خوف وضياع ورفض لوجودهم.. لاجئو سوريا بين العودة الطوعية والترحيل
تقرير: أشرف التهامي
هرباً من الحرب المندلعة في بلادهم منذ أكثر من 12 عاماً ، خرج السوريون من بلدهم طلبا للجؤ ‘إلى بلاد وأوطان أخرى، طلبا للحياة، والآن أصبح ملف عودة اللاجئين، من أهم الملفات التى تتم مناقشاتها
وملف عودة اللاجئين حاضرا فى اللقاءات بين الجانب الأردني والدولة السورية، وأهم اللقاءات فى هذا الصدد، اللقاء الوزارى الذي جمع وزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية، فى العاصمة الأردنية عمان، وصدر عنه بيان عمان.
وخلال اللقاء سابق الذكر ، اتفق الأطراف المجتمعة على مقاربة جديدة وفق منهجية “خطوة بخطوة”، التى أقرتها الجامعة العربية، فى قرارها بعودة سوريا للجامعة، وتتضمن هذه المنهجية “خطوات تبادلية”، منها أن تُخفف العقوبات والعزلة عن الدولة السورية، مقابل تبادل المختطفين والمعتقلين والبحث عن المفقودين وفق نهج مدروس، وكذا تأمين العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق.
ومجددا يبرز الحديث عن عودة اللاجئين السوريين في الأردن إلى بلدهم سوريا بشكل أكبر، على الرغم من أنه لم يسبق للأردن الحديث الرسمي عن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة، إذ يجري الحديث دائماً عن عودة طوعية وآمنة، إلا أن التطبيع الأردني مع الدولة السورية أثار مخاوف اللاجئين من الإعادة بالقوة، وأعاد الحديث للواجهة من جديد.
السوريون في الأردن الأكثر رفضا للعودة
ونشرت الأمم المتحدة حديثا ، نتائج دراسة مسحية نفذتها وأظهرت تراجع نسبة اللاجئين السوريين في أربع دول عربية الذين يريدون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الرامية لمحاولة تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين”.
وبالأرقام أظهرت الدراسة التى أنجزتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مصر ولبنان والأردن والعراق بين شهرى يناير، ومارس الماضيين، أن “1.1% من اللاجئين السوريين الذين شملهم الاستطلاع ينوون العودة في الأشهر الاثني عشر المقبلة، مقارنة بنسبة 1.7% في 2022 و2.4% في 2021.
وأكد 93.5% من اللاجئين المستجيبين للدراسة على عدم الرغبة بالعودة إلى سوريا خلال العام المقبل، مقابل 92.8% في 2022، في حين تعلن المفوضية عدم تشجيعها على العودة في الوقت الحالي.
كما أظهرت الدراسة أن 97% من اللاجئين السوريين في الأردن المشاركين في الدراسة لا ينوون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، مقابل 2.4% لم يقرروا بعد.
أما النسبة الإجمالية، للاجئين السوريين، الذين لديهم رغبة فى العودة لبلادهم في أي وقت، فكانت 56.1%.
فيما كانت نسبة اللاجئين الرافضين للعودة لسوريا في غضون عام واحد هي الأعلى في الأردن بواقع 96.8% وكانت العام الماضي 94.2%، مقابل 95% في مصر، و94% في العراق، و91% في لبنان.
وأشار 65٪ من اللاجئين السوريين فى الأردن (الذين شملهم الاستطلاع) إلى رغبة عامة في العودة إلى سوريا في وقت ما، وهي النسبة الأعلى يليها لبنان والعراق.
وجاء أكبر تغيير في النوايا مقارنة باستطلاع العام الماضي في الأردن، بعد انخفاض نية العودة في الأشهر الـ12 المقبلة من 2.4% إلى 0.8% العام الحالي.
