التواجد العسكري الأمريكي في سوريا من المخاض حتى السكرات
تحليل: أشرف التهامي
مدخل:
لا يسمح الدستور الأمريكي بإعلان الحرب الا بعد موافقة الكونغرس؛ لكن الإدارات الامريكية تتدخل وتنشر قواتها وتشن الحروب في البلدان الأخرى دون إعلان الحرب الذي يتطلب أخذ موافقة الكونغرس وتشريعه في إطارات متعددة مثل الهجمات الاستباقية لمواجهة التهديدات المحتملة على الامن القومي.
منذ بداية الحرب السورية ظل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يردد في أكثر من مناسبة أنه لا يعتزم ارسال جنود أمريكيين إلى سوريا؛ لكن بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2015 نشرت الولايات المتحدة أول دفعة من جنود القوات الخاصة الامريكية بواقع “خمسين جنديا ًمن القوات الخاصة في سوريا في دور استشاري غير قتالي” كأول تواجد عسكري أمريكي على الأرض منذ بدء الحرب السورية وتشكيل التحالف الدولي في أغسطس/آب 2014 بعد أحداث الموصل.
استمرت الولايات المتحدة بتعزيز تواجدها العسكري على الأراضي السورية بشكل متواصل لقتال تنظيم الدولة الارهابي إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية ليبلغ تعدادهم نحو 500 جندي في نهاية العام 2016 لمهام متعددة بعد استقدام “200 جندي كقوات اضافية بينها مدربون من القوات الخاصة ومستشارون وفرق تفكيك المتفجرات ومقاتلون في القوات الخاصة”.
وقد جاءت زيادة عديد القوات الامريكية في سوريا تحديداً في إطار الجهود الامريكية للقضاء على تنظيم الدولة الارهابي؛ ووضعت الولايات المتحدة “ما لا يقل عن 1000 جندي أمريكي في الكويت كقوة احتياط في الحرب على التنظيم”الارهابي بعد تصاعد وتيرتها مع انطلاق المرحلة الأخيرة من معركة استعادة الرقة في 6 يونيو/حزيران 2017 على أن يتولى القادة الأمريكيون في سوريا مهمة نقل هؤلاء الجنود إلى ساحة المعركة وفقاً لتطوراتها العسكرية.
ومع استلام دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض أوعز لوزارة البنتاغون في 27 ديسمبر/كانون الأول 2016 بإعداد “خطة هجومية بقدر أكبر لمحاربة تنظيم داعش الارهابي في سوريا وتقديمها خلال شهر، وخطة أخرى حول مناطق آمنة، في غضون 3 أشهر” في توافق تام مع ما سبق أن أعلنه خلال حملته الانتخابية التي أكد خلالها على امتلاكه “خطة سرية” لمواجهة تنظيم الدولة الارهابي؛ وقدمت وزارة الدفاع خطتها للرئيس الأمريكي تضمنت “تدمير تنظيم الدولة الارهابي على نطاق واسع ، وتكثيف محاربة تنظيم داعش الارهابي ليس في سوريا والعراق فحسب، انما في العالم بأسره تشمل حزمة من الإجراءات العسكرية والدبلوماسية والمالية مع إعطاء القادة العسكريين صلاحيات أوسع لتسريع عملية اتخاذ القرارات” .
ودخلت القوات الامريكية بشكل مباشر في ساحة الصراع عندما نشرت جنوداً في منطقة منبج إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية التي تسيطر على المدينة لردع أي تحركات للقوات الروسية أو قوات الجيش السوري أو القوات التركية والفصائل الارهابية المتحالفة معها.
زيادة دعم القوات الأمريكية في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق الرسمية في سوريا
أثارت إدارة الرئيس جوزيف بايدن الشكوك في قيامها بنشاط عسكري في مناطق المتمردين في سوريا. حيث التعزيزات الأمريكية الكبيرة إلى شمال شرق البلاد، و رغبة البنتاغون في إعادة تجميع تشكيلات المعارضة الارهابية الخاضعة لأمريكا في قاعدة التنف الواقعة بالقرب من الحدود مع العراق والأردن، وزيادة عدد أفراد الحامية المحلية هناك
فهناك مفهوم خاطئ واسع الانتشار في روسيا والمنطقة حول الوجود الأمريكي في سوريا، وهو أن إدارة بايدن لا توليه الاهتمام المطلوب. لذلك، تحاول القوات الأمريكية المناورة للحفاظ على موقف مستقر. في الواقع، ينعكس عدم تركيز فريق بايدن على سوريا بشكل أكبر على القضايا السياسية، بما في ذلك مصير إرهابيي داعش وعائلاتهم في مخيم الهول، والذي، بالمناسبة، يقوم ممثلو وزارة الخارجية الأمريكية بزيارات دورية إليه.
فالبنتاغون مسؤول عن البناء العسكري في هذه المناطق، ولديه استقلالية كافية على الأرض. و”نتيجة لذلك، وعلى الرغم من المناقشات المديدة حول الانسحاب الأمريكي من سوريا، فخلال رئاسة بايدن، جرى تحسين معظم المنشآت العسكرية التي تم تغييرها في عهد دونالد ترامب في محافظتي الحسكة ودير الزور. فقد تم توسيعها، وتحسين تحصيناتها، وتعزيز الغطاء الجوي، وبناء مدارج لطائرات الشحن. وعلى سبيل المثال، في مايو 2022، أعادت الولايات المتحدة تأسيس وجودها في قاعدة خراب عشق، جنوب كوباني، والتي كانت قد سحبت منها قواتها في نوفمبر 2019، وفي سبتمبر تم نشر منشأة ثالثة في القامشلي، بالقرب من المطار حيث يرابط الطيران الحربي الروسي و سهولة إمداد هذه المرافق عبر كردستان العراق الانفصالي.
الحاجة الأمريكية للتواجد على الأراضي السورية:
ترى الحكومة السورية ان الوجود الأمريكي على أراضيها غير شرعي، لكنها منحت موافقات لتواجد روسي منذ عقود زاد بشكل واضح بعد الحرب على الارهاب إلى جانب تواجد إيراني بأشكال متعددة؛ وتتواجد قوات روسية على الأقل في قاعدة جوية في محافظة اللاذقية وأخرى بحرية في محافظة طرطوس من شأنهما تعزيز تواجد روسي غرب سوريا وعلى الساحل المطل على البحر الأبيض المتوسط.
ركزت الاستراتيجية العسكرية الامريكية حتى مع الزيادات المتواصلة في أعداد جنودها من القوات الخاصة والمدربين والمستشارين على تقديم الدعم اللوجستي للقوات الحليفة سواء الكردية الانفصالية أو قوات المعارضة المسلحة الارهابية بإمدادات عسكرية أو معلومات استخباراتية وقصف مدفعي أو اسناد جوي من طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة؛ وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعتها القوات الأمريكية في معارك استعادة المدن في العراق.
وتحاول مراكز صناعة القرار الأمريكي الموازنة بين اتجاه يؤكد الحاجة الميدانية لاستقدام أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين لهزيمة تنظيم الدولة، الارهابي والاتجاه الذي يميل للاقتراب من رؤية الرئيس الأمريكي الذي طالما أكد على “أنه ليس لديه خطط للدخول الى سوريا، واقتصار ذلك على احتمال شن ضربات جوية اذا استخدم الجيش السوري أسلحة كيمياوية” على حد زعمه كتلك الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة لمطار الشعيرات أوائل أبريل/نيسان 2017 بعد اتهامات لقوات الجيش السوري باستخدام أسلحة كيمياوية ضد المدنيين في بلدة خان شيخون؛ لكن الولايات المتحدة تدفع باتجاهين اثنين:
الاتجاه الأول:
يتمثل في زيادة الدعم العسكري للقوى المحلية مثل فصائل المعارضة الارهابية المسلحة التابعة للجيش السوري الحر الارهابي وقوات سوريا الديمقراطية الانفصالية التي تلقت فور استلام الرئيس الأمريكي إدارة البيت الأبيض “مركبات مدرعة لأول مرة وناقلات جند لمواجهة تنظيم داعش” الارهابي استلمها التحالف العربي السوري -أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية – والذي يضم مقاتلين عرب لتجنب الرفض التركي لاقتحام الرقة والسيطرة عليها من قبل وحدات حماية الشعب الانفصالية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية وتصنفها تركيا بأنها الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الانفصالي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يخوض قتالا مستمرا ضد القوات التركية منذ العام 1984.
