تقرير أمريكي يعلن فشل عملية «العزم الصلب» فى سوريا والعراق
ترجمة: أشرف التهامي
كشف تقرير حديث صدر عن الكونجرس أن القوات التي دُرّبت على يد الولايات المتحدة في العراق: “لم تحقق مكاسب ملحوظة في مجال القدرة على محاربة تنظيم الدولة (داعش) الإرهابي ومن بين هذه الجهود العملية التي عرفت بعملية العزم الصلب.
وأكد البرلمان الأميركي فى تقريره أن ما تم تحقيقه هو مجرد تقدم ضئيل في الجهود المبذولة لتدريب القوات الأمنية في العراق وسوريا في مواجهة ومكافحة تنظيم الدولة الارهابي، بغية القضاء عليه وهذا ما أثار حفيظة بعض المحللين الذين توقعوا تكرار سيناريو الانهيارات العسكرية السابقة.
ما هى قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب؟
تعرف قوة المهام المشتركة ، بالإنجليزية: Combined Joint Task Force – Operation Inherent Resolve ويُطلق عليها اختصارًا CJTF–OIR) ، وهي قوة مهام مشتركة أُنشئت من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، في كل من العراق والشام .
وقامت القيادة المركزية الأمريكية في أكتوبر عام 2014، بتشكيل قوة المهام المشتركة ، وانعقد أول مؤتمر لهذا التحالف في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر عام 2014. تمت تسمية العمليات بهذا الاسم من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، وتتألف من القوات العسكرية الأمريكية وأفراد من أكثر من 30 بلدًا.
تقرير عن عملية العزم الصلب
واعتمدت تلك القوات المحلية على سلاح الجو الأميركي إلى حد كبير، لكنها عانت من مشكلة كبيرة في تجنيد العسكر ضمن قوات النخبة لديها، وذلك بحسب ما ورد في تقرير وضعه كبير المفتشين العامين عن عملية العزم الصلب.
وفي هذه الأثناء، أصبحت القوات التابعة للولايات المتحدة في سوريا تحصل على رشى وانصرفت عن مهمة محاربة تنظيم الدولة الارهابي بسبب الهجمات التركية، وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشر في مطلع شهرأغسطس الجاري.
بيد أن هذه العوامل تضع الجهود الأميركية في هذين البلدين على مسار مقلق، بحسب رأي جوناثان لورد وهو عضو رفيع في مركز أمن أميركا الجديد، إذ يشبّه هو وغيره المشكلات التي وردت في التقرير بالأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في السابق عند تدريبها لقوات أمنية من أهالي بلد معين، فقد أدى الفشل في هذا المجال إلى انهيار الجيش العراقي في عام 2014 أمام تنظيم الدولة الارهابي، وكذلك انهيار الجيش الأفغاني أمام طالبان في عام 2021.
وحول ذلك صرح لورد بالقول: “إن كان كل ما نفعله هو ما نقدمه اليوم، فإننا سنرى الانهيار يحدث من جديد، إلا أننا سبق أن شاهدنا هذا الفيلم، لذا علينا ألا نعيده مرة أخرى”.
عجزت عن التجنيد
حاربت الولايات المتحدة تنظيم الدولة الارهابي منذ أن سيطرت تلك الجماعة المقاتلة على ثلث مساحة سوريا و40% من مساحة العراق في عام 2014، ولهذا أعلن الجيش الأميركي في مطلع هذا العام بأن هناك نحو 900 مجند أميركي في سوريا ضمن بعثة الجهود المشتركة مع قوات قسد الانفصالية لمنع ظهور تنظيم الدولة الإرهابي.
كما نُشر نحو 2500 مجند أميركي في العراق في مهمة استشارية رسمية حصراً نظراً لانتهاء المهمة القتالية للقوات الأميركية هناك منذ عام 2021.
وقام الكونجرس بتخصيص 5.5 مليارات دولار لهذه الجهود خلال السنة المالية لعام 2023، بحسب ما ورد في تقرير المفتش العام.
كما ذكر المستشارون أن قوات مكافحة الإرهاب في العراق والتي تعتبر قوات النخبة لكونها تنفذ عمليات خاصة، لم تتمكن من تجنيد أي عنصر جديد منذ عام 2018، ولكن لديها من العناصر 16506 عنصراً، إلا أن هؤلاء لا يشكلون سوى 43% من القوات المخصصة لهذه القطعة العسكرية، وهذا ما يجعل الأمر مقلقاً بنظر بعض الخبراء.
لكن التنسيق بين قوات الأمن العراقية وقوات الأمن الكردية الانفصالية، توقف بحسب ما اكتشفه المفتش العام.
وما يزال سلاح الجو العراقي يعتمد على المساعدة الأميركية في مجال تحديد أهداف الغارات، كما أن حاجة الطيارين العراقيين لتعلم اللغة الإنكليزية أضحى عقبة أمام عمليات التجنيد بحسب ما ورد في التقرير، وهذا ما أثار مخاوف شبيهة بتلك التي ثارت بخصوص تدريب الطيارين الأفغان.
أصبح ضعيفاً للغاية
اعترف الرائد جيفري كارميتشيل، الناطق الرسمي باسم عملية العزم الصلب، بأن بعض القوات الشريكة حققت مستوى أدنى من التقدم مقارنة بغيرها، ولكنه ذكر بأن تنظيم الدولة الإرهابي أصبح ضعيفاً للغاية، وأضاف في تصريح له صدر أول من أمس الخميس: “يمكن القول بأن النموذج يفي بالغرض”.
كما تراجعت نسبة هجمات تنظيم الدولة الارهابي خلال الفترة الواقعة بين إبريل ويوليو بنسبة 70% مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بحسب ما ورد في تقرير المفتش العام، ثم إن معظم تلك الهجمات صغيرة ومباغتة واعتمدت على اقتناص فرص سانحة، كما أن الصعوبات المالية تمنع التنظيم الإرهابي من دفع رواتب منتظمة لمقاتليه المرتزقة.
غير أن محللين وصفوا المشهد بأنه مريع على المدى البعيد بالنسبة للوجود الأميركي في العراق ويزداد الأمر سوءاً مع سوريا، ففي الوقت الذي ضعف فيه تنظيم الدولة الارهابي كثيراً، من المرجح أن يعود ليتسيد المشهد في الوقت المناسب، وذلك بحسب رأي المحللين والمسؤولين العسكريين الأميركيين.
وهناك ما يقرب من عشرة آلاف مقاتل تابع لتنظيم الدولة الإرهابي محتجزون في سجون توزعت في مناطق مختلفة من شمال شرقي سوريا، وتخضع هذه السجون لحراسة من قبل قسد الانفصالية العميلة للولايات المتحدة.
إلا أن تعداد تلك القوات الانفصالية ذات الغالبية الكردية محدود، وبعضهم يتقاضى رشى، بحسب ما ذكره المفتش العام.
وعلى الرغم من أن تركيا حليف للولايات المتحدة، إلا أنها لا تفرق بين قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية وحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي صنفته الولايات المتحدة كتنظيم إرهابي.
ساحات متشابكة ومعقدة
مما يعقد الأمور المشهد الجيوسياسي المعقد بالأصل، إذ لروسيا والولايات المتحدة وجود عسكري في سوريا بموجب مهمة عسكرية معلنة تقضي بمحاربة تنظيم الدولة الارهابي ، إلا أن كلتيهما تدعمان الفصائل المسلحة التي يقف بعضها ضد بعضها الآخر.
كما اتهمت الولايات المتحدة روسيا أكثر من مرة بالتحليق فوق القواعد العسكرية الأميركية.
وتشن الفصائل الموالية لإيران هي الأخرى هجمات بمسيرات وصواريخ على القوات الأميركية وقوات التحالف في سوريا، وقد تسبب هجوم لها وقع في شهر مارس بمقتل متعاقد أميركي وجرح 25 جندياً آخرين.
بيد أن القوات الأميركية وقوات التحالف أعادت ضبط نظم المراقبة لتتحول إلى نظام الدفاع بدلاً من نظام الهجوم خلال العمليات الساعية لدحر تنظيم الدولة الارهابي.
ويشجع المحللون رجال السياسة والجيش على ضرورة التعلم من أخطاء الماضي في العراق وأفغانستان وذلك لتبقى قوات قسد الانفصالية موجودة في المنطقة في حال انسحاب القوات الأميركية، وهذا يعني بأن على الولايات المتحدة أن تنتهج استراتيجية بعيدة المدى تسعى من خلالها لمعالجة المشكلات دبلوماسياً وعلى رأسها النزاع بين تركيا و”قسد” الانفصالية ، وضعف الحكم في العراق، والنفوذ الروسي والإيراني في المنطقة.
إلا أن البنتاجون يبدو مهتماً أكثر بعدد هجمات تنظيم الدولة الارهابي وعدد من قتل من قادته، بحسب رأي برايان كارتر وهو محلل لدى معهد المشروع الأميركي، وهذا ما دفعه للقول: “إننا نركز على الضربات القاضية التي تودي بكبار قادة تنظيم الدولة الارهابي، إلا أن المشكلة تكمن هنا، وذلك لأن هذا الوضع لن يفضي إلى تحقيق نجاح دائم”.
………………………………………………………….
مصدر التقرير: وStar & Stripes
رابط التقرير: https://www.stripes.com/theaters/middle_east/2023-08-17/syria-iraq-isis-11075274.html