كيف تشارك «بتكوين» في تعطيش مصر؟!.. تقرير

مصادر – بيان
خلال الأيام القليلة الماضية تواترت أنباء حول لجوء الحكومة الاثيوبية للعملة الإلكترونية المشفرة “بتكوين” لبيع الكهرباء الرخيصة المنتجة من السد الاثيوبي المسمى “النهضة”، والذى يعّطش مصر والسودان.
وفى هذا الصدد نشر موقع وكالة الأنباء المصرية “إندكس” تقريرا كاشفا للعلاقة بين القائمين على شركة “بيتكوين” وحكومة أثيوبيا، وبينهما “سد النهضة”.
فى البداية تقول “إندكس” إنه تم رصد صور لحاويات الشحن خلال فصل الربيع الماضي على مقربة من محطات الكهرباء الفرعية المتصلة بسد النهضة في إثيوبيا الذي قارب على انتهاء بناءه بالكامل حيث وصل لمستوى إنجاز ٩٨%، ويعد أكبر سد في قارة أفريقيا.
هذه الحاويات اتضح إنها كانت تحمل بداخلها مجموعات من الحواسيب القوية الشرهة لاستهلاك الطاقة، والخطورة في هذه الصور الغامضة للكثيرين، إنها تعنى دخول بيزنس السد الاثيوبي بكهرباءه لمجال غير اعتيادي، يقوى إثيوبيا ويضعف موقف مصر والسودان.

كانت هذه الصور غير الاعتيادية علامة واضحة تدل على أن شركات تعدين “بتكوين” الصينية، التي تنقلت من بلد لآخر بحثاً عن كهرباء رخيصة ولوائح ميسرة منذ أن طردتها بكين قبل سنتين، ووجدت ضالتها في إثيوبيا، والتى دخلت مجال تعدين البتكوين في عام ٢٠٢٢، وباتت حاضرة بمنطقة القرن الأفريقي.

ووفق الأرقام أصبحت إثيوبيا سريعا جدا من البؤر الدولية القليلة لبيزنس تعدين البتكوين، وضاعف أهمية تعدين هذه العملة السحرية بدء إنتاج الكهرباء الرخيصة من السد الإثيوبي، والذى جذب الصين إلى المشروع من جديد.

بعد أن تقاذفتها الظروف السياسية والاقتصادية غير المواتية، انجذبت لواحدة من أقل البلدان من حيث تكاليف الكهرباء حول العالم، علاوة على حكومة داعمة لها بطريقة متزايدة.

طالع المزيد:

مفاجأة مفاوضات سد النهضة الأخيرة التى كشف عنها عضو وفد التفاوض المصري

الإفتاء: البيتكوين غسل للأموال الحرام وخطر على الأفراد والمجتمع

وكشف “إندكس” فى تقريرها كيف عززت إثيوبيا العلاقات مع الصين على مدى العقد الماضي من خلال عدة مشروعات بنية تحتية ضخمة، منها القطار الواصل بين چيبوتى وإثيوبيا والسد الأثيوبى وغيرهما، والتي سمحت بتعدين “بتكوين” بداية من 2022 رغم أنها مستمرة في حظر تداول العملات المشفرة ، بمنطق غريب، وأسهمت شركات صينية عديدة في تشييد السد الذى تبلغ تكلفته 4.8 مليار دولار حيث تخطط شركات التعدين للحصول على الكهرباء منه.
بدأت حاويات الشحن خلال فصل الربيع الماضي بالظهور على مقربة من محطات الكهرباء الفرعية المتصلة بسد النهضة في إثيوبيا

– بدأت حاويات الشحن خلال فصل الربيع الماضي بالظهور على مقربة من محطات الكهرباء الفرعية المتصلة بسد النهضة في إثيوبيا (المصدر: بلومبرج).

ومن ضمن التقارير المعلوماتية التى اعتمدنا عليها في تحليلنا ، كان تقرير بلومبرج الذى أفاد أن إثيوبيا برزت بوصفها فرصة نادرة لكافة الشركات التي تقوم بتعدين العملة المشفرة الأصلية، إذ أسفرت التغيرات المناخية وندرة الطاقة عن ردود أفعال سلبية ضد قطاع قيمته 16 مليار دولار سنوياً (بالسعر الحالي لـ”بتكوين”).

لكنها تحظى بجاذبية خاصة للشركات الصينية، التي كانت بالسابق تهيمن على أعمال تعدين “بتكوين” لكنها واجهت صعوبات جراء التنافس مع منافسين محليين في ولاية تكساس الأميركية، المركز الحالي للنشاط.

مقامرة إثيوبيا

ويؤكد تقرير وكالة الأنباء المصرية “إندكس” أن هذه تعد أيضاً مقامرة خطيرة بالنسبة للشركات ولإثيوبيا على حد سواء، لكنها رابحة حتى الآن لها على الأقل، وخاسرة لمصر والسودان مع تقوية موقف السد الأثيوبي بتركيز الكثيرين على البيزنس المتعلق به.

تبنت سلسلة من البلدان النامية على غرار كازاخستان وإيران في البداية تعدين “بتكوين”، لكنها انقلبت ضد القطاع عندما هدد استخدامه للطاقة بتأجيج حالة من السخط المحلي. انتهت حقبة الصين باعتبارها مركزاً لتعدين “بتكوين” بطريقة مفاجئة خلال 2021 بعدما حظرته الحكومة، و اضطرت عشرات الشركات لمغادرة البلاد.

قال جاران ميليرود، الرئيس التنفيذي لشركة “هاش لابس ماينينغ” (Hashlabs Mining): “أولاً، من الممكن أن تنفد الكهرباء المتوافرة في الدول، ما لا يدع مجالاً لتوسع نشاط شركات التعدين. ثانياً، تستطيع الحكومة اعتبارها شركات غير مرغوب فيها فجأة وتدفعها للرحيل عن البلاد”.