وعلى الرغم من الاعتراضات التركية على تسليح القوى الكردية الانفصالية إلاّ أن الولايات المتحدة واصلت تقديم “ذخيرة وأسلحة خفيفة ورشاشات ثقيلة وبنادق آلية وجرافات وآليات عسكرية” للقوات الكردية الانفصالية بشكل عام على أن “تعمل الولايات المتحدة على استعادة هذه الأسلحة في وقت لاحق بعد هزيمة التنظيم المتشدد”الارهابي.
الاتجاه الثاني:
ويتمثل في حث تركيا على زيادة عدد قواتها العاملة في سوريا بعد نجاحها في استعادة مناطق حدودية بالتنسيق مع فصائل المعارضة الارهابية المسلحة المتمثلة في تحالف “درع الفرات” الذي سيطر على بلدات جرابلس والراعي واعزاز على الحدود التركية السورية ثم سيطرته على مدينة الباب 50 كيلومترا إلى الشمال من مدينة حلب؛ حيث طلبت من تركيا “إرسال 80 ألف جندي تركي لخوض معركة السيطرة على الرقة من تنظيم الدولة” الارهابي، لكن تركيا رفضت الطلب لاعتبارات تتعلق بحجم هذه القوات وإصرار الولايات المتحدة على أن تكون قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية رأس الحربة في معركة استعادة الرقة، وهو ما ترفضه تركيا التي تتحفظ على كل ما من شأنه زيادة النفوذ الكردي الانفصالي على حدودها الجنوبية، أو زيادة قوة الأكراد الانفصاليين جراء الدعم الأمريكي لهم.
الانتشار الأمريكي وقواعد التواجد
تركز الانتشار الأمريكي والقوات المتحالفة معه الدولية أو قوات المعارضة المسلحة على منطقة المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي في منفذ التنف الحدودي على مقربة من انتشار قوات الجيش السوري والقوات الحليفة؛ وهو معبر ذو أهمية كبيرة لجميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالصراع السوري؛ ووسّعت القوات الأمريكية انتشارها في منطقة معبر التنف لبناء قاعدة عسكرية جديدة لقوات المعارضة المسلحة في منطقة “الزاكف” على بعد حوالي 120 كيلومترا الى الشمال الشرقي باتجاه مدينة البو كمال في محافظة دير الزور.
بدأت الولايات المتحدة تقديم الدعم للقوات الكردية الانفصالية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد تشكيل التحالف الدولي في أغسطس/آب من نفس العام من نحو 68 دولة لقتال تنظيم الدولة الارهابي الذي استولى على مدينة الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014؛ وكانت أولى محطات الدعم الأمريكي للأكراد الانفصاليين في سوريا معركة التصدي لهجوم تنظيم الدولة الارهابي على مدينة عين العرب (كوباني) التي كانت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الانفصالية التي انتهت بصد الهجوم بعد معارك جاوزت ثلاثة أشهر خسر فيها التنظيم الارهابي المئات من مقاتليه لتستمر وحدات حماية الشعب الانفصالية بالتقدم والسيطرة على مدن أخرى انطلاقاً من عين العرب (كوباني) من بينها تل أبيض على الحدود مع تركيا في يونيو/حزيران 2015 وغيرها.
طالع المزيد:
– سر استهداف روسيا للمسيرات الأميركية فى الأجواء السورية
– جرائم داعش بحق السكان المدنيين في سورية والعراق (1)
ارتفع الوجود الأمريكي “من 50 جندياً، نهاية العام 2015، إلى 904 في مارس/ آذار 2017؛ وتقلص العدد إلى500جندي أمريكي بحسب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارك ميلي في 17 مارس / أذار2023.
حيث يبلغ عدد مواقع التحالف الدولي30 موقع عسكري عبارة عن 13 نقطة عسكرية و 17 قاعدة في منتصف2023 تتوزع كالتالي:
– 17 موقع بالحسكة.
– 9 مواقع بدير الزور.
– موقع واحد بحلب.
– موقع واحد بريف دمشق.
– موقع واحد بالرقة.
– موقع واحد بحمص.
تتخذ القوات الأمريكية مراكز لتواجدها بشكل دائم أو مؤقت في مناطق مختلفة من سوريا غالبيتها ضمن مناطق خاضعة لسيطرة القوات الكردية الانفصالية بمحاذاة الشريط الحدودي مع تركيا؛ ولم تصرح الولايات المتحدة بمواقع تواجدها وانتشار جنودها إلاّ في حالات نادرة دون الإفصاح عن طبيعة مثل هذا التواجد؛ لكن مواقع مقربة من المعارضة الارهابية المسلحة تشير إلى تواجد دائم في مناطق يمكن تحديدها:
مطار رميلان:
وهو من بين أهم مواقع تواجد القوات الامريكية؛ وتمتاز منطقة قاعدة رميلان بوجود ابار نفطية تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية، وأقامت الولايات المتحدة هذه القاعدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بعد إجراءات بناء منشآت جديدة وتوسعة مدارج الهبوط.
يقع المطار المعروف باسم مطار أبو حجر جنوب شرقي بلدة الرميلان شمال شرقي مدينة القامشلي في محافظة الحسكة على مقربة من المثلث الحدودي السوري التركي العراقي، وهي منطقة معروفة بغزارة انتاجها النفطي وتخضع لنظام الإدارة الذاتية الانفصالية التي تطبقها وحدات حماية الشعب الانفصالية؛ ويعد المطار أول قاعدة تواجد عسكري أمريكي ثابت منذ بداية الحرب السورية على الارهاب.
دخلت قاعدة رميلان الخدمة بإشراف أمريكيين في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وهي بالأصل مهبط لطائرات رش المبيدات الزراعية والطائرات المروحية تم تطويره في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بعد إجراءات بناء منشات جديدة وتوسعة مدارج الهبوط للتعامل مع طائرات النقل العسكري الخفيفة.
قاعدة عين العرب (كوباني):
تقع هذه القاعدة إلى الجنوب من مدينة عين العرب (كوباني) بالقرب من قرية خراب عشق على نحو 33 كيلومتراً إلى الجنوب من الحدود التركية؛ وهي منطقة خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية سبق أن اعترضت تركيا على انشاء القاعدة في هذه المنطقة ما دفع الولايات المتحدة “لنقلها إلى قرية سبت ذات الغالبية العربية”؛ وتعد هذه القاعدة الأكبر من بين قواعد تواجد القوات الامريكية لتقديم الدعم لقوات التحالف الدولي والفصائل الارهابية الحليفة، ونقلت صحف غربية في 2017 معلومات استقتها من تحليل لصور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تظهر وحدات سكنية تتسع لمئات الجنود وأسطول من المركبات مختلفة الأنواع والأحجام إضافة إلى منشات خاصة بطائرات النقل العسكري والدفاع عن القاعدة، مثل الجدران الاسمنتية وأبراج المراقبة؛ وبدت القاعدة بعد تطويرها صالحة عملياً “لهبوط طائرات النقل العسكري الكبيرة من طراز C-130 وC-17 الأصغر حجما”؛ كما تتخذ القوات الأمريكية من هذه القاعدة معسكراً لتدريب المقاتلين الأكراد الانفصاليين وتم مؤخراً تجهيزها بمهبط للطائرات المروحية؛ وتقع بالقرب من شركة اسمنت لافارج التي استولت عليها وحدات حماية الشعب الانفصالية واتخذت القوات الامريكية مبانيها مقرات لها.
قاعدة المبروكة:
وهو معسكر صغير في قرية المبروكة تتواجد فيه قوات أمريكية صغيرة الحجم غرب مدينة القامشلي في محافظة الحسكة ضمن مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية
مطار روباريا:
ويقع هذا المطار قرب مدينة المالكية شمال شرقي الحسكة بالقرب من الحدود مع كل من العراق وتركيا؛ وهو في الأصل مطار صغير مخصص للطائرات الزراعية الصغيرة قبل أن تحوله الولايات المتحدة إلى مطار لهبوط الطائرات المروحية بإشراف جنود أمريكيين لتقديم الخدمات اللوجستية للقوات الكردية الانفصالية ودعم قوات التحالف الدولي الأخرى التي تقاتل تنظيم الدولةالارهابي.
تل بيدر:
وتقع هذه القاعدة على مسافة 30 كيلومتراً شمال غربي الحسكة على مقربة من الحدود التركية وتتوفر فيه مهابط للطائرات المروحية ومعسكراً لتدريب القوات غير القتالية مثل الشرطة والدفاع المدني وغيرها لتلبية حاجات القوات الكردية لإدارة مناطق سيطرتها.
تل أبيض:
ينتشر في هذه القاعدة عدد كبير من الجنود الأمريكيين تشير بعض التقارير إلى أنهم ينتشرون في المدينة كما يتم رفع العلم الأمريكي على بعض المباني الحكومية داخل مركز المدينة
وتتواجد قوات أمريكية إلى جانب قوات من دول التحالف الدولي والمعارضة الارهابية المسلحة في قاعدة التنف السورية على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني؛ وتفرض الولايات المتحدة إقامة منطقة “عدم اشتباك” لا تسمح بموجبها لأي قوات تابعة لتحالف قوات الجيش السوري بالاقتراب منها أو الدخول اليها.
كما تتواجد قوات أمريكية في معسكرات عدة في محافظة الرقة لدعم العمليات القتالية لقوات سوريا الديمقراطية الانفصالية التي كانت تقاتل لاستعادة مدينة الرقة من تنظيم الدولة الارهابي؛ وتستخدم القوات الأمريكية مدفعية من مختلف الأنواع وراجمات الصواريخ ومعدات قتالية ثقيلة أخرى ومختلف أنواع المركبات المخصصة للأغراض الاستخباراتية ومركبات مدرعة لتسيير دوريات مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية.
كما تتواجد قوات أمريكية على شكل مستشارين لأغراض التدريب على الأقل في ثلاث معسكرات تدريب في محافظة الحسكة لتدريب المقاتلين الأكراد الانفصاليين وكذلك بالقرب من مدينة منبج شمال حلب التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية منذ أغسطس/آب 2016
مهام وأهداف التواجد الأمريكي في سوريا
تضطلع القواعد الأمريكية بمهام متعددة فيما يتعلق بالعمليات القتالية لقوات التحالف الدولي والقوات الحليفة مثل القوات الكردية الانفصالية أو فصائل المعارضة الارهابية المسلحة ، كما تقوم بتقديم الدعم العسكري والامداد والتموين وخدمات اخرى؛ ويمكن لهذه القواعد أن تشكل نوعاً من التواجد العسكري الأمريكي الدائم لأهداف عدة من بينها:
منع إيران من انشاء خط أو أكثر من خط تواصل بري عبر الأراضي العراقية من إيران إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا ولبنان لحرمانها من خط الإمداد للمجموعات الشيعية المسلحة التي يمكن أن تشكل تهديداً مزدوجاً لكل من حليفي الولايات المتحدة الأردن وإسرائيل.
موازنة النفوذ الروسي والتواجد الدائم على شواطئ البحر الأبيض المتوسط في القاعدة البحرية في محافظة طرطوس على الساحل السوري.
خلق حالة من التوازن العسكري في الأجواء السورية بعد إقامة روسيا قاعدة جوية لها بشكل دائم في محافظة اللاذقية.
تعزيز علاقات التحالف الاستراتيجي مع القوى الكردية الانفصالية ودعم مشروعها الانفصالي في الإدارة الذاتية الانفصالية ضمن إطار دولة سورية موحدة يحكمها نظام يرتبط بحكومة مركزية مقرها دمشق مع توزيع صلاحيات الحكم بين المركز والإدارات الذاتية أو الفيدراليات المتوقع إقرارها في أي تسوية اممية على أساس الجغرافيا على حسب ما تتوهم كل من أمريكا و قسد الانفصالية.
