عيد الفطر إجازة فى أحد المدارس.. قرار يثير الجدل فى إيطاليا ما بين المسلمين واليمين المتطرف

 

رسالة إيطاليا: إكرامى هاشم

 

في سابقة هي الأولى في إيطاليا، قرر مدير أحد المدارس الثانوية بمدينة بيولتيلو بمنطقة ميلانو بشمال إيطاليا اعتبار يوم 10 أبريل المقبل، والذي يوافق أول أيام عيد الفطر المبارك، يوم عطلة رسمية بالمدرسة.

وبرر مدير المدرسة قراره بأن نسبة الطلاب المسلمين في المدرسة تتجاوز 40% من إجمالي عدد الطلاب بالمدرسة، ولكن فور إعلان إدارة المدرسة القرار، اندلعت حالة من الجدل على المستوى المجتمعي والرسمي أيضاً فى إيطاليا.

وإيطاليا تُعد من الدول الأوروبية التي لديها عدد كبير من السكان المسلمين، حيث يُقدر عددهم بنحو 3 ملايين نسمة، وهذا القرار يُعد الأول من نوعه في إيطاليا، وقد يُشجع مدارس أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة في المستقبل.

أول رد فعل

في أول رد فعل تجاه القرار، علقت سيلفيا ساردوني، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب رابطة الشمال اليميني والمعادي للمهاجرين في إيطاليا، قائلة: “إنه قرار ذو صلة بشكل خاص، ومثير للقلق بالنسبة لي، ويشكل سابقة لأنها ربما تكون المرة الأولى في إيطاليا التي يتم فيها إغلاق مدرسة في شهر رمضان”.

وأضافت عضو البرلمان الأوروبي في مذكرة: “بالنسبة لقادة المدارس، فإن هذا الاختيار يساعد على الإدماج، وبدلاً من ذلك، أعتقد أنه يمثل تراجعًا خطيرًا عن هويتنا: فمن خلال إغلاق المدارس لقضاء العطلات التي لا تشكل جزءًا من ثقافتنا وتاريخنا، فإننا نعطي قوة أكبر لعملية الأسلمة تلك التي تنتشر بقوة في جميع أنحاء أوروبا.

وعلى مر السنين، كان الطلب الدائم لاتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا إدراج الأعياد الإسلامية في التقويم المدرسي.”

من جانبه، رحب اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا بقرار المدرسة، واعتبره خطوة إيجابية نحو احترام التنوع الثقافي والديني في المجتمع الإيطالى، مشيرا إلى أن هذا القرار سيساعد على دمج الطلاب المسلمين في المجتمع الإيطالي، وسيجعلهم يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، مؤكدا أن هذا القرار لا يُمثل أي تهديد للهوية الإيطالية، بل هو تعبير عن احترام التنوع والاختلاف.

فيما أثار القرار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، فمن ناحية، اعتبر البعض أن القرار خطوة إيجابية نحو احترام التنوع الثقافي والديني، بينما اعتبر البعض الآخر أن القرار يُمثل تهديداً للهوية الإيطالية، وأنه انجراف غير مقبول، وقال إيطاليون: “بينما نخفي رموزنا وتقاليدنا، سنغلق المدارس للاحتفال برمضان.. هذا ليس المستقبل الذي نريده!”.

رأى وزير التعليم

أما وزير التعليم جوزيبي فالديتارا فقد عقب على القرار قائلاً: “من الواضح أن المدارس لا يمكنها تحديد عطلات جديدة بشكل مباشر أو غير مباشر – وأضاف: “هدفي هو تطبيق القانون والشرعية والقواعد، ويتم تحديد التقويم المدرسي من قبل منطقة لومباردي، ويمكن للمدارس عدم التقيد بالاحتياجات المؤكدة المرتبطة بخطة عرض التدريب”.

وتتفق مع ما سبق وكيلة وزارة التربية والتعليم باولا فراسينيتي وتضيف: “من الصواب أن تتحقق المكاتب المختصة بالوزارة من الأسباب التعليمية التي أدت إلى اتخاذ قرار الاستثناء من المدرسة الإقليمية “التقويم ومدى توافقه مع النظام القانوني. همنا الأول هو عدم المساس بحق أي شخص في الدراسة”.

على المستوى المجتمعى

وعلى المستوى المجتمعي، فقد اندلع الجدل على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل أولياء أمور الطلاب ما بين مؤيد ومعارض للقرار، ووصل الجدل إلى توجيه إهانات إلى مدير المدرسة صاحب القرار.

وعن قراره باعتبار يوم عيد الفطر عطلة رسمية، أوضح مدير المدرسة أليساندرو فانفوني قراره بالإغلاق في نهاية شهر رمضان لصحيفة “كورييري ديلا سيرا” قائلا: “لدينا 43% من التلاميذ من جنسيات أخرى (إجمالي 1300 تلميذ)، ولكن أيضًا بين الإيطاليين هناك ما لا يقل عن مائة جيل ثانٍ”، وبالتالي نصل إلى 50%، وليست جميعها مرتبطة بالثقافة العربية، لكن الجزء الأكبر منها يأتي من مصر والمغرب وباكستان”.

وواصل مدير المدرسة قائلا: “لذلك، نهاية شهر رمضان (يوم وقفة عيد الفطر) يبقي نصف الطلاب في المنزل، وبالتالي فإن القرار ينشأ من هذا الوضع”.

وأوصح مدير المدرسة: “في الواقع، بدأ تلاميذ المعهد الدراسة مبكرا قبل يوم من التقويم الإقليمي، لتعويض إغلاق يوم 10 أبريل”.

“إهانة”

واشتكى المدير من أنه تعرض للإهانة على وسائل التواصل الاجتماعي، “كما لو أنني ارتكبت عملاً دنيئًا. ألاحظ أن الكبار لا يعرفون كيفية تطبيق ما نعلمه للطلاب، أي التواصل غير العدائي، وقبول آراء المعلم”.

وشرح مدير المدرسة وجهة نظر أخرى، قال فيها: “في الواقع، يوجد في مجتمعنا المدرسي صفاء كبير في العلاقات بين العائلات من أصول مختلفة”.

ترحيب من قبل أقطاب الجالية العربية والمسلمة في إيطاليا

وجاء رد فعل أبناء الجالية العربية والمسلمة في إيطاليا، مشيدا بالقرار، ومرحبا به، واعتبره أبناء الجالية خطوة على الطريق الصحيح ومبادرة طالما انتظروها كثيراً، وبدا ذلك من خلال منشوراتهم وتغريداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويذكر أن اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا قد طالب عبر سنين إدراج الأعياد الإسلامية في التقويم المدرسي.

رئيس جالية العالم العربي

البروفيسور جهاد عودة
البروفيسور جهاد عودة

وفى هذا الصدد أوضح البروفيسور فؤاد عودة، رئيس جالية العالم العربي في إيطاليا، فى تصريحات خاصة لـ “بيان” ضرورة التوصل إلى اتفاق رسمي بين الدولة الإيطالية وكافة الطوائف الدينية من ناحية الاعتراف بدياناتهم ومن ثم الاعتراف بمناسباتهم وأعيادهم الدينية ومنحهم الحق في اعتبار أيام تلك المناسبات عطلة رسمية لأصحاب تلك الديانات ومن ضمنها الدين الإسلامي.

وأشاد عودة بقرار مدير مدرسة بيولتيلو الذي وصفه بالإيجابي، مشددا على ضرورة الأخذ في الاعتبار احترام قوانين الدولة المضيفة وإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين في إيطاليا.

رئيس مسجد الهدى بروما

زينب محمد
زينب محمد

وفى تصريحات خاصة لـ “موقع بيان الإخبارى” كما رحبت زينب محمد، رئيس مسجد الهدى بروما، بالقرار معربة عن أمنيتها بأن تحذو إدارات المدارس المختلفة في إيطاليا حذوها. معتبرة أن هذا القرار مطلباً من مطالب عدة كثيراً يتم المناداة بها من أجل أبناء الجيل الثاني من المسلمين في إيطاليا في ظل مبدأ تعدد الثقافات التي تقوم عليها القيم الأوروبية. ومشددة على ضرورة احترام قوانين الدولة الإيطالية التي ترى أنها دائماً ما تتسع لجميع المعتقدات والثقافات.

رأينا

فيما يرى كاتب هذه السطور، باعتباره أحد المهاجرين منذ ما يزيد على 20 عاما، وأحد النشطاء المشاركين فى فعاليات المجتمع الإيطالى فى صلته بالجاليتين العربية، والإسلامية، أن القرار جاء بمثابة جرس إنذار لضرورة البدء في تفعيل حوار مع الدولة الإيطالية ولفت انتباه مسؤوليها إلى وجود أبناء الجالية المسلمة في إيطاليا، والتي وصل عددهم لحوالي أربعة مليون نسمة يعيشون على الأرض الإيطالية في ظل عدم اعتراف رسمي من قبل الدولة بالديانة الإسلامية كديانة رسمية.

وأنه قد آن الأوان لفتح تلك القضية والتواصل مع القنوات الرسمية الإيطالية من أجل انتزاع قرار بالاعتراف بالديانة الإسلامية كديانة رسمية في ظل اعتراف إيطاليا بـ 13 معتقداً دينياً آخر، لاسيما في وجود أكثر من مليون مسلم من أبناء الجيل الثاني ممن نشأوا وتربوا في المجتمع الإيطالي وأصبحوا يحملون الثقافة الإيطالية بجانب ثقافتهم الإسلامية.

طالع المزيد:

رسالة إيطاليا: الإعلام الإيطالى يحتفل بزيارة ميلونى للقاهرة ويصفها بالتاريخية

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى