رفعت رشاد يكتب: الحوار الوطني وتداول المعلومات

بيان

الذى يملك المعلومة، يملك سلاحا يتفوق به على عدوه، وعلى الآخرين، وجاء دستور 2014 يؤكد على حق المواطن فى الوصول الآمن إلى المعلومات الصحيحة من مصادرها الأولية، والمصريون جميعا، وأولهم العاملون فى مجال الإعلام بكل صورة يطالبون منذ مدة ليست قليلة، بإقرار قانون يكفل وينظم حرية تداول المعلومات.. وهذا المقال الذى نشره الكاتب الكبير رفعت رشاد فى صحيفة “الوطن” يتناول هذا الموضوع من جوانبه المختلفة .. اقرأ المقال، واعرف المزيد:

المعلومات أقوى سلاح يمكن استخدامه لتعظيم قوة الفرد أو الجماعة أو الدولة، لذلك فالكيانات الأقوى فى العالم هى التى تملك المعلومات. بالمعلومات تقوى وسائل الإعلام والشركات ويقوى المجتمع.

والمعلومات أنواع وتصنيفات، فليس كل المعلومات يمكن تداولها، فمنها ما يرتبط بالأمن القومى للدولة ويصل إلى مرتبة السرية وفائق السرية، وهو ما لا يجب الإطلاع عليه إلا لمن يملك الصلاحية الدستورية والقانونية التى تنظم هذا النوع والتصنيف من المعلومات.

عندما طُرح بلجنة الحقوق والحريات العامة بالحوار الوطنى موضوع حرية تداول المعلومات كان النقاش على مستوى مسئول بشأن المعلومات التى تخص الأمن القومى، ولكن المطلب العام كان تطبيق حرية تداول المعلومات حسبما نص الدستور المصرى ووفقاً لما وافقت عليه مصر ووقعته من اتفاقيات وعهود دولية، ومنها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والإعلان الخاص بمبادئ حرية التعبير فى قارة أفريقيا.

تدرك القيادة السياسية أن مبدأ حرية تداول المعلومات مسألة جوهرية، وهى جزء من منظومة الحريات الدستورية والقانونية التى تساهم مع أجهزة الدولة المختلفة فى تأمين الدولة والمجتمع، فالكشف عن الفساد مسألة تحرص عليها الدولة وتوفر لها أجهزة كبيرة، وبالتالى فإن مشاركة المجتمع فى مراقبة النزاهة ومواجهة الفساد مسألة تدعم جهود الدولة.

كذلك الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام التى تُعد عموداً أساسياً من أعمدة الدولة ومؤسساتها، والتى تعمل بالأساس على كشف الفاسدين، وإلقاء الضوء على النواحى الإيجابية وتوعية المواطن بها، وتشكيل الرأى العام كجبهة قوية تحمى المجتمع.

ينص الدستور المصرى فى مادته (68) على ما يلى: «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمداً».

وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون.

وبهذا النص يكون الدستور قد تخطى ما يمكن قوله بشأن حق الحصول على المعلومات، فقد نص على أن المعلومات ملك للشعب تكفله الدولة لكل مواطن ويعاقب كل من يحجبها، وهو نص تقدمى لم يطبِّق فحسب النصوص والاتفاقيات الدولية، بل رسخ مفهوماً راقياً، وهو ملكية الشعب للمعلومات.

لقد انطلق قطار المعلومات والإعلام إلى وجهة ليس لها نهاية، وصار المواطن يملك وسائله للحصول على المعلومات من كل مكان فى العالم وما لا يُنشر فى بلد ما تنشره بلاد أخرى، لذلك تحقق وسائل التواصل الاجتماعى تريليونات الدولارات أرباحاً لمجرد أنها تسمح للأفراد فى كل العالم بأن ينشروا تفاصيل حياتهم اليومية.

وقد جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإحالة مشروع قانون حرية تداول المعلومات إلى مجلس النواب بمثابة انتصار للدستور ولمبادئ الحريات العامة ولما صدر عن الحوار الوطنى الذى حقق خطوة مهمة فى هذا الشأن.

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى