خبير أسواق مال: 90 دولة و 10 آلاف شركة و 5 آلاف شخص يستثمرون فى اقتصاد الفضاء

كتب: على طه

مسمى جديد: “اقتصـاد الفضاء” .. ما هو هذا النوع من الاقتصاد، ومتى ظهر ؟!، وما هى استثماراته، وآلياته ؟!ومشاريعه، وأرقامه ؟!

ما سبق وأسئلة أخرى يجيب عليها خبير الاقتصـاد وأسواق المال د. إسلام جمال الدين شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي فى التقرير التالى :

د. إسلام جمال الدين شوقى
د. إسلام جمال الدين شوقى

يقول “شوقى” أصبح قطاع الفضاء من أحد أهم القطاعات الاستراتيجية التي تزداد أهمية يومًا تلو الآخر، خاصةً وأن هناك كثير من المستثمرين والشركات في دول العالم المختلفة بدأت تتجه نحو ضخ مزيد من الأموال في المشاريع المرتبطة بالفضاء، وذلك منذ بداية أول رحلة فضائية عندما هبط الإنسان على سطح القمر لأول مرة في عام 1969، حيث كان السباق والعمل في الفضاء مقتصرًا في السابق بين أكبر قوتين في العالم وهما الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي السابق.

تغيير المشهد

ويوضح ، تغير المشهد بعد ذلك التاريخ حيث انخفضت تكاليف إطلاق الرحلات الفضائية، وتم فتح الطريق أمام القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الفضاء، وأصبح في استطاعة الشركات الخاصة في دول العالم المختلفة إطلاق الصواريخ، ووضع الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، فالقطاع يمتلك إمكانيات هائلة تشمل أبعادًا اقتصادية كبيرة، حيث برز مصطلح اقتصاد الفضاء، والذي شهد نموًا كبيرًا خلال الأعوام الماضية، ليتخطى حاجز نصف تريليون دولار في عام 2022 وفي طريقه أن يصبح اقتصادًا تريليونيًا خلال السنوات القليلة المقبلة حيث يرتبط دخول المزيد من الدول إلى سباق الفضاء بتزايد الوعي بأهمية الفضاء وتقدم التقنيات الفضائية ما جعل الأمر أكثر سهولة وأقل تكلفة حيث هناك أكثر من 90 دولة تعمل في مجال الفضاء رغبةً في تحقيق السبق والإنجاز العلمي، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن هناك الآن أكثر من 10000 شركة، وحوالي 5000 مستثمر يشاركون في صناعة الفضاء.

طالع المزيد:

انفجار صاروخ وكالة الفضاء اليابانية خلال اختبار المحرك

ويضيف خبير الاقتصـاد وأسواق المال، شهد اقتصاد الفضاء مرحلة جديدة من النمو والتطور جنبًا إلى جنب مع التداخل والتحول العميق لقطاع الفضاء لكن هذا القطاع ليس قطاع نمو في حد ذاته فحسب، بل أثبت أيضًا أنه عامل تمكين رئيسي للنمو والكفاءة في القطاعات الأخرى مع مواصلة دمج الفضاء في الاقتصاد والمجتمع، وما هو يقودنا إلى ضرورة التعرف على ماهية اقتصاد الفضاء حيث يتم تعريف “اقتصاد الفضاء” وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على أنه مجموعة كاملة من الأنشطة واستخدام الموارد التي تخلق قيمة وفوائد للبشر في سياق استكشاف الفضاء والبحث عنه وفهمه وإدارته واستخدامه.

ومن ثمَ فهو يشمل جميع الجهات الحكومية والخاصة المشاركة في تطوير وتوفير واستخدام المنتجات والخدمات المتعلقة بالفضاء بدءًا من مرحلة البحث إلى مرحلة التطوير وتصنيع واستخدام البنية التحتية الفضائية (المحطات الأرضية ومركبات الإطلاق والأقمار الصناعية)، والتطبيقات الفضائية (معدات الملاحة، الهواتف المتصلة بالأقمار الصناعية، خدمات الأرصاد الجوية إلخ…) والمعرفة العلمية الناتجة عن هذه الأنشطة.

أبعد من قطاع الفضاء

ويواصل: يترتب على كل ذلك أن اقتصاد الفضاء يذهب إلى ما هو أبعد من قطاع الفضاء نفسه، لأنه يشمل أيضًا الفضاء الواسع الانتشار كما يشمل التأثيرات المتغيرة باستمرار (الكمية والنوعية) للمنتجات المشتقة من الفضاء، الخدمات والمعرفة في الاقتصاد والمجتمع، وبالتالي فإن اقتصاد الفضاء أكبر من قطاع الفضاء التقليدي (مثل الصواريخ والأقمار الصناعية) ويتضمن المزيد والمزيد من مقدمي الخدمات والمنتجات الجديدة مثل مطوري أنظمة المعلومات الجغرافية، وبائعي معدات الملاحة.

ونتيجة لذلك، فإن مفهوم اقتصاد الفضاء يساعد على فهم قطاع الفضاء للمنتجات والخدمات المشتقة، ولكن ينبغي للمرء أن يكون حريصًا على عدم توسيع هذا المفهوم على نطاق واسع من أجل فقدان الارتباط الفضائي والمخاطرة بالمبالغة في تقدير الآثار الاجتماعية والاقتصادية لقطاع الفضاء وبما أن اقتصاد الفضاء يتداخل مع العديد من المجالات، فإن المزيد من العمل المنهجي مستمر من أجل توضيح الخدمات المتعلقة باقتصاد الفضاء بمزيد من التفصيل.

مجالاته

ويشمل اقتصاد الفضاء عدة مجالات أهمها: التنقيب عن المعادن في الفضاء والمحطات الفضائية وشركات الفضاء والاستدامة وإعادة التدوير في الفضاء، كما تؤثر تكنولوجيا الفضاء في مجالات التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، ويؤدي نشر بنية تحتية فضائية جديدة إلى جلب فوائد للصناعات في مجال النقل والاتصالات والطاقة والنقل البحري والأرصاد الجوية والطيران، ولقد قام الإتحاد الأوروبي بإنشاء صندوق قيمته 1,1 مليار دولار لدعم الشركات الناشئة في قطاع الفضاء، بهدف تعزيز القدرات التنافسية لقطاع الفضاء، مما يُعدُ دعمًا نحو إطلاق الشركات الناشئة المتخصصة في قطاع الفضاء والعمل على تطوير التقنيات المستخدمة، وهو ما يجعل من كل هذه الأنشطة مُحركًا للنمو الاقتصادي، فضلاً عن توفير العديد من الوظائف في هذا القطاع.

اتجاه جديد

ويقرر “شوقى” لا شك أن هناك اتجاه جديد نحو استكشاف الفضاء من قبل العلماء والتركيز بالعلم على التكنولوجيا الحديثة مثل النانو والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، مما يؤدي إلى بزوع عصر جديد يمكن وصفه بالعصر الذهبي القائم على التركيز للسفر في الفضاء، وظهور جيل جديد من كبار رجال الأعمال على مستوى العالم من ذوي الثروات الضخمة في اقتحام مجال غزو الفضاء، أبرزهم إيلون ماسك وجيف بيزوس، ولديهم رغبة كبيرة في الاستثمار بهذا المجال ولقد أدى التوسع في سوق الفضاء إلى توقع العديد من التقارير أن الأرباح المحققة من الاستثمار في الفضاء ستكون هائلة، سواء كان ذلك عن طريق تطوير التكنولوجيا، أو عن طريق السياحة الفضائية أو من خلال خدمات الإطلاق، أو التعدين الفضائي وبالتالي يوجد فرص مالية لا محدودة.