يشكل التواجد العسكري الدائم للولايات المتحدة في سوريا وفي قواعد جوية بديلاً احتياطياً عن قاعدة أنجرليك التركية ذات الأهمية في الحرب على الإرهاب فيما إذا تعمقت حدة الخلافات مع تركيا.
سرقة النفط السوري حيث تقدر الخسائر المباشرة بـ 25.9 مليار دولار، تتكون من 19.8 مليار دولار من سرقة النفط والغاز الأمريكية و3.2 مليار دولار أضرار لمنشآت الدولة، و2.9 مليار دولار أضرار لمنشآت النفط والغاز، والخسائر غير المباشرة بنحو 86 مليار دولار.
من المتوقع أن تركز الولايات المتحدة في تواجدها بشكل مكثف على مناطق جنوب شرقي سوريا. اذ يمكن لهذا التواجد أن يخفف من احتمالات فقدان الولايات المتحدة لبعض مكتسباتها في العراق وقدراتها على مواصلة الحرب على تنظيم الدولة الارهابي مستقبلاً، خاصة بعد فرض الحشد الشعبي سيطرته على مناطق غرب وشمال غربي العراق وهي مناطق يحتمل وجود نشاط لعناصر تنظيم الدولة الارهابي على فترات.
التواجد الأمريكي في جنوب شرقي سوريا في مناطق متصلة جغرافيا مع غرب العراق يتيح للولايات المتحدة فرصة استمرار التواصل الميداني مع الحلفاء التقليديين من العرب السنة الذين سبق أن تعاونوا معها في فترة الاحتلال، وهم بالعادة زعماء قبليين تحالفوا مع الولايات المتحدة في قتال تنظيم القاعدة الارهابي من خلال مجالس الصحوات، ثم قتال تنظيم الدولة الارهابي طيلة الأعوام الماضية؛ وستظل الحاجة الامريكية لهم قائمة في المدى المنظور.
التوتر الروسي الأميركي في سوريا.
نشرت صحيفة فزغلياد تقريراً تناول التوتر الروسي الأميركي في سوريا، جاء فيه أن الولايات المتحدة نقلت معدات عسكرية ولوجستية كانت موجودة داخل العراق إلى قواعدها في سوريا.
ونسب الموقع الروسي لمصادر بفصائل المعارضة السورية الارهابية قولها إن قوافل عسكرية أميركية قادمة من العراق عبرت منفذ الوليد الحدودي ودخلت محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، مشيرا إلى أن تلك القوافل ضمت مدرعات عسكرية وعددا كبيرا من الجنود الأميركيين.
كما نُقل عن المصادر نفسها قولها إن عدد الجنود الأميركيين في سوريا ارتفع من 500 جندي إلى 1500 منذ 15 يوليو/تموز الجاري
ووفق فزغلياد، فإن جزءا من تلك القوات يتولى مهمة تدريب المقاتلين الأكراد الانفصاليين من قوات سوريا الديمقراطية،الانفصالية في حين يتولى جزء آخر حماية المطارات وحقول النفط والغاز في الحسكة ومحافظة دير الزور المجاورة
ويشير مُعِد التقرير رافائيل فخروتدينوف إلى أن تعزيز واشنطن وجودها العسكري في سوريا يأتي في إطار تصاعد الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا في المنطقة. كما يشير إلى أن الخبراء يرون أن حشد مزيد من القوات الأميركية في سوريا يأتي في إطار رغبة واشنطن في الضغط على موسكو.
تصاعد حدة التوتر
ووفق التقرير، فقد كشف العميد أوليغ غورينوف، نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، عن اقتراب طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بشكل خطير من طائرات القوات الجوية الروسية في منطقة الباب.
وقال العميد الروسي إن الطيارين الروس تعاملوا مع الوضع باحترافية واتخذوا الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لمنع الاصطدام بالطائرة المسيرة.
