أحاديث ضعيفة وغير صحيحة عن الأضحية.. اعرفوها (2من2)
كتب: السيد محمود
ذكرنا فى الحلقة الأولى من هذا البحث أن الأضحية سنة من سنن الأنبياء من لدن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وأجمع أهل الإسلام على مشروعيتها، وهي سنة مؤكدة على الصحيح.
وذكرنا أيضا أنه رد في شأن الأضحية أحاديث لا تصح نسبتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومن واجب النصيحة التنبيه على تلك الأحاديث مع حكم النقاد عليها كي لا تبنى عليها أحكام أو اعتقاد لم تكن قد دلت عليها الأدلة الشرعية الصحيحة الأخرى.
وذكرنا فى الحلقة الأولى 5 أحاديث من هذه الأحاديث غير الصحيحة، وضعيفة الإسناد، وفى هذه الحلقة نواصل ذكر باقى الأحاديث:
6 – حديث فضيلة التضحية بالجذع من الضأن يقصد بالجذع من الضأن: ما أتم ستة أشهر كما هو مذهب الحنفية والحنابلة، أو ما أتم سنة كاملة في المذهب عند المالكية والشافعية، ويعنى هذا أنه لا يجزئ ما دون ستة أشهر من الضأن في الأضحية عند جميع أهل العلم، وقد جاء في فضائل الضأن والجذع على وجه الخصوص أحاديث لا يثبتها النقاد المحدثون، ومنها ما جاء: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا “عجب ربنا من ذبحكم الضأن في يوم عيدكم” حديث موضوع.
وعن أبي كباش، قال: جلبت غنما جذعانا إلى المدينة، فكسدت علي، فلقيت أبا هريرة، فسألته، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” نعم – أو نعمت – الأضحية الجذع من الضأن ” فانتهبها الناس” حديث ضعيف.
وعن أبي هريرة، قال:” جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى، فقال: كيف رأيت نسكنا هذا؟ فقال: يا محمد لقد تباهى به أهل السماء، واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من المسنة من المعز، واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من المسنة من البقر، واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من المسنة من الإبل، ولو علم الله ذبحا هو أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام. حديث ضعيف.
7- حديث من عيوب الأضحية: الثولاء روي حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في: ”النهي عن التضحية بالثولاء” وقال ابن الملقن: هذا الحديث غريب لا أعلم من خرجه بعد شدة البحث عنه. وكذا قال ابن الصلاح في كلامه على «الوسيط» : هذا الحديث لم أجده ثابتا.
ولم يمنع الحديث السابق الفقهاء من النظر في الأنعام المصابة بالثولاء. وجاء في الموسوعة الفقهية: ” الثولاء وهي المجنونة، ويشترط في إجزائها ألا يمنعها الثول عن الاعتلاف، فإن منعها منه لم تجزئ، لأن ذلك يفضي إلى هلاكها.
وقال المالكية والشافعية: لا تجزئ الثولاء، وفسرها المالكية بأنها الدائمة الجنون التي فقدت التمييز بحيث لا تهتدي لما ينفعها ولا تجانب ما يضرها.
وقالوا: إن كان جنونها غير دائم لم يضر.
وفسرها الشافعية بأنها التي تستدير في المرعى، ولا ترى إلا قليلا، فتهزل.
8- حديث فضل شهود المضحي ذبح أضحيته عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم: ” قومي – أي فاطمة رضي الله عنها – إلى أضحيتك فاشهديها؛ فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها يغفر الله لك ما سلف من ذنوبك، قالت: يا رسول الله! هذا لنا أهل البيت خاصة، أم لنا وللمسلمين عامة؟ قال: بل لنا وللمسلمين عامة؟ حديث منكر.
قال بعض أهل العلم باستحباب شهود المضحي أضحيته إذا وكل غيره بالذبح بناء على هذا الحديث، ولكن القول بالاستحباب حكم شرعي، ولا يستقيم حكم شرعي إلا بدليل ثابت، ولذا يبقى حضور المضحى مشهد الذبيحة على الإباحة لا على الاستحباب لعدم ثبوت الحديت.
9- حديث النهي عن ذبح الأضحية في الليل عن ابن عباس رضيي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى ليلا” حديث موضوع.
وقت ذبح الأضحية باق على الأصل الذي هو الجواز في أي وقت؛ ليلا كان أو نهارا، إلا أن الجمهور كرهوا الذبح في الليل لأنه مظنة الخلل وصد الفقراء والمساكن عن الحضور ومنعهم عن حقهم. بل قال البيهقي: إنما كان ذلك من شدة حال الناس، كان الرجل يفعله ليلاً فنهي عنه ثم رخص فيه.
وعلى كل حال فعلة الكراهة منتفية تقريبا في هذا الزمان لوجود الإضاءات الكهربائية. اقرأ أيضا : هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضاحي.
10- حديث فضل استقبال القبلة أثناء الذبح وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ضحوا، وطيبوا بها أنفسكم؛ فإنه ليس من مسلم يوجه ضحيته إلى القبلة إلا كان دمها، وفرثها، وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة” حديث ضعيف جدا، يطرح ولا يلتفت إليه.
ولكن استقبال القبلة بالذبيحة داخلا في عموم الأدلة الحاثة على استقبال القبلة في العبادة وتعظيم شأنها، فيكون مباحا أو مستحبا لا واجبا على الصحيح. وجاء عن ابن عمر أنه كان يكره أن يأكل ذبيحة ذبحه لغير القبلة، قال أبو محمد ابن حزم: لو كان استقبال القبلة من شروط التذكية لما أغفل الله تعالى بيانه.
11- حديث نهاية وقت ذبح الأضحية عن محمد بن إبراهيم: حدثني أبو سلمة وسليمان بن يسار، أنه بلغهما: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: ”إن الضحايا إلى هلال المحرم لمن أراد يستأني ذلك” وفي لفظ: “الضحايا إلى هلال” حديث ضعيف.
وقد قال بمدلول هذا الحديث بعض أهل العلم كابن حزم، وذهبوا إلى القول باستمرار ذبح الأضاحى حتى آخر شهر ذى الحجة.
وقال ابن حزم بعد ذكره لحديث الباب: وهذا من أحسن المراسيل وأصحها… إلى أن قال: الأضحية فعل خير وقربة إلى الله تعالى، وفعل الخير حسن في كل وقت، قال الله تعالى: } والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير { فلم يخص تعالى وقتا من وقت، ولا رسوله عليه الصلاة والسلام؛ فلا يجوز تخصيص وقت بغير نص فالتقريب إلى الله تعالى بالتضحية حسن ما لم يمنع منه نص أو إجماع، ولا نص في ذلك ولا إجماع إلى آخر ذي الحجة، وهذا القول مرجوح ومحجوج بآثار الصحابة والتابعين، حيث ثبت عن ابن عباس – وغيره – أنه قال: ” الأضحى ثلاثة أيام بعد يوم النحر” ونحوه عن عمر بن عبد العزيز ، وقال الحسن وعطاء: ” يضحى إلى آخر أيام التشريق، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
12- حديث الأضحية عن الميت وعن حنش، قال: رأيت عليا يضحي بكبشين فقلت له: ما هذا؟ فقال: “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه” حديث ضعيف.
وفي رواية: “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه أبدا” ضعيف.
ولم يثبت حديث الباب عند أهل العلم بالحديث، ولكن العلماء اختلفوا في الأضحية عن الميت إذا لم يكن قد أوصى به. قال الإمام الترمذي: ”وقد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت ولم ير بعضهم أن يضحى عنه.
وقال عبد الله بن المبارك: أحب إلي أن يتصدق عنه، ولا يضحى عنه، وإن ضحى، فلا يأكل منها شيئا، ويتصدق بها كلها”.
قال أبو العباس ابن تنمية:” وتجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحج عنه والصدقة عنه، ولو ثبت حديث علي لكان نصا في المسألة ولما كان الرأي في مقابل النص.
13 – حديث الاستدانة من أجل شراء الأضحية عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أستدين وأضحي قال: نعم فإنه دين مقضي. حديث ضعيف[.
والذى عليه أكثر أهل العلم أن الأضحية ليست واجبة ومن ثم لا يستحب الاقتراض من أجل شرائها وخاصة فى حال عدم القدرة على الوفاء، وأما في حق المقتدر فلا بأس بل يعد ذلك فعل حسن لأنه من تعظيم شعائر الله تعالى كما هو مذهب المحقيقين من أهل العلم.
14- حديث: الأضحية مراكب المضحين على الصراط عن أبى هريرة رضي الله عنه رفعه:”استفرهوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط” ضعيف جدا،
وفي رواية “عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم” لا أصل له بهذا اللفظ، ومعنى الحديث: استكرموا ضحاياكم – جمع ضحية – واستجيدوها فضحوا بالكريمة الشابة الحسنة السير والمنظر السمينة الثمينة، القوية غير هزيلة ولا مريضة ولا معيبة، فإن المضحي يركبها وتمر به على الصراط إلى الجنة، فإذا كانت موصوفة بما ذكر مرت على الصراط بخفة ونشاط وسرعة، كما أن خير مراكبكم في الدنيا الفاره وهل تحمل الضحية أهل البيت الذين ذبحت عنهم أو هل يحملون على ضحية كل عام أو على ما يريده الله تعالى؟، وكل هذا من الأمور الغيبية التى لا بد لها من دليل ثابت ناطق، فحديث الباب لا يقوى على ذلك لعدم ثبوته.