طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (14) دور محمد نجيب فى ثورة ٢٣ يوليو
بيان
من أكثر الأكاذيب التي يرددها أعداء عبدالناصر بشكل مستمر هى أكذوبة غدر عبدالناصر بمحمد نجيب والانقلاب عليه واعتقاله وتحديد إقامته لمجرد أن محمد نجيب كان يريد إرساء قواعد الديمقراطية في مصر وعودة الجيش إلى ثكناته وأن عبدالناصر لم يقبل ذلك وأطاح بنجيب.
وباستعراض دور محمد نجيب فى ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢ وتحديدا في ليلة تنفيذها وماسبقه من التخطيط لها نجد أن محمد نجيب لم يكن له دور من قريب أو بعيد سواء في تشكيل تنظيم الضباط الأحرار أو فى أى مرحلة من مراحل الثورة.
والشاهد هنا هو أنور السادات الرئيس الأسبق وأحد أعضاء مجلس قيادة الثورة و الذى يقبل أعداء عبدالناصر به وبشهادته وذكر السادات شهادته مرتين وليس مرة واحدة.
ففى عام ١٩٥٥ كتب السادات مقالا بجريدة الجمهورية عنوانه: “محمد نجيب يروى موقفه ليلة الثورة ويسأل جمال بالتليفون قائلا إيه الحكاية؟”.
أما المرة الثانية التى كتب فيها السادات شهادته على دور محمد نجيب فى ثورة يوليو فكانت في الصفحة رقم ١٢٠ من مذكرات: “البحث عن الذات”، والتى قال فيها السادات بالحرف الواحد مايلى:
“وفى الساعة الثالثة صباحا أتت جميع التمامات من جميع الوحدات فابلغت عبدالناصر والزملاء أعضاء مجلس قيادة الثورة وفى الحال اتصل عبدالناصر تليفونيا باللواء محمد نجيب فى بيته بحلمية الزيتون وأرسل عربة مدرعة أتت به إلينا فجرا”.
وقد صدّق محمد نجيب بنفسه على ماذكره أنور السادات وذلك في مذكراته: “كنت رئيسا لمصر”، وتحديدا في صفحة ١١٢ حيث قال بالحرف الواحد:
“كان على إن أبقى في منزلى حتى ينتهى الجزء الأول من الخطة وهو الاستيلاء على مقر القيادة ثم أنضم إلى الآخرين”.
ويؤكد محمد نجيب على نفس المعنى في صفحة ١٣٧ من مذكرات: “كنت رئيسا لمصر)”، بتأكيده للملك فاروق الأول أنه لايعلم شيء عن الوثيقة الأولى للتنازل عن العرش والتى أعاد الضباط الأحرار صياغتها مرة أخرى فى شكلها الذى وقعّه الملك فاروق.
……………………………….
وانتقل بك عزيزى القارىء إلى مرحلة التناقضات عند محمد نجيب وبداية هذه التناقضات ظهرت بعد نجاح الثورة وموافقة الملك فاروق على التنازل عن العرش مجبرا فقد أدلى محمد نجيب بحديث إلى صحيفة الأهرام كان عنوانه: “محمد نجيب يرد على فاروق.. الحرس الملكى لم يدافع عن الملك السابق بل إنضم إلى الجيش”.
وفى تناقض صارخ لمحمد نجيب مع نفسه نجده أنكر تماما ماذكره فى الحديث السابق لصحيفة الأهرام وذلك فى كتابه: “كنت رئيسا لمصر”، وتحديدا في صفحة ١٢٦حيث قال نجيب إنه أيقن أن اختياره لعلى ماهر كان موفقا بعد سماعه مادار فى الحديث بين الملك فاروق وعلى ماهر الذى أكد أن إحساسه بإنذار التنازل عن العرش الأول شديد اللهجة فرفض تقديمه للملك وأبلغه فقط بما فيها شفاهة، ولكن الملك قال أن القوات الموالية له أكبر من القوات الموالية للثائرين .
فلماذا لم يقم نجيب بإبلاغ على ماهر أن قوات الحرس الملكى انضمت للجيش؟
وكيف قبل نجيب حديث على ماهر وصدّقه وهو يعلم أن الحرس الملكى قد انضم للثورة؟
أما المرحلة الثانية من مراحل تناقض نجيب مع نفسه فتتعلق بقانون الإصلاح الزراعى الذى صدر يوم ٩ سبتمبر ١٩٥٢ لنجد أنفسنا أمام شخصين كلاهما محمد نجيب.
فمحمد نجيب الأول ذكر فى صفحة ٩٧ من كتابه: “مصير مصر)” موافقته على قانون الإصلاح الزراعى واعتباره وسيلة مجلس قيادة الثورة لتحويل الفلاح المصرى إلى رجل قادر على بناء وتنمية وطنه ولذلك تخلص محمد نجيب من حكومة على ماهر ليصدر القانون الذى غير مسار حياة الفلاح المصرى إلى الأفضل.
أما محمد نجيب الثانى فينكر كل ماسبق ويذكر عكسه تماما فى صفحة ١٥٩ من كتاب: “كنت رئيسا لمصر”، ويقول بالحرف الواحد:
“صدر قانون الإصلاح الزراعى رغم معارضتى ونزولا على رأى الأغلبية فقد كنت مع الضرائب التصاعدية وكنت أرى أننا سنعلم الفلاح الذى حصل على الأرض بلامجهود أو تعب الكسل والنوم فى العسل”
انظر المرفق الرابع بهذا المقال.
