د. هاني الجمل يكتب: من كييف.. رسائل أوربية قوية لموسكو
بيان
متى تضع الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها، وهل يمكن أن يطوّر الاتحاد الأوربي من دعمه لكييف؟ إذا كانت الإجابة على الشطر الأول من السؤال صعبة، فإن الاتحاد الأوربي أجاب على الشطر الثاني من خلال اجتماع وزراء خارجيته في كييف، في سابقة هي الأولى له ليبعث برسائل واضحة لموسكو بأنه سيواصل دعمه لأوكرانيا حتى تنتهي الحرب.
وفي هذا الإطار جاءت كلمات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل واضحة حينما قال: ” نعقد اجتماعاً تاريخياً لوزراء الاتحاد الأوروبي هنا في أوكرانيا الدولة المرشحة للعضوية والعضو المستقبلي في التكتل.. نحن هنا للتعبير عن تضامننا ودعمنا الشعب الأوكراني”.
وفي السياق ذاته، رأت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الاجتماع رسالة إلى موسكو تعكس عزم التكتل على الوقوف إلى جانب أوكرانيا، وقالت “إنه تعبير عن دعمنا الراسخ والدائم لأوكرانيا، إلى أن تتمكن من الانتصار، إنها رسالة أيضاً إلى روسيا بأن عليها عدم الاعتماد على احتمال إرهاقنا”.
ورغم تزايد الخلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مسألة دعم أوكرانيا، وفيما تحقق كييف مكاسب محدودة في هجومها المضاد ضد القوات الروسية، فإن لقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوربي في كييف يحمل أكثر من رسالة إلى موسكو وإلى بعض الدول الأوربية القليلة التي تتحفظ على دعم كييف عسكرياً خاصة سلوفاكيا والمجر، أقرب حليف لروسيا في الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد فوز الحزب الشعبوي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السلوفاكي السابق روبرت فيكو في الانتخابات التشريعية أخيراً.
ولقد حرص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على أن يؤكد للأوربيين أن مدة الحرب التي دخلت الآن شهرها العشرين، ستتوقّف تماماً على الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من حلفائها.
وحضّ زيلينسكي، الاتحاد الأوروبي، على توسيع نظام عقوباته على روسيا وإيران التي زوّدت القوات الروسية بطائرات مسيّرة هجومية، داعياً إلى “تسريع” عمل الكتلة لتوجيه الأصول الروسية المجمدة لتمويل إعادة بناء أوكرانيا التي دمّرتها الحرب.
كما حرص وزير خارجيته دميترو كوليبا على ترحيب أوكرانيا بعقد الاجتماع الأوربي على أرضها ووصف ذلك بأنه حدث تاريخي، إذ تلتقي إرادة 27 دولة أوربية على دعم كييف منذ بدء الحرب، وفرضت على روسيا عقوبات شديدة وأنفقت مليارات اليورو على الأسلحة لكييف.
ورغم التأكيد الأوربي على دعم أوكرانيا عسكرياً ومادياً، إلّا أن عين المراقب لا يمكن أن تغض الطرف عن المخاوف المتزايدة من ظهور تصدعات داخل الاتحاد الأوروبي مع تزايد القلق أيضاً بشأن دعم الولايات المتحدة، لأوكرانيا التي تحقق مكاسب محدودة في هجومها المضاد ضد القوات الروسية.
وفي المقابل، توقع الكرملين – الذي كان يراهن على سقوط سريع لأوكرانيا -، تزايد التعب الأوربي من دعم كييف، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، إن “التعب من الدعم العبثي تماماً لنظام كييف سيتزايد في بلدان مختلفة، لا سيما في الولايات المتحدة التي تصر على أن دعمها العسكري والسياسي القوي لأوكرانيا لن يتزعزع.
وفي هذا الإطار يقول راجان مينون كبير الباحثين في معهد “سالتزمان” لدراسات الحرب والسلام بجامعة كولومبيا إن الجيش الروسي ليس نمراً من ورق، لكن الدرس الصحيح الذي يجب استخلاصه من الحرب في أوكرانيا هو أن الأوروبيين قادرون تماماً على الدفاع عن أنفسهم.
خلاصة القول: من الواضح أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا لن تتوقف دون تحرك أوربي وأمريكي أكثر فعالية، وإلّا لن يتوقف بوتين عن خططه العسكرية ضد هذه الدولة الملاصقة لحدود بلاده والتي ستنضم قريباً إلى الاتحاد الأوربي.