رفعت رشاد يكتب: ديمقراطية حزب معارض
“الديموقراطية ممارسة” فكيف تمارسها بعض أحزبنا ؟!.. الصورة والمثال فى هذا المقال الذى نشره الكاتب الكبير رفعت رشاد فى صحيفة “الوطن” ونعيد نشره، وهذا نصه:
توجد الأحزاب من أجل الديمقراطية، بداخلها يمارس الناس السياسة المقننة، أى بحكم القانون الذى رخص لها أن تكون ساحة لهذه الممارسة المشروعة.
البرلمان أقدم من الأحزاب عمراً، فالبرلمان يقترب عمره من الألف عام بينما الأحزاب لا يزيد عمرها على مائتى عام.
لكن صارت الأحزاب بمثابة الأوعية أو القنوات أو المصادر التى تدفع بنتاجها البشرى من الكوادر السياسية إلى البرلمان وكافة مناحى الحياة، فالسياسة هى خدمة الناس.
ويصل عمر الأحزاب فى مصر بإرهاصات وجودها الأولى إلى ما يزيد على مائة وعشرين عاماً.
بدأت بالحزب الوطنى العرابى وبعده حزب الأمة ثم وطنى مصطفى كامل، وشهدت تلك الأحزاب أحياناً ممارسات ديمقراطية داخلية أو فى قاعة البرلمان، ودارت عجلة تكوين الأحزاب حتى صار لدينا ما يزيد على مائة حزب ليست كلها فاعلة وليست كلها تؤمن بالديمقراطية.
نشرت الصحف مؤخراً أن رئيس حزب يعتبر حزباً معارضاً منع تنظيم أى نشاط حزبى فى أى لجنة من لجان الحزب إلا بموافقة رئيس اللجنة العامة بعد إخطار رئاسة الحزب.
لو صدر هذا القرار فى ظل ظروف طبيعية وعادية، لم يكن يلفت الانتباه لأنه جزء من تنظيم العمل الحزبى، لكن القرار بحظر أى نشاط إلا بموافقة رئاسة الحزب فى هذا التوقيت الذى يشهد فيه الحزب صراعاً على مستوى عالى يجعل صدور القرار نوعاً من الاستبداد الحزبى، حيث يمنع رئيس الحزب أى نشاط لأى عضو قيادى آخر لا يكون على هواه.
رئيس الحزب هذا فاز فى انتخابات نظيفة برئاسة الحزب، والمؤكد أنه ما كان يرشح نفسه لو كان مقتنعاً بسياسات رئيس الحزب السابق ومنها معاملته له شخصياً بجانب سياساته، والآن هو يمارس سياسات مشابهة إن لم يكن نفس السياسات.
لماذا لا يترك رئيس الحزب الأعضاء يمارسون نشاطهم حسب لوائح الحزب التى من المؤكد تضبط هذه الممارسة، لكنها لا تربطها بشرط موافقة رئيس الحزب.
لا أعرف كم نشاطاً يمكن أن يعرض على رئيس الحزب يومياً مطلوب الموافقة عليه وكيف يمكن لرئيس الحزب أن يوفق بينها ويجد الوقت الكافى لفحصها والبت فيها.
مثل هذه التصرفات تخلق الاحتقانات داخل الأحزاب وفى نفس الوقت يتفرغ فيها الأعضاء والقيادات للصراعات تاركين الممارسة السياسية تتراجع بسبب التفرغ للصراعات.
هذه صورة أو حالة لحزب كبير، وكذلك تعيش وتستغرق بقية الأحزاب.