أسماء خليل تكتب: أوهام وانبهار
بيان
رغم مرور الإنسان بمواقف مع العديد من الأشخاص، وخوضه تجارب بوجوده في الحياة، وتبيُّنه أن كل البشر متشابهون؛ إلا أنه ما زال مُنبهرًا بظاهر الأشياء.
إذا رأى شخصًا يرتدي ثيابًا فخمًا ويمشي ببستان، تمنى أن يكون مثله، رغم يقينه أن اطمئنان القلب بشكل مؤكد لن يتأتى بذلك.
يحكم على الجميع بمجرد الرؤية الأولية، وربما هم تُعساء.
مازال يقول على رجل الدين، إنه أعرف منه بالله، وإنه الولي الصالح، ومازال يرى الممثل العاطفي على أنه يعشق كل شيء، ومازال يحكم على من يتشدق بالوطنية أنه يحب الوطن!..
وما لبثَ الانبهار بمن حوله يقتص السواد الأعظم من تفكيره؛ ما يقلل ثقته بنفسه ويدفعه نحو اللاشيء، ليصبح جزءٌ مُهدرٌ من الحياة في تلك الأوهام، رغم أن الجميع بشر.
وما بين تلك الاعتقادات الخاطئة، التي مهما تكررت أفعال أبطالها ستبقى، يتوه المرء متوهمًا نجاح غيره، ومعيشتهم على كوكب آخر غير الذي يحيا فيه.
يُحكى أن رجلًا كان غير راضٍ عن كل جوانب حياته، وكم تمنى أن يكون شخصًا أخر، وذات يومٍ كان على سفر، فقابل أحد العلماء المشهود لهم بين الناس بالصلاح، فطلب منه المرافقة بضع أيام حتى يتحقق من طريقه ويعود إلى بلدته.
ريثما دخل الرجل بيته خلع عنه رداءه، وارتدى ملابسًا رثة، فقلَّ في عين الرائي، وما أن دخل إلى زوجته حتى ارتفع صوته وأمرها بإحضار الطعام بأسلوبٍ ليس رقيقا، فانخفضت منزلته درجة أخرى بعين الضيف، وحينما وضِع الطعام، أكل بنهم بآخر زاده، فهانت صورته أكثر، وتوالت المواقف التي تشبه ما جعل الغريب غير راضٍ عن نفسه.
تفهم العالم الأمر دونما يحكي له ضيفه، وسرعان ما قال له: أي بنيَّ لم أتصرف بشكلٍ مُنمق وأنت في حضرتي، ولكني رأيت ما صاحبتني لأجله، فتعمدتُ أن أكون على طبيعتي، هكذا الناس يا بني ليسوا كما تراهم من زخرفٍ وأبَّهة، الجميع مثل غيرهم، ولكن لا يأخذك الظاهر.
ومن حينها بدأ الغريب يعرف طريقه، ولا يبحث مرة أخرى عن متاهات الانبهار التي تفصله عن الواقع، وتجعله نادبًا حظه، وهو أسير اعتقاد أن الجميع غيره بل أفضل منه.