رفعت رشاد يكتب: البنوك والناس

بيان

الدولة تتحدث عن “الشمول المالى” وتشجع المواطنين على التعامل مع البنوك لأسباب كثيرة، تخدم الاقتصاد الوطنى بالأساس، لكن للأسف البنوك المصرية لا تلبى طموحات الدولة، ولا المواطن، كيف ولماذا؟!، هذا ما يكشف عنه الكاتب الكبير رفعت رشاد فى هذا المقال المنشور فى صحيفة “الوطن” وهذا نصه.

تعد البنوك أغنى الكيانات أو المؤسسات بصورة مطلقة , فلا يوجد بنك يخسر أمواله , تربح البنوك الملايين ويحصل موظفوها على مرتبات عالية .

لا قر ولا حسد إنما مقدمة مطلوبة لتوضيح أنه بناء على ما تقدم لا يجوز للبنوك أن تقدم خدمة سيئة .

ولا يجب على البنوك أن تتعامل مع العملاء بأنظمة متردية في ظل وجود تقدم كبير في التكنولوجيا ووسائل الراحة للعملاء .

أتكلم هنا عن البنوك المملوكة للدولة التي يثق فيها غالبية الشعب المصري ويضع فيها أمواله البسيطة ومعظم هؤلاء ممن يصيبهم الذعر إذا ما فكروا أن بضعة آلاف هي تحويشة العمر يمكن أن تتبخر لأي سبب من الأسباب , لذلك يأمنوا لما تملكه الدولة كما تعودوا على ذلك منذ زمان .

أتحدث عن بنوك عامة ولا أسمي أي منها فليس المطلوب الإشارة إلى هذا البنك أو ذاك , المقصود أن ننتبه إلى أننا نتعامل مع الأمور بلا مبالاة في أحيان كثيرة , نعتقد أن التفاصيل الصغيرة لا تهم أو لا تؤثر .

في إحدى محطات مترو الأنفاق تعاملت مع ماكينة الصرف الآلي لبنك كبير وأنجزت كل الخطوات حتى وصلت إلى اللحظة التي سيخرج فيها المبلغ , فجأة انقطعت الحياة عن الماكينة .

لم ينقطع التيار الكهربائي , فمحطة المترو لا ينقطع فيها التيار , لكن بدا وكأن الماكينة توفيت إلى رحمة الله .

يقف معي طابور صغير من الراغبين في صرف أموال وتعاملنا بطبيعتنا كمصريين , أحدنا قال لابد أن التيار الكهربائي انقطع عن الماكينة فقط !! رد آخر باستنكار : كيف ذلك والنور يحيط بنا في كل مكان !! ثالث ينصحني : أسرع بالاتصال بخدمة العملاء لأن النقود سُحبت وربما لن تعود إليك .

أسرعت أنفذ نصيحته وبعد معاناة مع الرسائل المسجلة التي استهلكت من رصيدي الكثير رد موظف من البنك وكان لطيفا في تعامله وشرح لي أن المبلغ تم سحبه فعلا وهذا ظاهر أمامه على الكمبيوتر ولكن هذا لا يعني أنه فُقد وإنما يجب على البنك أن يتأكد أنك لم تسحب المبلغ ثم يرده إليك ولكن ذلك سيتم بعد يومي عمل .

استسلمت للواقع وانتظرت حتى مر يوما عمل وبدأت أتردد على ماكينة الصرف الآلي مرة أخرى لكن لم تظهر النقود .

تكرر ذلك ولما مرت خمسة أيام ذهبت إلى أحد فروع البنك. وجدت شابا غير حليق اللحية يرتدي بدلة رمادية يتسلى بقزقزة اللب ويتحدث في التليفون ولا يلتفت إلي .

رفعت صوتي لكي يستجيب فسألني عما أريد , وقال : لن تجد حلا هنا .. تعامل مع خدمة العملاء تليفونيا . كنت حاولت الاتصال مرات عديدة بخدمة العملاء دون جدوى فكل الخطوط مشغولة . لما وجدني مصرا على دخول البنك والتعامل مباشرة مع الموظفين , مط شفتيه وقال : أنت حر .. ثم أخرج ورقة صغيرة مقطوعة من ورقة كبيرة ومثلها عشرات الورقات وعليها رقم 153 . ساحة البنك واسعة وسألت عن خدمة العملاء فقالوا لي أن رجل الأمن الجالس هناك سينادي على الأرقام فسألت الرجل عن الرقم الحالي فقال : 72 !!! أي أن قبلي أكثر من ثمانين شخصا سيتعاملون مع خدمة العملاء .

بدا الأمر عبثي للغاية , فالبنك يتعامل بأرقام مكتوبة يدويا ورجل الأمن ينادي على العملاء ولا يوجد نداء آلي فكيف يمكن التعامل مع بنك كهذا ” البنك العملاق ” . ليست قضية شخصية .

اقرأ أيضا للكاتب:

رفعت رشاد يكتب: «حياة كريمة»

رفعت رشاد يكتب: إضراب هوليوود بين الفن والسياسة

زر الذهاب إلى الأعلى