أسماء خليل تكتب: «الترند وسنينه»

بيان

هل تجد شيئًا غريبًا في فتاة أو امرأة تعرض نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي قائلة “عاوزة اتجوز”؟!..نعم.. ستجد غضاضة في نفسك حينما ترى مثل تلك المقاطع المُصورة، والتي يتم عرضها بكل وسائل السوشيال ميديا؛ فتصبح “ترندًا”.

هل تعلم لماذا؟!..لأن هناك ما يُسمى الفطرة الإنسانية السليمة، التي جُبِلَ عليها المرء، منذ بداية الخليقة، فقد ترسخ دونما تكرار شرح لأي جيل؛ أن الأنثى كيان، لسيت ما يظهر من اختلاف في تكوينها البيولوجي، بل كلمة الأنوثة تتضمن معاني الحياء.. الخجل.. احترام الرجل وعقله.. طلب العلم دونما تبجُح.. هدوء الصوت.. عدم افتعال الصخب والضوضاء.. وليس بإمكانها تغيير ذلك من أجل ما يُدعى “الترند”.

كيف وصل الحال لذلك الأمر؟!.. ولماذا؟!.. فتاة تظهر بلا حياء، وتقف أمام الجموع ممن هم بالشارع أو بالعالم الافتراضي، وتطلب الزواج!!.. وحينما يُنافي الأمر القيم والعادات والأعراف الاجتماعية؛ نصِفهُ بالاختلال العقلي، لأن ذلك الوصف يُرضي نفوسنا للشيء الخارج عن المألوف.

في عهدٍ ليس بالبعيد، كانت هناك بعض الصفحات بالجرائد، لتوفيق الشباب بالفتيات؛ رغبةً في تزويجهم، كان الشاب أو الفتاة يستحي من كتابة اسمه خشية أن يعرفه أحد، فكانوا يكنون أنفسهم بأسماء مستعارة، أو يختصرون كيانهم في بعض الحروف، فهل وصل الانفتاح إلى ذلك الحد؟!.. ربما !.

لا عجب حقًّا أن تتبدى تلك الظواهر، بالزمن الذي به الرجل الزوج يتصور مع زوجته وأولاده ويكشفون بيتهم وأسراره في قناة على “اليوتيوب”؛ بغرض الحصول على الأموال، أو اللحاق بسباق “التريندات”!.. وربما منهم مَن يسمح لزوجته بعمل قنوات أشبه بـ“الروتين اليومي”، التي تقوم على استعراض الملابس والأجساد، بدلًا من شرح ما تفعله الزوجة في يومها!.

إن مثل تلك الفتاة تستند في جواز مع تفعله أمام نفسها والعالم، بحديث النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ثابت البناني قال : كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له، قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تَعرض عليه نفسها ، قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقلَّ حياءها ، وا سوأتاه ، وا سوأتاه ، قال : هي خير منكِ ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسَها.

ولكن صاحبة ترند “عاوزة اتجوز” تناست حتمًا، أن من تطلب نفسها للزواج، لابد أن ترى الصلاح في الرجل الذي ترغب الزواج منه، أو تجد فيه غزارة بالعلم، أو تقوى أو تميز في أي مجال مشروح، ويشهد له الجميع بالاستقامة وصلاح الحال، وإلا فإذا عرضت نفسها على من لا دين أو علم وسعة أفق لديه؛ فسوف يصليها مرارًا بعيشتها، وبخاصة أننا مجتمعات شرقية، فكيف تعرض نفسها أمام ملايين المشاهدين، وهي لا تعلم اختلاف أخلاقهم.

لا تطلبي الزواج في زمن الفتن، فقد يبدو المرء على ظاهره خلاف ما يبطن، ولا يتبدى ذلك إلا بالعشرة، حيث تتبين الأخلاق الحقيقة.. اجعلي أشياء أخرى هي السفيرة عنكِ، فباستطاعتها تبليغ رسالتكِ جيدا، اجعلي أدبكِ ودماثة خلقكِ وحياءكِ ومقدار علمكِ وسماحتكِ هم السفراء الحقيقيون، الذين يدقون باب أي راغب بالزواج.

اقرأ أيضا للكاتبة:

أسماء خليل تكتب: أوهام وانبهار

أسماء خليل تكتب: الطموح وتعاظم المعيشة

زر الذهاب إلى الأعلى