اقتصاد العربة “Gig Economy” التعريف والوظائف والمزايا والعيوب.. د. إسلام جمال الدين شوقي يشرح
كتب: على طه
ما هو اقتصاد العربة؟.. وما هى الظروف الاقتصادبة والاجتماعية التى أدت إلى ظهور هذا النوع من الاقتصاد حديثا ؟!.. وهل كان موجودا من قبل ؟.. وما هى الوظائف والأغمال التى تندرج تحت مسمى هذا النوع من الاقتصاد؟.. وما هى مميزاته وعيوبه، لأصحاب الأعمال وللموظفين المنخرطين فى هذا النوع من الأعمال؟.
يجيب علي الأسئلة السابقة فى تصريحات خاصة لموقع “بيان” ، الخبير الاقتصادي د. إسلام جمال الدين شوقي. عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي.
يقول الخبير الاقتصادى:
لقد أدى التطور السريع في التحول الرقمي للاقتصاد إلى ظهور وظائف وأشكال جديدة من التوظيف، لم تكن موجود من قبل تختلف عن شكل الوظائف التقليدية حيث تقوم الوظائف الجديدة على فكرة إنشاء منصات قائمة على التكنولوجيا الرقمية، يتم عملها حسب الطلب ويرجع الفضل في ذلك إلى سرعة التطور الهائل في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مثل الإنترنت والهواتف الذكية مما أدى إلى ظهور هذا الشكل الجديد من المعاملات الاقتصادية.
وهذه المعاملات الاقتصادية الجديدة تقوم على العمل المؤقت وتتميز بالمرونة.
وبدأ تعريف “العمل الاقتصادى” يتغير بتغير الظروف الاقتصادية والتقدم التكنولوجي المستمر، وأدى التغيير والتحديث في الاقتصاد إلى ظهور قوة عاملة جديدة تتميز بالعمل القائم على الاستقلالية والتعاقد مع الجهات المختلفة، وتغير مفهوم العمل التقليدي “الوظيفة ذات الدوام الكامل محددة الساعات”، وقد سهلت المنصات الرقمية ذلك من حيث تبادل الموارد والعمالة حيث تعمل على تسهيل العلاقة بين البائع والمشتري.
اقتصاد العربة قديما
وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء وصولا إلى مرحلة ما قبل الحداثة والتطور التكنولوجي الذي نحن بصدده الآن، نجد الشكل التقليدي للبائع المتجول الذي يبيع منتجاته من خلال العربة ويتجول بها في المناطق والأماكن المختلفة، وهو أشبه كثيرا بالموظف الحر – الآن – الذي لا يتقيد بمحددات وظيفية، فهو لا يتصف بمواصفات الموظف التقليدي الذي يجب عليه قضاء عدد معين من الساعات في الوظيفة والتي يطلق عليها دوام كامل.
وفي هذا الشكل من العمل، نجد العلاقة بين البائع والمشتري تنتهي بمجرد شراء المُنْتَج أو الخدمة المقدمة وبالتالي ليس هناك أي التزام على كلا الطرفين كالتعاقد أو التوظيف مما أدى إلى بروز وظهور نوع جديد من الاقتصاد يطلق عليه “اقتصاد العربة”.
لقد ظهر مفهوم اقتصاد العربة “Gig Economy” كنتيجة طبيعية مع حدوث الأزمات الاقتصادية واقتصاد العمل الحر حيث تقوم الشركات على التوظيف بنظام التعاقد بدلاً من الموظفين بدوام كامل نظرًا لأن العمل مخصص على أساس مؤقت.
وبرز مفهوم اقتصاد العربة مع ارتفاع أعداد الأفراد الذين لا يجدون وظائف، وهو ترجمة لمصطلح “Gig Economy”، وجاءت كلمة العربة وهي ترجمة حرفية عن طريق الاستعارة من كلمة (gig) أي بمعنى إزعاج، وهي ترجع في الأصل إلى مهنة الموسيقى حيث يلجأ البائعين أصحاب العربات المختلفة إلى استخدام الموسيقى في الترويج لمنتجاتهم والتي تكون في الغالب مزعجة جدًا.
أسباب نمو هذا القطاع
ويرجع سبب نمو هذا الشكل من الاقتصاد بسبب الأزمات الاقتصادية المتكررة والتي يعقبها فترات ركود وتسريح للعمال أو الموظفين ، وفي بعض الأحيان تلجأ بعض الشركات والمؤسسات إلى سياسة تقليل النفقات وتحقيق المستهدفات المطلوبة بأقل تكاليف ممكنة.
ولا توجد غضاضة في أن توصف منصات العمل الحر والتي تُعرف بالإنجليزية Free lancers باقتصاد العربة ولا يمثل هذا انتقاص من المنخرطين فى هذا العمل، فهم فئة تبيع منتجاتها حسب الطلب ودون التقيد بالشكل التقليدي للوظيفة.
وبالتالي فإن اقتصاد العربة اصطلاحا يعكس حقيقة الشكل العام لهذا القطاع العريض من الوظائف.
ويقدم اقتصاد العربة للمستهلكين بديلًا سريعًا للأعمال العادية حيث يتم الطلب لأي منتج أو خدمة من خلال الإنترنت مما يجعل المعروض من المنتجات والخدمات أكثر كفاءة ومرونة وأرخص في السعر.
كما يشجع هذا النوع من الاقتصاد على دخول أفراد ذات سن صغير للعمل به نظرًا لأنه يتم عن طريق الإنترنت.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال تشير الاحصائيات إلى أن حوالي ثلث السكان تقريبًا من الذين لديهم قدرة على العمل يتم دخولهم في مجال العمل من خلال المنصات الإلكترونية.
كما أنه من المتوقع أن يرتفع عدد العاملين فى هذا القطاع أكثر، مع اعتماد المزيد من المنظمات لعمل المقاول المستقل من أجل توفير الوقت والمال.
ويمكن القول أن اقتصاد العربة اعتمد بشكل كبير على التجارة الإلكترونية كما أنه اعتمد بشكل أساسي على التجارة الإلكترونية وعلى منصات تنظيم هذه الأعمال.
وظائف وأعمال اقتصاد العربة
أمثلة على اقتصاد العربة هناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الوظائف فهي تلك الوظائف التي يكتشفها الأفراد ويصلون إليها من خلال منصات الإنترنت التي يوجد عليها هذا النوع من الوظائف، وتطلب في أغلب الأحوال أن تكون وظائف لمرة واحدة أو وظائف بعقود قصيرة الأجل أو تقديم خدمات قصيرة الأجل.
وتشمل الأمثلة تطبيقات النقل لشركات مثل “أوبر وكريم ودورداش وإيربنب”، وتطبيقات توصيل الطعام، وتطبيقات تأجير الرحلات، حيث إنها شريحة متنامية، تحقق فوائد اقتصادية للإنتاجية والتوظيف.
ومثال آخر للوظائف مثل طلب طلاء منزل شخص ما، تصليح كهرباء أو سباكة إلخ…
وأيضًا العمل المستقل، والتدريب، وتدريب اللياقة البدنية، والدروس الخصوصية، ويتم استبدال الوظيفة نقدًا ولا توجد مزايا أخرى، مثل التأمين الصحي.
مزايا اقتصاد العربة:
وهناك بعض المزايا التي حققتها الشركات والموظفين عن طريق العمل بنظام اقتصاد العربة، ومنها التالى:
بالنسبة للشركات يعتبر تقليل التكاليف أحد أهم الفوائد الرئيسة للعمل بنظام اقتصاد العربة لأن الشركات في هذه الحالة قادرة على توظيف موظفين خارج مقر الشركة، وبالتالي توفر من شراء أو استئجار مقرات كبيرة للعمل.
بالإضافة إلى ما سبق يؤدي تعيين متعاقدين مستقلين إلى القضاء تمامًا على النفقات الكبيرة الممنوحة للموظفين الدائمين، مثل الإجازات المرضية المدفوعة ومكافأة نهاية الخدمة، إلى آخره.
كما يمكن لصاحب العمل الوصول إلى مجموعة واسعة من الأشخاص لاختيار الأنسب له من بينهم ، كما يمكن التخلي عنهم إذا ثبت أن مهارتهم أقل من مقبولة، فلا يوجد عقد للاحتفاظ بالموظف أو حتى حدوث مشكلة في السماح له بالرحيل في وقت أصبح فيه من الصعب جذب موظفين بدوام كامل.
ويمكن أن يتم عن طريق اقتصاد العربة توظيف موظفين أو عمال أكثر بأسعار معقولة حيث لا يتعين على الشركات دفع تكاليف التأمين الصحي أو المزايا الأخرى.
وبالنسبة للموظفين أو العمال لا يُطلب من المتعاقدين المستقلين في اقتصاد العربة العمل في المكاتب، بل يعملون في مساحاتهم الخاصة، ويختلف الأمر من شخص إلى آخر حسب طبيعة العمل فالذي يعمل من خلال المنزل بنظام الـ “أون لاين” يختلف عن شخص يقود سيارته لصالح أو لحساب شركة أوبر، مثلا.
ويُسمح للعاملين في اقتصاد العربة بالعمل في أي ساعة يرغبون فيها.
وهكذا يُعد اقتصاد العربة سوقًا جذابة بشكل متزايد نظرًا لمرونته المطلقة التي تتيح للأفراد كسب دخل إضافي.
عيوب وسلبيات اقتصاد العربة لأصحاب العمل
وفي حين أن هناك مجموعة متنوعة من المزايا التي ينتجها اقتصاد العربة، إلا أن هناك أيضًا بعض الجوانب السلبية التي تميل إلى جعل العملية صعبة، مثل ألا يتم استثمار الأفراد الذين يعملون لحسابهم الخاص كما لو تم تعيينهم بنظام الدوام الكامل.
بالإضافة إلى ما سبق، لا يعرف اقتصاد العربة تحفيز موظفيه، ويمكن لمثل هذا أن يخلق مشاكل تتعلق بالولاء، ويقلل من احتمالية المزيد من العمل، ويقلل الحافز للعمل بشكل عام.
وفي بعض الحالات، يتم انتقاد المنظمات التي تعمل في اقتصاد العربة بسبب الممارسات الأخلاقية التي تؤديها حيث أن العمل يؤدى بشكل عرضي، ولا يقدم مزايا، ولا يقدم أجورًا تنافسية.
عيوب وسلبيات اقتصاد العربة للموظفين
وبالنسبة لبعض الموظفين، يمكن أن تؤدي مرونة العمل بنظام اقتصاد العربة إلى تعطيل التوازن بين العمل والحياة، وأنماط النوم، وأنشطة الحياة اليومية، وغالبًا ما تعني المرونة أنه يتعين على العمال إتاحة أنفسهم في أي وقت، بغض النظر عن احتياجاتهم الأخرى.
كما يجب أن يكونوا دائمًا في وضعية البحث عن عمل آخر لتأمين أنفسهم.
وفي حقيقة الأمر نجد أن العاملين في اقتصاد العربة يشبهون إلى حد كبير رواد الأعمال أكثر من كونهم موظفين تقليديين في حين أن هذا قد يعني قدرًا أكبر من حرية الاختيار للموظف، إلا أنه يعني أيضًا أن تأمين وظيفة ثابتة بأجر منتظم ، والمزايا – بما في ذلك حساب التقاعد – والروتين اليومي الذي ميز العمل لأجيال، أصبح سريعًا شيئًا من الماضي.
وأخيرًا بسبب الطبيعة المتغيرة للمعاملات والعلاقات الاقتصادية المؤقتة، يمكن أن تتآكل العلاقات طويلة الأمد بين العمال وأصحاب العمل والعملاء والموردين، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى القضاء على الفوائد التي تتدفق من بناء الثقة طويلة الأجل والممارسات العرفية والتعرف على العملاء وأصحاب العمل.
وفي النهاية يبقى التحدي الأكبر وهو الموازنة بين الابتكار والصفقة العادلة للموظف أوالعامل.
اقرأ أيضا:
-
د. إسلام جمال الدين شوقي يكتب: البنوك وشركات الزومبي تهدد الاقتصاد
-
د. إسلام جمال الدين شوقـي: الفقاعة الاقتصادية.. ما هى وما تأثيرها ؟!
-
د. إسلام جمال الدين شوقي: ضع أموالك في البنوك ولا تعتمد على المحافظ الإليكترونية