أحبك يا أوكاموتو.. حكاية المناضل اليابانى الذى وهب نفسه لنصرة فلسطين
كتبت: هدى الفقى
قال عن نفسه:” إننِي جُنديٌّ في الجَيشِ الأحمَرِ اليابانيّ أحاربُ مِنْ أجلِ الثَّورةِ العالميَّةِ، أقاتلُ معَ الجبْهةِ الشعبيّة لتحريرِ فلسطينَ، وإذا مِتُّ سأتحوّلُ إلى نَجمٍ في السماءِ”
العملية
هذا هو المناضل الحر كوزو أوكاموتو، ويروى قصته الكاتب اليمنى مجيب الرحمن الوصابي، فيقول:
وصل أوكاموتو يوم 30 مايو 1972 هو ورفيقيه ياسويوكي ياسودا ، وأوكادابرا تسويوشي، إلى مطار الّلدّ في تل أبيب بإسرائيل، على متن الطيران الفرنسي، وحال نزولهم من الطائرة، توجهوا نحو منطقة الأمتعة، وحصلوا على أمتعتهم ليخرجوا منها أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، وبدأوا بإطلاق النار، فنتج عن الهجوم مقتل 26 شخصًا، وإصابة 71 آخرين.
أمّا المهاجمون فقد قتل منهم “ياسويوكي ياسودا” أثناء تبادل إطلاق النار، وانتحر تسويوشي بقنبلة يدوية كان يحملها، بينما تمّت إصابة “كوزو أوكاموتو” وأسره خلال محاولته الفرار من المطار.
اِعْتقدَ اليابانيُّ “أوكاموتو” أنّهُ سيتَحوّلُ إلى نَجْمٍ في السماءِ؛ إذا مَا مَاتَ وهوَ يدافعُ بسلاحِه عَنْ فَلَسْطين قبلَ أنْ يُعلنَ إسلامَهُ ويتخذَ اسم “أحمدَ اليابانيّ” مسمّىً دالًا؛ فما الذي يدفعُ نجومَ العالمِ الأحرارَ أن يتدافعوا لنصرةِ فلسطينَ وغزةَ؟!.
الإجابة لأنهم مُؤمِنينَ بعدالةِ القضيّة الفلسطينيّة وحقّ أهلِها استعادةَ كاملِ أرضِهِم المغتصبة، باتوا يتداعون مِنْ كُلِّ حدَبٍ وصوب “ليناضلوا من أجلِ وطنٍ ليس وطنَهم، مشاركين في معركةٍ ليست معركتَهم.
وهكذا نشاهد أيرلنديين وايطاليين وجنوب أمريكيين ويابانيين، ولهم مساهمةٌ عظيمةٌ في الكفاحِ لأجل استعادة الحق الشرعي للفلسطينيين، لإيمانهم بقضيةٍ إنسانيّةٍ، دونَ انتظارِ أي مقابلٍ ماديّ أو معنويّ!
التفاصيل تكشف أن الأمرُ يبدو ليس كما يُصوّرهُ الإعلامُ الصهيوني أو المُتصهين من تسطيحٍ للوقائع والأحداث على أنّها صراعٌ خاص بين الفلسطينيين والصهاينة، ولا بينَ العربِ واليهود أو المسلمين، إنّه صراع عالميٌّ ذو بعدٍ إنساني فطري بين الحق والباطل هكذا يجب أن نَعي ويَعي العالم.
سيرة أوكاماتو
في عام 1947 ولد أوكاماتو، لأسرةٍ متوسطةِ الحال، درس علم النبات، وهو يتحدث بطلاقة إلى جانب لغته اليابانية الأمّ، العبرية، والعربية، والصينية، والروسية بطلاقة.
انضمَّ في بداية شبابه إلى الجيش الأحمر الياباني، الذي تأسس عام 1971، ويهدف للإطاحة بالحكومة اليابانية والحكم الإمبراطوري لبدء ثورة عالمية؛ حيث آمن أعضاؤها بحرية الإنسان والشعوب، ونفّذوا عددًا من العمليات الفدائية حول العالم، والتي قد تتهم حالياً بأنها كانت عمليات إرهابية، ومن هذه العمليات عملية مطار الّلدِّ، التي شارك فيها أوكاموتو عندما كان بعمر 28 عاما، حيثُ قام برفقة زميلين له من أعضاء الجيش الأحمر الياباني، وبالتنسيق مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بتنفيذ عملية مطار الّلدِّ.
كاد يقتل
كَادَ “أوكاموتو” أنْ يُقتل في العملية الفدائية التي قام بها ورفاقه في مطار الّلدِّ الإسرائيلي ليحكمَ عليه بالإعدام ولأن الكيان أراد أن يكسبَ ودّ اليابان خُفِّفَ عليه الحكم إلى مؤبدات ثلاثة، ليقضي ربيع عمره في حبس انفراديّ وحشي في الزنزانة الصهيونية مدةً تزيد عن 13 سنة.
طالع المزيد:
– المناضل: من هو نيلسون مانديلا الذى قهر نظام الأبرتايد العنصرى فى جنوب أفريقيا؟
– الموت يُغيب المناضل السيناوي حجاج الكاشف
وأفاد بعضُ من عايشوه في الأسر بأنّ صحته العقلية والنفسية آنذاك تدهورت بشكل كبير، واستمرت آثار التعذيب عليه حتى بعد إطلاق سراحه بصفقة تبادل للأسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وإسرائيل، عام 1985، ومنذ هذا التاريخ يعيش في مكان مجهول في لبنان خوفًا على حياته، كما أن السلطات اليابانية ما زالت تطالب به لتحاكمه.
الشعر خلد ذكراه
َالمناضل أوكاموتو أو أحمدَ اليابانيّ ُخلِّدُ ذكره الشاعر التونسي الفذّ “مختار اللغماني” بقصيدة في ديوانه (أقسمت على انتصار الشمس) الصادر عام 1978.. وقال فيها:
أُحبّكَ يَا أوكاموتو
أُحبك يا أخي الإنسان
ولست أخي في الدِّين
ولست بقارئ القرآن
ولست من خيرِ أمّة قد أُخرِجَتْ للنّاس
فحين حبول البركان
تذوب جميع الأجناس..
وتسقط كل الأديان
سقطت كل التيجان..
مات أبطال الروم
ومات أبطال اليونان
ومات عنترة وعلي بن السلطان
مات جميع الأبطال…
ومازال الإنسان
أوكاموتو…