هبة مسعد المحبشي تكتب: لما نكتب؟

بيان

أريد أن أكتب بهدوء لساعات طويلة. أكتب حديثًا أشرح فيه كل شيء. أن أرى قلمي وهو يخط تلك الكلمات التي خشيت أن أقولها وتلك التي خجلت من إظهارها للعلن.

أن أكتب كل شيء شعرت به وصمتُ عن الاعتراف به لأسباب تتعلق باليأس والذعر والإحباط.

قد يسأل البعض: لماذا تكتبين؟ وما العبرة وما الفائدة من ذلك؟

حسنًا، أنا أكتب للتخفيف من عبء أفكاري الذي يزداد كل يوم ولا يمكنني مشاركة أفكاري تلك إلا مع الأوراق والنجوم والبحر والغيوم.

أنا أكتب لأجد شيئًا ما، شيء ما زلت أبحث عنه عن طريق كتابة كل ما أراه وأسمعه، حقيقة كان أم خيال.

ولكن…

هل سأجد ما أبحث عنه؟ أم سأبقى أبحث إلى الأبد؟ هل سأنظر يومًا ما إلى الأوراق بين يديّ وهي خالية من الأحرف؟ هل سأتوقف عن الكتابة يومًا ما؟

إذاً قد نختصر الكثير ونقول بأن الكتابة هي تعبير عن ما نخاف قوله. ولكن لماذا نخاف؟

نخاف لأننا قد نكتب كلمات وأسطر قد يقول عنها البعض هراء، ولكن ذلك الهراء لا يمكن لأي شخص عادي فهمه. فالكتابة هي صراخ، صراخ من نوع آخر لا يسمعه الجميع. فكل ما يكتبه المرء يحمل جزءًا منه ومما عاشه، لذا ستبقى الكتابة هي المنجى والمهرب الوحيد لأفكارنا التي يستحيل فهمها.

لذا دائمًا ما أقول:

إن حاصرك واقع ولم تجيد فهمه، حوله لكتابة، لربما تجيد قراءته. وفي أول مرة قد تحاول فيها الكتابة، وعندما تضع القلم على سطح تلك الورقة التي تتقبل كل أفكارك وخرافاتك تلك، سوف ترى بأن يديك تكتب دون توقف. سوف تكتب كلامًا لم تظن يومًا أنه سيخرج منك وأنك قد تكتبه، وكان الرياح جرت بك على غير ما تهوى مجاريها. فتتمنى حينها لو أن حياتك كتبت على أوراق يمكنك التعديل عليها أو تمزيقها أو إضافة ومسح أي شيء تريده. وعلى قدر ما تملك من صفات رائعة بحياتك تلك، إلا أنك مازلت تهاب الحياة والبوح عن سلبياتها وعن ما بداخلك. فتلجأ لكتابة ذلك الهراء وتلك المشاعر المتراكمة والأفكار العويصة على تلك الأوراق دون التوقف ودون أن يصيبك الكلل أو التعب.

– “الكتابة هي الحياة” لذا اكتبي دون أن تفكري هل سيُعجب أحد بكتاباتك؟ اكتبي لأجلك فقط.

اصنعي عالمك الخاص وكتابك المميز الذي ربما لن يقراه أحد غيرك، ولكن يكفي أن ما كتبتيه نال إعجابكِ وكتب بحب ومشاعر صادقة وجعلك تبتسمين وأنت تكتبين كل حرف فيه.

طالع المزيد:

د. قاسم المحبشى يكتب: من وظائف الفلسفة الأساسية

زر الذهاب إلى الأعلى