو الظاهر بيبرس، ومسجده الشهير يقع فى قلب العاصمة القاهرة، وتنسب إليه المنطقة التى حوله يسميها العامة بـ “حى الضاهر”.
ولد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس فى عام ١٢٢١، وتوفى فى الثانى من مايو عام ١٢٧٧، وهو رابع سلاطين الدولة المملوكية، ويعتبر من أهم سلاطينها و المؤسس الحقيقى لها و من أعظم الحكام الذين مروا على مصر عبر التاريخ.
صاحب نهضة
أنشأ عام ٦٦٥ هجرية مسجد الظاهر بيبرس فى القاهرة والذى مازال قائما إلى اليوم، ونسبت المنطقة حوله باسم حى الظاهر.
الظاهر بيبرس خلال فترة عصره حقق نهضة معمارية وتعليمية كبيرة، حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس فى مصر ودمشق، ومنها المدرسة الظاهرية فى دمشق التى بنيت عام ٦٧٦ هجرية، كما
أنشأ الظاهر بيبرس مسجدا آخر باسمه فى مدينة قليوب لايزال موجودا حتى الآن ويسمى الميدان الموجود فيه “ميدان بيبرس” بمدينة قليوب البلد.
عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياسا للنيل وقام بأعمال أخرى كثيرة مثل تنظيم البريد فخصص له الخيل، وبنى كثيرا من العمائر.
ويجمع المؤرخون على أن الظاهر بيبرس هو أكبر مؤسس للنظام الإدارى، وهو واضع أصوله وقواعده في مصر والشام فى العصر المماليكى، وهو رائد الإصلاحات المتنوعة فى شتى المجالات فى ذلك العصر.
وصف مسجده
يعتبر جامع الظاهر بيبرس من أهم مساجد القاهرة، ويتميز عن الكثير منها بأنه يتوسط ميدان كبير بالقاهرة.
يتكون الجامع من مربع يبلغ طول ضلعه مائة متر ويحيط به سور من الحجر يبلغ ارتفاعه إحدى عشر مترا، ويعلو السور شرفات يبلغ ارتفاعها متر ونصف المتر، ما يزال جزء منها باقيا فى الضلع الجنوبى من المسجد.
طالع المزيد:
– السبب وراء تسمية مسجد شنودة في البحيرة بهذا الاسم
– حقيقة تنفيذ خطة شاملة لهدم وإزالة مساجد آل البيت لصالح مشروعات استثمارية
وقويت أركان الجامع من الخارج بأربعة أبراج اثنان مربعان على طرفى الضلع الشرقى والآخران مستطيلان، والأبراج مصمتة ماعدا ذلك الذى يشغل الركن الجنوبى الغربى فهو مجوف إذ يشغله درج يؤدى إلى سطح الجامع، وقد فتحت فى البرج الأخير أربع نوافذ صغيرة فى الجهة للغربية واثنتان فى الجهة الجنوبية واثنتان فى الضلع الشرقى وكذلك قوى السور الخارجى بدعائم.
سنوات الإهمال ثم التجديد
خلال سنوات مضت تعرض المسجد للاهمال الشديد لكن تم ادراجه فى خطة التطوير والتجديد ومنذ عام ٢٠١٨ تم البدء فى اعمال الترميم الشامل وتولت شركة المقاولون العرب ذلك، وتم الانتهاء من كافة الأعمال.
فى احتفال كبير فى الرابع من يونيو الجارى (٢٠٢٣) تم افتتاح مسجد الظاهر بيبرس، بعد انتهاء أعمال ترميمه فى احتفالية كبيرة حضرها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، ورئيس مجلس السينات “الشيوخ” الكازاخيستانى، بالاضافة إلى وزير الأثار ولفيف من قيادات الأثار الاسلامية فى القاهرة.
إشادة شيخ الأزهر
قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن الظاهر بيبرس يعد المؤسس الحقيقى لدولة المماليك فى مصر والشام أيضا، وإليه يرجع الفضل فى ابتكار الكثير من نظم تلك الدولة ووضع القواعد التى سارت عليها بعد ذلك عدة قرون.
لافتا أن المؤرخين أكدوا أن الظاهر بيبرس شغل كرسى السلطنة سبعة عشر عاما، وهى مدة طويلة لم يبلغها أحد من سلاطين دولة المماليك البحرية، باستثناء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وفى بقاء السلطان الظاهر بيبرس مدة طويلة فى سدة الحكم، دليل على قوته ونجاح سياسته فى الحكم.
شهادات أخرى
ومن جانبه أكد الشيخ خالد الجندى الداعية الاسلامى: أن افتتاح مسجد الظاهر بيبرس تعمير جديد لبيوت الله فى الأرض, وهذا التعمير يضاف للعهد الكريم الحالى الذى نعيشه، كما أن الظاهر بيبرس من القيادات الحكيمة التى تولت الحكم فى مصر وكان لها شأن كبير فى التاريخ الاسلامى ومواجهة الغزاة من الصليبيين والتتار.