“قل شكوتك”.. تنازلات إرادية
كتبت: أسماء خليل
أحيانًا يفعل المرء بعض التصرفات التي تودي به للهلاك، وربما يتخذ من جهله بالأمور ذريعة للتبرير؛ فهل حقًّا أنا على خطأ؟!.. وهل أنا السبب في كل مشاكلي التي جعلت حياتي مليئة بالألم والتعاسة؟!.. ربما!.
أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها السيدة“و.ح”، عبر البريد الإلكتروني، راجية من الله تعالى أن تجد من يرشدها نحو الصواب، ويساعدها أن تقف على بداية جديدة لطريق آخر.
الشكوى
أنا “و.ح”.. زوجة بالخامسة والثلاثين من سِني عمري، أعيش مع زوجي وأبنائي بأحد مدن الوجه البحري، حاصلة على ليسانس دراسات إسلامية، أحظى بقدر كبير من الجمال والأخلاق المهذبة، هكذا يحكم عليَّ من حولي.
منذ كنت طفلة صغيرة وأنا أشعر أن الله – سبحانه وتعالى – يشملني برعايته ورحمته، فلم يعلمني أي أحد الصلاة أو يأمرني بها، ولكني كنت أصوم وأصلي وأحفظ القرآن من تلقاء نفسي، ما جعلني زوجة هادئة مطيعة ريثما وطئت قدمي بيت الزوجية.
كان أبي موظفًا بأحد المصانع الحربية وأمي ربة منزل، ولدي أخوان يكبرنني، قد نالا قسطًا عاليًا من التعليم العالي، فأحدهما أستاذ بالجامعة، وكأي فتاة جميلة تقدم لخطبتي كثير من الشبان بعد حصولي على الثانوية الأزهرية.
ومن بين المتقدمين، شاب وسيم متدين لديه شركة للأدوات المنزلية، يكبرني بسبع سنوات، فلم ينتظر أبي حتى أتم سنوات الجامعة لأرتبط بشخص، وكان ذلك بقراءة الفاتحة ثم الخطوبة، وانتظرني حتى حصلت على شهادتي.
كان أهل زوجي من المشهود لهم بالصلاح، وكان أبوه يعمل بالتجارة ووالدته لديها محل للملابس الجاهزة، ولديه الكثير من الأخوة، جميعهم على خلق، متزوجون ومستقرون وسط أسرهم.
تم زواجنا وسط بهجة من الأسرتين، وملأت الزغاريد قلبي البريء، أحببتُ ذلك الرجل فلم أعرف غيره يومًا، ومابرحت أتم السنوات الأولى من زواجنا إلا ورزقني الله – سبحانه وتعالى – خلالها ببنتين وولد، كم أسعد بوجودهم في حياتي.
بدأت مشاكلي منذ بداية زواجي؛ فأنا الزوجة الهادئة المتدينة التي تراعي ربها في زوجها، وهو الزوج الذي وراءه الكثير من علامات الاستفهام داخل شخصيته، فكان شديد الارتباط ببيت والده، وكانت أمه تذهب للمحل، وفي الغالب الموجود بالمنزل أخوه الأصغر منه وزوجته التي تقاربني بالعمر.
كان زوجي يأخذ من وقتي ويمنحه لأخيه وزوجته، لا أعلم لماذا؟.. وحينما كان يعود من دارهم، كان ينتقد كل شيء أفعله، وبذكاء المرأة، فهمتُ أنه يقارن بيني وبين زوجة أخيه في كل شيء، يعجبه كل ما تفعله، ولا يعجبه أي شيء أفعله، فيُعيِّب على ملابسي وطعامي وتربيتي لأولادي.
حاولت مواجهته؛ ولكنه كان يعرف مدى تديني، فكان يقول لي: أتمنعيني من زيارة أبي وأمي؟!.. ورغم تيقني من أن أبيه بالعمل لوقت متأخر وكذلك أمه تأتي من المحل منهكة وتنام مبكرًا؛ إلا أنني خشيت أن أعصي الله وأكون مانعة له من زيارة أهله.
كان يأكل بمنزلنا وينام به، وينتقدني بشكل دائم، وهذا دوره وفقط معي، ولكن أي وقت فراغ باليوم او عطلة يذهب إلى ذلك البيت الذي هو سبب مشاكلي، وحتى الآن، مازال “ الماراثون” الذي يعقده بيني وبين زوجة أخيه مستمرًا، برجوح كفتها لصالح كفتي.
لم أستطع أن أصل لطبيعة العلاقة بينه وبين زوجة أخيه، ولكني متأكدة أنها ليست عشقًا أو شيء من ذلك القبيل، ولا أعلم لماذا هو مُصر على تحطيم نفسيتي، ولا يعلم مدى ذكائي، حينما ينتقد طعام لي، يقول البديل الذي أعجبه، وأنا أعلم أن من يفعله بتلك الطريقة هي زوجة أخيه، وكذلك ملبسي وكل تصرفاتي.
أنا لا أجده.. لا أتذكره يتجمع معنا على الغداء أيام العطلات، فهو يتناول تلك الوجبة عند أخيه وسط أولادهم، وليس وسط أولاده.. حاولت وحاولت.. ولكن على تخوف من عصياني لله تعالى أو أن أكون مذنبة تجاه أهل زوجي، بقطعي لصلة رحمه تجاههم.
وحينما يغيب زوجي عن دار أهله ولو ليوم؛ سرعان ما أجد زوجة أخيه تتصل بنا بالمنزل، بأي حجة تسأل لماذا لم يأتِ فأبوه يحتاج منه كذا، أو أمه أحضرت له كذا، وكذلك أخوه، فدائما يسأل عنه ويحضر بالبيت التسالي، وكذلك الألعاب الذكورية مثل “ الطاولة والشطرنج”، ويشعرون زوجي بالاستمتاع بدارهم.
ماذا أفعل بحق الله؟!.. فقد تحطم ما بداخلي من مشاعر رقيقة بريئة.
الحــــــــــل:
عزيزتي“ و.ح”..كان الله بالعون.
الإنسان بطبيعته لديه الكثير من التعقيدات السيكولوجية، التي حار علماء النفس في فك رموزها؛ فقد تكون كل الطرق هي الممهدة لسبيل ما، ولكنه يختار طرقًا أكثر تعقيدًا، وربما لا يصل!..
ما بال زوجكِ، وربما كثير من الأزواج يهجرون بيوتهم وسكنهم، من أجل السُكنى بأحد المقاهي، أو التسكع بالطرقات، أو المكوث ببيت قريب؟!.. فهذا ليس من العدل في شيء.
لقد تنازلتِ عن حقوقكِ عزيزتي، بفهمكِ الخاطئ للدين الذي من شأن تعاليمه إراحة العباد وتحقيق السعادة لهم، لا الألم والضيق النفسي، فسكوتكِ عن زيارات زوجكِ لدار أهله، مع تيقنكِ بعدم وجود أبويه بالمنزل، وهو يولي وقته لأخيه وزوجته وأولادهما ويترك أولاده؛ كان سببًا متأصلًا لحدوث ما أنتِ عليه الآن من تأزم نفسي وعائلي.
كان ومازال عليكُ تنبيه زوجكِ بأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – حذر من الاختلاط بمن ليسوا بمحارم بالعائلات، وذلك في قوله”الحمو الموت”، فعليكِ مواجهة زوجكِ بذلك الأمر، وتسألينه بشكل صريح، لماذا يفعل ذلك!.
أما بالنسبة للأسباب الخفية؛ فزوجة أخيه من نوع الزوجات اللائي لا تسعد بزوجها وتكتفي به، فهي ترتاح للتحدث مع زوجكِ وتفتح له البيت؛ فالمرأة كل شيء، بالإضافة إلى من المؤكد أن أحاديثها لا تخلو من الغيبة والنميمة والحكي في سيرة الناس.
وتلك المجالس يجد فيها زوجكِ هروبًا من مسؤولية المنزل والأولاد، وربما تكونين عزيزتي من النساء التي تحكي بشكل يومي لزوجها عن مشاكل الأبناء، لذلك يسلك الطريق الأسهل، ويتنصل من الحِمل الأبوي بالهروب إلى أخيه وزوجته، وخاصة ذلك الجو المريح الترفيهي الذي يجده لديهم.
عليكِ الآن عزيزتي، بمواجهة زوجكِ أولًا، وتذكيره بحقوق أولاده الذين حتما هم بسن المراهقة، وأن عليه دورًا تجاههم، وأنكم أولى بوقته.
وفي المقام الثاني، تحملي قليلًا، ولا تذكري له أي مشكلات لدى أبنائكِ، وحاولي بذكاء المرأة وتنسيقها الانتهاء من أعمال المنزل والمذاكرة للأولاد قبلما يأتي زوجكِ من العمل، وأحضري أنتِ التسالي، وهيئي له جوًّا من الترفيه.
ثالثًا.. تحدثي مع زوجكِ عن الأشياء التافهة للتخفيف من عبء العمل عليه، فهي فترة علاج لا أكثر، ولكن احذري الغيبة والنميمة، فمن أرضى الناس في سخط الله، سخط عنه الله وأسخط عليه الناس.
واحرصي على الذهاب معه، كلما يذهب لدى أخيه، فسوف يمل هو، ولن تستطيع زوجة أخيه أن تستفيض في أحاديثها أمامك، وكذلك كل ما يقومون به جميعًا.
اختلقي حججًا حتى يقبل المكوث بالبيت، وتارة تارة سينجذب للمنزل مرة أخرى، ويوازن بين رعايته لزوجته وأولاده وبين صلة رحمه.
استمري على ذلك ولو لفترة مؤقتة، ثم بعدها اخلقي جوًّا متوازنًا يليق بأسرة ناجحة بالدنيا والآخرة، بعدما يكون زوجكِ اعتاد المكوث بالبيت.
منحكِ الله السعادة وراحة البال.
…………………………………………………………………………………………………..
راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.