رفعت رشاد يكتب: مصر.. أفريقيا وروسيا
أفريقيا “القارة الفقيرة” أصبحت ساحة تنافس وصراع بين دول العالم الكبيرة، ودول الأقليم، ولما كانت مصر هى بالفعل – الآن – بوابة أفريقيا فى شمال القارة، صارت مؤهلة لأن تلعب دورا كبيرا فى النفاذ إلى قلب القارة، هذا المقال الذى نشره الكاتب الكبير رفعت رشاد فى صحيفة “الوطن” يشرح ويضيف المزيد.. وفى التالى نص المقال:
صارت الساحة السياسية الدولية مفتوحة لمن يقدر على لعب دور أو أدوار تحقق مصالحه.
بعد سنوات من سيطرة الولايات المتحدة على مقعد القطب الواحد فى الساحة الدولية عاد لاعبون كبار آخرون يمارسون ألعابهم فى مواجهة أمريكا والدول الغربية.
استعادت روسيا كثيراً من زخم القوة السوفيتية السابقة فى ظل وجود قائد قوى مثل بوتين لتعيد أمجاد الاتحاد السوفيتى وتعلن لأمريكا أنها لن تنفرد بعد الآن بالساحة الدولية.
ظهرت الصين عملاق الاقتصاد والقوة العسكرية لتعمل أمريكا لها ألف حساب خاصة فى مناطق المحيطين الهندى والباسيفيكى.
من أهم الساحات التى تتصارع عليها قوى العالم حالياً قارة أفريقيا، تلك القارة الفقيرة التى سيطر عليها الاستعمار قروناً طويلة مص خلالها دماء وثروات شعوبها وتركها فى حالة اقتصادية متردية تعانى من الفقر والجوع والمرض والجهل.
الآن تحولت أنظار القوى الكبرى إلى أفريقيا باعتبارها قارة مستهلكة يعيش فيها مئات الملايين من البشر ولا تستطيع دولها تحقيق طموحات شعوبها بسبب الجفاف وقلة الموارد التى تتيح تحقيق طفرات اقتصادية، كما أنها صارت مسرحاً للمنافسات الدولية بين أمريكا والغرب واليابان والصين وروسيا وتركيا ودول الخليج العربى. كل هذه الدول تسعى للاستثمار ولإيجاد موطئ قدم للسيطرة فى تلك القارة.
جاءت قمة روسيا أفريقيا الأخيرة لتكشف عن مدى هذا التنافس، فهذه القمة التى بدأت فى عام 2019 خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى انعقدت مؤخراً للمرة الثانية فى سان بطرسبرج بروسيا فى حضور الرئيس بوتين والرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤساء عدد من الدول الأفريقية.
بدا واضحاً وأكدته تصريحات خرجت من الكرملين أن أمريكا وحلفاءها مارسوا ضغوطاً لمنع عقد هذه القمة ولكن الدول الأفريقية حرصت على عدم التورط فى الصراعات بين الدول الكبرى وهى التى عانت من ويلات الحرب الباردة سابقاً ولم تخرج بأى فائدة منها.
اجتمع الرئيس السيسى مع الرئيس بوتين وبحثا أوجه التعاون بين الدولتين الصديقتين فى كافة المجالات.
وأشار بوتين خلال اللقاء إلى أن مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية فى مصر ينفذ حسب الخطة المعتمدة.
وقال الرئيس الروسى: «العلاقات بين روسيا ومصر تعززت خلال السنوات الماضية وحققت نجاحاً كبيراً».
وأضاف أن «حجم التبادل التجارى بين روسيا ومصر ارتفع بنسبة كبيرة خلال السنة الماضية». وأكد الرئيس السيسى أن العلاقات بين مصر وروسيا تتعزز وتقوى وكذلك العلاقات بين روسيا وأفريقيا.
كما بحث الرئيسان أبعاد الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة على منطقة الشرق الأوسط ودول العالم الثالث.
وأكد الرئيس بوتين أن القمة الروسية الأفريقية تزداد قوة فى مجال السياسة الدولية وأن العلاقات التجارية بين الطرفين تتعزز وقد زادت بما يزيد على 30% عما سبق، وقال إن روسيا على استعداد لتعويض دول أفريقيا بالقمح بشروط فى متناول قدراتها، وقال إنه يمكن أن يمد ست دول أفريقية بالحبوب مجاناً، وأكد أن روسيا ستجد وسائل لحل مشكلة توفير الحبوب مع أفريقيا بعدما استغلت الدول الغربية اتفاق الحبوب لصالحها وحرمت الدول الفقيرة من حصصها.
وقال إن روسيا ستدعو لاشتراك الاتحاد الأفريقى فى مجموعة دول العشرين التى ستعقد دورتها القادمة فى الهند.
استطاعت مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى أن تعزز العلاقات الأفريقية الروسية لصالح شعوب القارة الفقيرة.