رفعت رشاد يكتب: «حياة كريمة»
هذا المقال ليس عن التخلف والجهل والمرض، ولكن عن الحياة الكريمة، التى تبنتها الدولة المصرية فى مبادرة لتعيد صياغة الحياة، فى الريف، وفى المناطق الفقيرة، والعشوائية، مقال يستحق القراءة للكاتب الكبير رفعت رشاد، منشور فى صحيفة “الوطن” ونعيد هنا نشره ، وهذا نصه:
تظل العلاقة بين الدولة ومواطنيها وثيقة طالما أن كلاً منهما يعمل ما عليه من واجبات وما له من حقوق.
وقد أدركت الدولة المصرية دورها وواجبها تجاه المواطن عندما بادرت بـ«حياة كريمة» لمساعدة المواطنين الأكثر فقراً والأكثر احتياجاً.
ومن رأيى أن عبارة حياة كريمة موفقة فى التعبير عما يجب أن يجمع الدولة والمواطن، فالمواطن يجب أن يعيش حياة كريمة حتى لو كان فقيراً ويجب أن تحافظ الدولة على كرامته لأنه منها.
والتوفيق فى اختيار العبارة هنا يعنى أن المواطن عندما يتلقى الحماية الاجتماعية من دولته فإنه يتلقاها بكرامة فالحماية لم تأتِ من فرد أو شركة، إنما من الدولة وهذا يجعل شعوره مختلفاً، وسيكون شعوره إيجابياً تجاه الدولة بما يساعد على تطوير الفرد والفئة التى ينتمى إليها ليكون الجميع فى اتجاه التطور والتنمية.
أدركت الدولة أن للإصلاح الاقتصادى آثاراً سلبية يتحملها المواطنون الأكثر فقراً، فجاءت مبادرة رئيس الجمهورية بداية لانطلاق مبادرة بحجم كبير يغطى حاجات ملايين المواطنين فى كل مكان خاصة الريف الذى يمثل 60% من حجم السكان فى مصر والنسبة الأكبر من عدد الفقراء. والفقر المقصود هنا ليس فقر المال فحسب، بل فقر الصحة وفقر التعليم وفقر المرافق من مياه وصرف صحى وكهرباء وطرق وغيرها.
محصلة هذا الفقر إن لم يتم علاجه مزيد من التخلف والجهل والمرض ومزيد من القوى العاطلة التى تعيش عالة على المجتمع. لذلك فإن فلسفة مظلات الحماية الاجتماعية تهدف فى الأساس إلى معالجة المشكلة من جذورها وأول أسباب المشكلة نقص فرص العمل ومعها توفير فرص التعليم للأجيال الجديدة التى يجب أن تكون قادرة على التعامل مع معطيات الحياة وإيجاد الفرصة لنفسها للحياة.
وقد تضمنت «حياة كريمة» مبادرات طبية تقدم العلاج وترتب بيانات المواطنين الصحية لكى يمكن للدولة وأجهزتها وضع الخطط اللازمة فيما يتعلق بالتأمين الصحى أو بناء المستشفيات أو صناعة الأدوية، وغير ذلك من المور التى تساهم فى تحسين صحة المواطن. وركزت «حياة كريمة» على القطاع الريفى بعد تقسيم القرى الفقيرة إلى ثلاث شرائح، الأعلى منها ما يسكنه 70% من الفقراء أو أكثر والثانية ما يسكنه من 50% إلى 70% من الفقراء والأخيرة ما يسكنها أقل من 50% من الفقراء. وقد أعطيت الأولوية للأكثر احتياجاً بالطبع وانتشرت المبادرات المتنوعة فى مجال إصلاح أسقف المنازل وتطوير الوحدات الصحية وبناء الفصول المدرسية وتوصيل مياه الشرب وإنشاء محطات الكهرباء والصرف الصحى ورصف الطرق وتطوير مراكز الشباب وغير ذلك مما يسد رمق المحتاجين ويدمجهم فى المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً ليكونوا على قدم المساواة مع أقرانهم.
سيكون لـ«حياة كريمة» نتائج ملموسة عندما تظهر نتائج المشكلات التى عالجتها، فليست المسألة مجرد حلول ظاهرية أو سطحية بل حلول جذرية تدفع بهؤلاء المواطنين إلى المشاركة فى عملية تنمية مستدامة لصالحهم وصالح الدولة.
جاءت «حياة كريمة» فى وقت كانت فيه كورونا تضرب العالم فى أسسه الاقتصادية، فضاعفت من أعباء المواطنين فى مصر مع آثار الإصلاح الاقتصادى فأدى وجودها كبرنامج للحماية الاجتماعية تخفيفاً عن المواطنين وعائلاتهم.