لمى المفتى تكتب: متى يأتي الربيع؟

بيان

صباح يشبه كل الصباحات .. وسط متطلبات الحياة وزحمة الشوارع والطرقات، وأصوات ضجيج السيارات والباعة، أصوات مكالمات من كل جهة، نقاشات لا متناهية قد تنتهي أحياناً باصطدامات بين الناس .

كل هذا لا يشبه الصباح الذي أنتظره، كل هذا يشبه كابوساً يومياً .

هذه الدوامة التي تسرق منا الأيام والعمر والأمنيات دون سابق إنذار، تجد نفسك تلف وكأنك تضيع بين ضجيج الكلمات وأنين الحروف وأصوات ذكرياتك الجميلة التي تهرب فيها من صور واقع تضع نفسك فيه باحثاً عن صور ناس التقيتهم أو قد تلتقيهم ولا تعلم إن كان هذا اللقاء في ربيع العمر أم خريفه .

أستوقفتني في هذه اللحظة أبيات للشاعر (محمود درويش) يقول فيها:

مر الربيع سريعاً

مثل خاطره طارت من البال

فهل الربيع المنتظر يأتي كخاطره؟

وهل هذا العمر الافتراضي فصول؟ وهل نعيش فصول حياتنا بترتيب فصول السنة؟

أم أن الأعمار هي ربيع، والحياة هي الانتقال من ربيع إلى ربيع؟

ومع كل انتقاله لابد من تقييم نقدي لما حققناه في الماضي وما ينتظرنا في المستقبل، كثير منا ينتظر ربيعه ولا يأتي ليلبي متطلباته وتطلعاته، ويعيش وسط غيوم الحزن والكآبة .. فما هو الربيع؟ ومتى يأتي ربيعك المنتظر؟

قديماً عند العرب سمى الربيع باسمه لارتباع الناس فيه للدواب وغيرها، وعرف عندهم ربيع الشهور وربيع الأزمنة .

ربيع الشهور في التقويم الهجري هو ربيع الأول وربيع الثاني.

أما ربيع الأزمنة .. فهو ما نعيشه في حياتنا، رحلة يمر بها كل إنسان بفصوله وأيامه ما بين الصحة والمرض والنجاح والفشل والفقر والغنى، وكل هذه المتناقضات، من سن الشباب في ربيع العمر .. إلى خريفه.

وربيع العمر هي تلك الفترة التي تزدهر فيها عطاءات الإنسان، ولكن هل يجب أن نحدد مفهوم العطاء بربيع العمر؟ وهل نجمد طاقاتنا ونجعلها مقتصرة على مرحلة وفصل من فصول الحياة؟ أم نجعل التجدد وتقدم العمر واستمرار العطاء والإبداع والتألق في حياتنا ربيعاً دائماً؟

وإذا كانت الأرض تجدد نفسها كل ربيع فهي تبعث لنا برسالة عبر دفء الشمس وعبق النسائم … لتُطفي انتعاشة وحياة جديدة في نفوسنا وقلوبنا فالربيع نهاية كل برد وشدة وتعب مضني مررنا به .

الربيع شهر قطاف ثمار الصبر وتحمل أعباء الحياة .

وإن كانت حياتنا سلسلة من المتاعب والتحديات، يبقى الربيع بقوته فصل التجدد والعطاء وتلك الشمس الدافئة تأتي لتبعث لنا النور مهما أخذتنا الحياة في دهاليزها المعتمة .. لابد من إشراقة النفس وازدهارها كأنها ولادة جديدة ..

الربيع هو سيد الفصول وموسم البدايات.

مع حلول وبداية شهر رمضان، شهر البركة والخير الذي يتجلى للنفوس ببركاته ونفحاته لتصفى الروح وتشرق وتزهو بالسلام الداخلي، هذا السلام الذي يريح تفكيرنا من كل تعب ..

الأيام كلها تمر كالسحاب، فهل نترك أنفسنا لتقلبات الحياة ..

أم نعيش ربيعنا الدائم الذي يزهو بالأمل والتفائل، أم نترك الظروف ومتاعب الحياة تجمد عقولنا وأيدينا؟

سيحل الربيع،، والأيام ستأتي بربيعنا الدائم.

اقرأ أيضا للكاتبة:

لمى المفتى تكتب: كلام أهل الشام

لمى المفتى تكتب: كيف قضى السوريون عيدهم في مصر ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى