أشرف التهامي يكتب: أيها السوريون الأمريكي يقايضكم: النصر أو الخبز
بيان
للأسف الشديد لم تعد هموم أغلب السوريين دحر أمريكا وهزيمة تركيا ، ولكن باتت همومهم المازوت والبنزين والخبز والراتب الضئيل ، حتى اختلطت بهم الأحداث من معاناة و قلة وفقر نتيجة الحصار الجائر وقانون قيصر الغاشم على الدولة السورية ونسوا أنهم يدفعون فاتورة النصر على الإرهاب و الحرب الكونية التي انهكت الدولة السورية وكافة أطياف المجتمع السوري .
لدرجة أنهم غفلوا أن الأمريكي والمجتمع الغربي بات يقايض الدولة السورية النصر ببعض الخبز .
فهل المقايضة هي الخيار الذي سينقذ الدولة والشعب من الأزمة التي تعصف بكافة الطوائف والشرائح بالمجتمع السوري؟
وهل سيستطيعون ا الربط بين الخبز و ما يريد أن يمليه الأمريكي و الصهيوني على الدولة السورية في غياب مناصرة الأخوة العرب لشقيقتهم الحنون سوريا التي لم تتخلى يوما عن قضايا وهموم أشقائها العرب من العراق و لبنان وفلسطين وغيرهم؟!.
فمن يربط العلاقة بين أمريكا وبين الخبز ، لابد وأن يسأل نفسه من الذي أحرق القمح السوري في أراضينا علنا؟
إنها أمريكا.
من الذي دمّر الليرة؟
إنها أمريكا.
من الذي يمنع الوقود عن محطات الطاقة؟
إنها أمريكا.
ومن الذي يمنع إعادة الإعمار وتشغيل مئات الآلاف كي يبقوا فقراء؟
إنها اميريكا.
ومن الذي أخذ خبزنا ونفطنا علنا وأمام عيون الدنيا؟
إنها أمريكا
فالسؤال الأهم الذي لابد و أن يعلمه جميع السوريين و الاشقاء العرب ماذا تريد أمريكا؟
لا أعتقد أنها تريد فقط موقفا تطبيعياً مع إسرائيل وسلاماً وهكذا نبوس بعضنا ونتصافح ويمضي كل منا لحاله؟
فهل نتذكر جميعا الأحلام العراقية عندما جاع العراقيون من الحصار وكانت شرطة الحدود الأردنية تصادر ربطات الخبز التي يأخذها العراقيون العائدون إلى بغداد بحجة الامتثال لقرارات الأمم المتحدة والفصل السابع؟
فلنتخيل ربطة خبز مع أسرة عراقية تصادر على الحدود مثل السلاح والمخدرات.
لماذا صار الخبز بقوة السلاح؟؟
فما يحدث حاليا بساحات الخيانة التي ينبح فيها كلاب الأعداء بشعارات مسمومة في السويداء و درعا و عفرين و شمال وغرب سوريا بدافع من وكلاء أعداء سوريا و الشعب السوري لا يتعدى ما نادى به العراقيون الذين قبلوا بالتخلي عن بلادهم وقيادتهم.
فأحلام العراقيين كانت مثل أحلام السوريين بسيطة: خبز ووقود وكهرباء وسفارات وأسفار مثل بقية الأمم الطبيعية التي لا تحارب ، وقبل العراقيون المقايضة بعدها تحت دغدغة الأحلام.
قبلوا بالاحتلال و اجتثاث البعث والتخلص من يوتيوبيا صدام حسين الذي يريد تحرير الكويت يوما وعربستان يوما آخر ورفع سمعة الماجدات العراقيات والعودة بأساطير حمورابي وآشور بانيبال.
ولكن هل أعطتهم أمريكا الخبز والوقود والمجد؟
طبعا لا ..
فالعراقيون على بحر من النفط ولكنهم لايزالون بلا كهرباء ولا ماء ولا خدمات ، وفوق كل هذا ، رغيف خبزهم مغمس بالدم ، بل وأعطتهم أمريكا حربا طائفية قتلت الملايين وأهدتهم داعش ، وانقسم العراق فعليا إلى 3 دويلات.
هل تعلم أيها السوري أن العراق بعد أن تخلص من فساد (البعث) هو من أكثر بلدان العالم فساداً ؟
والسبب هو أن أمريكا وضعت عملاءها في كل مفاصل الدولة العراقية ثم وضعت دستورا عراقيا لا يعمل إلا بالفساد والفاسدين ، لأنه دستور محاصصة طائفي ، به تصبح كل طائفة تشد الدستور والمصالح نحوها ، وهذا مايخلق طبقة فساد سميكة جدا في كل طائفة.
فهذه الطبقات هي التي تستفيد من التوتر الطائفي والانقسام وولاء الطوائف والفقراء ، وصارت مصالحها في إبقاء الدستور والانقسام ومصالحها التجارية صارت فوق مصالح العراق والعراقيين.
ونفس الطبقة الرثة موجودة في لبنان ودستوره.
ولكن ، هل استراح اللبنانيون وأكلوا الخبز وشبعوا المحروقات وسكبوا البنزين في نوافير البيوت ؟
الجواب طبعا لا.
اللبنانيون تحكمهم طبقة كثيفة جدا جدا من الفاسدين والطائفيين ، ولذلك نجد البنوك اللبنانية فارغة من الدولار والليرة للبنانية لا قيمة لها على الاطلاق ، ومع هذا لا يجرؤ أحد على أن يحاكم حاكم مصرف لبنان الذي تعيّنه أمريكا ، ولايجرؤ أحد على إبراز نتائج التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ، لأن أمريكا تريد أن تتهم حزب ، والخبز والكهرباء مفقودان مثل أي بلد محاصر.
لماذا لم ينفعهم النأي بالنفس رغم أنهم يعملون كل ما في وسعهم لإرضاء أمريكا ولا يشترون بدولار واحد من الصين أو روسيا ولا يستوردون الدواء من الصين أو ايران كي لا تغضب أمريكا.
ومع هذا ، لا ترحمهم أمريكا وتتركهم أذلاء متسولين بلا خدمات وحتى القمامة لايقدرون على إزالتها.
هل نتذكر أحلام العصافير في ليبيا التي خرج الناس لإسقاط الديكتاتور لأنهم شبعوا خبزا ولكن لم لم يشبعوا حرية ؟
وبعد الحرية صار الخبز والحرية مفقودين ، ولا يزال البحث جاريا عن بلد كان اسمه ليبيا ..
و لنسأل المجتمع الدولي و قبله أنفسنا ماذا تريد أمريكا كي تفرج عن القمح والمحروقات والليرة السورية الأسيرة ؟
إنها لا تريد موقع الرئاسة ولا يهمها من يحكم البلاد.
بل تريد موقع سورية واتجاهها وقتل خريطتها.
فالأمريكيون صريحون جداً ولا يناورون ويقولون أنهم لم يعودوا يقبلون بسورية الموحدة مهما قدم السوريون من تنازلات ، كما لن يقبلوا العراق الموحد وكما لن يسمحوا لمصر أن تبقى موحدة ..
ولذلك ، الأمريكيون يريدون فصل الجزيرة السورية كي تحرم السوريين من القمح والمحروقات إلى الأبد ..
ويريدون دولة إسلامية في إدلب برعاية أردوغان تبقى كالدمل والصداع في رأس سورية ..
وكيانا جنوبياً فارغاً من السلاح كي لا تنزعج إسرائيل ..
والباقي لكم بلا قمح ولا وقود ولا سلاح ..
وهذا هو طريق أمريكا الوحيد للنجاة ..
إما أن تقبلوا التقسيم ، أو أن تسمحوا بتغيير الدستور السوري في آستانة ، بحيث تقبلون بمحاصصة طائفية ، وعندها ستحصلون على ما حصل عليه العراقيون دون زيادة أو نقصان .. فساد كثيف جدا .. وزعماء طوائف فاسدون جدا .. وفقر وحرمان في بلاد مابين النهرين بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود مثل أي قرية في أدغال افريقيا .. وتعليم فاشل .. ومفرخة لداعش ..
فمشكلتنا ليست مع الأمريكي دوما ..
بل مشكلتنا مع من يريدون أن يرسموا بأيديهم خطوط التقسيم وخطوط الدستور الطائفي من أجل حفنة من الدولارات أو فيزا ..
