«قل شكوتك».. العجوز أم منقار!
كتبت: أسماء خليل
“في داخلي أشياء”..بماذا أبدأ ؟!.. أو ماذا أقول ؟!.. ربما تتوه بعض الأحاسيس الذاتية وسط تلك الحياة المادية، وربما في طريق اللهث للبقاء على قيد الحياة، تتوه الكثير من المشاعر في ذلك الطريق، وكأنها تلاشت تحت عربات قطار الدنيا.
“ل.ع”
أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى، تقدمت بها السيدة“ل.ع”، عبر البريد الإلكتروني، محاولة رسم قصتها الحقيقية في أفضل صورة، كي نراها كأنها واقعًا بخيالنا، في الطريق نحو مساعدتها ببضع كلمات تكون لها عونًا بالحياة.
الشكوى
وسط كل أحلامي وطموحاتي التي بنيتُها عبر سنوات حياتي؛ توقفت بلا شيء، لا أعلم لماذا؟.. وما تلك الطاقة السلبية التي زلزلت حياتي وجعلتني هكذا؟.. فأنا سيدتي زوجة في السابعة والعشرين من سِني عمري، أسكن أحد أرياف محافظات الوجه القبلي، حاصلة على ليسانس في الآداب والعلوم الإنسانية.
ذلك الموطن هو مسقط رأسي، أنا وأسرتي البسيطة مرورًا بأبي الموظف في أحد مؤسسات الدولة وأمي ربة المنزل، وأخي الأوحد المهندس الناجح الذي يكبرني بعدة سنوات.
حينما كنت شابة لم أكن أعلم لماذا كان يشغلني الجمال كصفة متأصلة لدى المرأة، فكنت أهتم بشكل مبالغ فيه بوضع مستحضرات تجميل تجعل وجهي دائمًا في أحسن حال، وكنت أضع العدسات اللاصقة في عيني ذات اللون الأخضر، وكذلك أصبغ شعري بشكل دائم، لا أنكر أنني حلوة ولكن تلك الأشياء كانت تجعلني بحق جميلة وجذابة.
تقدم لخطبتي مهندس، من نفس قريتي، كان أبوه مهندسًا في وزارة الكهرباء وأمه ربة منزل، وافق أبي على زواجي منه، وسط تحفظات من أن أمه شديدة الوطأة، ولكن أمي أكدت أنه لا بأس طالما أننا سنعيش في شقة منفصلة عن بيت أم زوجي.
تعالت الزغاريد، وأتت الليالي المِلاح، التي أعقبتها الأتراح، فقد توفي والد زوجي في السنة الأولى من زفافنا، وهنا بدأت المشكلة الأولى؛ فحماتي لم تستطع المعيشة بمفردها وأحزانها، وخاصة أن ابنها الآخر والأخ الوحيد لزوجي مسافر لأحد الدول العربية.
وبالفعل فمنا أنا وزوجي بإعداد حجرة خاصة لحماتي؛ فشقتنا مكونة من أربع غرف، حاولت التكيف حينها وقلت لنفسي لا بأس فهي مثل أمي، عشنا نحن الثلاثة وسط بهجة تارة، وتعاسة مرات أخرى جراء مشكلات تصطنعها حماتي، وأنا أيضًا أحدث نفسي بأن كل شيء على ما يرام.
كانت حماتي تثني على اهتمامي بنفسي دائمًا وجمال شعري المسترسل وعيني الجميلتين وبشرتي الصافية، ولكنها ما برحت تحدثني على ضرورة الإنجاب، إلى أن ذهبت إلى الطبيب وحملت بعد عامين من زواجي، ورزقني الله بطفلتين توأم كانتا جزءًا من حياتي فرسمتا شيئًا من السعادة في قلبي.
إلى أن بدأت حماتي قراءة في قصة جديدة من تأليفها أبطالها نحن؛ لترسم سيناريو جديدًا لحياتنا؛ فقد باتت تنظر إلي قائلة: “أين عيناكِ الملونتين؟..وأين شعرك الأصفر المسترسل، وأين صفاء وجهك؟.. وماذا بأنفك؟.. أول مرة أراها بهذا الشكل.
بالطبع لقد قل جمالي بعد الكلف الذي أصاب وجهي نتاج الحمل والوضع، وعيني التي لم يعد باستطاعتي وضع العدسات اللاصقة بها، وشعري ووجهي لم يعد باستطاعتي الاعتناء بهما مثل السابق؛ بسبب سهري مع ابنتي التوأم.
إنها لاحظت تلك الملحوظة التي لم أرتكز عليها طيلة حياتي؛ وهي أن منخاري طويل قليلًا، إن هذا الموضوع يشكل قدرًا كبيرًا من حياتها، لدرجة أنني أسمعها تقول لقريباتها عني واصفةً إياي بـ“ العجوز أم منقار”.
تحدثت مع زوجي ولكن على استحياء؛ خشية ألا ألفت نظره إلى شكلي، فيضايقني هو الآخر، فهو يعاملني بلطف، ولم يؤذيني أبدًا حينما تأخرت بالإنجاب، إنه غير أمه، لقد بتتُ أنظر بالمرآة وأرى نفسي “العجوز أم منقار”، كما تراني السيدة التي لا تحمل شفقة بقلبها.
لقد أضحت حياتي جحيمًا بتلقيحات حماتي؛ إذ أنها لا تستحي مني فيما تقول؛ فسمعتها تقول لجارتنا: “إزاي ما خدتش بالي إنها كدا ”، وتقول في وجهي مرارًا: “بتبان البضاعة بعد الحمل والرضاعة”.
حاولت كثيرًا ألا أشغل بالي بما تقوله، ولكنني لم أستطع، كثير على كاهلي ما أحتمله من تلك المرأة، ماذا أفعل بحق الله؟!.. لقد باتت وسادتي تئن من كثرة بكائي عليها بشكل يومي.
الحل
عزيزتي “ل.ع” .. كان الله بالعون.
لن أقول لكِ الكلام التنظيري والنظري الذي نقرؤه بالكتب عن حرية الفرد بالمجتمع، وأن كل شخص يفعل ما يريد بالحياة مهما يكن مَن يتعامل معه؛ إذ أنه شئنا أم أبينا؛ فهناك أشخاص وجودهم في حياتنا يُشكل فرضية لحب ذويهم لنا؛ ومن هؤلاء الأشخاص أم الزوج؛ إذ أن الحماة هي البيت أو الحصن الذي يأوي الزوج منذ طفولته؛ فهل يُفسد المرء داره وسكنه!.
ثم إن طبع وثقافة الحماة بالأرياف تختلف عنها بالمدن؛ إذ أن الأولى مهما تكن ثقافتها فمقاييسها لرجاحة كفة الفتاة التي تصلح زوجة لابنها هما أمران: الجمال الشكلي وإجادتها بالمطبخ والشؤون المنزلية.
ولا تنكري عزيزتي أن هناك نوعًا من أنواع التدليس قمتِ به من أجل إرضاء ذاتكِ وأنتِ شابة صغيرة، في الحين أنكِ كنتِ حلوة ولو تركتِ شكلكِ لما هو عليه لما حدث ذلك.
فالمساحيق التي كانت على وجهكِ، والعدسات والشعر الأصفر، شكلوا جميعهم شخصية معينة بملامح خاصة لدى حماتكِ، وحينما تلاشت تلك الأشياء، بدأت بعض عيوب الوجه تظهر مثل الطول الطفيف لأنفكِ، وهذا لا غضاضة عليه، فحماتكِ انتابها شعور بالخداع؛ فبدا منها كل تلك التصرفات.
ولكن الآن عزيزتي عليكِ فعل الآتي:
أولًا: ابدئي بالاهتمام بمظهرك وجمالك فقد شكل ذلك جزءًا من شخصيتك أمام زوجك ولا علاقة لكِ بحماتكِ، فنحن وإن بررنا موقفها ولكن ليست هي الأهم في تلك القضية، اذهبي للطبيب المختص بالأمراض الجلدية لعلاج الكلف الذي أصاب وجهك، واهتمي بشعرك كما كان؛ حتى يراكِ زوجكِ غير مهملة في حقه؛ فمن حق الرجل أن يُسره منظر زوجته؛ حتى تبقى الحياة.
ثانيًا: عليكِ أن تزيدي ثقتكِ بنفسكِ؛ من خلال الدورات التدريبية وغيرها عبر شبكة الإنترنت لضيق وقتكِ، وتعلمي أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح والأخلاق العالية.
ثالثًا: تعاملي مع حماتكِ بأسلوب جديد، تظهرين فيه شخصيتك وطيبتك وكرم أخلاقكِ، وسيأتي
اليوم الذي تقر فيه بمدى إخلاصكِ ورعايتكِ لها دونما مقابل.
رابعًا: أعيدي وجهة نظركِ بالحياة؛ فمن الواضح أن الشكل الخارجي هو ما يمثل وجهة نظركِ عن نفسكِ وعن الآخرين.
خامسًا: كوني أقوى في مواجهة الحياة، بعدم الاهتمام بأي نقد هدام يوجه إليكِ، فحينما لا تُعيرين من ينقدكِ أية اهتمام؛ حتمًا أنتِ تصفعينه على وجهه دونما يشعر، وحاولي الاستمتاع بحياتكِ فما تزالين شابة صغيرة، وتوأمكِ في مرحلة سنية رغم همومها إلا أنها مليئة بالحب والسعادة، واهتمي بزوجكِ وامنحيه الحب والمودة، ولا تبالي بسفاسف الأمور.
منحكِ الله السعادة وراحة البال.
…………………………………………………………………………………………………..
راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.