رفعت رشاد يكتب: بريكس وعدم الانحياز
لم يخطىء من قال إن التاريخ يعيد نفسه فى دورات، وهذا المقال للكاتب الكبير رفعت رشاد، يرصد التشابه بين دورتين من دورات الزمان، عشرية الخمسينيات أو فترة عدم الانحياز، والعشرية التى نعيشها أو فترة “بريكس” ، المقال منشور فى صحيفة “الوطن” ونعيد هنا نشره:
تشابه كبير بين بريكس وعدم الانحياز . الهدف في الحالتين كسر الهيمنة الغربية التي تتحكم في العالم وتسيطر على الاقتصاد وبالتالي على السياسة .
في الخمسينات هب رجال من زعماء دول العالم المسمى بالثالث لحشد قواهم في تكتل سمي بحركة عدم الانحياز قاصدين أن يكون لهم كيانهم المستقل بعيدا عن قطبي القوة العظمى , أمريكا والاتحاد السوفيتي .
كانت مصر والهند ويوغوسلافيا على رأس الحركة التي بدأت من أندونيسيا ولعبت دورا سياسيا كبيرا في ذلك الوقت لكنها لم تترجم تعاونها إلى تعاون اقتصادي وبمرور الوقت تآكلت الحركة بعدما رحل زعماؤها وانهار الاتحاد السوفيتي.
في عهد حكم الرئيس الأمريكي نيكسون اتخذ قرارا منفردا قلب به موازين القوى الاقتصادية في العالم بعدما قرر أن يكون الدولار هو معيار العملات بدلا من الذهب الذي استمر العالم يعمل به سنوات طويلة.
ادى قرار نيكسون إلى توحش الدولار في مواجهة كل عملات العالم ولم يكن على أمريكا إلا أن تطبع الدولار حتى لو لم يكن مغطى بالذهب وبذلك لم تعد هناك عملة تنافس أو حتى تقف أمام الدولار وكانت أكثر الدول تضررا من ذلك دول العالم الثالث التي تستورد معظم احتياجاتها من الغرب خاصة الآلات وكل ماله علاقة بالتكنولوجيا وكذلك السلاح والحبوب.
في عام 2006 على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك اجتمع رؤساء دول البرازيل والهند والصين وروسيا ليقرروا إنشاء تكتل اقتصادي يضمه دولهم التي تعد الأكثر نموا والتي تمثل كتلة كبيرة ديموجرافية واقتصادية وجغرافية.
وفي عام 2009 بدأن تكتل ” بريك ” الذي تكون من اختصار بالحروف الأولى لأسماء تلك الدول بالترتيب (البرازيل – روسيا – الهند – الصين) اجتماعات رؤسائه وفي عام 2010 تقرر ضم جنوب أفريقيا ليضاف حرف س أو إس باللغة الإنجليزية ليصير الاسم بريكس.
أثبت التكتل فاعلية كبيرة خلال فترة وجيزة حيث تعامل أعضاء بريكس بعملاتهم المحلية في التبادل التجاري بينهم وهو ما خفف من وطأة التعامل بالدولار كما زاد حجم التبادل التجاري فيما بينهم وهو ما قلل اعتمادهم على الغرب.
وأسست دول بريكس بنكا للتنمية بلغ رأسماله الأولي 50 مليار دولار سيصل إلى مائة مليار دولار سددت كل دولة من الأعضاء خمس المبلغ.
وبعد الحرب الروسية الأوكرانية تقرر توسيع عضوية بريكس بضم عدد من الأعضاء ليكونوا تحت مسمى بريكس بلس على غرار أوبك وأوبك بلس.
كان عدد الدول التي تقدمت بطلب عضوية بريكس حوالي 40 دولة تم في المؤتمر الأخير لبريكس الذي عقد في جنوب أفريقيا مؤخرا الموافقة على عضوية 6 دول منها 3 دول عربية هي مصر والسعودية والإمارات بجانب إيران والأرجنتين وإثيوبيا.
قبول العضوية يتم بمواصفات ترتبط بمدى قابلية اقتصاد الدولة للتطور والنمو والموقع الجغرافي وأن تكون الدولة ذات موقع اقتصادي مؤثر في منطقتها وأن تكون عضويتها إضافة حيوية للتكتل.
وسوف تساهم الدول الجديدة في عضوية بنك التنمية الخاص بالتكتل وقد سددت مصر من حصتها 240 مليون دولار وسوف تواصل سداد بقية حصتها على أقساط وهو ما يتيح لها الاقتراض من البنك للمشروعات التنموية بجانب مزايا التجارة المتبادلة وكذلك الشراء من دول بريسك بالعملات المحلية وهو ما يقلل من الأثر السلبي للشراء بالدولار.
والسمة الأساسية في تكتل بريكس احتياج الأعضاء للتضافر الاقتصادي أو المصلحة وهو ما نأمل أن يكون دافعا لاستمرار التكتل لصالح الشعوب والدول الأعضاء .