دور الأردن فى الجنوب السوري والتدّخل الأمريكي بدعوى “حرب المخدرات”

سوريا: أشرف التهامي

أيمن أبو نقطة
أيمن أبو نقطة

عن الدور الأردني بالجنوب السوري والتدخل الأمريكي بدعوى “حرب المخدرات” وآثاره السلبية على الدولة السورية، كتب الباحث أيمن أبو نقطة المتحدّث الإعلامي باسم تجمع أحرار حوران، التقرير التالى:

التقرير

شنّ سلاح الجو الأردني غارات جوية جنوب سورية، بلغ عددها 5 غارات منذ 8 مايو 2023 حتى نهاية يناير 2024؛ جميعها في محافظة السويداء استهدفت مستودعات مخدرات ومجموعات وأفراداً يعملون على إنتاج هذه الموادّ وتهريبها.

 “حرب المخدرات”

ويأتى استخدام الأردن لسلاح الجو في مواجهة ما وصفها “حرب المخدرات”، وشملت سلسلة من العمليات التي قامت بها القوات المسلّحة الملكية منذ مطلع عام 2022.

وفي تطبيق لقواعد اشتباك جديدة تجاه سورية. لم يتهم الأردن الدولة السورية بالوقوف وراء حرب المخدرات؛ حيث إدعى زوراً إنّ هناك مجموعات غير منضبطة من حرس الحدود والأجهزة الأمنية التابعة للجيش السوري تُقدّم الدعم والرعاية لشبكات التهريب وتقوم بعمل ممنهج تقوده مجموعات تتلقى الدعم والأوامر من جهات خارجية، بحسب بيانات الجهات الرسمية الاردنية ،فضلاً عن إدعائه قيام القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني بتسهيل عمل هذه المجموعات انطلاقاً من الجنوب السوري مستغلين تردي الأوضاع الأمنية، وكلها تعد إدعاءات لا ترقى لليقين حيث أن قوات سوريا الحرة الارهابية هي التي تقوم بتسهيل وتهريب ونقل المخدرات التي تقوم بتصنيعها فصائل المعارضة الإرهابية الموالية للقوات الامريكية في المنطقة 55.

ثَمة تساؤلات عديدة في تعاطي عمّان مع الأهداف داخل الأراضي السورية، سواء بما يتعلّق بالتنسيق مع الدولة السورية وطبيعته في حال وُجِدَ، ومدى تدخُّل روسيا كضامن بين الطرفين، أو بما يخص جدوى الضربات الجوية وفعاليتها في الحدّ من عمليات تهريب المخدرات وإيقاف خطرها.

أولاً: ما الذي تغيّر في دور الأردن جنوب سورية؟

اتفق الأردن مع الدولة السورية على تشكيل لجنة أمنية مشتركة مطلع يوليو 2023، وهي تجتمع منذ ذلك الحين بين الفترة والأخرى بهدف “مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عَبْر الحدود”.
وقد جاء تشكيل اللجنة بمبادرة من الأردن في محاولة منفردة لتطبيق بيان عمّان الذي صدر مطلع مايو 2023، في ظل مخاوف واضحة من عدم تحقيق لجنة الاتصال العربية أي اختراق أو خُطوات عملية لتطبيق البيان الذي أصبح جزءاً من خطتها لمتابعة مسار تطبيع العلاقات العربية مع الدولة السورية.
كان الأردن خلال الفترة بين عامَيْ 2018 و2022 يُعوّل على دور متقدّم لروسيا في ضبط الأوضاع الأمنية جنوب سورية، سواءً عبر الضغط على الدولة السورية أم بشكل مباشر، لكن من الواضح أنّ روسيا لم تنفّذ التزاماتها التي قدّمتها وتراجع دورها في المنطقة أكثر بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، فيما أفشلت القوات الامريكية كل الجهود الرامية لضبط مناطق الشريط الحدودي مع المملكة الاردنية.

وتنامى نشاط شبكات التهريب باستخدام القوّة لإنجاح عمليات التهريب التي لم تقتصر على المخدرات وشملت الأسلحة في كثير من الأحيان، وتتم بالاعتماد على الطائرات المسيرة والتسلُّل عَبْر الحدود ووسائل أخرى مختلفة، حيث أن المنطقة 55 تحتوي على قاعدة التنف والبرج 22 المتواجد بهما القوات الامريكية والفصائل الارهابية المدعومة من أمريكا بدعوى مناهضة انتشار تنظيم الدولة الاسلامية الإرهابي، والتي هي في الحقيقة تدعم انتشار هذا التنظيم وتنسق معه جميع هجماته ضد الجيش العربي السوري وذلك أيضاً لحظر انتشار التمدد الايراني فأهمية قاعدة البرج، تكمن في وجودها على خط الإمداد الشيعي المقدس (حسب التسمية الإيرانية) من طهران ومهران (في إيران) والزرباطية وواسط والقائم (في العراق) والبوكمال ودمشق (في سويا) وبيروت (في لبنان)، وطول هذه المسافة هي 1500 كيلو متر”.
دفع هذا الواقعُ الأردنَّ إلى تغيير مستمر لقواعد الاشتباك مع سورية، والتي شملت (حتى الوقت الراهن):
1- تعزيز الانتشار العسكري على طول الشريط الحدودي.
2- ملاحقة شبكات التهريب على طرفَي الحدود عَبْر الاشتباك المباشر معها.
3- القصف المدفعي ضد الأهداف المتعلّقة بتصنيع وتهريب المخدرات والسلاح.
4- استخدام سلاح الجو لضرب أهداف داخل سورية وتحديداً ضِمن محافظتَيْ درعا والسويداء والتي ارتفعت وتيرتها مطلع عام 2024 واستهدفت منازل ومزارع ومخابئ ومستودعات لتجار مخدرات.
جاء تكثيف الأردن لضرباته الجوية داخل سورية بعد عام 2024 تزامناً مع عدم تسهيل مهمة التعاون من قِبل الدولة السورية في الكشف عن مخابئ المخدرات بسبب تكثيف نشاط تنظيم الدولة الارهابية بتحريض أمريكي، إضافة لتراجُع ملاحَظ في دور روسيا جنوب البلاد والذي اقتصر على تسيير دوريات شكلية بين الحين والآخر على الشريط الحدودي دون أن تسهم بمكافحة عمليات التهريب على الإطلاق.
عوّل الأردن فيما يبدو على التنسيق والتعاون مع الدولة السورية من أجل خفض مستوى التهديدات الأمنية على حدوده؛ حيث زودت عمّان دمشق عَبْر اللجنة المشتركة قائمة بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها ضمن سيطرتها، والسؤال هنا، من أين حصلت الاجهزة الامنية الاردنية على تلك المعلومات؟
والتي لا تستطيع تلك الاجهزة الامنية الحصول على كل تلك الا اذا كان هناك تنسيق أمني ومعلوماتي مع القوات الامريكية بالمنطقة وأن مسألة حرب المخدرات ما هي الا ذريعة لإضعاف الدور السوري بالمنطقة وسبب لمزيد من التدخل الاردني المدعوم امريكياً بالمنطفة.
ولذلك جاءت استجابة الدولة السورية لمطالب الأردن بعد تشكيل اللجنة ضعيفة وشكلية، مثلما حصل في حالة مرعي رويشد الرمثان الذي كان بمثابة اختبار للتعاون قبل إطلاق اللجنة أو تشكيلها؛ حيث قامت عمان بتحييده وقتله مع زوجته وأطفاله بقصف جوي على منزله في قرية الشعاب الحدودية، بناء على معلومات حصل عليها الأردن من الدولة السورية وهذا بمثابة برهان على ان ادعاء الاردن بتقاعس الدولة السورية في عدم أو ضعف تعاونها ادعاء باطل.
