رفعت رشاد يكتب: سلامة موسى التنويري الطليعي

بيان

الكاتب الكبير رفعت رشاد يكتب عن سلامة موسى، وعندما تقرأ المقال سوف يصلك إحساس أن كاتب المقال يكتب عن شخص أحبه أو على الأقل أعجب به، طالع المقال التالى المنشور فى صحيفة “الوطن” وراجع ما قلناه آنفا، وفى التالى نص المقال:

كانت قضية المفكر التنويرى الطليعى الاشتراكى سلامة موسى أن يعرف، لم يكن يهتم بالثروة أو المنصب أو الزواج أو الأطفال أو الطعام والشراب.

عاد من رحلته إلى فرنسا ثم إلى إنجلترا فى بواكير القرن العشرين فكان همه الأول أن يعرف وأن يحدد قضيته التى يجب أن يناضل من أجلها.

قرر أن يناضل من أجل رحيل الإنجليز عن مصر وأن يتفرغ للفكر لإنقاذ المجتمع من الجهل والغيبيات.

صادَق سلامة موسى نخبة المفكرين آنذاك وأولهم أحمد لطفى السيد رئيس تحرير جريدة «الجريدة».

توافق موسى مع لطفى السيد فى تلك المرحلة وكان يحلم بطرد الإنجليز ويقول: لقد أحببت الشعب الإنجليزى لكنى أكره الاستعمار الإنجليزى، وكان يخشى إذا طردنا الاستعمار وانتصرنا على الاستغلال أن ننهزم أمام فكر العصور الوسطى المسيطر على العقول.

ولد «موسى» لأسرة ميسورة وتوفى والده وعمره سنتان لكن اهتمت به والدته وارتبط بها خاصة أنه قضى عامين فى طفولته مريضاً، وذهب موسى إلى كُتابين أحدهما مسيحى والآخر إسلامى وتعلم القراءة والكتابة وحفظ بعض آيات القرآن، لكنه كان يميل دائماً إلى تعليم نفسه ورغم التحاقه بعد ذلك بالمدرستين التوفيقية والخديوية إلا أنه فضل تثقيف ذاته، فقرأ ما كتبه شبلى شميل وفرح أنطون وتأثر كثيراً بكتابات لطفى السيد ومقالات الجريدة.

كان سلامة موسى قروءاً ولأنه انطوائى كان الكتاب أقرب صديق له وكان يقول: أتمنى أن أموت وعلى صدرى كتاب مفتوح.

تأثر سلامة موسى خلال وجوده فى إنجلترا بالاشتراكية وانضم إلى جمعية الاشتراكية الفابية التى كان على رأسها الكاتب الأيرلندى المشهور برنارد شو الذى التقاه سلامة موسى هناك.

كانت الجمعية منبثقة عن حزب العمال وتهدف إلى تطبيق الاشتراكية المثالية أو التى تتم تدريجياً وبدون عنف ثورى، وأعجب «موسى» بالإنجليز الذين كانوا يدعون إلى إنهاء احتلال بلادهم لمصر وهناك تعرف على جماعة العقليين وقرأ مطبوعاتهم المبسطة والرخيصة عن العلوم والاكتشافات.

وبعد عودته من إنجلترا ترجم ما وقر فى عقله إلى كتب فأصدر كتاباً عام 1910 عن السوبرمان واستند فيه إلى نظرية النشوء والارتقاء لداروين ثم أصدر كتاب «الاشتراكية» عام 1913 ضمنه وجهة نظر الفابية وكان بذلك من أوائل من كتبوا عن الاشتراكى بعد شبلى شميل.

من أهم كتب سلامة موسى «هؤلاء علمونى» الذى ضمنه ملخصاً عن 20 شخصية فلسفية فكرية علمية أدبية اعتبرهم أساتذته الذين تعلم منهم واكتسب المعرفة التى يتحمس لها ويناضل من أجلها.

ولم يذكر مع هؤلاء اسم كارل ماركس لكنه اعترف بعد ذلك أن أكثر الشخصيات التى أثرت فيه وتربى على أفكاره هو ماركس، وأنه يعتبره أهم فيلسوف ظهر فى التاريخ لكنه كان دائماً يتفادى ذكر اسمه خشية أن يتهم بالشيوعية وهى تهمة غليظة يمكن أن تلحق بصاحبها مصائب كبيرة.

وقال إنه أثناء عودته من فرنسا قرأ البيان الشيوعى وكان كلما قرأ ورقة فى السفينة قطعها من الكتاب وألقى بها فى البحر خوفاً من أن يُضبط والكتاب معه.

لكن بعد أن هزمت مصر العدوانى الثلاث عام 1956 كتب سلامة موسى ما اعتبره تهنئة لنفسه فقال: أجد الجمهورية التى اتهمت بالدعوة إليها تتحقق، وأجد دعوتى للتصنيع تتحقق، وأجد دعوتى للعلم والتقدم تتحقق، وأخيراً أجد ما اتهمت بحبه وهو الاتحاد السوفيتى يصبح فخراً بعد موقفه الأبىّ الكريم نحونا، وأجد مصرياً صميماً على رأس حكومتنا هو جمال عبدالناصر الذى نشأ فى عائلة فلاحين وتشمم تربة مصر، ولذلك أستطيع أن أقول: إننى انتصرت.

اقرأ أيضا للكاتب:

رفعت رشاد يكتب: نحن والسوفييت

رفعت رشاد يكتب: الهند أم العجايب

زر الذهاب إلى الأعلى