د. هاني الجمل يكتب: بايدن ونتنياهو والتتار الجديد

بيان
هل نحن نعيش فعلاً في عالم متحضر يعلي من القيم الإنسانية ويحترم القانون وينصر الحق؟ أم نعيش ما فعله التتار في بغداد عاصمة الخلافة العباسية عام 656 هجرية الموافق عام 1258 ميلادية، حيث اجتاحوها بعد أن حاصروها وقصفوها بالمجانيق؟ فغزة التي شهدت مجزرة يندى لها التاريخ، تجاهلها بايدن الذي جاء ليؤكد دعمه القوي للعدو الاسرائيلي ويرى أن “الجانب الآخر” هو المسؤول عن الانفجار الذي وقع بمستشفى المعمداني وليس إسرائيل”.

أي حماقة تلك التي يرتكبها الرئيس الأمريكي الذي غض الطرف عن كل المجازر الإسرائيلية وتعامى عن حقيقة ما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة، وبدلاً من يدين تلك الأعمال الوحشية، قال كذباً ” حماس ارتكبت فظائع في إسرائيل وعلينا أن نوفر لها كل ما تحتاجه للرد على ذلك، وأن الولايات المتحدة ستتأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.

أكتب تلك الكلمات وقلبي يعتصر دماً على الشهداء الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم وهويتهم أمام جحافل التتار الجديدة ومن يساندهم من الغرب المتلون الذي خرق آذاننا بالحديث عن حقوق الإنسان والحرية والديموقراطية والشعارات الكاذبة الأخرى.
وبلغة أكثر وضوحا نقول إن الولايات المتحدة ومعها معظم العواصم الغربية تحاول جاهدة استغلال ما جرى خلال الأيام الأخيرة لتمرير صفقة القرن التي تنص على تهجير الفلسطينيين قسرياً من وطنهم والزج بهم في سيناء مقابل تقديم مساعدات اقتصادية لمصر ورفع الديون عنها.

وقد نتفق أو نختلف مع سياسة الرئيس السيسي في بعض القضايا الداخلية أو حتى الخارجية – وليس في ذلك عيب – ولكن نصطف وراءه جميعاً وهو يؤكدها صراحة، من أنه “لا يمكن السماح بالتهجير القسري للفلسطينيين”، واقترح نقل المدنيين من غزة إلى صحراء النقب الإسرائيلية، فتهجير” الفلسطينيين من غزة إلى مصر – كما أكّد السيسي – قد يؤدي إلى “تهجير” آخر من الضفة الغربية إلى الأردن، وإن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية.

وفي هذا الإطار أكّد مصدر سيادي أن القاهرة لن تسمح بإجلاء الرعايا الأجانب من القطاع وأن التصعيد سيقابل بتصعيد. جاء ذلك ردا على تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم فتح معبر رفح لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
تلك هي قاهرة المعز التي نعرفها وتلك هي مواقفها الثابتة التي تثلج صدور المصريين والعرب والمسلمين لأنها تعبر بوضوح عمّا يدور في عقولهم وما يشغل نفوسهم وما يجول في خواطرهم.
ولا يمكن لعين المراقب أن تغض الطرف عمّا يجري بين واشنطن والعواصم الغربية وما يحاك بليل وما يشهده البحر الأبيض المتوسط من تحركات عسكرية أمريكية وتركية وموقف إيران وحلفائها بالمنطقة من كل ذلك، حيث يمكن أن نشهد في أي لحظة معركة إقليمية على حدود مصر وبالقرب من ثروتها البترولية شرق المتوسط لتطبيق صفقة أو كارثة القرن ليصاب عالمنا العربي بنكبة جديدة.

خلاصة القول.. المطامع الغربية والإسرائيلية لن تتوقف وبالتالي فإن اليقظة مطلوبة لتفويت الفرصة على التتار الجديد ومن يقف خلفه، وعلى من يهرولون نحو التطبيع مع تل أبيب التريث لأن شعوبهم ومعها التاريخ لن يرحمهم.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. هاني الجمل يكتب: مصر والعبور الأهم

 محمد هاني الجمل يكتب: قراءة متأنية للاتفاق السعودي الإيراني

 

زر الذهاب إلى الأعلى