انهيار جديد.. كيف ستؤثر الحرب بين إسرائيل وغزة على السفر في الصيف لـ الأرْدُنّ ومصر ولبنان؟
كتب: إسلام فليفل
لا تزل الحرب بين إسرائيل وغزة تؤثر على الطلب على السفر إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشهدت حجوزات التذاكر حاله من الانخفاض إلى المنطقة بنسبة حوالي 6 في المائة في الربع الثاني مع دخول الصراع شهره السادس.
وتستعد شركات الطيران والمطارات والفنادق لموسم الذروة السياحي الصيفي المزدحم عادةً، للاستفادة من الإقبال القوي على السفر بعد جائحة كوفيد-19، لكن الطلب على السفر إلى بعض البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفض.
يأتي هذا الانخفاض بالتزامن مع تراجع حجوزات الطيران إلى إسرائيل بنسبة تتخضت الخمسين بالمائة، حيث وصل الانخفاض بنسبة سنوية 61 في المائة في الربع الثاني من عام 2024، وفقا لبيانات من يناير إلى 6 مارس من قبل شركة تحليل بيانات السفر فورورد كييز.
قطع شركات الطيران رحلاتها مع تل أبيب
إسرائيل هي الأكثر تضررًا من حيث السفر الداخلي، يأتي ذلك بالتزامن مع انخفاض حاد في التذاكر الداخلية الصادرة قاصدًا بعد بَدْء الصراع، وفقًا لـ أوليفييه بونتي، نائب رئيس قسم التحليلات في فوروارد كيز في تصريحات صحفية.
واضافت”لا تزل التذاكر الصادرة منذ بداية العام حتى الآن أقل بنسبة 61 في المائة عن نسبة العام الماضي، حيث تواصل شركات الطيران قطع رحلاتها مع تل أبيب وتأخير أي تاريخ محتمل للعودة”.
وأشارت إلى أنه سجلت البلدان القريبة من الصراع عددًا أقل من المسافرين الدوليين الوافدين.
انخفاض الحجوزات إلى الأرْدُنّ ومصر ولبنان
وشهدت حجوزات الطيران انخفاض كبير للسفر إلى لبنان في الربع الثاني بنسبة 33 في المائة على أساس سنوي، مع انخفاض الحجوزات إلى الأرْدُنّ ومصر بنسبة 31 في المائة و15 في المائة على التوالي، وفقًا لأحدث الأرقام المتاحة من قبل شركة بيانات تذاكر الطيران فورورد كييز ومقرها إسبانيا.
وقال نائب رئيس قسم التحليلات في فوروارد كيز: “إنه من الواضح أن الوجهات في المنطقة أكثر تأثرًا بالأزمة المستمرة، مما يشير إلى أن شعور المسافرين تجاه السلامة يؤثر بشكل كبير على اختيارهم للوجهة، مع تفضيل ملحوظ للوجهات التي يُنظر إليها على أنها أكثر استقرارًا وأمانًا”.
وأضاف أن الحرب، التي بدأت في 7 أكتوبر، لا تظهر أي علامات على نهايتها.
ومنذ ذلك الحين، نفذت إسرائيل قصفًا متواصلًا وهجومًا بريًا أسفر عن مقتل أكثر من 31800 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لتصريحات وزارة الصحة في غزة.
وبعد اندلاع الحرب، أوقفت العديد من شركات الطيران العالمية الكبرى رحلاتها إلى تل أبيب لأسباب أمنية. كما انخفض الطلب على السفر إلى إسرائيل، حيث أدت المخاوف المتعلقة بالسلامة إلى إبعاد الزوار الدوليين وزيادة إلغاء الحجوزات، وفقًا لبيانات فوروارد كيز.
وفي حين أن بعض شركات الطيران، مثل لوفتهانزا والسويسرية والنمساوية والخطوط الجوية الفرنسية وفلاي دبي والاتحاد للطيران، استأنفت منذ ذلك الحين رحلاتها إلى تل أبيب، فقد مددت شركات أخرى، بما في ذلك طيران الإمارات، فترات التوقف المؤقت للخدمات إلى إسرائيل.
وقالت وزارة السياحة الإسرائيلية في ينايرالماضي ، إن (ثلاثة) ملايين سائح زاروا البلاد العام الماضي، بارتفاع طفيف عن 2.7 مليون في 2022.
وكان شهر ديسمبر هو الشهر الأسوأ أداء خلال العام حيث بلغ عدد السائحين 52800 سائح فقط، مقارنة بأكثر من 300000 سائح في الشهر السابق من العام.
مصر والأردن ولبنان
وفي مصر، استقبلت البلاد رقمًا قياسيًا بلغ 14.9 مليون زائر دُوَليّ العام الماضي.
وقال وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى هذا العام إنه مع أنّ ارتفعت الأرقام في الربع الرابع بنسبة 8 في المائة سنويًا، فإنها لا تزل أقل من التوقعات بسبب حرب غزة.
