«ترجمات عن العبرية»: إسرائيل تفشل في تصوير نفسها ضحيةً للعالم
ترجمة: أشرف التهامي
مقدمة
نشرت ياسمين ليفي مقالا في صحيفة “هآرتس” العبرية، تهاجم فيه الإعلامى تسفي يحزقيلي المذيع بالقناة ١٣ الاسرائيلية، وتنتقد سلوك وأخلاقيات جنود الجيش الإسرائيلي، كما تحملّهم بعض من المسؤولية في فشل إسرائيل في تصدير صورتها على انها ضحية وليست معتدية وسفاكة لدماء الفلسطينيين الأبرياء .
ويأتي هذا المقال ضمن سلسلة “ترجمات عن العبرية” التى ننقل من خلالها وجهة النظر الأخرى، وما يتحدث فيه الداخل الإسرائيلى بلسان حاله، وما يسردون ويكتبون، ونعيد نشره دون تحريف أو تدّخل منا.
ترجمة نص المقال:
على الرغم من مجزرة السابع من أكتوبر وعلى الرغم من أن العديد من المختطفين ما زالوا محتجزين لدى حماس، إلا أنه بعد شهرين من القتال، تجد إسرائيل صعوبة في تصوير نفسها في العالم كضحية وفي إثارة التعاطف العالمي.
وفي الخارج، يشعر الناس بالقلق إزاء عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين، والقصف غير الدقيق الذي خلق الدمار والخراب، وتصريحات حمقاء لوزراء يثرثرون حول القاء قنبلة ذرية على غزة، ورئيس حكومة غير كفؤ يهرب من مسألة “اليوم التالي” وبؤدي دور فنان ستاند أب على خشبة المسرح، وقت الحرب، كأنه ادير ميلر.
القومجية الحمقاء.
وكأن ذلك ليس صعبا بما فيه الكفاية، فإنه يتوجب على مشاهدي اخبار القناة 13 أن يتحملوا القومجية الحمقاء لتسفي يحزقيلي (الصحفي الإسرائيلي تسفي يحزقيلي المختص بالشؤون العربية في القناة الإسرائيلية 13) كل ليلة.
ألا يكفي أننا نسمع بشكل منتظم كيف أن المعلق المتعجرف متأكد من أنه هو الوحيد الذي يفهم العرب، ويفهم حماس كأنه يحفر نفقًا سريًا الى عقل السنوار؟
الخميس- في النشرة الرئيسية أظهر مدى عدم إلمامه بالمنطق القتالي البسيط
واندلع نقاش في الاستوديو حول السلوك المستفز للجنود الذين أطلقوا صلاة “شماع يسرائيل” عبر مكبر الصوت في المسجد في جنين وكتبوا عبارة “لقد جئنا لنأكل الحمص”، مباشرة بعد بيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هغاري الذي تطرق الى هذا العار. كما هو مطلوب، أوضح هغاري أن المقاتلين مطالَبون بالتصرف بمهنية وفقًا لقيَم الجيش الإسرائيلي، ومن لا يفعل ذلك، سيتم اتخاذ إجراءات ملائمة ضده.
“انتصار الوعي”
في البداية كان يحزقيلي متحمسًا للأسلحة التي عثروا عليها في منزل المتحدث باسم حماس (“انتصار الوعي”) ثم تفرغ للحديث عن قضية المسجد.
ويبدو أنه لو كان الأمر متروكًا له، فإن الجنود الذين تم إيقافهم عن النشاط كانوا سيحصلون على وسام شرف وترقية رتبتهم!.
وتبجح يحزقيلي
“أنا دائمًا أنظر إلى كيف يرى الجانب الآخر هذه الأمور، وأعتقد أن هذه الأشياء تترك انطباعًا في النهاية. لأنه في حارتنا، على الأقوياء أن يُظهروا أنهم أقوياء، وفي رأيي أن من حكم على الجنود كان مخطئا”.
وهذا ليس مستغربًا من شخص شعر منذ وقت ليس ببعيد بالحاجة إلى إظهار من هو الأقوى عندما لوّح بفخر بقطعة من شريط قماش أخضر لإرهابي النخبة أحضره من جولة له في غزة، كما لو أنها جمجمة محمد ضيف!!