واستعرض التقرير مظاهر عديدة للتوتر الأميركي الروسي في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، وأشار إلى أن القيادة المركزية الأميركية تزعم أن قوات الجيش الروسي في سوريا تقوم “بمناورات غير آمنة وتفتقر إلى المهنية.
ونقل عن جويل روبين، نائب مساعد وزيرة الخارجية السابق في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قوله إن قدرة الولايات المتحدة على احتواء السلوك الروسي في سوريا محدودة، وترجيحه استمرار روسيا في اختبار صبر الولايات المتحدة، خاصة بعد انقطاع الاتصال بين البلدين بسبب الصراع في أوكرانيا.
ووفق الموقع الروسي، فقد نقلت صحيفة “ديلي إكسبريس” الأسبوع الماضي عن مسؤول كبير في البنتاغون قوله إن الولايات المتحدة تدرس الرد عسكريا على الوجود الروسي في الأجواء السورية وسط زيادة حدة التوتر بين الطرفين.
ما الأسباب؟
وعن أسباب تصاعد التوتر بين الطرفين الأميركي والروسي في الساحة السورية، نقل الكاتب عن كيريل سيمينوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، قوله “بشكل عام، تخشى الولايات المتحدة هجمات القوات الموالية لإيران على المنشآت العسكرية الأميركية في سوريا، غير أنني أرى الزيادة (في الجنود الأميركيين) بمقدار 3 أضعاف في وحدة تدريب المقاتلين الأكراد الانفصاليين غير ضرورية.
ويضيف سيمينوف: “إذا تحدثنا عن المنطقة التي يتوقع الأميركيون أن تشهد صراعا، فإن مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا هي الاحتمال الأرجح نظرًا لوجود القوات الموالية لإيران هناك وكذلك التشكيلات الكردية الانفصالية، فضلًا عن قاعدة عسكرية روسية على أرض المطار المحلي، ونقاط التفتيش الروسية المنتشرة في المنطقة كلها. وفي حال حدوث أي استفزاز من أي طرف، فإن جميع الاحتمالات ستكون واردة”
بدوره، يقيِّم فلاديمير فاسيليف، كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الوضع بشكل مختلف، فيقول “الولايات المتحدة تحارب على عدة جبهات، وفي الوقت الراهن، تنظم هجمات على روسيا بأيدي الأوكرانيين. ولكن إذا استمر الفشل على هذه الجبهة، واستمرت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في التدهور ولم يأت الهجوم المضاد بأي نتيجة، فإن أميركا قد تلجأ إلى خطة احتياطية تتعلق بسوريا.
ويتابع الباحث الروسي “يبدو أن واشنطن قررت العودة إلى الساحة السورية بعد تمرد بريغوجين، وتتوقع تصعيد الوضع في سوريا، مما يجبر القوات المسلحة الروسية على التدخل. إضافة إلى أن إدارة بايدن تحتاج إلى تحقيق بعض الانتصارات قبل الانتخابات” الرئاسية الأميركية
لكن الخبير الروسي مالك دوداكوف لديه وجهة نظر مخالفة لما سبق، إذ يرى أن واشنطن لا تسعى للضغط على موسكو في سوريا، ويشير إلى أن هناك أصواتا في إدارتي كل من بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب ما فتئت تنادي بانسحاب القوات الأميركية من سوريا
ويرى دوداكوف أن نشوب أي اشتباكات بين القوات الأميركية والروسية في سوريا إذا حدث فسيكون من قبيل الصدفة، ويستبعد احتمال تخطيط الولايات المتحدة عمدا لاستفزاز روسيا في بلد إستراتيجي مثل سوريا.
وأخيراً:
فإن أمريكا وميليشياتها الانفصالية تواصل نهب النفط السوري وتحرم الشعب السوري من ثرواته،.فالهدف الأساسي لأمريكا هو منع أي حل للأزمة في سوريا..
إن جرائم الاحتلال الأمريكي في سوريا لا يمكن أن تستمر، والشعب السوري لن يتحمل ذلك إلى ما لا نهاية، وعلى جيش الاحتلال الأمريكي أن ينسحب من الأراضي التي يحتلها.