لماذا يعود المدمن المتعافى إلى الإدمان؟!.. د. إيمان عبد الله تجيب
كتب:
كثير من أقارب، وأهل وأصدقاء مدمني المخدرات، يشتكون من عودة المدمن المتعافى إلى التعاطى بعد خضوعه لفترة للعلاج، وتعافيه، وهو ما يسبب آلاما، ويضلع أهل المدمن، ويرهقهم معنويا وماديا.
وجهت “بيان” السؤال الآتى إلى د. إيمان عبد الله، خبيرة الإرشاد الأسري: لماذا يعود المدمن المتعافى إلى الإدمان؟!.
فأجابت فى تصريحات خاصة لـ “موقع بيان” بالآتى:
فى البداية لابد أن نعى أن ظاهرة تعاطى المخدرات هى عرض ونتيجة لسوء العلاقة بين ذات المتعاطى ، والموضوع، وهى عملية دينامية تكيفية وظيفية.
وشخصية متعاطى المخدرات تتصف بالانخفاض الشديد فى اعتبار الذات ومايترتب على ذلك من سلبية وتشاؤم وعدم ثقة بالموضوع أيا كانت صورته كوسيلة إشباع.
ميكانيزم دفاعى
وتواصل د. إيمان: إن كف العدوان كميكانيزم دفاعى تقوم عليه شخصية متعاطى المخدرات ويؤدى إلى نمو ضعف الذات والاعتبار المنخفض لها ، فضلا عن الصورة والمفهوم السيىء عنها، وذلك لأن الذات القوية الناضجة المستقلة تستلزم حدا أدنى من العدوان الصحى الناضج لتأكيد هذه الذات، وتمكين الفرد من اختبار الواقع الخارجى والداخلى، والسيطرة عليها (الذات) ، كما يتعنى (الذات القوية) كف العدوان وتجنب الخوف وعدم الشعور بالأمن ، أو العجز والقصور، وعدم الكفاية.
الرغبة فى تعاطى المخدرات.
وتوضح د. إيمان أن ظاهرة الرغبة فى المخدرات، وخبرة التخدير تعنى شيئا أكبر من مجرد رغبة كما يرغب الإنسان فى لون من ألوان الطعام أو فى امتلاك شى ما.
والرغبة الحادة فى المخدرات على النحو الذى نعرّفها عليه تنتقل من مفهومها العادى الى مفهوم نفسى “سيكولوجى” يعبر عن ظاهرة تقوم على حالة متكررة من الرغبة أو الحاجة الملحة لشىء ما أو موضوع ما يرتبط ارتباطا وثيقا بكيان الفرد أو وجوده.
وعلى الأساس السابق تختلف ظاهرة اللهفة للعودة للمخدرات عن الرغبة العادية فى أمور ثلاثة كالتالى:
– تتضمن شدة غير طبيعية فى الرجوع والاستجابة الانفعالية للفشل فى تحقيقها كالغضب الشديد والغليظ والتهجم والعبوس والانسحاب وغير ذلك من الارجاع الانفعالية والفسيولوجية الشديدة.
واللهفة وهو أمر هام تعنى تصورا شديدا فى القدرة على تعديل الرغبة كتركها أو استبدالها أو التخفيف من حدتها
واللهفه على المخدرات عنصر عام فى عملية الإدمان، وترتبط اللهفه بتاريخ وحجم الخبرة مع المخدر ويعيش بعض المدمنين شدة اللهفة بعد تجارب محدودة مع المخدر.
فاللهفه تاتى نتيجة لبناء وسياق نفسى معقد بين الذات والموضوع، ويقوم التخدير “تعاطى المخدر” بدور التمكين والتعزيز على أساس من تأثيراته فى تخفيض الإحساس بالالم وتقليل الوعى والشعور بالخوف والقلق والكدر الذى يعانى منه المدمن أصلا واللهفه التى نقصدها تكمن فى الآتى:
نتيجة لانخفاض اعتبار الذات ومشاعر القصور والعجز التى كشفت عنها دراسات شخصيات المدمنبن – يتلهف المدمن على المخدر والاستغراق فيه لأن ذلك يعطيه احساسا بالذاتية الشخصية، ومكانا فى مجتمع ما ، وشعورا بالانتماء لجماعة ما ، وإن كانت هذه الجماعة داخلية وهى جماعة المخدر، متعاطين وتجارا.
ومن ثم فان اللهفة على المخدر والاستغراق فيه تأتى بالنسبة للمتعاطى “المدمن” تعبيرا عن حاجتين:
1- الحاجة الى الشعور بالحياة والوجود عن طريق إحساسه بالذاتية الشخصية.
2- إحساسه بالنشوة الناتجة عن التخدير.
التكوين السلبى والاعتمادى
وتضيف د. إيمان : اذن التكوين السلبى والاعتمادى هو الأغلب لدى مدمنى المخدرات، فاللهفة تأتى تعبيرا عن الحاجة إلى الانسحاب من الحياة الايجابية ، كم تعبر عن الرغبة فى تفادى العدوان المثير للقلق وبالتالى المزيد من الإحباط والشعور بالعجز، والقصور.
ومع انخفاض الذات، ونقص القدرة على التعامل مع الواقع الخارجى والداخلى الأمر الذى يعالجه المدمن بالإنكار غالبا تصبح اللهفه تعبيرا عن الحاجة المزمنة للتخفيف من عناء الكدر والقلق والخوف والفشل وخيبة الأمل.
وهذه الحاجة هى الشرط الضرورى لقيام ونمو اللهفة على المخدر الذى يقلل بدوره من الوعى أو الشعور بمصادر الهموم، والكدر، والفشل، والخطر، عن طريق مايحدثه من مشاعر غامضة شائعة ومن الإرتفاع لعتبة الإحساس بالألم مع تضخيم فى الشعور بالذات.
درجة اللهفة
وتنتهى د. إيمان إلى التأكيد على أن الرغبة فى المخدرات ودرجة اللهفة عليها تتناسب طرديا مع درجة القلق والاكتئاب والمشاعر الدفينة للقصور والعجز وانخفاض اعتبار الذات والتى تنطوى عليها نفس المدمن أصلا.