رفعت رشاد يكتب: سيزيف.. بين الحكيم وكامي (1 – 2)
موقف فلسفى يتحول إلى دراما مسرحية بطلها زوج وزوجته وصرصار، المسرحية للكاتب المسرحى والمفكر الكبير الراحل توفيق الحكيم، والمقال الذى يتناول المسرحية للكاتب الصحفى الكبير رفعت رشاد، وفى هذا المقال المنشور فى صحيفة “الوطن” يعرض الأخير العقدة الدرامية وملخص الأحداث ويربطها بأسطورة “سيزيف”، ما العلاقة؟! نقرأ أولا المقال التالى لنفهم الحكاية، على وعد من كاتب المقال بجزء ثان يجيب فيه على سؤال: ما العلاقة؟!.. وأليكم نص المقال:
منذ عقود طويلة كنت أتردد على مكتبة دار الكتب الموجودة فى باب الخلق. قرأت ما قدرت على قراءته وأتذكر كثيراً مما طالته يدى وقتها. من بين ما أتذكر قراءته فى دار الكتب مسرحية «مصير صرصار» لكاتبنا الكبير توفيق الحكيم.
استمتعت كثيراً بالمسرحية التى دارت أحداثها فى منزل زوجين ومعهما من الشخصيات طبيب الشركة التى يعملان بها و«أم عطية»، العاملة فى المنزل. الصرصار هو محور المسرحية ولب الصراع فيها.
تسابق الزوجان للاستحمام قبل الذهاب إلى العمل. نجحت الزوجة فى دخول الحمام قبل زوجها وقبل أن تطلق مياه الدش فوجئت بوجود صرصار داخل البانيو. صرخت فزعاً ولحقها زوجها وشاهد الصرصار يحاول جاهداً الخروج من البانيو.
طلبت الزوجة منه أن يأتى بالمبيد الحشرى ليقتل الصرصار لكن الزوج رفض، بل وأغلق الباب خلف زوجته التى ذهبت لإحضار المبيد.
بقى الزوج داخل الحمام مغلقاً بابه يشاهد الصرصار ومحاولاته صعود جدار البانيو فى محاولات متكررة للخروج. محاولات الصرصار فشلت كلها فسطح البانيو الأملس لا يسمح له إلا بالصعود لمسافة محددة لا تزيد عن كل مرة.
يدور حوار بين الزوجين عن تمسك الزوج بعدم قتل الصرصار ورفض الزوجة لموقف زوجها. وينضم للحدث الدرامى طبيب الشركة فيتم توصيف موقف الزوج بأنه شعور بالتشابه بينه وبين الصرصار، حيث يشعر الزوج بأنه مضطهد من زوجته، لذلك يدافع عن الصرصار التى تريد قتله.
يتمكن الزوج من جذب الطبيب لمناصرته فى موقفه. يتعاطف الطبيب مع الزوج والصرصار بعدما قال له الزوج إنه معجب كثيراً بإصرار الصرصار على المقاومة دون كلل.
لم ييأس الصرصار من محاولاته التى تفشل دائماً. لم يصبه التعب. ظل ساعات يحاول تسلق جدار البانيو لكنه لم يفلح فى الصعود حتى النهاية.
يقول الزوج للطبيب الذى صار فى صفه متعاطفاً مع الصرصار: يعجبنى إصراره وكفاحه اللا متناهى، وعندما قال له الطبيب لنحاول إنقاذه طالما أنك متعاطف مع كفاحه للخروج من مأزقه، قال الزوج: سأتركه لمصيره، لن أقتله بالمبيد ولن أنقذه، لندع القدر يحدد مصيره.
بعدما اتفق الزوجان والطبيب على مساعدة الصرصار على الخروج من مأزقه، خرجا لكى يشرب الطبيب قهوته فى صالة المنزل. وفى تلك الأثناء دخلت «أم عطية»، العاملة، الحمام وفى يدها جردل التنظيف وقامت بفتح الدش الذى أغرقت مياهه الصرصار ومات.
ثم قامت «أم عطية» بنقله من البانيو إلى ركن فى الحمام وأسرعت تبشر الزوجة بأن الحمام جاهز ويمكنها أن تحصل على دش ساخن.
أسرع الزوج والطبيب لتفقد الصرصار بعد إعلان «أم عطية» انتصارها فى غزوة البانيو، وقام الزوج بتأنيبها، بينما هى مندهشة لكلامه فهى لم تدرك ما فعلته وأثره على الزوج.
بعد قليل وجدوا أن النمل تجمع وقاموا بحمل الصرصار مسجى على ظهره سائرين به على جدار الحمام فى طريقهم للاحتفال بهذه الوليمة الكبيرة.
بقى الزوج والطبيب يراقبان سلوك النمل الذى كان يقوده نملة قائدة فى طريقهم إلى شق فى جدار الحمام. أثناء ذلك رن جرس التليفون فأسرع الزوج للرد وكان موظف الشركة على الطرف الآخر فسأل عن الطبيب فناداه الزوج وأعطاه السماعة وفى طريقه للحمام لمعاودة مراقبة النمل والصرصار وجد الزوج «أم عطية» خارجة من الحمام وفى يدها جردلها الذى استخدمته لإزالة النمل والصرصار من فوق جدار الحمام.
ما العلاقة بين صرصار الحكيم وأسطورة سيزيف التى حللها ونقدها المفكر الفرنسى الفائز بجائزة نوبل ألبير كامى. هذا ما سنعرفه فى مقال الغد.