خلال أحد اجتماعات اللجنة طلب الأردن من الدولة السورية الموافقة على السماح للقوات الأردنية بالتوغل داخل الأراضي السورية وتنفيذ عمليات أمنية ضد تجار المخدرات، نظراً لعدم نتمكن قوات الجيش السوري بوقف محاولات التهريب عَبْر الحدود بسبب دعم هؤلاء المهربين أمريكياً ، لكن الدولة السورية رفضت هذا الطلب، ووافقت على شن ضربات جوية أردنية في الأراضي السورية بشرط أن يتم تنسيقها بشكل مسبق بين عمان ودمشق، وبمشاركة مع الأخيرة عَبْر تزويد سلاح الجو الأردني بإحداثيات محددة.
إذاً ينفّذ الأردن الضربات الجوية في سورية بموجب آلية تعاون مع الدولة السورية، لكنْ هناك اختلاف واضح بمستوى التنسيق، حيث يُتوقّع أن:
1- طلعات سلاح الجو تتم عَبْر المجال الجوي الملكي وليس السوري مع توجيه إخطار قبل تنفيذ الضربات.
2- القيام بتبادل المعلومات، والتي في معظم الاحيان تكون خاطئة ،حيث يلجأ الاردن إلى جمع المعلومات عَبْر شخصيات لا تعرفهم الدولة السورية أو أجهزتها الأمنية، وهي عادة ما تكون غير دقيقة إلى حد كبير، مثلما حصل في محاولة قصف منازل تجار مخدرات استهدفهم الأردن استطاع قتل بعضهم مثل عصام خير، في حين تمكن مهرّبون آخرون من النجاة من عمليات الاستهداف المباشر لمنازلهم في قرى السويداء مثل عهد الرمثان وفارس صيموعة وناصر السعدي.
لم يثمر تعاون الأردن مع الدولة السورية نتائج فعلية للحد من المخاطر الأمنية، حيث بقي التنسيق ضعيفاً وشكلياً، فضلاً عن كونه مضللاً في بعض الأحيان من قبل الجهات والمصادر التي يعول عليها الاردن في جمع معلوماته؛ حيث تلجأ عمّان بعض الأحيان إلى جمع معلومات من شخصيات مخترقة من قِبل القوات الامريكية والفصائل الارهابية المدعومة أمريكياً بالمنطقة، ويتلقّى هؤلاء المعلومات إمّا بشكل مباشر من القوات الامريكية، لكن نتائج تلك المعلومات تغدو كارثية على سكان المنطقة من ناحية استهداف مواقع مدنية.
الأردن ما زال متمسِّكاً بضرورة التنسيق مع الدولة السورية في القضايا الأمنية، رغم التغيُّر في قواعد الاشتباك الذي فرضه سلوك الفصائل الارهابية المدعومة أمريكياً على الحدود. و يأمل الأردن أن يساهم استمرار التنسيق مع الدولة السورية برفع غطاء الدعم الامريكي عن مجموعات وشبكات تهريب المخدرات، بما يؤدي لتقليص دورها في دعم أنشطة المخدرات، بالتالي إنّ التغيّر في دور الأردن جنوب سورية ما زال منضوياً ضِمن الإستراتيجية السابقة التي اتبعتها، ويهدف من خلالها إلى تجنب الوجود الامريكي وتعديل سلوكه وتقويض قدرته على الوقيعة بين الدولة السورية والمملكة الاردنية ، أي بما يتطابق مع تحقيق رؤيتها لنهج الخُطوة مقابل خُطوة الذي اقترحه الملك عبد الله على الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2021 قبل أن يتبناه المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، بحيث لا يقتصر المسار على الحوافز ويشمل شروطاً واستخداماً لأدوات القوة حال الضرورة.

