د. إيمان عبد الله تفتح هذا الملف: اللذة الكاذبة (2): المخدرات وهرمون السعادة
كتبت: أسماء خليل
هل هناك علاقة مباشرة بين التركيبة الجسمانية للإنسان وإدمان المخدرات؟!
وإذا كانت هناك علاقة.. فما دلالة هذه العلاقة؟!.. وفى مرحلة العلاج والانسحاب، ما هو البديل للجسم الذى اعتاد وتكيف مع المخدر؟!
عن هذه الأسئلة تجيب د. إيمان عبد الله، خبيرة الإرشاد الأسري، فى تصريحات خاصة لـ “موقع بيان” :
هناك مادة كميائية تسمى”دوبامين”،ما هو عمل هذا الـ “هرمون”، وما هو تأثيره على الجسم؟!.
يعرّف الدوبامين بأنه من الناقلات العصبيّة المُهمّة في الدماغ، حيث إنّه مسؤول عن العديد من الوظائف والأنشطة الرئيسة في جسم الإنسان.
ويؤثر إفراز الدوبامين على المشاعر، والحركة، والإحساس بالسعادة والألم أيضاً، فهو يعمل على تنظيم المزاج والسلوك والإدراك، ويساعد على اتخاذ القرارات والإبداع، وبالتالى فأن الطلب على إفرازه يدفع المدمن إلى التهور والاندفاع نحو طلب المخدرات.
إدمان الشخص للمنبهات أو المنشطات يكون فى الغالب مرتبطًا بالتعرض لمخاطر كبيرة، وطلب اللذة الحسية، والنزوع إلى التهور، ولكن من خلال طرق غير مفهومة جيدًا.
خبيرة الإرشاد الأسرى إن فريق من الباحثين كان هدفهم هو التعرف على من يسبق أولاً: الاندفاع المتهور أم إدمان العقاقير؟ ، وكيف يؤثر الدوبامين على الاندفاع المتهور والإدمان؟
اختبار الاندفاع
لهذا الغرض قام باحثون بريطانيون من جامعة كامبريدج بإجراء تجارب على ذكور فئران المختبر، وليس على البشر، ولدى بدء الدراسة، لم يكن أى من الفئران قد تعرض لأى عقاقير، وفى البداية، أمضت الفئران ثلاثة أسابيع، حيث أجريت عليها اختبارات الاندفاع.
وفى هذه الاختبارات عمد الباحثون إلى إطلاق شعاع من الضوء الساطع يستمر جزءًا من الثانية فى أحد خمسة مواضع بقفص الفئران، ولم يكن من سبيل للفئران إلى توقع أو معرفة الموضع الذى سيظهر فيه الضوء التالى.
وكانت الفئران تكافئ بشيء من الطعام إذا انطلقت بسرعة إلى موضع الضوء، لكنها لا تكافئ بشيء إذا اندفعت بتهور إلى الموضع الخطأ.
طالع المزيد:
– د. إيمان عبد الله تفتح هذا الملف: اللذة الكاذبة (1)
– مع دخول الصيف.. د. إيمان عبدالله تحذر من «متلازمة الحرارة والحمى النفسية»
وأظهرت الاختبارات أن بعض الفئران كانت شديدة الاندفاع والتهور، ووجد الباحثون أن مستقبلات الدوبامين لدى الفئران المندفعة أقل، خاصة فى منطقة هامة من الدماغ، مقارنة بالفئران الأقل اندفاعًا، بحسب ما أظهرت صور مسح الدماغ، باستخدام تقنية التصوير المقطعي لانبعاث البوزيترون (PET).
اختبار الإدمان:
وتضيف د. إيمان : أجرى الباحثون جراحة قاموا فيها بتوصيل أنبوب داخل أوردة الفئران، وبعد أسبوعين، حيث تعودت الفئران على الأنابيب المتصلة بأوردتها، بدأت الفئران تتلقى سائلاً ممتزجًا بكميات صغيرة من الكوكايين عبر الأنابيب المتصلة بأوردتها، بواسطة الضغط على رافعات بأقفاصها.