كما شكلّت قضايا السلامة والأمن وسبل العيش والعمل والخدمات الأساسية والإسكان في سوريا العوامل الرئيسية المؤثرة على عملية اتخاذ قرار العودة، وفق الاستطلاع الذي شارك فيه 2984 لاجئا.
لبنان
وملف اللاجئين السوريين فى لبنان، حاضرا على الدوام فى المؤتمرات واللقاءات الدولية التي يشارك بها لبنان، وكذا المطالبة الدائمة بإعادتهم إلى سوريا، أمام عدم قدرته على “تحمل أعبائهم”.
وأحدث خطوة بهذا الصدد جاءت خلال مشاركة وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، في اجتماع “لجنة الاتصال الوزارية العربية” بشأن سوريا، في 15 من أغسطس الجارى، هذا الاجتماع الذى انتهى بإصدار بيان من أربع صفحات، جاء فيه التأكيد على أهمية توفير الحوافز والتسهيلات التي ستقدم للاجئين العائدين والإجراءات التنسيقية مع الدول المستضيفة لهم، والعمل على إنشاء منصة لتسجيل أسماء اللاجئين الراغبين بالعودة، بالتنسيق مع الدول المستضيفة وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كما تضمن البيان ملاحظة، تتحدث عن تفضيل لبنان اعتماد صيغة “غير القسرية” محل “الطوعية”، بالحديث عن عودة اللاجئين السوريين.
المشكلة ليست فى التسمية
وفى تصريحات إعلامية قال غزوان قرنفل، رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار”، إن تسمية لبنان للاجئين “نازحين” خطوة مماثلة لتبديل المصطلح أو الرغبة بتبديله، فالعودة “غير القسرية” لا تختلف عن “الطوعية”، موضحا أن هذه العودة، سواء جرت تسميتها بـ”غير قسرية” أو “طوعية”، لها شروط، أبرزها أن تجري العودة بإرادة حرة من الشخص، دون إكراه معنوي أو مادي، عبر تسجيل الشخص لدى الدوائر المعنية في الدولة التي يقيم بها، رغبته بمغادرة البلاد والعودة إلى وطنه، فيجري تنظيم ضبط مع تزويد الشخص بورقة لعبور أراضي البلد الذي يقيم به بنحو بلاده”.
وأضاف قرنقل أنه “بتحقيق هذه الشروط تكون العودة طوعية، لكن تعبئة الناس بشاحنات الجيش والأمن العام ووضعهم على الحدود السورية – اللبنانية، فهذه لا تكون عودة طوعية”.
ويسعى لبنان بشكل مستمر لتحريك ملف عودة اللاجئين أمام غياب الترحيب الدولي والأوروبي بهذه الخطوة، على اعتبار أن سوريا غير آمنة للعودة، وتجلى ذلك بمساعي إعادة 15000 سوري شهريًا من لبنان، ثم إعادة المحاولة، قبل الحديث عن تحضيرات لمؤتمر لإعادة اللاجئين السوريين، وفق تصريحات رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، في 23 من أبريل الماضي.
4 فئات من اللاجئين في لبنان
خلال مشاركته في مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 15 من يونيه الماضي،
قال عبد الله بوحبيب وزير الخارجية اللبنانى، إن بلاده تستقبل 1.5 مليون لاجئ سوري، ما أثر على اقتصاده الهش والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وخلق سلسلة تحديات تتجاوز الحدود الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ما يواجهه لبنان أصلًا من قضايا وصعوبات سياسية واقتصادية تؤدي لتفاقم الوضع.
كما صنّف السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية ضمن أربع فئات، الأولى لاجئون هربوا بسبب الوضع السياسي، والثانية سوريون موجودون في لبنان قبل عام 2011، بحثًا عن سبل معيشة أفضل، والثالثة هم سوريون غادروا سوريا بعد 2011، للنجاة، والفئة الرابعة هم سوريون يعبرون الحدود بانتظام من وإلى سوريا، ولا يمكن احتسابهم في عداد اللاجئين والنازحين، وفق تصنيفه.
