المسلمون فى مقاطعة شاندونج الصينية والاندماج الثقافى مع الكونفوشية.. ندوة على ضفاف النيل

كتب: على طه

مقاطعة شاندونج هى واحدة من أهم أماكن ميلاد الحضارة الصينية، وهى المهد المهم لـ “التجمع بين الإسلام والكونفوشيوسية” ، ومكان ذو أهمية بالغة لممارسة إضفاء الطابع الصينى على الإسلام.

ويوم الخميس الماضى 19 أكتوبر الجارى، احتضنت أحد الفنادق المطلة على نيل القاهرة الساحر، ندوة هامة حملت عنوان: “تطبيق شاندونج للموافقة بين الثقافة الإسلامية على الثقافة الكونفوشية”، وشارك فى الندوة عدد من المتحدثين من الصين ومصر مفكرين وأكاديميين، وإعلاميين ورجال دين.

المتحدثون

 تحدث من الجانب الصينى باى شان، رئيس جمعية التبادل الثقافى بمقاطعة شاندونج الصينية، ومن الجانب المصرى تحدث أ.د. الصاوى الصاوى أحمد الخبير المصرى فى الشئون الصينية، و أ.د محمد على الزيات رئيس قسم اللغة الصينية بجامعة قناة السويس ، وأ.د السيد مصطفى عبيد أستاذ علم اللغة بجامعة قناة السويس، والدكتور محسن أحمد أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، ود. خالد الملط مدرس التفسير وعلوم القرآن كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والشيخ حشمت من علماء الأزهر، وعاطف عبد الغنى رئيس تحرير موقع بيان الإخبارى ومدير تحرير مجلة أكتوبر.

باى شان، رئيس جمعية التبادل الثقافى بمقاطعة شاندونج الصينية، كان أول المتحدثين فى الندوة، مؤكدا على موضوعها وهو الحوار بين الثقافات، الثقافة الإسلامية، بقيمها، وتعاليمها، وتقاليدها، ونظيرتها الصينية الخاصة بمقاطعة شاندونج منشأ ومعقل الحكيم والفيلسوف الصينى كونفوشيوس.

التاريخ والحاضر

  وقدّم باى شان فذلكة تاريخية، تناول فيها تاريخ المسلمين كطائفة منذ دخل الإسلام الصين، والتأثير المتبادل بين هذه الطائفة والطوائف المحلية فى المقاطعة، وأوجه الاندماج والتشابه، والتعايش السلمى المقترن بالتسامح، والرغبة فى العيش المشترك بين الجميع.

فيما تبارى المتحدثون من الجانب المصرى، فى إلقاء الضؤ على قيم ومشتركات الإسلام، والكونفوشيوسية بكل ملامحها، ومعتقداتها، وأفكارها، ومظاهر العودة إليها في الصين، ومعرفة موقفها من الإسلام والمسلمين، مع التركيز على الشخصيتين الأبرز فى الموضوع، رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والحكيم الصينى الأبرز فى التاريخ كونفوشيوس.

لماذا شاندونج؟

وكان السؤال الأهم الذى تناولته محاور الندوة، لماذا التركيز على مقاطعة شاندونج، وجاءت الإجابة فى الكلمات التى ألقيت فى الندوة من المتحدثين، من الجانب المصرى، والصينى، انطلاقا من تاريخية معرفة الصين للإسلام، والتى يمكن أن نوجزها فى النقاط التالية:

دخل الإسلام إلى الصين في القرن السابع الميلادي، ووصل إلى مقاطعة شاندونج في القرن الثالث عشر الميلادي، خلال فترة أسرة يوان، ومنذ ذلك الحين، شهد الإسلام تطورًا ملحوظًا في شاندونج، حيث تعايش مع الثقافات المحلية المختلفة في المقاطعة، حتى أضحى مكونا مشرقا لثقافة شاندونج المتألقة.

توجد في مقاطعة شاندونج حوالي خمسمائة وأربعين ألف مسلم من كافة القوميات، معظمهم من أبناء قومية هوي الذين يعيشون في شاندونج منذ أجيال، وبعضهم من أبناء القوميات المسلمة الأخرى الذين هاجروا إلى المقاطعة منذ تنفيذ البلاد سياسة الإصلاح والانفتاح.

يتسم مسلمو شاندونج بالسمة الغالبة للمسلمين في الصين، وهي أنهم ينتشرون انتشارا واسعا في أنحاء البلاد، لكن يتركزون في بعض الأماكن الخاصة بهم، حيث توجد المساجد والمدارس والمطاعم الإسلامية.