كانت كمية الكوكايين محدودة، لكن الفئران المصنفة أكثر اندفاعًا منحت نفسها كوكايين أكثر من الفئران الأخرى الأقل اندفاعًا.
يُذكر أن فريق البحث درس الإدمان على الكوكايين، لكنه يعتقد أن ملاحظاته ونتائجه قد تسري أيضًا على عقاقير الإدمان الأخرى المرتبطة بمستقبلات الدوبامين، بما فى ذلك النيكوتين والأفيون.
سر الدوبامين
وتستدرك إذا كان الـ “دوبامين” مسئولا عن الشعور بالنشوة والسعادة والمتعة، ويساعد إفرازه على تعزيز السلوكيات الايجابية والمشاعر الجيدة، وزيادة الشعور بالرضا، فهو من أهم العوامل التي تساهم في تطوير الإدمان على المخدرات، إلى جانب بعض النواقل العصبية الأخرى مثل الأندورفين والسيروتونين والأوكسيتوسين.
الدوبامين وإدمان المخدرات
تعاطي الشخص المخدرات يزيد من مستوى الدوبامين في الجسم، مما يخلق حالة من النشوة والسعادة والمتعة، وتعتاد مستقبلات المخ على تلك الزيادة في الدوبامين، ولا يمكن منح الشخص مشاعر ممتعة بدونها، ومن هنا يحدث الإدمان على المخدرات.
عند التوقف عن تعاطي المخدرات، يعود الدوبامين إلى مستواه الطبيعي، ويرفض الجسم النقص المفاجئ، ويطالب برجوعه مرة أخرى، مما يسبب ظهور أعراض انسحاب قوية، وقد ينتهي الأمر إلى الانتكاس.
دور الدوبامين في المخدرات
بعد مرور فترة طويلة على تعاطي المخدر، يتوقف المخ عن الشعور بتأثير المخدر كاملًا، ويحتاج إلى جرعات أكبر كي يصل إلى نفس المفعول السابق، وهنا يلعب الدوبامين دورًا هامًا في هذه المرحلة، حيث يزيد التعاطي المستمر للمخدر من تحفيز مراكز المخ المسئولة عن الشعور بالسعادة، مما يصعب التعامل مع مستويات الدوبامين العالية، وهنا يبدأ المخ في تقليل إفراز الدوبامين، أو تقليل تأثير المادة المخدرة.
التأثير الجنسى
هناك أيضا علاقة بين الـ “دوبامين” والانتصاب لدى الذكور، وهى علاقة طردية، حيث يتحكم الدوبامين في قوة الرغبة الجنسية.
وعند ارتفاع مستوى الدوبامين في الجسم يقوى الانتصاب، بينما في حالة انخفاض الدوبامين يصاب الشخص بالضعف الجنسي.
تنشيط مستقبلات الدوبامين
وتنصح د. إيمان باللجؤ إلى بعض الطرق الطبيعية التي يمكن من خلالها تنشيط مستقبلات الدوبامين، دون اللجوء إلى تعاطي المخدر، وهو ما يزيد من الشعور بالمتعة والسعادة:
وأبرز تلك الطرق خمسة، بيانها كالتالى:
1- تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات والتي تعزز من إنتاج الأحماض الأمينية، وبالتالي ضخ المزيد من الدوبامين.
2- ممارسة التمارين الرياضية حيث أنها تساعد على إفراز الدوبامين بصورة قوية، مما يزيد الشعور بالنشوة.
3- الحصول على قسط كاف من النوم المتواصل لأن قلة النوم تخفض مستوى الدوبامين.
4- ممارسة تمارين التأمل التي تزيد من إفراز هرمونات السعادة والاسترخاء.
5- التعرض لأشعة الشمس غير الضارة في الصباح الباكر، لأنها تحسن من مستوى فيتامين د، وبالتالي تقليل الشعور بالاكتئاب أو الحزن.