وحدة الاستطلاع البدوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.. التعريف والتأسيس والمهام
كتب: أشرف التهامي
على مدار عقود من الاحتلال وتفتيت المجتمع وتقييد حركته، حاولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة زرع بذور الشقاق بين أوساط السكان العرب لمنع رصّ الصفوف لمواجهة سياسة التمييز التي تنتهجها الدولة ضدهم.
ووجد السكان البدو على وجه الخصوص أنفسهم في معزل جغرافياً واجتماعياً عن المواطنين العرب جنوباً في الصحراء.
واستخدمت “إسرائيل” وسيلة ناجعة لسلخ البدو عن المسلمين والمسيحيين، تتمثل في الضغط عليهم لأداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي مثل الدروز، والعمل كقصاصي أثر في الصحراء لخبرتهم بها، علماً أن أبناء الطائفة الدرزية الصغيرة يخدمون في الجيش منذ وقت مبكر.
وبناءً على ما سبق، أنشأ الجيش الإسرائيلي في عام 1987 “كتيبة البدو”، أو “كتيبة الدورية الصحراوية”، والتي تخدم فيها مجموعة من البدو العرب (الغالبية العظمى) وغيرهم من أتباع ديانات أو طوائف غير اليهودية.
في البداية كانت هذه الكتيبة تابعة لقيادة الجبهة الداخلية في لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي، ثم وضعت تحت إمرة قيادة منطقة غزة في الجيش الإسرائيلي.
قبل ذلك نشأت هذه الكتيبة كوحدة صغيرة من الجنود البدو المحاربين لشغل مهام الاستطلاع والكشف عن الأثر والمراقبة على حدود قطاع غزة، وسميت بـ”وحدة قصاصي الأثر” في سبعينيات القرن الماضي، ومع مرور الوقت زاد عدد المنتمين لها، وتم دمج وحدة من الجيش الإسرائيلي لها، ليصبح فيها خلط ما بين غير البدو والبدو والمسيحيين، وتتطور إلى ما يعرف لاحقاً بـ”كتيبة البدو”، أو وحدة الاستطلاع البدوية.
فما هي وحدة الاستطلاع البدوية وكيف تأسست وماهي مهامها ودورها في جيش الاحتلال الإسرائيلي وكيف سيبرز دورها في قادم الأيام خاصة بعد تلويح القادة الإسرائيليين باجتياح رفح الفلسطينية التي تشهد ترابطاً قوياً بين سكانها وبين العشائر المحلية “البدو” ذوي الروابط الأزلية مع عشائر وبدو سيناء التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي في مخيلته الاستيطانية المريضة التي ورثها عن أجداده المطرودين مها؟.. كل هذه الأسئلة يجيب عنها التقرير التالى:
وحدة الاستطلاع البدوية
تعرف وحدة الاستطلاع البدوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها هي وحدة من الكتيبة الصحراوية بالجيش الإسرائيلي بها مقتفي الأثر من البدو ويرأسها بيني غانون تتألف هذه الوحدة من عدة مئات من المقاتلين، غالبيتهم العظمى من أبناء الطائفة البدوية. في كل يوم وفي كل حالة طقس يخرجون للمهمة وهم مسلّحون بسترة واقية خفيفة الوزن وبندقية ام-16 وبشكل أساسي بحاسة بصر وشمّ متطوّرتين. يتجوّلون في جميع الحدود الإسرائيلية في بحث مستمر عن المقاومين والمهرّبين.
حتى في الأيام التي تطلق فيها إسرائيل إلى الفضاء أقمارا صناعية عالية التكنولوجيا، وتُدخل إلى الوحدات أنظمة متطورة ووسائل مراقبة متقدّمة، فليس هناك بديل لتقفي الأثر.