وفي الوقت نفسه، فإن التوقعات بالنسبة لقطاع السياحة الحيوي في لبنان يشوبها عدم اليقين بسبب الصراع على حدوده الجنوبية بين إسرائيل وحزب الله.
وقال أمين سلام، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، الشهر الماضي، إن عدد السياح الدوليين في لبنان انخفض هذا الشتاء، بعد الأداء القوي في الصيف قبل الحرب .
كما نصحت الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مواطنيها بإعادة النظر في خططهم للسفر إلى الدولة التي تعاني من الأزمات.
وأضاف أنه في موسم الصيف الماضي، ضخ السياح والمغتربون اللبنانيون ما بين 5 إلى 7 مليارات دولار نقدًا في اقتصاد البلاد، لكن من غير الواضح ما إذا كانوا سيأتون إلى البلاد هذا الصيف.
يعد السفر والسياحة شريان حياة حيوي لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعتمد على العملات الأجنبية التي يجلبها الزوار الدوليون إلى البلاد.
فهو يخلق فرص عمل ويدفع أجور العاملين في صناعات مثل الطيران والسياحة والضيافة والنقل والأغذية والمشروبات.
وفي لبنان، إذا انخفضت إيرادات السياحة بنسبة 10 في المائة إلى 30 في المائة بسبب الحرب، فإن ذلك من شأنه أن يخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمقدار العُشر، حسبما ذكرت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال في تقرير صدر في نوفمبر 2023.
وفي الأردن، قالت الوكالة إن انخفاض عائدات السياحة بنسبة 70 في المائة قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.5 في المائة.
الطلب على السفر إلى دول مجلس التعاون الخليجي
وفي الوقت نفسه، يستمر الطلب على السفر إلى دول مجلس التعاون الخليجي، البعيدة عن الصراع والتي يُنظر إليها على أنها آمنة ومأمونة، في النمو وإن كان بمعدل أبطأ، حسبما تظهر بيانات ForwardKeys.
وأظهرت البيانات أن حجوزات التذاكر للوافدين الدوليين إلى الإمارات العربية المتحدة في الربع الثاني ارتفعت بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي، بينما ارتفعت حجوزات المملكة العربية السُّعُودية وعمان وقطر بنسبة 7 في المائة و11 في المائة و86 في المائة على التوالي.
سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة، مركز الأعمال والسياحة في الشرق الأوسط، انتعاشًا ونموًا قويين في قطاع الطيران لديها بعد جائحة كوفيد-19.
وتعامل مطار دبي الدَّوْليّ مع نحو 87 مليون مسافر في 2023، بنمو 31.7 بالمئة على أساس سنوي، متجاوزًا الرَّقْم المسجل في 2019 والبالغ 86.4 مليونًا.
وفي عام 2024، يتوقع المطار أن يستقبل 88.8 مليون مسافر، بعد تعديله صعودًا من توقعاته في نوفمبر البالغة 88.2 مليونًا. وهذا من شأنه أن يضعها على مرمى البصر من الرقم القياسي السابق البالغ 89.1 مليونًا في عام 2018.
وفي الوقت نفسه، قالت مطارات أبوظبي، المشغلة المملوكة للدولة، في فبراير/شباط، إن المطارات التجارية الخمسة في أبوظبي تعاملت بشكل جماعي مع 22.9 مليون مسافر في عام 2023، بزيادة قدرها 44.5 في المائة مقارنة بعام 2022.
تغيير مشاعر المسافر
دفعت الحرب بين إسرائيل وغزة المسافرين إلى إعادة النظر في زيارة أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأكثر تضررًا من الصراع، حيث تشير البيانات إلى أنهم يظهرون اهتمامًا أكبر بمناطق أخرى.
وقال بونتي: “إن تحليل اختيارات الوجهات للمسافرين من الأسواق الأكثر تأثرًا بالصراع المستمر يشير إلى أن المسافرين ربما يظهرون الآن اهتمامًا متزايدًا بالوجهات الأوروبية مثل إسبانيا واليونان والبرتغال”.
“شهدت هذه الوجهات أكبر زيادة بنسبة نقطة مئوية في الطلب منذ بداية العام حتى الآن مقارنة بالفترة التي سبقت النزاع”.
ومن بين المسافرين إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان هناك أيضًا تحول نحو المزيد منح جوزات “اللحظة الأخيرة”، حيث يتم إصدار التذاكر بمتوسط مهلة 42 يومًا، وفقًا لبيانات ForwardKeys.
وقال السيد بونتي إنه في حين أن الحجوزات ذات فترات الترقب القصيرة (0-29 يومًا) قد زادت بشكل طفيف، فإن الحجوزات للمهل المتوسطة (30-89 يومًا) والطويلة (أكثر من 90 يومًا) انخفضت مقارنة بالعام الماضي.
وأضاف أن هذا يشير إلى تفضيل السياح لخطط سفر “أكثر مرونة وفورية”، وهو ما يرجع على الأرجح إلى الشكوك المحيطة بالنزاع.