أحاديث ضعيفة وغير صحيحة عن الأضحية.. اعرفوها (1من2)
كتب السيد محمود
الأضحية سنة من سنن الأنبياء من لدن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وأجمع أهل الإسلام على مشروعيتها، وهي سنة مؤكدة على الصحيح.
وتكون الضحية في بهيمة الأنعام الثلاثة المنصوص عليها، وهي: الإبل والبقر والغنم، وتذبح خلال أيام العيد بدءا من بعد صلاة العيد حتى آخر أيام التشريق على الصحيح، وهي عبادة عظيمة يتقرب بها إلى الله تعالى.
وعن ابن كثير قوله في تفسير آية {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} ]الحج: 32 [أي: أوامره، { فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن، كما قال الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: تعظيمها: استسمانها واستحسانها.
لكن ورد في شأن الأضحية أحاديث لا تصح نسبتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومن واجب النصيحة التنبيه على تلك الأحاديث مع حكم النقاد عليها كي لا تبنى عليها أحكام أو اعتقاد لم تكن قد دلت عليها الأدلة الشرعية الصحيحة الأخرى، ومن هذه الأحاديث:
1- حديث الأضحية ناسخة كل ذبح عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نسخ الأضحى كل ذبح، وصوم رمضان كل صوم، والغسل من الجنابة كل غسل، والزكاة كل صدقة» حديث منكر، وقال البيهقي: إسناده ضعيف بمرة، والمسيب بن شريك متروك، وقال الفلاس: أجمعوا على ترك حديث المسيب بن شريك وفي رواية: “محا الأضاحي كل ذبح كان قبله” حكمه كسابقه، دل منطوق الحديث على عدم مشروعية كل ذبح قبل الأضحى وأنه ناسخ وما قبله منسوخ كالعقيقة مثلا. وقال محمد الشيباني: قد كانت في الجاهلية ذبائح يذبحونها منها العقيقة، كانت في الجاهلية ثم فعلها المسلمون في أول الإسلام فنسخها ذبح الأضحية فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل.
2- حديث فضل الأضحية عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقة دم وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها وأن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا.» حديث ضعيف، كما ورد فى كتاب (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ص 936)
3- حديث “إن الله يعتق بكل عضو من الضحية عضواً من المضحي”، وهذا حديث لا إسناد له، وعن زيد بن أرقم، قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: “سنة أبيكم إبراهيم” قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: “بكل شعرة حسنة” قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: “بكل شعرة من الصوف حسنة.” حديث موضوع، بل قال ابن العربي المالكي: ليس في فضل الأضحية حديث صحيح و قد روى الناس فيها عجائب لم تصح.
3- حديث حكم الأضحية وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي. حديث ضعيف، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الأضحى علي فريضة، وعليكم سنة. حديث منكر ” أمرت بركعتي الضحى، ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى، ولم تكتب ” حديث ضعيف.
وفي رواية: ” كتب علي النحر، ولم يكتب عليكم، وأمرت بركعتي الضحى، ولم تؤمروا بها” وفي رواية:” ثلاث هن علي فرائض، وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى “، وقال ابن الحافظ ابن حجر بعد ذكره لطرق هذا الحديث وعلله: ”فتلخص ضعف الحَدِيث من جميع طرقه[15] وجاء ما يعارضه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال “أمرت بالأضحى والوتر ولم يعزم علي” لكنه ضعيف جدا ، وكذا حديث مخنف بن سليم رضي الله عنه حيث قال:” كنا وقوفا عند النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال: «يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هي التي يسميها الناس الرجبية» حديث ضعيف[، قال الخطابي:” هذا الحديث ضعيف المخرج”، وقال ابن الجوزي: وهذا متروك الظاهر، إذ لا يسن العتيرة أصلا، ولو قلنا بوجوب الأضحية كانت على الشخص الواحد، لا على جميع أهل البيت.
وأيضا ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:” من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا. قال الإمام أحمد: هذا حديث منكر[، وغير ذلك من الأحاديث المعلولة.
وبهذا يتبين أن أدلة حكم الأضحية من حيث العموم: إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح إذ لم يسلم جميع حديث الباب من المقال، ولذا كانت الأضحية سنة مؤكدة في حق القادر عند أكثر أئمة المسلمين قديما وحديثا، اقتداءا بالنبي عليه الصلاة والسلام الذى لم يتركها في الحضر والسفر. قال الخطابي: واختلفوا في وجوب الأضحية، فقال أكثر أهل العلم إنها ليست بواجبة ولكنها مندوب إليها.
4- حديث أفضل ما يضحى به من الأنعام وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الأضحية الكبش، وخير الكفن الحلة» حديث ضعيف، وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الكفن الحلة وخير الأضحية الكبش الأقرن» حديث ضعيف.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:” حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فلما كان يوم النحر دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين فذبح أحدهما قال:” عني وعن أهل بيتي” وذبح الآخر وقال: ” عني وعن أمتي” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من ذبح كبشاً أقرن أملح فكأنما ذبح مائة بدنة، ومن ذبح خصياً فكأنما ذبح خمسين بدنة، ومن ذبح نعجة فكأنما ذبح بقرة، ومن ذبح بقرة فكأنما ذبح عشر بدنات. حديث ضعيف، وهذه الأحاديث لا تصح، ولو صحت لما اختلف الناس في أفضل أنواع الأضحية، حيث ذهب الجهمور إلى تفضيل البدنة على غيرها من الأضحية لكونها أنفع للفقراء لكثرة لحمها.
ولحديث أجر المتسابق للجمعة:” من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً أقرن.
وفضل المالكية ومن وافقهم الكبش على غيره من أنواع الأضاحي لاختيار النبي عليه الصلاة والسلام له، وأن ذلك دأب كثير من الصحابة. وقال صاحب أضواء البيان: وقد تكرر من الرسول صلى الله عليه وسلم التضحية بالغنم، وهو صلى الله عليه وسلم لا يضحي مكرراً ذلك عاماً بعد عام ، إلا بما هو الأفضل في الأضحية، فلو كانت التضحية بالإبل والبقر أفضل لفعل صلى الله عليه وسلم ذلك الأفضل.
ومسألة التفضيل تكون في حال الاختيار بين الأضاحي، وأما من حيث النظر لأحوال الناس والعادات والتشهي فإن العرف هو المحكمة في هذه الحالة نظرا لمقاصد الشرع، والله أعلم.
5- حديث الحث على الأضحية أغلى ثمنا عن أبي الأشد السلمى عن أبيه عن جده قال: كنت سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرنا نجمع لكل رجل منا درهما فاشترينا أضحية بسبع الدراهم فقلنا يا رسول الله لقد أغلينا بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها.” وفي رواية:”إن أحب الضحايا إلى الله أغلاها وأسمنها” حديث ضعيف، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال:” أمرنا رسول الله في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد وأن نضحي بأسمن ما نجد، البقرة عن سبعة والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير”. حديث ضعيف.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أُنفقت الوَرِقُ في شيءٍ أحبَّ إلى الله من نحرٍ يُنحر في يومِ عيد. ضعيف جدا، وجعل الجمهور منطوق هذه الأحاديث مستندة من مستند القول لأفضلية البدنة في الأضاحي، لأنها أغلى ثمنا وأسمنا من بقية بهيمة الأنعام، ولكن حديث الباب سقيم كما لا يخفى.
وهناك أحاديث أخرى عن الأضحية غير صحيحة فانتظرونا.