«بريكس» بعيون إسرائيلية.. بعد انضمام مصر للتكتل
ترجمة: أشرف التهامي
مقدمة:
مركز ألما للأبحاث ، هو مركز إسرائيلى، وكما يقدم نفسه على موقعه بشبكة المعلومات “الإنترنت”، هو منظمة غير ربحية، مهمتها جعل المعرفة الجيوسياسية المتعمقة حول الشرق الأوسط في متناول المتحدثين باللغة الإنجليزية.
ويهتم المركز بشكا أساسى بتأثير الصراع على الحياة بالقرب من حدود إسرائيل.
كما يتناول عمل المركز المناخ الثقافي المتغير والاتجاهات الحالية في المجتمعات الإسلامية في ضوء الأحداث الأخرى في البلدان المجاورة لإسرائيل، مع التركيز على كيفية تأثيرها جميعًا على التحديات الأمنية التي يواجهها جيش الدفاع الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية المضطربة لإسرائيل.
ومن المنطلقات السابقة يأتى اهتمام المركز بالتطور الأخير الذى طرأ على تكتل “بريكس” بانضمام 5 دول للتكتل منها 3 دول عربية ، على رأسها مصر، بالإضافة إلى إثيوبيا، وإيران.
وحمهورية إيران الإسلامية تحديدا، تمثل الآن تهديدا كبيرا لإسرائيل، ويبدو هذا جليا من الدراسة التالية، التى انجزها مركز “ألما” الإسرائيلى للأبحاث ، والتى نقدم فى التالى ترجمة كاملة لها.
الدراسة
منتدى البريكس هو منظمة دولية تضم البرازيل و الهند و الصين و جنوب إفريقيا، المهمة الرسمية للمنظمة هي تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات، مع التأكيد على المساواة بين أعضائها، و مع ذلك فإن أنشطة المنظمة تهدف في الواقع إلى تقليل اعتماد أعضائها على الاقتصاد الغربي، الذي تهيمن عليه مجموعة السبع.
والهدف من ذلك هو إنشاء مركز قوة اقتصادية و جيوسياسية منافس لمركز قوة الولايات المتحدة الامريكية و الغرب مع إنشاء نظام إقصاد بديل.
أنشئت المنظمة بمبادرة روسية في عام 2006 وهي في شكلها وقوامها الحالي منذ عام 2010، وقد تم إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة وتعزيزه بمرور الوقت من خلال المؤتمرات والاجتماعات السنوية، وتنسيق السياسات في مجموعة متنوعة من المجالات.
ومن أجل مصلحة البلدان الأعضاء فيها أنشأت المجموعة بنكاً مستقلاً ألا وهو بنك التنمية الجديد.
ومع ذلك فمن المهم تسليط الضوء على أن هذا ليس كياناً ذو هوية موحدة، وهناك فوارق جوهرية بين الدول الأعضاء من حيث الأهداف والنظرة العالمية والفلسفة والعلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية وعوامل أخرى،
على سبيل المثال، في حين تسعى روسيا والصين جاهدتين إلى إضعاف المكانة العالمية للدولار الأمريكي بسبب تنافسهما مع الولايات المتحدة الامريكية وهيمنتها ولكن الهند لا تشترك بالضرورة في نفس وجهة النظر.
وفي المؤتمر السنوي الاخير للمنظمة الذي عقد في أغسطس في جنوب إفريقيا أعلن أن إيران والمملكة العربية السعودية ومصر وأثيوبيا و الارجنتين والإمارات العربية المتحدة سينضمون إلى مجموعة البريكس ، ومن المتوقع أن يبدأ انضمام تلك الدول حيز التنفيذ في يناير2024.
وتهدف إضافة تلك الدول إلى تعزيز مكانة المنظمة باعتبارها لاعباً عالمياً رئيسياً في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والعلاقات الدولية ، بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يعزز هذا الإجراء طموحات الدول الأعضاء في إنشاء نظام اقتصادي بديل.
كما أن إضافة الأعضاء الستة الجدد إلى المنظمة ليس من قبيل الصدفة بل للقدرة على إحداث تغييرات جيوسياسية عالمية طويلة المدى، وتتأثر تلك التغييرات بعدة عوامل:
يمثل سكان دول بريكس الـ (11) نحو 45% من سكان العالم.