التأسيس
أقيمت هذه الوحدة عام 1970 ويمكن القول إن شخصيين أساسيين كانا وراء إقامتها وهما:
الأول الذي يعتبر وتصفه الوثائق العسكرية الإسرائيلية بصاحب فكرة قص الأثر في الجيش الإسرائيلي «عاموس يركوني» وهو ليس يهوديا بل بدوي اسمه الأصلي «عبد المجيد خضر المزاريب» والذي اختار لنفسه الاسم اليهودي سابق الذكر لدرجة أن فيلما حمل اسم «الغشاش البدو» عرض 2011 أي بعد 20 عاما من موته يروي حكاية «يركوني» أو «المزاريب» هذا البدوي الذي أسس وحدة قصاصي الأثر وحضر عرض الفيلم جنرالات إسرائيليين سابقين وحاليين ورئيس جهاز الشاباك ورئيس الموساد وعدد كبير من أعضاء الكنيست والوزراء في إشارة لأهمية الفيلم وأهمية ما قام به هذا الشخص بالنسبة للجيش الإسرائيلي ولا يدور الحديث هنا عن أهمية الشخص بل أهمية العمل.
أما الشخص الثاني الذي تعتبره أوساط الجيش من أباء ومؤسسي هذه الوحدة فهو البدوي «حسين الهيب» الذي شغل منصب «ضابط قصاصي الاثر» في الجيش الإسرائيلي وحصل على رتبة “عقيد”. تطوع في صفوف الجيش الإسرائيلي في ستينيات القرن الماضي وخدم حينها ضمن وحدة «شاكيد» وبعد عدة سنوات انتقل إلى المنطقة الشمالية ليعمل بوظيفة “قصاص اثر المنطقة الشمالية” والمقصود بالمنطقة الشمالية هنا الحدود اللبنانية والسورية وشارك في حرب أكتوبر وعملية «الليطاني» وهي عملية غزة جنوب لبنان التي وقعت عام 1978 وشارك أيضا في غزة لبنان عام 1982 وبقي في لبنان حتى قبيل الانسحاب الإسرائيلي عام 2000 حيث تسرح من الجيش بعد خدمة استمرت حوال 37 عاما.
في البداية كانت الكتيبة كوحدة صغيرة من الجنود البدو المحاربين لشغل مهام الاستطلاع والكشف عن الأثر والمراقبة على حدود قطاع غزة، ومع مرور الوقت زاد عدد المنتمين لها وتم دمج وحدة من الجيش الإسرائيلي لها ليصبح فيها خلط ما بين غير البدو والبدو والمسيحيين.
التدريب والقدرات
يتمركز تدريب الكتيبة بشكل أساسي على قاعدة تدريب لواء جفعاتي، حيث يمارسون التدريب جنباً إلى جنب مع جنود من لواء جفعاتي
خلال أحداث انتفاضة الأقصى لعبت الكتيبة دوراً كبيرا على طول محور فيلادلفيا،” صلاح الدين”، في محاربة الأنفاق مع مصر، وقد قتل من هذه الكتيبة خمسة من جنودها في عملية «أنفاق الجحيم» التي نفذتها المقاومة الفلسطينية على معبر رفح في العام 2004.
العقيدة القتالية
وفضلا عن قدرتهم على تحليل الآثار فلدى كتيبة الدوريات الصحراويه عقيدة عمل مرتّبة جدا والتي تحتوي على:
1- عقيدة قتالية عسكرية مع قدرات بدوية قديمة.
2- حاسّة الشمّ القوية.
3- القدرة على العمل في مناطق واسعة.
4- القدرة في البقاء على قيد الحياة والجهد المادي الأمثل لظروف المنطقة الصعبة والتي لا تنتهي.
المهام
تمشيط الحدود مع قطاع غزة.
– تقصي الأثر على الشريط الحدودي.
– مكافحة الاختطاف ومنع أي عملية أسر للجنود الإسرائيليين بأي ثمن حتى لو على حساب قتل الجندي.
– مراقبة مناطق سكن الفلسطينيين المحاذية للحدود.
– تنفيذ عمليات خاصة سريعة بالقرب من حدود قطاع غزة.
– القتال في المناطق المأهولة بالسكان.
– مكافحة الأنفاق الحدودية التي تجتاز السلك الفاصل.
– حماية معبر كرم أبو سالم.
مواصفات أفراد الكتيبة
– إجادة اللغة العربية لسهولة التعامل مع المدنيين خلال أية حرب قادمة.
– القدرة العالية على تقصي الأثر وتتبع من يعبر الحدود.
– الملامح عربية بما يسهل تنفيذ مهام خاصة بالقرب من الحدود.
البدو وجيش الاحتلال الإسرائيلي
بدأت حكايتة البدو مع “إسرائيل” -كحال معظم الشعب الفلسطيني-بعد احتلال منطقة النقب (جنوب فلسطين) عام 1948، إذ وضعت “إسرائيل” على رأس أولوياتها “تطهير” النقب من السكان البدو، الذين كانت تتراوح أعدادهم قبل النكبة ما بين 70 إلى 90 ألف نسمة، إلا أنه بعد تهجير الكثير منهم في صحراء النقب أو نحو الأردن وصحراء سيناء وقطاع غزة، وتدمير العديد من قراهم، لم يبقَ منهم في عام 1953 إلا 11 ألف نسمة.
وفي أواخر عام 1953 أصدرت الأمم المتحدة تقريراً ذكرت فيه أن 7 آلاف بدوي من النقب جرى ترحيلهم إلى مناطق قريبة من الأردن وإلى غزة وسيناء، اللتين كانتا خاضعتين للحكم المصري، إلا أن الكثير منهم انسلَّ وعاد لأراضيه متسللاً عبر الحدود.
وكانت منطقة النقب تحظى باهتمام كبير من قِبل الحركة الصهيونية حتى قبل “قيام الدولة” لمساحتها الكبيرة وموقعها الاستراتيجي، فقبل 11 عاماً من “قيام دولة إسرائيل” على أنقاض أراضي الفلسطينيين، بعث ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لـ”إسرائيل” برسالة إلى ابنه يقول فيها:
“أراضي النقب محفوظة للمواطنين اليهود متى شاءوا وأينما شاءوا، لا بد من طرد العرب وأخذ مكانهم”.
وتحدث موشيه دايان، قائد القوات الإسرائيلية في حرب عام 1967، وأكثر القادة العسكريين شهرةً عمّا يدور في خلد الإسرائيليين، عندما تنبأ بقرب زوال الوجود البدوي في الجنوب، حتى لو تم ترحيلهم بقوة السلاح.
أسباب العداء الإسرائيلي للبدو
وأسباب هذا العداء الذي يكنه القادة الإسرائيليون للبدو ذات شقين:
1- الحكومات الإسرائيلية التي كانت تسعى إلى بسط سيطرتها على الأرض والسكان، كان يساورها القلق حيال نسبة الإنجاب عند البدو، وهي من أعلى نسب الإنجاب في الداخل.
2- نمط حياة البادية القائم على الترحال يجعل من المستحيل ضبط تحركاتهم ومراقبة أنشطتهم كما هو حاصل بالنسبة للتجمعات السكنية العربية الثابتة.
وتعتبر النقب التي تبلغ مساحتها ثلثي مساحة الدولة، أفضل بقعة شاسعة لاستيعاب موجات الهجرة اليهودية مستقبلاً، كما أن الطبيعة القاحلة لهذه الصحراء وصعوبة اختراقها أو مشاهدة التحصينات فيها، جعلها مكاناً معقولاً لإنشاء القواعد العسكرية والعمليات الحساسة. فقد تم على سيبل المثال إنشاء المفاعل النووي الإسرائيلي بالقرب من بلدة ديمونا في النقب، كما تعترف ضمناً بذلك الترسانة النووية الإسرائيلية.
