د. ناجح إبراهيم يكتب: يوميات عيادتي (36) يضرب أباه ويطرده

بيان
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان: “يضرب أباه ويطرده”، وتم نشره في جريدة الوطن الثلاثاء وهذا هو نص المقال:

• دخل عياتي بطيء الحركة يتكىء علي عصا , حزين النفس تبدو عليه أمارات الإنكسار , وعوامل الزمن والإحباط , تبين أنه مصاب بتينيا في معظم أجزاء جسده تحت الأبطين وبين الفخذين وفي أماكن كثيرة , وهذا لا يحدث إلا مع شخص لا يهتم بنفسه ولا يرعاه أحد ولا يتابعه أحد .
• قلت له : يا حاج لم تركت المرض يسرح هكذا في جسدك ويمرح , ألا يرعاك أحد أين زوجتك , فانتبهت مرافقته قائلة : لست زوجته فأنا أخته وقد توفيت زوجته , وأولاده طردوه من الشقة وخاصة أحدهم الذي يتناول المخدرات , ولما اعترض أخي علي تصرفات ابنه ضربه علقة ساخنة , هل تتصور ابن يضرب أباه بهذه القسوة .
• انفعل الرجل مع كلمات شقيقته واغررقت عيناه بالدموع وأخذ يشير إلي يده لقد ضربني بعصا غليظة علي يدي فتورمت وهذه آثار التورم الذي مرت عليه فترة , وضربني هنا و وهنا وهو يخلع ملابسه ويريني آثار واضحة للضربات ومن يومها وأنا أسير علي عصا بصعوبة , باع كل شيء في الشقة , لقد حولني إلي حطام فلم استطع المشي والحركة عدة أيام مع آلام شديدة.
• قلت له : لماذا لم تقدم شكوى فيه للمباحث أو النيابة ؟ قال : أنا رجل بسيط للغاية وليس لي حيلة في الحياة فضلاً عن أنني لا أطيق حبس ابني بيدي , وقد أخذتني أختي لأعيش معها , فقد توفى زوجها وتزوج أولادها وكلانا يتسلى بالآخر بقية عمره , والحمد لله كلانا له معاش وكلانا سعداء سوياً , وسنكون معاً بقية عمرنا حتى يأذن الله لنا بالرحيل .
• كل المآسي التي رأيتها وعايشت أبطالها كانت المخدرات والبلطجة والبطالة والبخل سبباً جوهرياً فيها , المخدرات انتشرت في مصر علي نطاق واسع ولم تقف عند حدود القاهرة والإسكندرية بل غزت الدلتا والصعيد , حتى قال لي البعض أن الفقر والمخدرات والبطالة هما السبب الآن في زيادة البلطجة في محافظات الصعيد وهناك أعداد متزايدة من شباب الصعيد لا عمل لها الآن إلا البلطجة ولولا قوة الجهاز الأمني لرأينا العجائب .
• وقد حكى لي أستاذ جامعي – في إحدى جامعات الصعيد – يملك مزرعة في الصحراء الملاصقة للمنيا أن البلطجية سرقوا من مزرعته ومزارع أخرى كل ماكينات الري , وأنهم بصدد التفاوض معهم علي دفع مبالغ معينة لإعادة المسروقات .
• قلت له : لماذا لا تبلغوا الشرطة قال : سيبيعوا المسروقات أو يهربوها لأماكن بعيدة ولن يثبت عليهم شيء , ومن ضمن هؤلاء المزارعين لواء سابق بالشرطة اقتنع بعدم الإبلاغ والتفاوض معهم علي مبلغ أشبه ” بالإتاوة” .
• وحكى لي صديق من إحدى قرى طامية أن هناك بلطجيا معروفاً يسرق الحديد والاسمنت ومستلزمات البناء من الفيلل والعمارات التي ستبنى قريباً من قريتهم ويفرض إتاوة عليهم .
• وأنه في آخر جرائمه سرق عدداً من الماعز من شقيقتين كفيفتين يعيشان من خير هذه الماعز , ولما أبلغوا المباحث وتواصلوا عن طريق أحد المتعاطفين إلي مديريه الأمن وطورد هذا البلطجي بيت النية علي الانتقام وشرع في قتل اثنين من أقاربها المبلغين وأحدث فيهم إصابات جسيمة وفر هارباً .
• الفقر والمخدارت والبلطجة والبطالة خطر علي الأمن القومي المصري , ويقول البعض : أن الفرصة المتاحة لمعظم الشباب الآن هو العمل علي توك توك , ويقول البعض : لولا التوك توك لنهشت البطالة البقية الباقية من الشباب , ولكن قليل من سائقي التوك توك من يستقيم علي الجادة ومعظمهم ينفق ما يكسبه علي المخدرات والبراشيم.
• سلام علي الصالحين , وهدى الله العصاة والسائرين علي درب إبليس .

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى