من هرتزل إلى كوهين الكذاب.. سيناء فى خيال الصهاينة
إعداد: أشرف التهامي
المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد في مدينة بازل السويسرية يوم 29 أغسطس 1897، برئاسة تيودور هرتزل، الأب الروحي لإسرائيل، كان أهم قراراته إقامة وطن قومي لليهود بدلا من التيه والضياع في كل بقاع العالم، وكان هناك مقترحات بأربع أماكن هى:
1- كندا.
2- أستراليا.
3- أوغندا.
4- شبه جزيرة سيناء.
وتم اختيار شبه جزيرة سيناء لتكون نقطة لمشروع الدولة الصهيونية الكبرى، بالوعد الإلهي المزعوم من النيل إلى الفرات، ثمة ارتباط وثيق بين المشروع الصهيوني ممثلا في الكيان الإسرائيلي وأرض سيناء.
الأب الروحي لإسرائيل
وفي 23 مارس 1903 جاء إلى مصر على متن السفينة النمساوية «سميراميس»، تيودور هرتزل، الأب الروحي لإسرائيل، لبحث إمكانية توطين اليهود في سيناء، حاملًا بقلبه الاسود حلمًا أسماه «فلسطين المصرية» ليشتريه بالمال السياسي، وينقذ اليهود من أزمنة التيه لتكون وطنًا لليهود، الأمر الذي فشل تنفيذه بالمال والنفوذ السياسي، فعوضتهم بريطانيا العظمى بمنحهم حق إقامة وطن لليهود في فلسطين.
ولكن ما فشل فيه هرتزل حققه الكيان الصهيوني بقوة السلاح عام 1967 في أعقاب النكسة، ولم يستمر الحلم الإسرائيلي طويلاًً فتحول إلى كابوسٍ بنصر أكتوبر عام 1973.
حلم الصهاينة وخطة جيورا
ولكن هل تخلت إسرائيل يومًا عن حلمها في سيناء؟.. الإجابة: لطالما كانت سيناء هي المبتغى الجيوسياسي للمشروعي الصهيوني منذ اللحظة الأولى، فالهزيمة في أكتوبر عام 1973وعقد اتفاقية سلام بين تل أبيب والقاهرة، جعل أمام إسرائيل خيارات أخرى، منها “خطة جيورا” فما هي هذه الخطة؟.. وما تفاصيلها؟.
في عام 2000 وضع جيورا آيلاند، رئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال ورئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، خطة استخباراتية سياسية لاستغلال سيناء، تشمل تفاصيلها توسيع رقعة قطاع غزة الفلسطيني من خلال اقتطاع جزء من سيناء وضمها لحيازته.
وأشار آيلاند في خطته التي وضعت قبل 23 عامًا إلى تنازل مصر عن مناطق من سيناء لقطاع غزة، وتكون مساحة تلك المناطق المتنازل عنها 720 كليومترًا، وحددها بأن تكون مستطيلًا ضلعه الأول يمتد على طول 24 كيلومترًا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربًا حتى العريش، وبعرض 20 كيلومترًا داخل سيناء.
تلك المساحة التي حددها الضابط الإسرائيلي جيورا رفيع المستوى يضاف إليها شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبًا، ويمتد على طول الحدود بين الأراضي المحتلة ومصر، الأمر الذي يضاعف مساحة قطاع غزة إلى ثلاثة أضعاف.
تفاصيل الخطة
صفقة القرن التي طرحها إيلاند بورقة نشرها في 2008 مستشار الأمن القومي الصهيوني جيورا حيث صدرت الدراسة الأولى عن معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى في سبتمبر 2008 بعنوان “إعادة التفكير في حل الدولتين”.
وأعاد جيروا تنقيح دراسته في 2020، ونشرها من خلال “مركز بيجن – السادات للدراسات الإستراتيجية التابع لجامعة بار إيلان.
ومحور الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة هو الزج بالدول العربية الكبرى في التسوية وتحميلها أعباء الحل وإفلات إسرائيل من المسؤولية أمام دول العالم، وتغيير نهج التفاوض بالانتقال من التسوية الثنائية إلى الحل متعدد الأطراف.
وتسمح الخطة بدخول الدول العربية على الملف وتبني الطرح الإسرائيلي والظهور كطرف ضد الفلسطينيين وخاصة مصر والسعودية.
وتشير إلى أن حماس حاليا تحكم غزة فسيكون ممكنا أن يطبق هذا الحل على مرحلتين: أولا في الضفة الغربية وثانيا في غزة عندما تكون الظروف مواتية.
وعن الحيز المصري من مخطط “إيلاند”، تقوم مصر بالتنازل لغزة عن مساحة 720 كم2، وهذه المساحة تُشكل مستطيلا ذا ضلع طوله 24 كم على ساحل المتوسط من رفح شرقا في اتجاه الغرب إلى العريش وضلعه الآخر من الشمال إلى الجنوب بطول 30 كم بدءا من كرم أبو سالم في اتجاه الجنوب على طول الحدود المصرية الإسرائيلية.
وفى الخطة أيضا أنه في مقابل الأرض التي ستتنازل عنها مصر للفلسطينيين، فإن مصر ستأخذ من إسرائيل مساحة قد تصل إلى 720 كم2 في منطقة فيران جنوب غرب صحراء النقب، وستقوم إسرائيل بنقلها إلى السيادة المصرية، على أن يطرح مستقبلا إنشاء خط للسكة الحديدية وطريق بري دولي وأنبوب لنقل النفط.
خطة جيورا عُرضت على مصر وحملها إلى قصر الاتحادية دنيس روس المبعوث الأمريكي، وكان سعر بيع أراضينا آنذاك 12 مليار دولار ومساحة من الأراضي في النقب، ولكن الرئيس الأسبق حسني مبارك رفض الأمر بشكل قاطع ومبرم.
صفقة القرن امتداد لخطة جيورا.. !
وماتضعه تل أبيب من خطط ومشروعات لا يتم دون تنسيق وتعاون كامل مع واشنطن، وتجلى هذا بوضوح في أعقاب تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في 2017، والذي كان من بين دعايته السياسية خطة لإحلال السلام بين فلسطين وإسرائيل.
وتم الإعداد لخطة ترامب تحت إشراف مستشاره وصهره اليهودى جاريد كوشنر، وسميت إعلاميًا بـ «صفقة القرن»، والتي ضمت في بنودها السياسية توسيع قطاع غزة ليمتد إلى سيناء أو في أسوأ الأحوال تنفيذ عمليات نزوح جماعية من القطاع الفلسطيني للأراضي المصرية، بحسب سياسيون فلسطينيون وإسرائيليون وأمريكيون، اطلعوا على بنودها قبل إعلانها الرسمي في 2020
وفى هذا الشأن قالت جيلا جامليئيل، وزيرة شؤون المساواة الاجتماعية الإسرائيلية السابقة ووزيرة المخابرات الإسرائيلية، في تصريحات لها خلال عام 2017: “لا يمكن إقامة دولة فلسطينية سوى في شبه جزيرة سيناء المصرية “، وذلك رغم النفي الأمريكي لذلك البند الخطير.
الأمر الذي يؤكد النوايا الإسرائيلية الأمريكية، بالإضافة إلى خطة جيوار آيلاند.
أيضًا مسئولون فلسطينيون قالوا في تصريحات لرويترز في 2019، إنهم اطلعوا على صفقة القرن قبل إعلانها، والشق السياسي فيها يتضمن توسيع رقعة قطاع غزة ليمتد إلى شمال سيناء.
ملخص الصفقة
وبشكل ملخص تتضمن الصفقة 9 نقاط تأتى كالتالى:
1- كل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ستضم لإسرائيل.
2- وادي الأردن الذي تقول إسرائيل إنه مهم لأمنها سيكون تحت السيادة الإسرائيلية.
3- القدس غير مقسمة عاصمة لإسرائيل.
4- الوصول إلى الأماكن المقدسة في القدس مسموح لجميع الديانات، والمسجد الأقصى سيبقى تحت الوصاية الأردنية.
5- عاصمة الفلسطينيين المستقبلية ستكون في منطقة تقع إلى الشرق والشمال من الجدار المحيط بأجزاء من القدس، ويمكن تسميتها بالقدس أو أي اسم آخر تحدده الدولة الفلسطينية المستقبلية.
6- نزع سلاح حركة حماس وأن تكون غزة وسائر الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح.
7- إنشاء رابط مواصلات سريع بين الضفة الغربية وغزة يمر فوق أو تحت الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية.
8- اعتراف الطرفين بالدولة الفلسطينية بأنها دولة للشعب الفلسطيني والدولة الإسرائيلية بأنها دولة للشعب اليهودي.
9- ألا تبني إسرائيل أي مستوطنات جديدة في المناطق التي تخضع لسيادتها في هذه الخطة لمدة 4 سنوات.
الرد المصري
ولم يمر وقت كثير على كل تلك التسريبات والدعوات والمخططات، حتى ردت مصر سريعًا، فقال الرئيس عبد الفتاح السيسي لـ جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي، خلال لقاء جمعهما في 2019 (سيناء لن تكون أبدًا جزء من صفقة القرن).
هذا التأكيد تزامن مع تأكيد آخر على لسان سامح شكري وزير الخارجية، في تصريحات تليفزيونية، مشددًا على أنه لن يكون هناك تنازل عن “ذرة رمل من أراضي سيناء التي استشهد من أجلها العديد من المصريين دفاعًا عنها وسعيًا لاسترجاعها”
وقال أيضا وزير الخارجية المصرى: “ليس هناك أي شيء يستطيع أن ينتقص من السيادة المصرية على أرض سيناء.
طالع المزيد:
-
إسرائيل تحسدنا على قناة السويس.. «اعطوها لنا»
-
رسائل السيسى وأمن مصر القومى وعودة «صفقة القرن» للواجهة.. أهم عناوين الاثنين
الموقف الفلسطيني
وعلى الرغم من الشائعات وآلات التضليل الإعلامية التي طالت الموقف المصري، أكد نبيل أبو ردينة وزير الإعلام الفلسطيني، خلال مؤتمر صحفي، عقد فى القاهرة عام 2019، إن مصر رفضت توطين الفلسطينيين في سيناء ضمن بنود صفقة القرن.
وزاد أبو ردينة في تصريحاته، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال للرئيس المخلوع محمد مرسي إبان فترة حكم الإخوان الاسود، إن هناك خطة لتوطين سكان غزة في سيناء، ورد عليه المخلوع:
“إيه المشكلة إنهم يعيشوا في سيناء؟، إحنا ممكن ناخدهم يعيشوا في شبرا كمان”، حسب قوله.
أما رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، فقد عبّر في تصريحات خلال 2019، عن ارتياح الحركة للموقف المصري الواضح الرافض لصفقة القرن، واصفًا الحديث عن توسيع رقعة غزة باقتطاع أراض من سيناء بالخزعبلات، وفى هذا الصدد قال: “لا دولة إلا في غزة ولا دولة دون غزة”.
كوهين.. آلة التضليل الإعلامية
ونصل إلى الوقت الراهن وفي أعقاب عملية طوفان الأقصى، نشر إيدي كوهين، الصحفي الإسرائيلي المقرب من الموساد، نداء لسكان قطاع غزة بالنزوح إلى مصر حفاظًا على حياتهم، فقال في تغريدة عبر منصة إكس: “يا سكان غزة اهربوا إلى مصر وانقذوا حياتكم وحياة أسركم.. حماس اختارت التضحية بكم وبمنازلكم كرمًا لإيران”.
وكوهين الذي نشر الوثيقة المزيفة التي تفيد بيع قناة السويس للكيان التابع له، لا يفتأ ينشر سيل من التغريدات بمعلومات مزيفة كونه آلة تضليل إعلامية، وبالطبع لا ينشر كا ينشره من إرادته الحرة أو تفكيره الذهبي، إنما ينفذ تعليمات واضحة تشير إلى مخطط أوضح
ومن ضمن ما نشره كوهين الصهيونى أيضا وثيقة مزيفة تفيد بيع قناة السويس للكيان الإسرائيلى.
أما الرسالة التي بعث بها كوهين للغزاويين، فقد تلقتها الأجهزة المصرية، وحذرت مصادر رفعية المستوى حذرت من دفع الفلسطينيين النازحين تجاه الحدود المصرية وتغذية دعوات النزوح الجماعي، وقالت المصادر بشكل حاسم إن السيادة المصرية ليست مستباحة.
أكدت مصر أيضا على لسان المصادر، أن دعوات النزوح الجماعي من غزة كفيلة بتفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية، ودعت سلطات الاحتلال إلى ضرورة إيقاف العمليات العسكرية فورًا، وإيجاد ممرات إنسانية لنجدة سكان قطاع غزة بعد ما تعرضوا له من قصف ودمار في أعقاب طوفان الأقصى