مخاطر القرن الأفريقي على الأمن القومي المصري.. (الجزء الثاني)
كتب: أشرف التهامي
القرن الأفريقي أو شبه الجزيرة الصومالية هي “شبه جزيرة” كبيرة ومنطقة جيوسياسية في شرق إفريقيا تقع في الجزء الشرقي من البر الأفريقي الرئيسي، وتعتبر رابع أكبر شبه جزيرة في العالم، وتتكون من إثيوبيا، وإريتريا، والصومال، وجيبوتي.
وتشمل التعريفات الأوسع أيضًا أجزاءً من كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا، ويمكن أن يشمل مصطلح منطقة القرن الأكبر كل من بوروندي ورواندا وتنزانيا.
يقع القرن الأفريقي على طول الحدود الجنوبية للبحر الأحمر ويمتد مئات الكيلومترات داخل مضيق جواردافوي وخليج عدن والمحيط الهندي ويشترك في حدود بحرية مع شبه الجزيرة العربية في غرب آسيا.
مضيق غواردافوي (Guardafui Channel).
هو مضيق محيطي يقع على طرف القرن الأفريقي بين منطقة أرض البنط في الصومال وسقطرى غرب بحر العرب. يربط خليج عدن شمالاً بالبحر الصومالي جنوباً. تحمل الاسم نفسه (Cape Capeafui)، وهي قمة القرن الأفريقي. تشمل الأماكن البارزة المثيرة للاهتمام بحيرة علولة.
باب المندب
ممر مائي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، يقع المضيق بين الإحداثيات (12o28’40«شمالاً، 43o19’19» شرقاً) و (12o40’20«شمالاً، 43o27’30» شرقاً). المسافة بين ضفتي المضيق هي 30 ك(20 ميل) تقريباً من رأس منهالي في الساحل الآسيوي، إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي. جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن، تفصل المضيق إلى قناتين الشرقية منها تعرف باسم باب إسكندر عرضها 3 كم وعمقها 30م. أما القناة الغربية واسمها “دقة المايون” فعرضها 25 كم وعمقه يصل إلى 310 م. بالقرب من الساحل الأفريقي توجد مجموعة من الجزر الصغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة. وهناك تيار سطحي يجري للداخل في القناة الشرقية، أما القناة الغربية فهناك تيار عميق قوي يجري للخارج مياه الممر دافئة (24- 32.5 درجة مئوية)، والتبخر فيه شديد (2200 – 3000مم سنوياً) مما يُفقد البحر الأحمر كميات كبيرة من المياه، يتم تعويضها عبر مياه تدخله من خليج عدن خاصة في الشتاء، أما في الصيف فتخرج من البحر الأحمر مياه سطحية. وتقدر حصيلة التبادل المائي في باب المندب بنحو ألف كم3 لمصلحة البحر الأحمر، وتصل ملوحة مياه الممر إلى 38 بالألف، وحركة المد فيه إلى نحو المتر. ونشأ الممر نتيجة تباعد أفريقيا عن آسيا بالحركة البنائية للصدع السوري الإفريقي، الذي كوّن البحر الأحمر في أواخر الحقبة الجيولوجي الثالث في عصري الميوسين والبليوسين.
معلومات اقتصادية
ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس 1869 وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط وعالمه، فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا.
وزاد في أهمية الممر أن عرض قناة عبور السفن، الوقعة بين جزيرة بريم والبر الإفريقي 16كم وعمقها 100 – 200م، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة على محورين متعاكسين متباعدين.
كما ازدادت أهميته بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي. ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً (57 قطعة يومياً).
لليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكه جزيرة بريم، إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله، لأهميته العالمية في التجارة والنقل.
كما سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية، ودخلت اتفاقيتها المعروفة “باتفاقية جامايكا” حيز التنفيذ في شهر نوفمبر من عام 1994.