موقف البرلمان الأوروبى
وكان البرلمان الأوروبي أجرى في 12 من يوليو الماضي، تصويتًا، دعمت أغلبية الأصوات فيه إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، ما تبعه ردود فعل غاضبة من قبل المسؤولين اللبنانيين حينها، إذ أرسل وزير الخارجية اللبناني، رسالة إلى جوزيب بوريل، للتنديد بالقرار.
بحث مسؤولون لبنانيون، في 12 من يونيه، مسألة دفع فواتير الكهرباء للاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، وقال وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، إنه ليس مطلوبًا من اللبنانيين أن يغطوا كلفة استهلاك السوريين والفلسطينيين، وعلى كل طرف أن يغطي كلفة استهلاكه، وفق ما نقلته الوكالة “اللبنانية” الوطنية للإعلام.
اللاجئون “كبش فداء”
في 11 من مايو، أصدرت 20 منظمة محلية ودولية، منها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” المعارضة، بيانًا مشتركًا طالبت فيه بوقف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان، وانتقد البيان العملية التي تنفذها السلطات اللبنانية، موضحًا أنها أساءت إدارة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ما تسبب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم.
ويشتكى البعض من أن السوريين في لبنان لخطاب تحريضي تشارك في صناعته بعض وسائل الإعلام المحلية، والحكومة اللبنانية عبر تحميلها وجود السوريين مسؤولية تردي الواقع المعيشي والظروف الاقتصادية، في بلد يواجه أزمة سياسية تتجلى بفراغ رئاسي متواصل منذ أكثر من نصف عام، إلى جانب أزمة المصارف أو الأموال المهربة.
الوضع القانوني
وفي يوليو الماضي اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجيش اللبناني في تقرير، بتجاهل وضع المرحلين كلاجئين أو مخاوفهم من التعرض للاضطهاد في حال إعادتهم.
ودعا التقرير الحكومات المانحة التي تدعم الجيش اللبناني إلى حثّ السلطات على وقف عمليات الترحيل هذه، وضمان أن الأموال التي تقدّمها لا تسهم في انتهاكات الحقوق.
تركيا.. توقيف 29 طالب لجوء سوري قرب الحدود البلغارية
وعلى نفس الدرب أعلنت السلطات التركية، إلقاءها القبض على 29 طالباً للجوء بالقرب من الحدود البلغارية واليونانية في ولاية أدرنة شمال غربي تركيا.
ونقلت وكالة الأناضول التركية عن بيان صادر عن الولاية يوم الجمعة قولها إن قوات الدرك أوقفت سيارتين مشبوهتين متوجهتين نحو الحدود البلغارية، وضبطت على متنهما 29 شخصاً يحملون الجنسية السورية.
وأوضحت الولاية في البيان أن قوات الدرك أوقفت أيضا شخصين يشتبه بهما في قيامهما بتهريب طالبي اللجوء المضبوطين، مشرةً إلى أن قوات الدرك سلمت المقبوض عليهم إلى مديرية الهجرة في الولاية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
أعداد طالبي اللجوء
وتشهد الحدود التركية مع كل من بلغاريا واليونان، والشواطئ التركية تزايد عدد طالبي اللجوء الذين يسلكون الطريق البري أو البحري للوصول إلى إحدى الدول الأوروبية، بينما تعمل قوات الأمن التركية على منع محاولات التسلل عبر حدودها.
وبلغ عدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي 996 ألفاً خلال العام 2022، ينحدر معظمهم من سوريا وأفغانستان وتركيا وفنزويلا وكولومبيا.
هولندا
وقررت هولندا ترحيل لاجئين سوريين إلى بلغاريا بعد حكم أعلى سلطة قضائية هولندية لصالح ترحيلهم من البلاد.
