توبيخ واشنطن لتل أبيب: لا يمكن لإسرائيل استخدام 7 أكتوبر ترخيصا لتجريد الآخرين من إنسانيتهم
وقال بلينكن في تصريحات معدة مسبقا في مؤتمر صحفي في تل أبيب: “لقد تم تجريد الإسرائيليين من إنسانيتهم بأفظع طريقة في 7 أكتوبر، ويتم تجريد الرهائن من إنسانيتهم كل يوم منذ ذلك الحين. لكن هذا لا يمكن أن يكون بمثابة ترخيص لتجريد الآخرين من إنسانيتهم”.
ولم يخف البيت الأبيض استيائه من إسرائيل بسبب عدد الخسائر المدنية في الأرواح في قطاع غزة والوضع الإنساني طوال الحرب، لكن الانتقاد يوم الأربعاء كان الأقسى حتى الآن.
وخصص بلينكن جزءا من تصريحاته لهذه القضايا، بعد يوم من الاجتماعات مع القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية.
وقال بلينكن: “الأغلبية الساحقة من الناس في غزة ليس لها علاقة بهجمات 7 أكتوبر. إن العائلات في غزة التي يعتمد بقاؤها على المساعدات التي تصلها من إسرائيل هي مثل عائلاتنا تماما. إنهم أمهات وآباء، أبناء وبنات، يريدون كسب عيش كريم، وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، والتمتع بحياة طبيعية. هذا هو من هم عليه، وهذا ما يريدون”.
وأضاف: “ولا يمكننا، ويجب ألا نغفل عن ذلك، ولا يجب أن نغفل عن إنسانيتنا المشتركة”.
وقال بلينكن إن الولايات المتحدة ضغطت وما زالت تضغط على إسرائيل “بطرق ملموسة لتعزيز حماية المدنيين” والحصول على المزيد من المساعدة لمن يحتاجون إليها.
وأشار إلى أن “إسرائيل اتخذت خطوات مهمة” بشأن بدء تدفق المساعدات، ثم مضاعفتها خلال الهدنة الأولى في أواخر نوفمبر، وفتح ممرات مدنية وفتح معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) الحدودي.
“ونتيجة لذلك، تتدفق المساعدات” إلى المزيد من الأماكن في غزة “أكثر من أي وقت مضى منذ 7 أكتوبر”، على حد قوله.
ومع ذلك، شدد الوزير على أن إسرائيل “يجب أن تضمن عدم عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة لأي سبب من الأسباب، من قبل أي شخص”، في إشارة إلى الاحتجاجات المدنية التي قام بها الإسرائيليون في معبر كيرم شالوم. كما دعا علنا إسرائيل للمرة الأولى إلى إعادة فتح معبر إيرز، الأمر الذي من شأنه أن يسمح بوصول المساعدات إلى شمال غزة بشكل مباشر أكثر.
في الوقت نفسه، حذر بلينكن من أن “الحصيلة اليومية التي تواصل العمليات العسكرية [الإسرائيلية] إلحاقها بالمدنيين الأبرياء لا تزال مرتفعة للغاية”.
قُتل أكثر من 27 ألف فلسطيني في غزة، بحسب وزارة الصحة في غزة، في الوقت الذي تكافح فيه إسرائيل لتفكيك الحركة في أعقاب الهجوم الذي قادته الحركة الحاكمة لغزة وأسفر عن مقتل 1200 شخص في جنوب إسرائيل، واختطاف أكثر من 250 آخرين، في 7 أكتوبر. ولا يمكن التحقق من أرقام حماس بشكل مستقل، ويُعتقد انها تشمل القتلى الذين سقطوا جراء صواريخ طائشة أطلقتها الجماعات المسلحة، وهي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت أكثر من 10 آلاف من مقاتلي حماس في غزة، و1000 مسلح آخر داخل الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر. كما قُتل 227 جنديا إسرائيليا في غزة.
كما دعا بلينكن إلى “مسار ملموس ومحدد زمنيا ولا رجعة فيه” لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، تعيشان في سلام وأمن. وتشمل هذه الرؤية “إسرائيل مندمجة بالكامل في المنطقة، مع علاقات طبيعية مع الدول الرئيسية بما في ذلك المملكة العربية السعودية”.
وقد اعترف المسؤولون السعوديون علنا باستعدادهم لتطبيع العلاقات، مع إسرائيل، حتى بعد 7 أكتوبر، لكنهم أكدوا – كما فعل بلينكن – على أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق حتى يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة يجب أن يشمل مسارا لا رجعة فيه نحو الدولة الفلسطينية.