وتبقى أهمية باب المندب مرتبطة ببقاء قناة السويس أولاً وممر هرمز ثانياً مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة. وتهديد هذين الممرين أو قناة السويس وحدها يحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
ومضيق باب المندب هو رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً.
وقد مر عبر المضيق نحو 3.8 ملايين برميل في اليوم عام 2013، أي نحو 6.7 في المائة من تجارة النفط العالمية.
وتدفق نحو 4.8 ملايين برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة عبر باب المندب عام 2016 في اتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وفقا للإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة.
ويمثل مضيق باب المندب أهمية بالغة لمصر، لأن نحو 98 في المائة من البضائع والسفن الداخلة التي تمر عبر السويس تمر من خلال المضيق.
جسر معلق ومدينة
في 22 فبراير 2008 كُشف عن مخطط لإنشاء جسر بحري يربط بين اليمن وجيبوتي عبر المضيق، وإذا نجح هذا المشروع سيكون هذا الجسر هو أطول جسر معلق في العالم.
ويقال إن مع إنشاء هذا الجسر سوف تُبْنَى مدينة تربط ما بين الدولتين اليمن وجيبوتي يربطها الجسر المعلق، وسوف تتم تسمية هذه المدينة “مدينة النور AL-Noor City” وحالياً قد بدأ المشروع المرحلة الأولى من جمهورية جيبوتي حسب تصريح المهندس بن لادن، وذلك لسهولة المعاملة والعون من قبل الحكومة الجيبوتية بعكس الحكومة اليمنية، فإن المشروع لقي بعض الصعاب وبعض المطالب من قبل الشيوخ في اليمن هذا ما جعل المشروع يبدأ من جيبوتي.
قضايا أمنية
للمضيق أهمية إستراتيجية حيث أنها تعتبر قناة ما بين بحر القلزم أو البحر الأحمر والمحيط الهندي عبر قناة السويس.
وفي عام 2006م مر عبر المضيق سفن محملة بـ 3.3 مليون برميل من النفط، وتمثل هذه حوالي 7.5% من كل حمالات النفط (بالسفن) في العالم في تلك السنة.
وهذه الأرقام تعتبر صغيرة بالمقارنة بمضيق هرمز والتي يعبر من خلالها 40% من حمالات النفط (بالسفن) في العالم ولكن بسبب معركة النفوذ على هرمز تود الدول المجاورة بسط نفوذها على باب المندب كبديل.
وإن إسرائيل لديها نفوذ في المندب بالتنسيق مع جيبوتي وأثيوبيا واليمن خسر بعض نفوذه بسبب التدخل الأمريكي، يذكر أن اليمن أغلقت المضيق على إسرائيل في حرب 1973، إلا أنها قد لا تكون قادرة على غلقه أمامها مرة أخرى من الجهة العسكرية.
في 2023، وعلى إثر الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، قام الحوثيون بشن هجمات ضد السفن التي يزعم بأنها متوجهة لإسرائيل،مما ساهم بتعطيل ميناء إيلات.
أدت تلك الهجمات لوقف لحركة بعض السفن البحرية، وارتفاع بأسعار الشحن البحري إلى الشرق الأوسط، فيما قامت شركات أخرى بتوقف التعامل مع البضائع الإسرائيلية.
وأعلنت الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وعدة دول أخرى عن تشكيل تحالف حارس الازدهار في 18 ديسمبر 2023 لردع هجمات الحوثيين على باب المندب، وبدأ التحالف بشن غارات على اليمن في مطلع 2024.
التنافس على المضيق
يعتبر التنافس من أجل السيطرة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر جزءًا من صراع إقليمي أكبر بين إيران وحلفائها من جهة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وحلفائهم من جهة أخرى. سارعت قوات الحوثي وحلفاؤها من القوات المسلحة للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن، للسيطرة على الموانئ اليمنية الاستراتيجية والمناطق الساحلية، وأهم هذه المضبوطات مضيق باب المندب.
في يوليو عام 2018 أعلن وزير النفط السعودي خالد الفالح تعليقاً فورياً ومؤقتاً لجميع صادرات النفط عبر مضيق باب المندب بعد هجوم الحوثيين على سفينتين محملتين بالنفط الخام. وكان التحالف الذي تقوده السعودية قد أكد أن الحوثيين استهدفوا ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر.وعلى الجانب الآخر كانت محطة تلفزيون «المسيرة» التابعة للحوثيين قد أعلنت أن مقاتلي حركة أنصار الله الحوثية استهدفوا بارجة حربية سعودية قبالة السواحل الغربية لليمن تحمل اسم “الدمام”. لاحقا أعلن وزير النفط السعودي أن بلاده قررت استئناف نقل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب بدءًا من الأول من أغسطس 2018.
جزيرة بريم ميون
هي جزيرة بركانية في مدخل مضيق باب المندب، تتبع الجمهورية اليمنية، وتبلغ مساحتها 13 كم² وترتفع إلى منسوب 65 م، وإدارياً تعتبر إحدى العزل التابعة لمديرية ذباب (باب المندب) بمحافظة تعز ويبلغ تعداد سكانها 221 نسمة حسب التعداد السكاني في اليمن لعام 2004.
تسمى بالإنجليزية Perim)) وفيها ميناء طبيعي في طرفها الجنوبي الغربي. الجزيرة قليلة الخضرة وتفتقد المياه العذبة، الأمر الذي أعاق استيطانها. أمامها شبه جزيرة جبل الشيخ سعيد.
في نقطة ما في تاريخ بريم الجيولوجي ثار بركان فيها أدى إلى سد باب المندب وتبخر البحر الأحمر إلى درجة جفاف قاعه. غزا البرتغاليين بريم عام 1513، إلا أنهم لم يبقوا فيها بسبب المناهضة العثمانية. واحتلت فرنسا بريم عام 1738، وفي سنة 1799 احتلتها شركة الهند الشرقية البريطانية لفترة قصيرة تمهيداً لغزو مصر.
ثم أعادت بريطانيا احتلالها سنة 1857 وربطتها بمستعمرة عدن وبنت فناراً عليها، لتشهد عصرها الذهبي مع افتتاح قناة السويس عام 1869 كمحطة لتموين السفن بالفحم. أفل نجم الجزيرة مع حلول الجازولين محل الفحم. في عام 1916، أثناء الحرب العالمية الأولى، حاولت القوات العثمانية الاستيلاء على بريم، إلا أنها فشلت.
جزر السوابع
جزر السوابع أو الأشقاء السبعة أو الجزر السبعة، هو أرخبيل في قطاع دكة المعيون بمضيق باب المندب(بين البحر الأحمر وخليج عدن.( تتبع الجزر مقاطعة أبخ في جيبوتي، وهو موقع شهير للغطس.
الأرخبيل في الأصل هو سلسلة من ستة جزر بركانية تمتد إلى حوالي 10 كم على خط ممت من الشرق-الغرب:
1- الجزيرة الغربية، أو الجزيرة الحمراء الحمراء، ارتفاع 62 م
2- الجزيرة المزدوجة (اودا ديالي)، ارتفاع 46 م
3- الجزيرة السفلى (تولكا)، ارتفاع 17 م
4- الجزيرة الكبرى (كادا ديالي)، ارتفاع 114 م
5- الجزيرة الشرقية، ارتفاع 83 م
6- الجزيرة الجنوبية (اونداكوماتيو)، ارتفاع 47 م
7- الجزيرة الغربية تقع على بعد 4.5 كم شرق شبه جزيرة سيان و6 كم شمال شرق الساحل الجيبوتي.
الجزر السوابع” ليست جزيرة لكنها تل بركاني على الحافة الشمالية لشبه جزيرة رأس سيان. ”
جميع الجزر محاطة بشعاب مرجانية، جميعها مائلة للون البني، عدا الجزيرة الكبرى والتي تميل للأصفر. توجد علامة بناء على قمة الجزيرة الكبرى.