وقالت مجلس الدولة – بعد اعتراض اثنين من السوريين ضد نقلهم – بأنه “غير المحتمل” أن تعامل السلطات البلغارية الأجانب بشكل ينتهك حقوق الإنسان.
وحكمت دائرة القانون الإداري بمجلس الدولة قبل أيام في حكمين يسمحان بنقله طالبي لجوء سوريين إلى بلغاريا.
وتقدم السوريان أولاً بطلب للحصول على اللجوء في بلغاريا ثم تقدما بطلب لجوء آخر في هولندا بعد أن وصلا إليها.
الترحيل إلى بلغاريا
ولم يقم وزير الدولة المنتهية ولايته فان دير بورغ (شؤون الهجرة واللجوء) بمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم ويريد نقلهما إلى بلغاريا، لأنهما قد تقدما بطلب للحصول على اللجوء هناك لأول مرة.
وبلغاريا مسؤولة عن معالجة طلباتهم بموجب لائحة دبلن، لكن اللاجئان السوريان يرفضان ذلك، لأن الوضع في بلغاريا حسب رأيهم ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) لذلك فهما لا يريدان العودة إلى بلغاريا.
تسهيل السفر لدول أوروبية
على مدار أكثر من عشر أعوام فر عشرات آلاف السوريين إلى هولندا بحثاً عن مستقبل لهم ولأطفالهم وتشهد البلاد أزمة كبيرة بسبب ازدحام مراكز الإيواء بطالبي اللجوء والذي يشكل السوريون معظمهم.
ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مائة وثلاثون ألف وحصل معظمهم على الجنسية الهولندية فيما ينتظر البقية الحصول عليها بعد إستيفاء الشروط اللازمة وأبرزها اللغة الهولندية وإقامتهم لمدة خمس أعوام في البلاد.
ويلجأ عديد من السوريين لعدة طرق للوصول إلى هولندا والدول الأوروبية الأخرى بهدف تأمين مستقبل لهم ولأطفالهم.
ومن أبرز تلك الطرق الحصول تصاريح إقامة في بلغاريا أو اليونان ثم محاولة الوصول إلى دول أوروبية أخرى كألمانيا أو هولندا لطلب اللجوء فيها.
ويشكو مئات من طالبي لجوء معظمهم سوريون من الحاملين للإقامات اليونانية من فترات انتظار طويلة جداً للبت في طلبات لجوئهم في هولندا.
ولم تكن هولندا ترغب في معالجة طلبات حاملي الإقامة هؤلاء ومعظمهم أشخاص فروا من سوريا وكانت تريد إعادتهم إلى اليونان، لكن مجلس الدولة صرح العام الماضي أن وضع اللاجئين المعترف بهم في اليونان يمكن أن يكون “غير إنساني”.
وغالباً لا يكون لدى أولئك اللاجئين وظيفة أو منزل لأنه يتعين عليهم ترتيب ذلك بأنفسهم في غضون شهر من الاعتراف بهم كـ”لاجئين” لذلك فإن العديد من الحاصلين على إقامة في اليونان يعيشون في ظروف قاسية، وهم عاطلون عن العمل ومشردون، وتعتقد أعلى محكمة إدارية أن على هولندا أن تأخذ ذلك في الحسبان.
وما زالت السلطات الهولندية تنتظر معلومات جديدة من اليونان حول الوضع والتحسينات الممكنة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.
وفى وقت سابق أعربت ألمانيا وهولندا، عن قلقهما من سوء الأوضاع للاجئين في مخيمات اليونان.
كما طالبت عدة منظمات هولندية بجلب الأطفال من المخيمات اليونانية، لا سيما “مخيم موريا” الذي وقع فيه حريق أتى على معظم خيمه.
اقرأ أيضا:
– تسوية الأزمة السورية.. تفاصيل اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والمبعوث الأممي لسوريا
– أدلب معقل المعارضة السورية تلقى البنادق وتلعب الكرة