رفعت رشاد يكتب: عيد الفلاح

بيان

هذا مقال شارح.. يرد فيه الكاتب الكبير رفعت رشاد فى هذه المساحة الصغيرة على كثير من الاتهامات التى وجهت من أعداء ثورة 23 يوليو لقانون الإصلاح الزراعى.. هذا مقال ينصف الفلاح المصرى كما أنصفته هذه الثورة، المقال منشور فى صحيفة “الوطن” وهذا نصه:

الأرض لمن يزرعها. عبارة نقرأها ونسمعها كثيراً لكنها تبقى بلا معنى إذا لم تطبق وإذا لم تكن الأرض بالفعل لمن يزرعها.

كانت الأرض على مدى التاريخ عنواناً للثروة ورمزاً للسلطة والهيمنة، من يملكها يمكنه أن يحكم الآخرين لأنه يملك العمل والطعام.

وعلى مدى قرون طويلة استعبد البعض من بنى الإنسان أشقاءهم من بنى جلدتهم لمجرد أنهم بطريقة أو أخرى استطاعوا أن يملكوا الأرض وأن يلزموا الآخرين إذا أرادوا العمل والطعام أن يكونوا أجراء لديهم يكتفون بلقمتهم ومكان ينامون فيه.

يحفل التاريخ بقصص يندى لها الجبين عن الإقطاعيين وما فعلوه بالمزارعين الذين كانوا يعملون فى أراضيهم، ويكفى ما قرأناه عن تمسك الإقطاعى بليلة الزواج الأولى لكل من تتزوج من رعاياه وأن يكون رجلها الأول وليس زوجها الشرعى، وهو ما كان أحد أسباب الثورة الفرنسية بعدما نشرت مسرحية ليلة زواج فيجارو.

فى 9 سبتمبر عام 1952 – مثل يومنا هذا – صدر قانون الإصلاح الزراعى فى مصر، أى بعد أقل من خمسين يوماً من قيام الثورة.

كان الإصلاح الزراعى مستقراً فى ضمير قادة الثورة باعتباره الأداة الأولى لإصلاح الميزان المختل للعدالة الاجتماعية.

تحالف الإقطاع على مدى قرون لكى تتركز الثروة والجزء الأكبر من الأرض فى أيدى عدد صغير من الملاك لا يزيد على ألفى مالك كانوا يسيطرون على ما يزيد على مليون ومائتى ألف فدان، بينما كان أكثر من مليونى فلاح لا يملكون إلا 800 ألف فدان، أى أن متوسط ما كان يملكه الإقطاعى 550 فداناً بينما كان متوسط ما يملكه الفلاح أقل من الفدان!!

بعد 71 عاماً على الإصلاح الزراعى يمكننا أن نلقى نظرة موضوعية على ما جرى ونتائج ما حدث بالإصلاح الزراعى.

تم تحديد 200 فدان لكل مالك من الإقطاعيين تناقصت بعد ذلك إلى مائة فدان ثم إلى خمسين فداناً وتم توزيع الأرض على حوالى 230 ألف أسرة، استفادت مما يقرب من مليون فدان وصاروا ملاكاً وارتفع دخل الأسرة من 27 جنيهاً فى السنة قبل ثورة يوليو إلى حوالى 165 جنيهاً سنوياً.

كان لا بد من حد أقصى لملكية الأرض وتوزيع ما يزيد عن الحد الأقصى على صغار العاملين فى الزراعة، وتقديم القروض والمساعدات العينية والفنية للملاك الجدد حتى لا تقف أى عقبة أمام استثمار أرضهم على خير وجه.

ولتفادى آثار تفتيت الملكيات الكبيرة، تم تجميع الأراضى ذات المساحات الصغيرة فى وحدات زراعية تعاونية، يتم من خلالها الاتفاق على تقسيم كل أراضى القرية باعتبارها وحدة واحدة إلى ثلاثة أقسام متساوية، باعتبار أن الدورة الزراعية ثلاثية المواسم، ويتفق الفلاحون على المحصول الذى يزرع فى كل قسم منها، ويقوم كل فلاح بزراعة أرضه جميعها بالمحصول المتفق عليه فى الوحدة الزراعية.

كما أنه لتفادى تكرار زراعة محصول واحد لكل حيازة فإنه يجرى بينهم بدل زراعى ليتسنى لكل منهم الانتفاع بأنواع المحاصيل التى لم تزرع فى أرضه.

كان الإصلاح الزراعى حجر الزاوية فى عملية الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، الذى استهدفته الثورة ليعيد التوازن للمجتمع، فلطالما كان المزارع عرضة للاستغلال.

وقد تم تطبيق قانون الإصلاح الزراعى على أسس علمية أدت إلى رفع إنتاجية الأرض وتقوية الحافز على العمل والاستثمار لدى المزارع بعدما أدرك أن ثمار عمله تعود إليه لا إلى صاحب الأرض الغائب عنها أو إلى الدائن المرابى.

اقرأ أيضا للكاتب:

رفعت رشاد يكتب: الصناعات الثقافية

رفعت رشاد يكتب: مشاهد من المترو

زر الذهاب إلى الأعلى