أما المرحلة الثالثة من تناقضات محمد نجيب مع نفسه فتتعلق بجمال عبدالناصر الذى تناوله محمد نجيب مرتين في مذكراته وكالعادة المرة الأولى تختلف تماما عن المرة الثانية.
ففى صفحة ٢١ من مذكرات: “مصير مصر” يقول محمد نجيب:
ذات يوم أحضر عبدالحكيم عامر أحد أصدقائه معه شابا تذكرت أنى قابلته في الفالوجا فى فلسطين وأعجبت بشجاعته في القتال واسمه جمال عبد الناصر، كان قد أصيب في المعارك وكاد يموت وبمجرد تعافيه رفض العودة إلى القاهرة وصمم على العودة إلى ميدان القتال”.
وفى صفحة ٨١ من مذكرات: “كنت رئيسا لمصر” يقول نجيب:
خلال شهور الحرب لم يلفت جمال عبد الناصر انتباهى لكنى أتذكر أنه كان يحب الظهور ويحب أن يضع نفسه في الصفوف الأولى والدليل على ذلك ماحدث فى الفالوجا حيث كنا نلتقط صور تذكارية ففوجئت بضابط صغير يحاول أن يقف في الصف الأول مع القواد وكان هذا الضابط هو جمال عبد الناصر ولكنى نهرته وطلبت منه العودة إلى مكانه الطبيعى في الخلف وعرفت بعد ذلك أنه لم يحارب فى عراق المنشية كما أدعى لكنه ظل طوال المعركة فى خندقه لايتحرك.
راجع المرفق الخامس بهذا المقال
المرحلة الرابعة من تناقضات محمد نجيب مع نفسه تأتى هذه المرة فى مذكرات واحدة هى “كنت رئيسا لمصر” وفى صفحة واحدة من المذكرات هى الصفحةرقم ٢٦٩ التى تمثل المرفق السادس بهذا المقال حيث كتب نجيب عن إصابة الميرغنى حمزة وزير الزراعة السودانى واحمد بدر المحامى فى حادث محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية.
لكنه عاد وأنكر هذه الإصابات في نفس الصفحة بقوله أن الحائط المواجه لإطلاق النار لم يكن به أى أثر للرصاص مما يثبت أن المسدس كان محشو برصاص فشنك.
ولمن لايعلم فإن محمد نجيب لم يكن عضوا في مجلس قيادة الثورة الذى كان يعرف قبل الثورة بإسم: “لجنة القيادة”، وكان عددها تسعة أفراد فقط هم:
جمال عبد الناصر، وعبدالحكيم عامر، وصلاح سالم، وكمال الدين حسين، وأنور السادات، وجمال سالم، وحسين إبراهيم، وعبداللطيف البغدادى، وخالد محيى الدين.
وبعد قيام الثورة تم إضافة خمسة أعضاء جدد هم:
محمد نجيب، ويوسف صديق، وعبدالمنعم أمين، وزكريا محيى الدين، وحسين الشافعى.
وهذا الأمر يؤكد عدم وجود محمد نجيب فى لجنة القيادة الأولى التى قادت تحركات الضباط الأحرار قبل قيام ثورة ٢٣يوليو طبقا للصفحة ١٧٦ من مذكرات خالد محيى الدين بعنوان: والآن أتكلم.
ونصل للمرحلة الخامسة من مراحل تناقض محمد نجيب مع نفسه وتتعلق بجماعة الإخوان المسلمين وكالعادة نحن أمام شخصين كلاهما محمد نجيب.
الأول كتب فى صفحة ١٢٢ من مذكرات “مصير مصر” مايلى:
هاجمت جماعة الإخوان المسلمين شباب هيئة التحرير وأصابوا ١٢ شخصا بجراح وأشعلوا النار في عربات البوليس ولم تكن الحادثة الأولى من نوعها وحذرنا البوليس بأنها لن تكون الأخيرة ولهذا قررت حل جماعة الإخوان المسلمين.
أما محمد نجيب الثانى فيذكر فى صفحة ٢٢٠ من كتاب “كنت رئيسا لمصر” مايلى:
لم أكن موافقا على حل الإخوان ولم أكن موافقا على البيان الخاص باسباب حلهم وأحسست أن موقفى أصبح في غاية الحرج فهل أنا موافق على كل هذا؟ ، أم رافضه وغير مقتنع به؟ ، أين أنا من كل هذا بالضبط؟ ، ولم أجد مفرا من تقديم استقالتى.
وعند نقطة العلاقة بين محمد نجيب والإخوان المسلمين ينتهى هذا المقال الذى يتضمن الجزء الأول من تفنيد أكاذيب محمد نجيب.
وفى المقال القادم إن شاء الله نستكمل الجزء الثاني وبه دور محمد نجيب كاملا مع الإخوان المسلمين في أزمة مارس ١٩٥٤ وفى حادث المنشية ١٩٥٤.
……………………………………………………………………………………..
– الموضوع فصل من الكتاب المعنون بـ: ” عبدالناصر بلاتشويه” الجزء الأول، لكاتبه طارق صلاح الدين.
اقرأ فى هذه السلسلة:
– طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (13) عبدالناصر لم يكن جارا لموشى ديان
– طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (12) طفح المجارى في ضريح الرئيس