القلق الإثيوبي رغم الأرباح

يساور القلق المسؤولين الإثيوبيين جراء الجدل الذي يصاحب نشاط تعدين “بتكوين”، بحسب مسؤولين تنفيذيين في القطاع تحدثوا بشرط عدم الإفصاح عن هوياتهم لتجنب تعريض العلاقات مع الحكومة للخطر. رغم دخول السعة الجديدة من توليد الكهرباء الخدمة، يعيش تقريباً نصف السكان دون كهرباء، ما يجعل التعدين موضوعاً حساساً. في نفس الوقت، يشكل مصدراً مربحاً محتملاً لإيرادات العملات الأجنبية.

سريعا إثيوبيا في مكانة بتكوينية خاصة

ارتقت إثيوبيا فعلاً لتكون واحدة من أكبر البلدان المستقبلة لمعدات تعدين “بتكوين” حول العالم، بحسب تقدير شركة تزويد خدمات التعدين “لوكسر تكنولوجي” (Luxor Technology). ذكر إيثان فيرا، رئيس العمليات التشغيلية، أنها بلغت هذه المنزلة رغم أن إبرام أولى صفقات شركة “لوكسر” الكبرى لشحن المعدات إلى هناك كان في سبتمبر الماضي.

أشارت الشركة الحكومية المحتكرة للكهرباء أنها عقدت صفقات إمداد بالكهرباء مع 21 من شركات تعدين “بتكوين”، وجميعها صينية عدا اثنتين منها.

أوضح نو شو، مؤسس رابطة التعدين الرقمي الصينية، التي تنظم المعارض وتسهل تجارة آلات التعدين: “ستصبح إثيوبيا واحدة من أشهر الوجهات لشركات التعدين الصينية”. يرتب “شو” لرحلة إلى إثيوبيا تضم مجموعة من مديري شركات التعدين الصينيين للقيام بجولة في مواقع العمل المحتملة.

– أشارت الشركة الحكومية المحتكرة للكهرباء أنها عقدت صفقات إمداد بالكهرباء مع 21 من شركات تعدين “بتكوين” المصدر: بلومبرغ

استعداد شركات تعدين “بتكوين” لشحن معدات بعشرات الملايين من الدولارات إلى دولة خرجت من حرب أهلية اندلعت في شمال البلاد قبل سنتين فقط، يشير إلى البيئة السياسية والاقتصادية الصعبة التي تتواجد بها.

وبالطبع تحتاج إثيوبيا لذلك بسبب أجواءها الاقتصادية الصعبة، التى اضطرتها لعدم سداد إلتزاماتها الحالية من الديون، لأول مرة ، في مؤسر خطير عليها، تحاول إنقاذ نفسها منه.

الألغاز الرياضية والمعاملة المشفرة

تقوم الشركات بدور جوهري في الحفاظ على شبكة “بتكوين” من خلال استخدام حواسيب عالية الأداء—أي “حفارات” (rigs) بلغة القطاع- لحل الألغاز الرياضية وإثبات صحة المعاملة المشفرة ، ويحصلون في المقابل على مكافآت في صورة “بتكوين” تصرفها الشبكة.

هذا النشاط المتقلب، تتبع فيه الإيرادات اتجاه أسعار العملات المشفرة صعوداً وهبوطاً، فتدهور وضع “ماينر كور ساينتفيك” (Miner Core Scientific Inc.) لدرجة الإفلاس في ديسمبر 2022 مع انهيار أسواق العملات المشفرة، وبعد 13 شهراً حصلت على موافقة المحكمة بالخروج من وضع الحماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 عندما قفز سعر “بتكوين بنحو 150%.

تستخدم الحفارات كميات هائلة من الطاقة، لذا تمثل إمكانية الحصول على كهرباء بتكلفة منخفضة ميزة تنافسية محورية. استهلك تعدين “بتكوين” 121 تيراواط- ساعة من الكهرباء خلال 2023، ما يعادل استهلاك الأرجنتين وفق تقديرات مركز كامبريدج للتمويل البديل. وقد تستأثر الكهرباء بنحو 80% من التكاليف التشغيلية لشركات التعدين، بحسب “ميليرود”.

انخفاض تكلفة الكهرباء هو ما يحدد الدولة التي تضع فيها شركات التعدين معداتها خلال السنوات الماضية، بداية من الصين، ثم مناطق مثل إيران، وكازاخستان، وروسيا وشمال السويد، وتكساس في الآونة الأخيرة، فالعامل المشترك بين كل تلك الأماكن هو الانخفاض النسبي لأسعار الطاقة.

رد سياسي عنيف

يمثل الاعتماد على الطاقة الوفيرة أيضاً نقطة ضعف رئيسية، إذ قد يدفع شركات التعدين إلى التنافس مع المصانع والمنازل للحصول على الكهرباء، ما يعرضهم لرد فعل سياسي عنيف.

قال المؤسس المشارك في “هاش لابس”، ألين ماخميتوف: “عندما فرضت كازاخستان قيودا وضرائب جديدة على شركات التعدين، دمر ذلك القطاع”. وبعد عامين من الإجراءات الصارمة، لا تزال منشأته بقدرة 10 ميجاواط متوقفة عن العمل.
تتنقل شركات تعدين “بتكوين” الصينية من بلد لآخر بحثاً عن كهرباء رخيصة ولوائح ميسرة منذ أن طردتها بكين قبل سنتين.

……………………………………………………………..

المصدر: وكالة الأنباء المصرية “إندكس”

زر الذهاب إلى الأعلى