رفعت رشاد يكتب: «شهرزاد» زوجة مثالية
ما هو السر فى أن تصبح “شهر زاد” زوجة مثالية – فى نظر الكاتب الكبير رفعت رشاد كاتب هذا المقال – حتى يقدمها مثالا لزوجات اليوم؟!.. المقال لا يتحدث عن براعة الإبداع الدرامى لـ “شهر زاد” لكنه يتناول توظيف هذا الإبداع الدرامى كأحد الحلول لإطالة عمر الحياة الزوجية، وإبعاد شبح الطلاق.. وفى التالى نص المقال:
تعانى مصر ارتفاعاً كبيراً فى نسبة الطلاق، فنحن من أوائل الدول فى حالات تشتيت الأسر والأبناء، تتعدد الأسباب والطلاق واحد.
لم تدرس مراكز البحوث الاجتماعية أسباب هذه الظاهرة حتى يمكن علاجها، ويتزايد كل يوم عدد القضايا المرفوعة طلباً للطلاق وتزدحم قاعات المحاكم كل يوم بالمتنازعين فى الأحوال الشخصية.
الزميلة الراحلة الكاتبة فاطمة مصطفى لها كتاب عنوانه: «الطلاق يبدأ من الفراش»، ويمكن أن يبدأ الطلاق لأسباب أخرى، فقد يكون الصمت أحد أسباب الطلاق، عندما يصمت الأزواج تتفجر فى داخلهم حِمم الخلافات فيكون الطلاق فى النهاية نتيجة متوقعة.
كثيراً ما يكون الصمت أحد أسباب الطلاق، فلماذا لا يعالج الزوجان مشكلة الصمت فيتكلمان ويتبادلان الحوارات ويرويان القصص عن تفاصيل حياتهما؟ إن المرأة أفضل مَن يروى الحكايات.
كلنا نتذكر أمهاتنا وجداتنا يروين لنا حكايات ما قبل النوم فينشأ الطفل، خاصة الذكور منهم، مرتبطين بأمهاتهم ويرونها فى كل امرأة وينتظرون من كل امرأة أن تحكى لهم الحواديت.
لا تدرك غالبية النساء هذه المشاعر لدى الرجل وتهمل احتواءه وتتراكم لدى الرجل مرارة فقد الحكى والاحتواء وتزيد الضغائن بينهما وتستعر الخلافات وغالباً تصل إلى الطلاق.
كانت «شهرزاد» مثالاً ناجحاً لاحتواء الرجل.
بعدما كان الملك شهريار يتزوج فتاة كل يوم ثم يقتلها بعدما اكتشف خيانة زوجته الأولى، استطاعت «شهرزاد» حل مشكلات فتيات المملكة اللاتى كن ضحايا لشهريار وحلت عقدته التى سببتها خيانة زوجته.
بقدرتها الساحرة فى رواية القصص وحكاية الحواديت خلبت «شهرزاد» لب «شهريار» فلم يستطع الاستغناء عن سماع حكاياتها كل يوم، كانت «شهرزاد» بارعة فى الحكى، جالت بالملك الأماكن والأزمان وروت له عن العفاريت والجن وعن النساء الفاتنات وسافرت به إلى بلاد لم يعرفها ولم يطأها.
كانت أسلوبها مشوقاً ما نسى معه «شهريار» الوقت الذى يمضيه مع زوجته «شهرزاد» وما يفعله، استمرت «شهرزاد» تحكى لزوجها لمدة ألف ليلة وليلة نسى خلالها «شهريار» مسألة قتل الزوجات وكان كل اهتمامه مركزاً على حكاية ما قبل النوم التى تحكيها له زوجته، بعد تلك المدة اكتشف «شهريار» أنه أنجب بنات وبنين وأنه أحب «شهرزاد» ولم يعد يستطيع الاستغناء عنها.
طبقت «شهرزاد» مبدأ احتواء الزوج فى الفراش وعدم النفور من العلاقة الزوجية أو اعتبارها رجساً من عمل الشيطان، كما مارست الحكى واعتبرت زوجها الملك طفلاً كبيراً يحن إلى حكايات جدته وأمه ويعتبر زوجته أماً ثانية.
من جانب آخر، على الزوج أن يحتوى زوجته بحنانه ومنحها الشعور دوماً بتجدد علاقاتهما وعدم جمود مشاعره تجاهها، وعليه أن يهديها فى كل فترة هدية مناسبة تؤكد لها أنه لا ينساها ويسعى دوماً إلى نيل رضاها.
إن ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر له أسباب يجب دراستها ووضع الحلول لها ولو تطلب الأمر تنظيم دورات لتوعية الأزواج قبل وبعد الزواج.
علينا أن ندرس أسلوب شهرزاد التى حلت سلبيات العلاقة مع زوجها.
ليس عيباً أن ينظر الرجل إلى المرأة باعتبارها أماً له وليس عيباً أن تعتبر المرأة الرجل أباً لها.. فهذه الاعتبارات تؤدى إلى تحسين العلاقة بينهما.