من حيث التوزيع الجغرافي، يتركز معظم مسلمي شاندونج في مدينة جينان حاضرة المقاطعة، ومناطق غربي ووسط المقاطعة، أما المسلمون المغتربون، فمعظمهم يعيشون في مدينة تشينجداو ومدينة يانتاي ومدينة ويهاي وغيرها من المدن الساحلية في شرقي المقاطعة.

ثمة تمازج بين مسلمي شاندونج وإخوتهم من قومية هان والقوميات الأخرى، فهم يعيشون في هذه الأرض ككيان واحد متحد ومتناغم، يحترم بعضهم البعض في كل مناحي الحياة.

طالع المزيد:

توجد الجمعية الإسلامية في ست عشرة مدينة شاندونج، التي يبلغ عدد المساجد فيها أربعمائة وثمانية وثلاثين مسجدا معتمدا في إدارة الشؤون الدينية على مستوى المقاطعة.

كما أن عدد رجال الدين الإسلامي المعتمدين مهنيا في شاندونج يبلغ تسعمائة وثمانية عشر، ولكل مسجد لجنة إدارة لشؤونه، يمارس من خلالها المسلمون الإدارة الديمقراطية لشؤون المسجد.

في ظل هذا النظام الإداري المثالي، وبفضل اهتمام الحكومات على المستويات المختلفة، فإن الحياة الدينية لمسلمي شاندونج مضمونة ومحمية، سواء في أداء الصلوات الخمس اليومية أو في الأعياد الإسلامية.

تطورات رئيسية

فيما يلي بعض التطورات الرئيسية التي شهدها الإسلام في مقاطعة شاندونج:

  • التعايش المتناغم مع الثقافات المحلية: لقد تفاعل الإسلام مع الثقافات المحلية المختلفة في شاندونج، بما في ذلك الثقافة الكونفوشية والثقافة الصينية التقليدية، مما أدى إلى ظهور ثقافة إسلامية صينية مميزة.
  • الازدهار الديني: شهد الإسلام في شاندونج نموًا وازدهارًا دينيًا، حيث تم بناء العديد من المساجد والمؤسسات الدينية الأخرى، كما تم تدريب المزيد من رجال الدين الإسلامي.
  • المشاركة في المجتمع: يشارك المسلمون في شاندونغ بنشاط في المجتمع، حيث يعملون في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويواصل الإسلام في شاندونج مسيرته نحو التطور والازدهار، حيث يلعب دورًا مهمًا في تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الأديان في الصين.

خطورة التوظيف السياسى

وفى كلمته التى ألقاها، لفت الكاتب الصحفى عاطف عبد الغنى إلى خطورة التوظيف السياسى للثقافة أو الدين، ضاربا المثل بما يفعله الغرب، ومخططاته الرامية إلى توظيف الدين لصالح مشاريع سياسية مرتبطة بتاريخه الاستعمارى، القديم، والحديث، وهو ما ظهر جليا فيما يسمى “مخطط الربيع العربى” الذى ضرب المنطقة العربية.

واشاد عبد الغنى بوعى الأصدقاء الصينيين لهذا الأمر والعمل معا على أرضية ثقافية غير مسيسة، حاثا على مد المزيد من جسور الثقة، بين الجانبين الصينى والإسلامى، والعربى والمصرى بخاصة، والتفكير بشكل إبداعى لنشر الثقافة الصينية فى مصر، والعكس صحيح.

وأوضح عبد الغنى أن الاكتفاء بالعمل الأكاديمى، والتركيز على الخطاب النخبوى، والتوجه إلى النخب دون القاعدة الشعبية العريضة لا يفى بالغرض.

وفى نهاية الندوة قدم الجانب الصينى عدد من الهدايا التذكارية للمتحدثين فى الندوة، على سبيل الشكر والتقدير لمساهماتهم، فى أثراء الحوار المشترك بين الثقافة الإسلامية ونظيرتها الصينية.

………………………………………………………………………………

باى شان المفكر الصينى وعاطف عبد الغنى رئيس تحرير موقع بيان الإخبارى
باى شان المفكر الصينى وعاطف عبد الغنى رئيس تحرير موقع بيان الإخبارى

رئيس تحرير موقع بيان الإخبارى يحاور مفكر صينى عن الإسلام فى الصين وعلاقته بفلسفاتها.. انتظرونا  

زر الذهاب إلى الأعلى