ويُعدُ قطاع الفضاء من المجالات الحيوية للبشرية، فهو غني بالموارد الطبيعية والإمكانات العلمية والتكنولوجية، وبالتالي يمكن أن يساهم في إحداث التنمية الاقتصادية وتعزيز الاقتصاد الوطني للدول المختلفة، من خلال خلق فرص عمل جديدة وتطوير الصناعات التكنولوجية المتقدمة، وتحسين جودة الحياة حيث استطاع اقتصاد الفضاء تقديم خدماته من خلال خدمات الأقمار الصناعية، بما في ذلك الاتصالات والبيانات وجمع الصور وتحليلها، وهو التطور الذي شجع الشركات الكبرى على توظيفه والاستفادة منه في أداء مهام متعددة، كمراقبة المخزون في المواقع البعيدة، وعقد مؤتمرات الفيديو الدولية.

تقنيات جديدة

ويواصل: تم ابتكار تقنيات جديدة كالمستشعرات العالية الدقة، التي تعزز التقاط الصور ومعالجة البيانات والوظائف الأخرى، حتى بات بإمكان الأقمار الصناعية جمع وتحليل ونقل مخازن البيانات بصورة أكبر بكثير مما كانت عليه من قبل، ولقد ساعدت تلك التقنيات الحديثة الأقمار الصناعية في دعم بعض أهم الوظائف في شركات التعدين؛ إذ إن من شأن تحسين جودة الاتصال أن يؤدي إلى تحسين الإنتاجية في المواقع البعيدة، وتحسين جهود الاستكشاف من خلال تحديد المناطق الغنية بالمعادن.

كما تساعد الأقمار الصناعية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية حيث هناك عدد كبير من الأقمار الصناعية حول الأرض لتقييم آثار الاحتباس الحراري وكذلك البحث في أسباب التغيرات المناخية والأنشطة المتسببة في ذلك كقطع الأشجار على سبيل المثال، حيث تلعب الأقمار الصناعية دورًا كبيرًا في مساعدة الدول في مراقبة تآكل السواحل والتصدي لحرائق الغابات والكوارث الطبيعية والتي من شأنها أن تسهم بشكل ما في تفاقم أزمة تغير المناخ.

ولقد انخفض حجم ووزن الأقمار الصناعية في الأونة الأخيرة بشكل كبير بفعل التطورات التكنولوجية المختلفة، كالبطاريات ذات الكفاءة العالية والألواح الشمسية، وقد أدت تلك التغييرات إلى خفض تكاليف الأقمار الصناعية وجعل إمكانية إطلاقها وتشغيلها أصبح في استطاعة العديد من الشركات، ولقد أدى الطلب المتزايد على الأقمار الصناعية إلى تخفيض التكاليف؛ لأن المصنِّعين باتوا يحصلون على وفورات الحجم من خلال زيادة حجم الإنتاج، ولقد أدى ذلك إلى تغيير المشهد الفضائي بالكامل بفضل خفض التكلفة فأصبح هناك العديد من الأقمار الصناعية التجارية صغيرة الحجم، والتي تدور في المدار القريب من الأرض والذي يمكن أن يطلق عليه المدار الأرضي حيث بدأت الشركات الخاصة تتولى زمام المبادرة في عمليات الإطلاق الفضائية الجديدة.

التنمية والاستدامة

وينتهى د. إسلام جمال الدين شوقي بالقول إن: اقتصاد الفضاء يلعب دورًا مهمًا واستراتيجيًا في تحقيق مجاليً التنمية والاستدامة على كوكب الأرض، ويمكن إبراز وبلورة هذا الدور في مكافحة التغيرات المناخية، وتلبية رغبة البشر في الاستكشاف، وحماية الأرض من الكويكبات الضارة التي تتعرض لها من آن لآخر والتي يمكن وصفها بالكارثية، والحصول على موارد أولية من الفضاء، والاستفادة في مجال الصحة العامة، ومواصلة تطوير الفضاء الجديد في جميع أنحاء العالم؛ بما يخدم استراتيجية الدول في مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومي، ويؤدي دمج الفضاء في المجتمع والاقتصاد إلى خلق المزيد من القيمة والمزيد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للدول على حد سواء.

اقرأ أيضا:

د. إسلام جمال الدين شوقي: انضمام مصر لـ «بريكس».. والنظام العالمي الجديد

اقتصاد العربة التعريف والوظائف والمزايا والعيوب.. د. إسلام جمال الدين شوقي يشرح

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى