عاطف عبد الغنى يكتب: الثورة (1) الإعلام الخاين والإعلام الخايب

بيان
بين وصف الإعلام “الخاين” والإعلام “الخايب” حرف.. ويقول رب العزة: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ” (الحج11)، والحرف هو الشك.. وعندما يكتب الإعلام الخائن لوطنية الدولة التاريخ، فهو بالتأكيد يقصد أن يشكك المواطن فى تاريخ بلاده بقلب الحقائق وتزويرها.
وأخطر من الإعلام الخاين ، الإعلام الخائب، وبالعامية الخايب الذى يبلبل على الناس أفكارهم.
وعلى موقع أجنبى يندرج ضمن إعلام حروب “الجيل الرابع” سوف يصادفك النوعين من الإعلام ” الخاين والخائب”، وميكانيزم “اليوتيوب” قائم على التشتيت، ونظرة على أى قائمة يرشحها الموقع للمشاهد المصرى، سوف تكتشف مثلا أنها تحتوى على فيديو للدين، يليه فى القائمة فيديو لمقطع تمثيلى ، أو غنائى ويليهما فيديو للفتنة الجسدية وإثارة الغرائز، والترتيب ليس صدفة أو اعتباطا، لكنه ترتيب مهندس رقميا، ومقصود.
وعلى المثال – أيضا – سوف تجد فيديو يمجد فى الحقبة الملكية ، والأسرة العلوية التى كانت تحكم مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952، وربما تجد بعده مباشرة خطبة حماسية للزعيم جمال عبد الناصر، أو فيلما وثائقيا عن ثورة الضباط الأحرار، وفيلما دراميا مثل رد قلبى ، أو فى بيتنا رجل، ولن يسأل المتلقى المنغمس فى المشاهدة ، ما المقصود بهذا الترتيب، وما مصداقية ما تحتويه هذه الشرائط من محتوى، ولن تبحث ربة منزل تسلى نفسها وهى تطبخ الطعام، أو يبحث مراهق يسلى نفسه، أو شخص قليل الثقافة يضيع وقته، عن مراجع موثّقة أو علمية يقيس عليها صدق ما يشاهده من فيديوهات، وما تحتويه فيديوهات “اليوتيوب” وفيها الغث أضعاف الثمين.
ومن المحتوى الإعلامى الذى “يغيظ” ، هذا الذى يتناول فترة ما قبل ثورة يوليو 1952 ويتحدث عن الرخاء الذى كان يعيشه المصريون فى ظل حكم مولانا المعظم جلالة الملك، سليل الأسرة العلوية، وعلى سبيل المثال فى أحدى الفيديوهات لأحد نجوم الإعلام “الخائب” و “حكاياته” يصرخ هذا الإعلامى وهو يلعب شدقيه ، ويوظف فمه الواسع، متغزلا فى العظمة، والأبهة ، وحدود مصر العظمى أيام الملكية، وإنعام الدولة المصرية على بلجيكا بمنحة مالية، وتأسيس أول محطة شمسية فى العالم ,…. وخذ من هذا الكثير ، الذى يصدقه – لمؤاخذة – المغفلين – ويروج له الإخوان.
وأنا دائما انصح الذى يريد أن يعرف الحقيقة أن يبحث عنها بنفسه ، من خلال شهود عيان عاشوها، أو دراسة علمية مجازة فى محفل علمى، أو عالم ومثقف لديه من الحجج ما يقنع.
أما الذين عاشوا الفترة الملكية ووعوا أحداثها ، ومازالوا على قيد الحياة (أطال الله أعمارهم) من آبائنا، وأجدادنا، لابد تجاوز عمر الواحد منهم الآن ثلاثة أرباع القرن، لكن نستطيع أن نلجأ أليهم، ونسألهم، ونعرف منهم، كيف كانت مصر فى هذه الحقبة ، لكن من نسأل؟!:

اسأل الفلاحين، واسأل العمال، اسأل الطبقة الشعبية، وكانت تمثل فئويا ما يقرب من 95% من المصريين، بالتأكيد سوف يقولون لك كلاما يختلف تماما عما ستسمعه مثلا من شخص مثل الأمير عباس حلمي، وهو مازال حى يرزق، جده الخديوي عباس حلمي الثاني، ووالده الأمير محمد عبد المنعم، الذي تولى الوصاية على العرش.

بالتأكيد أيضا سيختلف كلامهم عن كلام اليهود، الذين عاشوا فى مصر، وسيطروا على اقتصادها وإعلامها تقريبا فى النصف الأول من القرن العشرين، أو ابحث عمن تبقى من الجاليات الأجنبية ، وسوف تجد أرمن وجريك وغيرهما مازالوا على قيد الحياة، يسكنون عمارات “وسط البلد” ، وهؤلاء العجائز سوف يحكون لك عن الباشوات، والهوانم ، والسهرات، والمودة، ونادى السيارات، وكازينو بديعة، ومولانا ، وأفندينا، لكن لن يحكى أحد منهم عن مشروع مكافحة “الحفاء” ، ولا مئات الآلاف من العامة المشردين والجوعى والذين عاشوا على الطوى ، ولم يكن لمحطة الطاقة الشمسية التى سبقت بها مصر الملكية العالم، وتظهر فى الصور المتاحة، لا تزيد مساحتها عن مظلة تصلج “بارك” لسيارتين أو ثلاثة، أن تنير بيوت السواد الأعظم من الطبقة الشعبية، أو أكواخ الفلاحين المبنية بالطين، أو الذين يعيشون فى الطل تظللهم الخيمة الزرقاء ورب الخيمة الذى هو أرحم بعباده من العباد بالعباد.
والسؤال : هل هناك وثائق تثبت ما سلف ؟!.. الإجابة : انتظرونا فللكلام بقية.

اقرأ للكاتب:

عاطف عبد الغنى يكتب: نحن وإيران والخدعة الكبرى

زر الذهاب إلى الأعلى