في المستقبل غير البعيد سيصل معدل التعداد السكاني في دول مثل الهند ومصر وأثيوبيا إلى أن تمثل المنظمة ما يقرب من نصف سكان العالم.
علاوة على ذلك من المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لدول البريكس إلى حواليي 30 تريليون دولار في عام 2023، وهو ما يمثل ما يقرب من ثلث الناتج المحلي من الإجمالي العالمي، وبناءً عليه تتجاوز المنظمة الناتج المحلى الإجمالي لدول مجموعة السبع مجتمعة.
و تجدرالإشارة إلى أن صادرات الدول الأعضاء في المنظمة من السلع وحصتها من السوق العالمية تبلغ بالفعل حوالي 25%
و تقدم المنظمة أيضاً أرقاماً مثيرة للإعجاب في مجالات الطاقة و المعادن، و بعد انضمام هذه الدول من المتوقع أن يشكل إجمالي إنتاج النفط في المنظمة ما بين 40% إلى 45% من إنتاج النفط العالمي، متجاوزاً إنتاج دول أوبك الذي يمثل 35% إلى 40%.
طالع المزيد:
-
الحكومة توافق على إنشاء وحدة «البريكس» بالمجلس لبحث ملفات التعاون مع التجمع
-
د. إسلام جمال الدين شوقي: انضمام مصر لـ «بريكس».. والنظام العالمي الجديد
تمتلك روسيا وإيران بعض أكبر احتياطات الغاز في العالم، في حين أن الصين والهند من بين أكبر مستهلكي الغاز و النفط في العالم.
في مجال التعدين تصنف الصين والبرازيل والارجنتين حاليا بين الدول الخمس الأولى من حيث احتياطات الليثيوم، في حين أن الدول الأخرى لديها صناعات تعدين متطورة للجرافيت والزنك والنحاس والرصاص والحديد والمعادن الأساسية الأخرى.
كما إن نجاح بريكس في إنشاء نظام اقتصادي بديل سيغير مراكز القوى في العالم وسيقوض الهيمنة الغربية مما قد يدفع ما يقرب من 40 دولة إضافية إلى التقدم بطلب العضوية.
ومن بين الدول الأربعين الطالبة للعضوية كوبا وفنزويلا وبوليفيا ونيجيريا والكونغو والجزائر وكازاخستان وإندونيسيا وماليزيا.
وعلى الرغم من أنه ليس من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في قوة المنظمة فيما يتعلق بتلك الدول إلا أنها تظهر تأثير روسيا والصين ورغبة العديد من الدول في تغيير النظام الاقتصادي والسياسي الحالي.
في ضوء كل هذا من المحتمل جداً أن يتأثر الشرق الأوسط أيضاً بمجموعة البريكس.
ويبدو أنه من بين الاحتمالات العديدة قد يكون من المفيد الاشارة إلى تطورين رئيسيين محتملين:
أولاً:
قد يشير انضمام المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة إلى تحول في مواقفهم تجاه الولايات المتحدة الامريكية ودورها في الشرق الاوسط، كما إن تدهور العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية في السنوات الاخيرة معروف جيدا. وكذلك الاحباط الذي يشعر به محمد بن سلمان من إدارة بايدن، ووصفه بمنتهك لحقوق الانسان وعدم الرغبة في السماح بصفقات الأسلحة، وغياب الرد الأمريكي على العدوان الإيراني، و تحويل الاهتمام الأمريكي إلى آسيا، و عوامل أخرى في هذا الإستياء.
وقد ساهمت هذه العوامل إلى جانب رغبة المملكة العربية السعودية في الحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية كبرى في الشرق الأوسط، في مناشدة العائلة المالكة المملكة العربية السعودية البحث عن قنوات دبلوماسية إضافية لدعم تطلعاتها.
كما ينعكس ذلك من بين أمور أخرى في إعادة العلاقات مع إيران عبر الوساطة الصينية ، و تنسيق إنتاج النفط مع روسيا، و الانضمام إلى مجموعة البريكس ، و في الوقت الحالي بعد هذا السيناريو أقل احتمالاً ، لكن إنضمام المملكة العربية السعودية إلى المنظمة قد يؤدي إلى تقاربها للمحور الروسي الصيني الإيراني في المستقبل.