ليس يهوديًا.. ليس حكيمًا
وجد المعلق العسكري أور هيلر صعوبة في التسليم بكلام زميله بجانبه، واتخذ موقفًا أخلاقيا ومناسبًا:
“القوي لا يجرح المشاعر الدينية في حارتنا ولا يدخل المسجد المركزي في جنين ويهين المسلمين..هذا ليس يهوديًا، وليس حكيمًا، وليس روح جيش الدفاع الإسرائيلي”.
وأضاف أنه مثلما كان هغاري مقاتلًا شجاعًا في ساحة المعركة، فهو شجاع أيضًا في الطريقة التي يقاتل بها من أجل صورة جيش الدفاع الإسرائيلي. وأشار إلى أن “هذا ليس السلوك المتوقع، ولا نبحث عن حرب دينية”.
لكن هيهات ان يسمع يحزقيلي؟
من وجهة نظر يحزقيلي، فإن القبض على مكبر الصوت في المسجد واحتلاله والدعاء بالعبرية “شماع يسرائيل” هي صورة الانتصار: “هكذا سيعرفون أن اليهود قد وصلوا”، وكأنهم لم يعرفوا حتى ذلك الحين أن المقتحمين ليسوا عمال مناجم من بلغاريا جاؤوا للبحث عن الزنك في أرض غزة.
أجابه هيلر: “إنهم يعرفون أن اليهود قد وصلوا”، لكن من وجهة نظر يحزقيلي فإن ما فعلوه هو ما أسماه “تأكيد القتل”. ولا يسعنا إلا أن نأمل أن الأميركيين، الذين ما زالوا مصدومين من الصور التي وصلت إليهم، لم يستمعوا إليه في الأخبار.
الصراع الدائر داخل الجيش الإسرائيلي
تلك الثواني لخصت الصراع الدائر داخل الجيش الإسرائيلي، الذي يقع المرة تلو الأخرى في سلوكيات محرجة لا تليق بقيمه. وبينما عبر هيلر عن صوت العقل والمسؤولية، فقد عكَس يحزقيلي روح العنترية الأصولية الدينية التي تغلغلت في الجيش الإسرائيلي وتقلل من الدعم الدولي لإسرائيل.
طالع المزيد:
– الرئيس الإسرائيلي: مستعدون لهدنة إنسانية أخرى في غزة لإطلاق سراح المحتجزين
ن
تنفّر وجهة النظر هذه أقرب حليف لإسرائيل. وتجلّت أيضًا في جندي تم تصويره في فيديو وهو يدمر متجرًا “كولبو” في غزة من منطقة تم إجلاء المدنيين فيها، ويلقي المنتجات على الأرض على الرغم من الجوع الهائل الذي يعاني منه السكان؛ كما تجلى في قيام جنود، خلافا للأوامر، بتوزيع مقاطع فيديو وثقوا فيها أنفسهم وهم يدعمون العودة إلى غوش قطيف؛ وتجلت أيضًا في جنود يغنون على خلفية تفجير مبنى جامعة غزة، أو وضع شمعدان ضخم في قلب الشجاعية وكأنهم نيل أرمسترونج الذي وضع علماً تاريخياً على القمر. مثل هذه المشاهد تبث احتلالاً قامعًا، وهو بالضبط الانطباع الذي لا ينبغي لإسرائيل أن تخلقه.
هذه التصرفات لا تؤدي إلا إلى نفاد صبر رئيس الولايات المتحدة بايدن
ليست هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها يحزقيلي نقطة ضعف اليمين المتطرف: الغطرسة الممزوجة بعدم القدرة على النظر إلى نفسه من الخارج.
ومن الصعب أن ننسى كيف حكم يحزقيلي بكل ثقة أن أحد إرهابيي وحدة النخبة المعتقلين قال إن الهجوم جاء بسبب الاحتجاجات (في اسرائيل على الانقلاب على النظام القضائي) على الرغم من عدم تقديم أي دليل، لتوضح القناة لاحقًا أن هذا غير صحيح.
كما حاول يحزقيلي من قبل الاستخفاف بالصحافي جيل تماري، المعلق الجدي والشجاع، الذي، على عكسه، قادر على نقل الانتقادات لإسرائيل من منظور دولي.
في نظر يحزقيلي، الذي يبدو وكأنه شخص يتقاسم نفس المصطلحات مع الياهو يوسيان المتطرف، ليست هناك حاجة للتفكير المستنير، لفهم الدبلوماسية أو ضبط النفس.
ومن المؤسف أنه لا يفهم أن القوي هو الذي لا يشعر بالحاجة إلى الصراخ “شماع إسرائيل” في المسجد الذي تم تطهيره في جنين.