 ثانياً: نتائج تغيير الأردن قواعد الاشتباك جنوب سورية

لم تتبنَّ عمّان الضربات الجوية التي تنفذها داخل سورية بشكل صريح، واكتفت بتناقُل أخبار الاستهداف على وسائل إعلام غير رسمية، لم تسفر تلك الضربات عن إنهاء عمليات تهريب المخدرات إنما تمكنت من إيقافها مؤقتاً، حيث تعود شبكات التهريب للنشاط مجدداً بعد فترة وابتكار أساليب وطرق جديدة.
تدرك عمّان أنّه لا يمكن القضاء على شبكات التهريب بعمليات قصف جوي مهما كانت قوة الغارات وتأثيرها؛ حيث يُغادر جميع التجار والمهربين مواقعهم ومنازلهم بعد كل قصف، فضلاً عن تغيير مستودعات التخزين بين المزارع التي يملكونها أو يستأجرونها في بعض الأحيان.
إنّ التكلفة العسكرية للغارات الجوية تُعتبر كبيرة للغاية مقارنة بالمواقع المُستهدَفة، وهي لا تتناسب مطلقاً مع الأهداف على الأرض، فعلى سبيل المثال غارة بطائرة من طراز F16 تكلف عشرات الآلاف من الدولارات غير متناسبة مع تدمير منزل مهرب مثل عهد الرمثان الذي لا تزيد تكلفة نشاطه عن 7 آلاف دولار، ولم تُؤدِّ لمقتله أو إتلاف أي مخدرات بحوزته؛ لأنه كان قد نقلها قبل الغارة أصلاً. لكن من الواضح أنّ الأردن يريد استعراض القوة بغرض الردع بغض النظر عن التكاليف، فضلاً عن بعث رسالة لحلفائه لا سيما الولايات المتحدة والدول العربية بأنّه بالفعل انخرط في مواجهة “حرب المخدّرات” التي أعلن عنها وأنّه بحاجة لدعم مساعيه في هذا الخصوص.
أبدى الأردن استعداداً واضحاً لتنفيذ عمليات توغل محددة الأهداف داخل سورية لتدمير شبكات التهريب رغم رفض الدولة السورية لطلبه في هذا الخصوص طبقاُ لعد المساس بسيادتها؛ حيث أن:
1- نفّذ الجيش الأردني في 9 يناير 2024 عمليّة إنزال جوي شرقي محافظة السويداء وألقى القبض على 7 مطلوبين على علاقة مع مجموعات تهريب بالمخدرات والاتجار بها.
2- يستخدم الأردن طائرات مسيّرة لرصد تحرّكات شبكات التهريب التي تنشط في طرق ومنافذ التهريب غير الشرعية على حدود السويداء ودرعا، لكن من غير المعروف إنْ كان قد نفّذ عمليات قصف أو استهداف عَبْرها.
رغم التكلفة المرتفعة لهذا النوع من العمليات العسكرية، لكن إصرار الأردن على تنفيذها، يهدف إلى إبطاء وتقويض أنشطة شبكات التهريب وردع الفصائل الارهابية المدعومة أمريكياً عن تقديم الدعم والرعاية لها. بالفعل يُلاحَظ أنّ مجموعات التهريب بدأت تلجأ إثر هذا التغير في قواعد الاشتباك إلى تعديل تكتيكاتها وأساليب عملها، على سبيل المثال؛ أحبطت مديرية الأمن العامّ في الأردن أواخر يناير 2024 محاولة لتهريب 4 ملايين حبة مخدّر عَبْر معبر “نصيب – جابر” مع سورية، مما يُشير إلى تغيُّر في طرق التهريب والانتقال من المنافذ غير الشرعية التي زادت الرقابة عليها إلى المنافذ الشرعية.
أخيراً، تزود القوات الامريكية الاجهزة الامنية الاردنية بمعلومات مضللة تُسهم في وقوع ضحايا مدنيين ، مما دفع الأردن للتخلي عن مختلف الأدوات العسكرية والأمنية التي لجأ إليها لمكافحة أنشطة المخدرات في سورية، والعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة بحيث يتم حصر مراقبة شبكات التهريب وملاحقتها بالمسيرات.