ثانياً:
وينطبق الشيء نفسه على مصر، التي تدهورت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بسبب نقص الدعم لمبارك إبان الربيع العربي و ما تلا ذلك، ومن المحتمل أن يفتح قرار مصر بالانضمام إلى مجموعة البريكس آفاقاً جديدة في ضوء التحول في السياسة الأمريكية تجاه مصر ،و تقليص التدخل الأمريكي في المنطقة ،و النفوذ الإيراني المتزايد ، و الدخول المتسارع للصين كلاعب رئيسي في المنطقة ،و في إفريقيا و الشرق الأوسط.
ثالثاً:
كما أن هناك تأثير آخر محتمل على الشرق الأوسط ينبثق من انضمام إيران إلى مجموعة البريكس ، وعلاقات إيران مع الدول الأعضاء في المنظمة معروفة جداً ، خاصة مع روسيا و الصين و البرازيل.
وقد تم تقديم طلب عضوية إيران رسمياً في العام الماضي ، لكن المفاوضات مستمرة منذ عدة سنوات ، و هذه فرصة استثنائية لإيران لتحسين وضعها الاقتصادي و السياسي و التخفيف من تأثير العقوبات و العزلة الدولية .
ومن الممكن أن يؤدي قبول إيران في المنظمة إلى فتح العديد من الأسواق التي كانت مقيدة سابقاً ، سواء لتصدير النفط و الغاز و غيرها من المنتجات، فضلاً عن استيراد العديد من السلع الاستهلاكية التي تفتقر إليها إيران.
بالإضافة إلى ذلك ، ستتمكن إيران من الحصول على مختلف الخدمات المالية و الاقتصادية من خلال بنك البريكس ، والتحايل على نضام الدفع العالمي(سويفت) المحظور بالنسبة لإيران منذ عام 2018.
وحقيقة الأمر من المؤشرات على الإمكانيات الاقتصادية الكامنة في عضوية إيران أن التجارة بين إيران و الأعضاء الخمسة المؤسسين للمنظمة زادت بنسبة 14% لتصل إلى 38 مليار دولار في عام2022.
رابعاً:
كما دفعت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب تصرفاتها في الحرب على أوكرانيا ، إلى تعزيز آلية تجارية تلتف على العقوبات الغربية و تمتنع عن استخدام الدولار، خاصة في قطاع النفط و الغاز .
و هكذا أبرمت الهند مؤخراً عدداً من الاتفاقيات النفطية مع روسيا و الإمارات العربية المتحدة و دفعت ثمنها باليوان و الروبية.
ومن المحتمل أن تنضم إيران إلى هذه الدائرة التجارية ، و بالنظر إلى وضع إيران الحالي و علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تدعم بشدة التدابير الرامية للحد من استخدام الدولار ،كما يتضح من عدد من التصريحات التي أدلى بها الرئيس رئيسي.
و إذا تحقق هذا الاحتمال و بدأت إيران في تجارة واسعة النطاق مع أعداء المنظمة، فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، و يمكن أن يكون لهذا تأثيرات عديدة.
ومن المرجح أن تزيد إيران و توسع جهودها الإقليمية و دعمها للجماعات المسلحة و وكلائها من القوات المقاتلة في الشرق الأوسط ،و من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة الأنشطة العسكرية ،و كمية و نوعية الذخائر المقدمة إلى وكلائها ، ونفوذ إيران الاقتصادي والعسكري والسياسي في المنطقة.
ومن المتوقع أيضاً أن يؤدي هذا التعزيز إلى تعزيز موقفها فيما يتعلق ببرنامجها العسكري النووي، و قد تشعر إيران بالقوة الكافية للسعي للحصول على الأسلحة النووية، أو قد تستخدم موقفها لانتزاع تنازلات من الولايات المتحدة الأمريكية و الغرب بشأن مجموعة متنوعة من القضايا التي من شأنها أن تساهم في تعزيزها و عودتها إلى المجتمع الدولي، مع احتفاظها بمكانتها كقوة عظمى.. دولة العتبة النووية.
……………………………………………………………….
رابط الدراسة:
BRICS: An Alternative World Economy – Its Impact on the Middle East and Iran