فكان من الأولى أن نتظاهر ونملأ الميادين لنطالب الرئيس الأسد أن يأذن بإطلاق الرصاص على الأمريكي وبإعلان انطلاق المقاومة في الشرق السوري بشكل كامل ..
و بدلاً من أن يتقاتل السوريون على محطات الوقود ، أن يتظاهروا للمطالبة بتحرير الجزيرة السورية كي تتوقف أزمة الوقود وأزمة الخبز نهائيا ..
خبزكم هناك ..
وقمحكم هناك ..
وماؤكم هناك ..
ونفطكم هناك ..
وعدوكم هناك ..
فهل تظنون أن أمريكا لا تراكم وأنتم تثرثرون عن الوضع المعاشي الصعب ؟؟
فلا بد أن تعرفوا أن الطابور الخامس بينكم يكتب كل يوم ويصور الطوابير كل يوم ..
ولكن إن كتب هذا الطابور تقاريرا لأميريكا ينقل فيها أن الناس غاضبون من القيادة السورية لأنها لا تحرك الجبهة الشرقية ، وأن هناك غليانا يطالب بإطلاق مقاومة شعبية واقتلاع رأس أمريكا من الشرق ،
فإن أمريكا سترسل بدلا من حاملات الطائرات بواخر تحمل الطحين والسكر والوقود مع بطاقة اعتذار .. وستترك الجزيرة السورية وتغادر ..
ولكن كلما رأت أمريكا مثل ساحات الخيانة و العمالة تمتلئ ، ترسل حاملات الطائرات والمزيد من الجنود ، فالهدف يقترب من السقوط في السلة ، وستساعدهونهاعلى ذلك ..
فلم تغادر أمريكا. ولم تفرج عن القمح.. وعن الوقود. والماء. وكل شيء.
طالما أنكم لا تعرفون أن من يسبب هذه الكوارث ليس سوء الإدارة ولا الفساد الحكومي بقدر ما هو سرقة مواردكم وأموالكم أمام عيونكم ..
والبعض منكم فوق كل هذا ، يتبرّم ويتأفف ويطلب حلا .. والبعض يطلب أن نغير سياسة المواجهة ..
ونصبح أصدقاء أمريكا وكأنه لم ير الأميريكيين يحرقون حقول القمح السورية علنا .. ويستولون على النفط علنا .. وكأنه لم ير ماذا حصّل العراقيون من أمريكا بعد أن أحرقوا لهم بلادهم .. وماذا حصل الليبيون بعد أن أحرقوا لهم بلادهم .. وماذا حصّل اللبنانيون ..
أمريكا
لن تعطيكم القمح ..
ولا الوقود ..
ولو فرشتم لها دمشق بالأعلام الأمريكية ..
ولو غطيتم قبر صلاح الدين بالعلم الأمريكي ..
وكللتم منارة الجامع الأموي بالعلم الإسرائيلي ..
نحن شعوب يجب أن تفقد إرادتها ، وأن تبقى تتسوّل الخبز والوقود والماء والحياة ، ويجب أن تقسم أرضها وتصبح أحلامها أن تعود إلى سايكس بيكو الكبيرة
ارجعوا أيها السوريون من تلك الساحات الرثة وتوجهوا إلى ساحات العز وطالبوا الرئيس أمام عدسات الكاميرا أن يعطي الإشارة بتحرير الشرق السوري.
وصدقوني إذا علم بايدن وإدارته بهذا الغضب الشعبي السوري ، فستنعمون بخيرات بلادكم كما تريدون ..
وسترون نوافير السبع بحرات تفيض بالبنزين ..
وتجدون أن الخبز سيعلق على الأشجار في الحدائق بدل بالونات الزينة ..
وقد يستعمل بدل الورق في المدارس والمكاتب الحكومية ..
الأمريكيون يخافون الشعوب التي تعلم الحقيقة .. ويستبيحون الشعوب التي تعميها الأنانية والجهل ..
ولكم ولكل الشعوب العربية الخيار .
اقرأ أيضا للكاتب:
– أشرف التهامى يكتب: معركة الوعي وفرضية عمل عسكري أمريكي شرق سوريا