أمل أمين تكتب: حلوة ولا ملتوتة
بيان
في وجدان كل منا حكاية سمعها وهو طفل من أبويه او احد اجداده وربما معلم أو معلمة ، حكاية أو حكايات ترسم اتجاهاتنا وأفكارنا وقد تبقى معنا مهما طال الزمن.
تذكرت هذا خلال الرحلة التي قمت بها مؤخرا إلى “الإسكندرية” فكلما ركبت القطار المتجه إلى هناك ووقفنا في الطريق عند محطة “طنطا ” تذكرت حكايات أمي وأبي عنها، لما أزر طنطا ولا مرة في حياتي لكنها محببة جدا إلى قلبي بسسب حكايات أبي عنها لأن كان يدرس فيها خلال طفولته ويسفر منها إلى بلدته “تلا” في المنوفية كل أسبوع، أم حكايات أمي فكانت عن المولد الذي يقام بمناسبة مولد السيد البدوي وهو أحد الصالحين المعروفين في مصر وكان الناس يذهبون إليه من مختلف المحافظات ويجتمعون ويطعمون الفقراء ويزرون ضريح السيد البدوي لعل الله يجيب حاجاتهم.
إنها حكايات جميلة وبسيطة لكنها تبني داخلنا ميولنا واتجاهاتنا ومشاعرنا، يملأنا بالرحمة والتعاطف مع بعض الأشياء والرفض التام لأشياء أخرى.
ولدى الأطفال حب فطري للحكايات خاصة التي تثير خيالهم حول السحر والعجائب وتغير شكل الأشخاص والأشياء، فالقصة تنمي لدى الأطفال الخيال والإبداع والقدرة على ابتكار الحلول.
وإذا بدأ الطفل في سرد الحكاية فإنه يتعلم الثقة في النفس وكيفية النطق السليم والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين، كما تنقل إليهم الحكايات أحداث التاريخ والعادات الاجتماعية المتوارثة كاحترام الكبير والعطف على الصغار.. وتبني القصص داخل الطفل الإيجابية والصبر على المكاره وأنه مهما صعبت الأمور ففي النهاية يستطيع الإنسان تحقيق أهدافه مهما طالت الرحلة.
ويستخدم بعض أطباء التخاطب والمعالجين النفسيين الحكاية لتفريغ المشاعر الكامنة داخل الطفل والتي يصعب على الطفل التعبير عنها ويمكن استخدام العرائس ليمثل الطفل دور شخصية محببة إلى نفسه يتقمصها ويبدأ يحكي حكاية معينة بالتدريج سنجد انه يرسم نفسه في الشخصية ويخرج ما بداخله من أحزان وغضب وخوف وفي بعض الأحيان يكون الطفل قد اختلطت عليه المشاعر فيحكي ويتكلم بطريقة غير مرتبة لكنه مع الوقت وتكرار مشاركته في المسرحيات أو ألعاب الدراما يتحسن نطقه وطريقة تعبيره واندماجه مع الآخرين.
طبعا من المحبب ان يحكي الأبوين عن ذكرى قد مرت بهم لكن إذا كان من الصعب تأليف القصص يمكن لهما ان يلجأ إلى القصص المشهورة ومنها المكتبة الخضراء، وقصص يعقوب الشاروني أو القصص العالمية “الجميلة والوحش” ” الخنازير الثلاثة” ” أليس في بلاد العجائب”.
وإذا كانت ساعة الحكايات تدخل السرور على قلوب الأطفال فان الأبوين سيشعران بسعادة كبيرة خلال قراءة القصة وتقمص الشخصيات.
كما اتمنى إذا استطاع كل اب او ام ان يحكي لأطفالهم قصة قبل النوم وأن يقولوا في نهايتها حلوة ولا ملتوتة وهي عبارة فرعونية معناها هل أكتفي بهذه الحكاية أم أحكى واحدة اخرى وعلى الأغلب فأن الأطفال إذا شعروا بالاندماج مع القصة فإنهم يطلبون اعادتها او حكاية واحدة اخرى فحكاية قبل النوم تساعد على الاسترخاء وإحساس الطفل بحنان والديه وقربهم منه وهي أفضل من كل الهدايا التي قد يقدمها الأبوين للطفل فهلا حاولنا أن نحكي لهم عن حياتنا أو حياة الأخرين.