ثالثاً: دور الأردن المتوقَّع مستقبلاً جنوب سورية   

ما يزال دور الأردن جنوب سورية حتى الآن على أقل تقدير مرتبطاً باستمرار التعاون والتنسيق مع الدولة السورية، لكن بالوقت ذاته أصبح هناك اعتماد متزايد على القوة العسكرية والأمنية للأردن لتقليص خطر التهديدات الأمنية من قبل الفصائل الارهابية المدعومة من قاعدة التنف وقاعدة البرج 22 الامريكيتين.
إنّ استمرار عمليات التهريب بشكل متصاعد سيشكل ضغطاً على الأردن ومن خلفه الدول العربية، بما يؤدي للتراجُع عن التنسيق الأمني والعسكري بين الطرفين، لكن ذلك سيبقى مرتبطاً أيضاً بنتائج مسار التطبيع العربي وما ستفضي إليه تقارير لجنة الاتصال الوزارية العربية الخاصة بسورية.
في غضون ذلك، يُتوقّع أن تزيد عمّان من ضغطها على واشنطن من أجل تزويدها بمعدّات وتقنيات لازمة لمراقبة أمن الحدود وحمايتها، لا سيما بعد الهجوم الذي تعرّض له موقع عسكري أمريكي داخل أراضي المملكة (البرج 22) قرب الحدود مع سورية من جهة التنف أواخر يناير 2024.
على أيّ حال، من المستبعَد أن يتطوّر دور الأردن إلى مرحلة تنفيذ عمليات عسكرية واسعة داخل سورية، ما لم يكن هناك توجُّه أمريكي ،
لعلّ الأردن يريد الإيحاء بإمكانية تطوير دوره العسكري جنوب سورية من أجل الضغط على الدولة السورية ودفعها لتقديم التنازُلات، لا سيما أنّ الاردن ما يزال يحرص على استمرار التنسيق مع مجموعات من المعارضة المسلّحة الارهابية في درعا وقادة سابقين فيها، فضلاً عن زيادة مستوى التعاون والتواصل مع جيش سورية الحرّة في قاعدة التنف، كذلك هناك حركة رجال الكرامة في السويداء التي أعلنت عن جاهزيتها للتعاون والتنسيق مع الأردن بهدف ضبط الحدود من جهتها ومكافحة تهريب المخدرات في المنطقة وذلك لاثبات وجودها وتأكيد اضعاف الدور الحكومي السوري. من جانب آخر لا بدّ أنّ الأردن -لتعزيز مستوى الضغط على الدولة السورية في قبول شن هجمات جوية داخل الاراضي السورية – سيلجأ إلى رفع مستوى التنسيق مع روسيا ومحاولة حثها على إعادة وتفعيل دورها جنوب سورية لإيجاد أدوات وآليات تُحسّن من قدرة الأردن على مواجهة التهديدات الأمنية القادمة من الحدود مع سورية من خلال الفصائل الارهابية المدعومة أمريكياً.

الخُلاصة

بعد مرور 12 عاماً على النزاع في سورية، وأكثر من 5 سنوات على التسوية جنوب البلاد، لم يعد دور الأردن كما كان عليه سابقاً، فلا روسيا قادرة بالظروف الراهنة أن تضمن له الاستقرار على حدوده الشمالية ولا الدولة السورية قادرة على تأمين متطلباته بسبب الجهود الامريكية للحيلولة دون ذلك ، ولا سياسات إسرائيل والولايات المتحدة يُمكن أن تردع تهديد الفصائل الارهابية المنتشرة في محافظات درعا والسويداء.
اضطر الأردن منذ منتصف عام 2023 لتغيير دوره وإعادة الانخراط في المشهد جنوب سورية بحذر، وأصبح تدخُّله عسكرياً حاضراً بوضوح عَبْر تنفيذ ضربات جوية وعمليات إنزال واشتباكات مسلّحة على الحدود، يحرص الأردن على بقاء تدخُّله محدوداً لذلك يُصرّ على استمرار التنسيق والتواصل مع النظام السوري والضغط عليه لتعديل سلوكه، لكن التهديد الذي يواجه الأردن لم يَعُدْ يقتصر على المخدرات والأسلحة، إنما بات يشمل استهداف أراضيه من قِبل الميليشيات الإيرانية التي تُقدّم إلى جانب أجهزة النظام ووحداته الدعم لمجموعات التهريب وشبكاته، مما يُشكّل مزيداً من الضغوط والتحدِّيَات أمام سياساته لحصر المواجَهة ضدّ “حرب المخدرات” التي يتعرّض لها.

…………………………………………………………………………………………..
كاتب التقرير: عضو فريق وحدة المعلومات تتركّز متابعاته على مناطق جنوب سورية عمل سابقاً مع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا vdc يشغل حالياً منصب المتحدّث الإعلامي باسم تجمع أحرار حوران درس هندسة الاتصالات والإلكترونيات في جامعة فيلادلفيا في الأردن، وتخرج فيها عام 2019.

طالع المزيد:

احصائيات: 10 استهدافات إسرائيلية للأراضي السورية منذ مطلع 2024

زر الذهاب إلى الأعلى