خيارات مصر للدفاع عن أمنها القومي حال اجتياح إسرائيل لرفح
كتب: أشرف التهامي
صرّح مصدر مصري رفيع المستوى، إن القاهرة تتابع عن كثب الموقف في رفح الفلسطينية، مشددًا على “الاستعداد للتعامل مع كل السيناريوهات”.
ماذا يحدث؟
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد طلب إعادة تعبئة جنود الاحتياط من أجل الاستعداد للاجتياح العسكري لرفح.
يأتى هذا في الوقت الذي كشفت “القناة 13″ الإسرائيلية، أن الجيش سينفذ غارات جوية في رفح بشكل شبه يومي، حتى بعد أن طلب من المدنيين في الأسابيع الأخيرة البحث عن مأوى هناك هربا من القتال البري في مدينة خان يونس، إلى الشمال مباشرة.
وكشفت القناة 12 الإسرائيلية أن الهجوم على رفح أصبح جاهزا وينتظر موافقة المستوى السياسي، مضيفة أن الجيش خلال الهجوم سيركز على هدفين هما محور فيلادلفيا و”تطهير” مدينة رفح نفسها من كتائب حماس، هذا بالإضافة إلى إجلاء مواطني غزة إلى مناطق أخرى في القطاع.
وأثار تجهيز الجيش الإسرائيلي لإطلاق عملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، المحاذية للحدود المصرية، مخاوف واسعة لأطراف عديدة من “العواقب الوخيمة” لمثل هذا الإجراء في خضم تكدس النازحين الفلسطينيين البالغ عددهم ما يقارب 1.4 مليون نسمة.
وتتحسب مصر من أن تدفع العملية العسكرية التي تخطط لها تل أبيب، مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين تجاه الأراضي المصرية في سيناء واختراق الحدود، فضلًا عن احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بشن هجمات في محور فيلادلفيا وهو أمر ترفضه القاهرة.
تحصين الحدود
وقد قامت مصر بتحصين حدودها مع غزة بشكل كبير، حيث أقامت منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات وجدرانا خرسانية فوق وتحت الأرض.
كما طالبت مصر “بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تأوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع”، حسب بيان صادر عن الخارجية المصرية.
وشددت مصر على أن “استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى فى تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته”.
ولوحت مصادر مصرية بتعليق معاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل في حال إرسال الجيش الإسرائيلي لقوات إلى رفح.
وفي بيان لها، أشار البيان المصري إلى أن القاهرة “تواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين”، ودعت إلى “تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب فى الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء”.
الإجراءات المصرية
قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان، بشأن خيارات التعامل إزاء تنفيذ إسرائيل لخطتها باجتياح رفح وتداعياتها على الأمن القومي المصري، إن “الدولة المصرية لن تكتفي بإجراءات رمزية إذا تعلق الأمر بتهديد الأمن القومي وأراضيها، وكذلك تصفية القضية الفلسطينية”.
وأوضح أن “لدى مصر جبهة موحدة، وحزمة كبيرة من التحركات والإجراءات، كما لدى القاهرة من الوسائل ما يُمكنها من الدفاع عن أمنها.
وأضاف رشوان أنه من هذه الإجراءات في بعض المراحل الاحتجاج لإجراءات ذات طبيعة رمزية مثل سحب سفير أو طرد سفير”، قبل أن يمضي قائلًا إن “الإجراءات الفعلية وصلت إلى إسرائيل، ووصلت إلى من يوصلون إليها (تلك الرسائل) ما قد يترتب عليه أي تحرك عسكري غريب (في المناطق الحدودية).
ولفت رشوان إلى أن مصر تلعب أدوارًا في ملف الوساطة لا يمكن الاستغناء عنها، وشدد على أن “مصر لن تقبل بالمساس بأراضيها أو تصفية القضية الفلسطينية”،
هذا وقد قال للجزيرة مصدران أمنيان مصريان إن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمالي شرقي سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، تزامنا مع حديث المسؤولين الإسرائيليين عن التصديق على عملية عسكرية في المدينة المكتظة بمئات آلاف النازحين الفلسطينيين.
كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأحد المضي قدما في خطة اجتياح مدينة رفح، وكشف عن خطة لتهجير سكانها الذين يقدر عددهم بمليون و400 ألف نسمة
وقال نتنياهو -في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي” الأميركية-إن من يقولون لإسرائيل إنه لا ينبغي لها اجتياح رفح وكأنهم يقولون إن عليها خسارة الحرب وترك حركة المقاومة الإسلامية لتبقى في قطاع غزة.
خيارات مصر
لدى مصر عدد من الخيارات للتعامل مع هذا الوضع، يتمثل في العمل على عدة محاور:
1- عملت مصر على بناء مسار سياسي رافض للأفكار الإسرائيلية في اجتياح رفح، بدعم من الدول العربية والإسلامية، وكذلك حشد الدعم الدولي لإثناء تل أبيب عن خطتها بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي التي أعلنت رفضها للعملية العسكرية بمدينة رفح.
2- تستطيع مصر أن تتعامل مع مظلة المواقف الدولية والقانون الدولي الإنساني بما في ذلك الأمم المتحدة التي ترفض بكل وكالاتها وهيئاتها وكذلك أمينها العام ومبعوثه للشؤون الإنسانية، المنطق الإسرائيلي للسيطرة على رفح ودخولها برياً، للتنديد بما تقوم به إسرائيل.
3- تمتلك مصر خيار تعليق بعض الاتفاقيات الثنائية مع تل أبيب، سواءً كانت هذه الاتفاقيات سياسية أو اقتصادية، وعلى رأس ذلك اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين، خاصة أن تلك التحركات العسكرية تمثل خرقًا لها، وبالتالي ستُشكل تلك الخطورة أكبر خسارة لإسرائيل التي تعتبر أن هذه الاتفاقية تمثل أكبر مكسب تحقق للسلام والاستقرار في المنطقة، وبالتالي تعليقها يشكل ضربة كبيرة لهذا المسار.
وقد تنسحب مصر من لعب دور الوساطة بين إسرائيل وحماس، وهذا سيضر محاولات إسرائيل للإفراج عن “أسراها”، وكذلك التلويح بإلغاء اتفاقية “الكويز” وهي اتفاقية تجارية تضم كلاً من مصر وإسرائيل وأميركا، وتسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الولايات المتحدة دون جمارك بشرط أن يدخل فيها مكون إسرائيلي بنسبة محددة.
أسئلة هامة
وفي ظل الإصرار الإسرائيلي على اجتياح رفح، يبرز سؤالان وفق مراقبين:
الأول هو: هل ستقوم مصر بتعليق اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بينها وبين إسرائيل في عام 1979؟
الثاني هو: ماذا بقي من كامب ديفيد بعد الخروقات الإسرائيلية للبروتوكول العسكري الملحق بها من خلال اجتياح رفح والسيطرة، على محور فلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر الذي تحدث الإسرائيليون عن نيتهم السيطرة عليه؟
والإجابة على السؤالين مرهونا بما سيقع أحداث فى الأيام القادمة .