وأشار إلى أنه كان من المقرر أن يزور إسرائيل والسعودية في 10 أكتوبر الجاري لمتابعة جهود التطبيع، قبل أن تتدخل أحداث 7 أكتوبر.
وقال بلينكن إن عملية التطبيع ستؤدي أيضا إلى عزل حماس وإيران. لكن الأمر سيتطلب قرارات صعبة. “البديل الآن يبدو وكأنه حلقة مفرغة من العنف والدمار واليأس”.
في وقت مبكر من تصريحاته، هاجم بلينكن حماس واصفا إياها بأنها “عدو يحيط قادته أنفسهم برهائن”، وقال إنها “عدو أعلن علنا عن هدفه المتمثل في قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الأبرياء، ببساطة لأنهم يهود، ومحو إسرائيل من الخريطة”.
وأكد بلينكن: “لهذا السبب أوضحنا أن إسرائيل لديها ما يبرر تماما مواجهتها لحماس وللمنظمات الإرهابية الأخرى، ولهذا السبب فعلت الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى لدعم حق إسرائيل في ضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر مرة أخرى أبدا”.
استهل بلينكن تصريحاته بتحديث بشأن محادثات الرهائن، قائلا إن سبب عودته إلى إسرائيل للمرة السابعة منذ هجمات حماس هو “أولا وقبل كل شيء التشاور مع شركائنا لإعادة جميع الرهائن المتبقين إلى الوطن”.
وبالانتقال إلى اقتراح حماس المضاد بشأن التوصل إلى اتفاق ورد إسرائيل، قال بلينكن إنه “في حين أن هناك أمور غير واردة في رد حماس، فإننا نعتقد أنه يخلق مساحة للتوصل إلى اتفاق. وسنعمل على ذلك بلا هوادة حتى نصل إلى هناك”.
واقترحت حماس خطة لوقف إطلاق النار تتضمن هدنة مدتها أربعة أشهر ونصف يتم خلالها إطلاق سراح الرهائن على ثلاث مراحل، وتؤدي إلى إنهاء الحرب، بحسب ما أوردته وكالة “رويترز”، ردا على مخطط مقترح تم إرساله الأسبوع الماضي بوساطة قطرية ومصرية وبدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل.
رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شروط حماس “الوهمية” لصفقة رهائن جديدة في مؤتمر صحفي عقد في وقت سابق من المساء، قائلا إن الضغط العسكري وحده هو الذي سيضمن إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
وقال: “إن الاستسلام لمطالب حماس الوهمية، التي سمعناها للتو، لن يؤدي إلى عدم تحرير الرهائن فحسب، بل سيؤدي فقط إلى مذبحة إضافية؛ سيؤدي ذلك إلى كارثة لإسرائيل لا يريدها أي مواطن إسرائيلي”.
وقال نتنياهو إنه أبلغ بلينكن أن إسرائيل “على مسافة قريبة من النصر المطلق”، وأن هزيمة حماس ستكون “انتصارا للعالم الحر بأكمله”.
وأضاف رئيس الوزراء أنه بعد خان يونس، “المعقل الرئيسي لحماس”، يستعد الجيش الإسرائيلي للقتال التالي في رفح.
وردا على سؤال حول عملية محتملة للجيش الإسرائيلي في رفح، قال بلينكن إن أي عملية عسكرية تقوم بها إسرائيل “تحتاج إلى وضع المدنيين أولا وقبل كل شيء في الاعتبار”.
سُئل الوزير أيضا عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي علقت الولايات المتحدة مساعداتها لها بسبب مزاعم بأن 12 من موظفي الوكالة شاركوا في الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر.
وقال أنه “من الضروري” أن يكون هناك تحقيق شامل في المشاركة المزعومة لبعض موظفي الأونروا، وأن يتم اتخاذ إجراءات واضحة حتى لا يتورط الموظفون مرة أخرى في الإرهاب.
إن العمل الذي تقوم به الأونروا “يجب الحفاظ عليه، لأن العديد من الأرواح تعتمد عليه… ويجب الحفاظ على الوظائف”.
وسئل بلينكن أيضا عما إذا كانت الولايات المتحدة ترى أي دور لحماس في حكم غزة بعد الحرب، ورد بالقول: “الإجابة المختصرة هي لا”.
طالع المزيد:
– بلينكن: بعض مواقف حماس تساعد على التوصل لاتفاق هدنة