لواء د. علاء عز الدين منصور: دول في الأقليم والعالم تسعى لتركيعنا وتتمنى عدم تقدمنا
منصور: بريكس تكتل اقتصادي يتحول إلى تكتل سياسي ثم تعاون عسكري - مجموعة بريكس ستصبح منافس قوي للاتحاد الأوروبي والكتلة الغربية والولايات المتحدة الأمريكية - وجود تعاون عسكري بين دول بريكس بعيد تماما عن الأحلاف - دول الخليج، تتعاون بشكل جيد مع روسيا بالرغم من ضغوط أمريكا - أوجه التحية لرجال القوات المسلحة المصرية الذين خاضوا حرب أكتوبر بأسلحة روسية قديمة - لابد أن يحترم العالم حق روسيا في حفظ أمنها القومي - هناك دول في الأقليم والعالم تسعى لتركيعنا وتتمنى عدم تقدمنا
حوار أجراه : عاطف عبد الغنى
طرف هذا الحوار شخصية ثرية تملك جانبى الدراسات العسكرية، والأكاديمية المدنية، ومتابع جيد للأحداث على كل الساحات، وهو ما ينعكس بدوره فى فهم مصالح الأمن القومى المصرى ، ومجاله فى الدوائر الأوسع العربية والإقليمية، والدولية.
هذا حوار مع اللواء دكتور علاء عز الدين منصور، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة الأسبق ومستشار مركز الفارابي للدراسات.
البداية مع “بريكس”
– “بريكس” حدث وحديث الساعة؟.. كيف يمكن أن يغير موازين القوى في المنطقة والعالم.. وماذا يعني انضمام مصر للتكتل، من وجهة نظركم؟
تجمع بريكس تم إنشائه منذ فترة كبيرة ومصر لم تكن منضمة إليه، وعندما أصبح أن يكون له شكل واضح استشعرت الدول الأعضاء أهمية انضمام مصر للمجموعة. وهذا يبين أن مصر لها ثقل إقليمي ودولي.
دعوة مجموعة البريكس للانضمام إليها لا تكن لأي دولة، بل توجه للدول الكبيرة فقط، ومصر لها ثقل إقليمي، بغض النظر عن الأزمات الاقتصادية التي تمر بها .
– هل انضمامنا لتجمع بريكس سيخفف بالفعل الضغط على احتياجنا للدولار ؟
هذا التجمع يخفف الحاجة للدولار ملك السوق، لأن أمريكا تلوي ذراع العالم بخفض الفائدة ورفع الفائدة، ونحن نعتمد على الدولار بشكل كبير؛ لأننا نستورد أكثر مما ننتج، فبعد انضمامنا سيتراجع الاعتماد الدولاري بشكل كبير.
التعامل فيما بين أعضاء بريكس سوف يكون بالعملات الوطنية، وهذا يخفف الضغط على الاحتياج للدولار.
مجموعة بريكس ستصبح منافس قوي للاتحاد الأوروبي والكتلة الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، فلا يقل على 30 و 40 في المائة من تجارة العالم ستكون في هذه المجموعة.
الأمر الثاني إذا عدنا للتاريخ نجد أن الاتحاد الاوروبي “الناتو” كان تكتلا سياسبا ثم تحول لحلف سياسي عسكري أصبح يدافع عن مصالح أعضائه.
الوحدة الأوروبية بدأت بالسوق الأوربية المشتركة ثم تدرجت إلى الاتحاد الأوروبي، وهناك توجه الآن أن ينشأوا قوة عسكرية أوروبية خاصة، فهناك تفكير كي يستغنوا عن العباءة الأمريكية الضاغطة عليهم والمؤثرة على قراراتهم باستثناء بريطانيا.
بريكس تكتل اقتصادي يحافظ على مصالح أعضائه ثم يتحول إلى تكتل سياسي انتهاءا بقوة عسكرية تستطيع الدفاع عن مصالح الأعضاء.
نرفض الأحلاف
– لكن مصر طوال تاريخها الحديث ترفض الأحلاف، وخاصة العسكرية، ولنتذكر موقفها من حلف بغداد مثلا.
وجود تعاون عسكري بين الدول بعيد تماما عن الأحلاف ولكن يحافظ على مصالح الأعضاء، ويسمح لكل دولة أن تنسحب في أي توقيت .
– هل يسمح الغرب بمثل هذا الأمر ؟
هو لا يسمح ولكن لا يستطيع فعل شئ.
أمريكا تعمل بنظام الضربات الاستباقية والوقائية لا تنتظر الخطر، وإسرائيل حليف امريكا، وأمريكا تعاملت مع بعض دول العالم بهذه الطريقة مثلما فعلت في أفغانستان والعراق ومافعلته إسرائيل في العراق، وضرب أمريكا لليبيا، هذه تدخلات من أمريكا لأنها الأقوى.
ضرب إسرائيل للمفاعل النووي العراقي تم بتوثيق أمريكي، لأنهما يعلمان جيدا أن العراق لن تستطيع الرد عليهم، لكن المثال الحي لم تستطع إسرائيل ولا أمريكا ضرب إيران، لانهما يعلمان أن اغيران لها يد طولى ولديها صواريخ تصل إلى إسرائيل وإلى مصالح والقواعد الأمريكية في الدول الخليجية.
الغرب مجبر على تجمع بريكس، ففي الماضي أمريكا إذا احبت الاعتداء على دولة تفعل ذلك، لكن في العصر الحديث موازين القوى تغيرت، وذلك بسبب روسيا.. هناك قوة جديدة تستعيد مجد الاتحاد السوفيتي، دول العالم الثالث بدأت تلتفت لروسيا بأنها تقف لأمريكا.
التعاون مع روسيا
– ماذا عن التعاون مع روسيا ؟
بدأت بعض الدول تتعاون مع روسيا بشكل جيد منها دول الخليج، بالرغم من ضغوط أمريكا، ومصر دولة لها تاريخ وحضارة، وكان لها كلمة مسموعة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وبدأت تستعيد هذه المكانة الآن.
تعاون مصر مع دول بريكس وخاصة روسيا شجع بعض الدول مثل الإمارات والسعودية – باستثناء الكويت – أن تبتعتد قليلا عن أمريكا، بالرغم من الحفاظ على المصالح، وخرجنا من عباءة استيراد السلاح من أمريكا، بل أصبح السوق العالمي متاح أمامنا، وأصبح لدينا حرية الاختيار على المستوي العسكري والسياسي.
.. والصين
– وماذا عن الصين ؟
الصين لها ثقل اقتصادي وسيبقي لها تأثير كبير مستمد من بريكس، واستيراد مصر بنسبة كبيرة من الصين على مستوي الصناعات وتكنولوجيا السيارات باستثناء الاغذية، اكبر دولتين في هذا التجمع روسيا والصين وهما اللذان يقودان هذا التجمع، الصين تدخل دول العالم وتجد لها نفوذ من خلال الاقتصاد.
متى تنتهى الحرب الروسية – الأوكرانية؟
– ننتقل إلى ملف الحرب الروسية الاوكرانية ؟
أمد الحرب طال جدا، ففي شهر فبراير 2022 نظمنا ندوة في المنتدي الثقافي ، توقعنا فيها أن الحرب ستحدث، وكنت متوقع أن الحرب لن تستمر سوى شهر أو شهرين لكنها طالت بدرجة غير متوقعة .
وهنا أود أن أعود بالزمن للوراء وأوجه التحية لرجال القوات المسلحة المصرية الذين خاضوا حرب أكتوبر، وكان بحوزتهم أسلحة قديمة جدا بعضها اشتركت في الحرب العالمية الأولى من دبابات ومدرعات، بالإضافة إلى أن باقي الأسلحة كانت قديمة، ورغم ذلك انتصرنا على العدو الإسرائيلي المدعوم بالأسلحة الحديثة من قبل أمريكا.
والجيش الروسي بسلاحه الحديث لم يستطع حسم المعركة، بغض النظر عن المكاسب والخسائر، في النهاية الحسم هو الهدف، الذى يعنى فرض الإرادة واخضاع العدو لمطالبي.
والحقيقة روسيا تواجه الغرب بالكامل وفي نفس التوقيت تحاول أن تنشأ تكتلات وناجحة في هذا الأمر.
طالع المزيد:
– مكونة من 11 بندا.. « الفارابى » يقترح مبادرة لحل الأزمة السورية
– لواء علاء عز الدين منصور يناقش مستقبل النيحر بعد الانقلاب.. على «النيل للأخبار»
– أهمها إطلاق حوار سورى – سورى.. 6 توصيات لمواجهة التغيير الديموغرافى ووحدة الدولة السورية
ولابد أن يحترم العالم حق روسيا في حفظ أمنها القومي، لأن روسيا تنظر أن وجود خط تماس لها مع حلف الناتو يشكل تهديدا لأمنها القومي.
فعلى سبيل المثال “مصر لها حق السيادة على نهر النيل كاملا، لا توجد مركب تستطيع السير في نهر النيل الا بإرادة مصرية خالصة، ونهر النيل يمر في وسط مصر، وقناة السويس تمر أيضا في وسط الأراضي المصرية، لكن هل سلطة مصر على قناة السويس مثل نهر النيل؟!.. الإجابة: لا، هناك قوانين دولية تحكم هذا الممر الملاحي العالمي، وبالتالي هناك أمن قومي بالنسبة للنيل ، وأمن قومي لقناة السويس.
ما أقصده هو أن حق الحفاظ على الأمن القومي يختلف من مكان لمكان، ولكن نظرتنا لنهر النيل تختلف عن قناة السويس لأن ظروفهما مختلفة، وبالتالي فمن حق روسيا أن تحمي أمنها القومي حتى الحدود البعيدة لجيرانها كي توجد فاصل بينها وبين حلف الناتو.
والاتحاد السوفيتي السابق فصلوا منه 7 دول ، وانضمت لحلف الناتو.. روسيا تدافع على ألا تكون أوكرانيا دولة عضو في حلف الناتو” .
الشأن المحلى
نتجه إلى الشأن المحلي.. كيف ترى أحوال مصر والمصريين ؟
أرى رغم هجوم الكثيرين وعددهم زاد على ما يحدث بشأن ارتفاع الاسعار أن الناس تتغافل عن شئ مهم وهو أن ما يتم على أرض مصر من إنشاءات مثل الكباري والطرق والمصانع، واستصلاح أراض، وومشاريع إسكان مكلف.. وهل كان هذا سيتم “ببلاش” ؟! .. هل هناك دولة في العالم استطاعت النهوض دون معاناة، وهذا ما حدث فى كوريا وسنغافورة وماليزيا دفعت هذه الدول الثمن كي تكون دول كبيرة، نحن درسنا التجرية كنجاح ولكن لم ندرس التجربة كمعاناة.
نحن نسير بخطوات أكثر من عادية، الدولة تنفذ على أرض الواقع، مشروع حياة كريمة على سبيل المثال، وهو من أفضل المشاريع في السنوات الأخيرة، وتبدلت معه حياة الناس في القرى والأرياف بعد تطوير المنازل وإدخال المياه والصرف الصحي ورصف الطرق والكهرباء.
وهناك دول في الأقليم والعالم تسعى لتركيعنا وتتمنى عدم تقدمنا ويظهرون أنهم أصدقائنا، ونحن لا نتقزم أبدا، نحن لدينا عقول وثروات هائلة ومصر تحاول ألا تصدر المواد الخام بقدر الإمكان.
وأقول لك أيضا إنه لا يوجد دولة في العالم ليس عندها فساد، في مصر الآن لا يوجد لأحد حصانة أمام الفساد، فالقانون على الجميع، حتى وأن كان هناك استثناء دون قصد ولكن نحن الآن أفضل من الفترات السابقة.