كيف تعاملت “إسرائيل” مع سكان بدو النقب على مدار عقود؟
عملت الحكومات الإسرائيلية بعد عام 1948 بلا هوادة، من أجل محو ظاهرة البدو عن الوجود ومنع تحركهم وتغيير نمط حياتهم البدوية بالكامل، من خلال منعهم من الهجرة الموسمية مع قطعانهم وزراعة أراضيهم.
فالبدو الذين لم يُهجَّروا تعرّضوا للترهيب والتهديد لترك مضاربهم وقراهم إبان الحرب، فرّوا في الخمسينات، إما إلى وسط البلاد حيث اشتغلوا كعمال متدني الأجور، وإما إلى منطقة صغيرة المساحة نسبياً في النقب الشمالي. أما باقي منطقة النقب وتبلغ مساحتها 85% من المساحة الإجمالية هناك، فقد تم الإعلان عنها كحدود تضم كتلاً من المناطق العسكرية والمحميات الطبيعية.”منطقة الحصار”
ويطلق على المنطقة التي يتجمع فيها البدو في النقب “منطقة الحصار”، حيث تم إنشاء حلقة محكمة من المستوطنات اليهودية لاحتواء البدو، حيث أخذت أراضيهم تُلتهم شيئاً فشيئاً جراء إنشاء المزيد من المناطق الصناعية والقواعد العسكرية والمحميات الطبيعية، إضافة إلى مطار. وكل قرية من القرى البدوية محاصرة ومفصولة عن سائر القرى البدوية الأخرى بمزارع يهودية ومستوطنات ومدن تطوير، حيث يعيش السكان البدو في النقب على 2% فقط من المساحة الإجمالية.
“التجمعات المبعثرة”
ظلَّت “إسرائيل” منذ الستينيات تُصنِّف التجمعات السكنية البدوية بالنقب كتجمعات مبعثرة، وعرضت الدولة على البدو الانتقال إلى واحد من سبعة مخيمات تم إنشاؤها في السبعينات، حيث سكن نصف البدو (عددهم اليوم نحو 350 ألفاً) في هذه البلدات التي تتقوقع عند أدنى معدلات التطور الاقتصادي والاجتماعي. أما بالنسبة للفرد الذي يرفض عرض الدولة فقد يضطر للعيش في قرى غير معترف بها، وهذا يعني أنه محروم من تلقي الخدمات العامة كالمياه والكهرباء والعيادات الصحية والمدارس.
خلق الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يزال يهدم القرى في النقب حتى اليوم مثل قرية العراقيب (تم هدمها أكثر من 200 مرة) عالمين مختلفين بشكل صادم للبدو واليهود في النقب، ويتم تقنين الفصل المادي الذي تم تحقيقه من خلال مصادرة الأراضي وتخطيطها بموجب القوانين، التي أيدتها المحكمة العليا الإسرائيلية في عام 1988، والتي تحظر على البدو استئجار الأراضي في المدن اليهودية، وتحظر على اليهود تأجيرها.
توجد فوارق مروعة بين المناطق البدوية واليهودية في النقب اليوم، حيث تقع البلدات البدوية في أسفل التصنيف الإسرائيلي لجميع المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تقريباً. ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإن أفقر خمس مناطق في “إسرائيل” هي جميعها بلدات بدوية.
بل إن الوضع أكثر خطورة في القرى غير المعترف بها، والتي يسكنها ما يقرب من 100 ألف مواطن بدوي تحت الاحتلال الإسرائيلي. ولم تظهر القرى غير المعترف بها على أي خريطة رسمية منذ ذلك الحين، بعد استبعادها من الخرائط التي رافقت المخطط الرئيسي لعام 1966.
وتعتبر جميع المباني في هذه القرى، بما في ذلك المنازل، غير قانونية، وبالتالي فهي مرشحة للهدم بموجب قانون البناء والتخطيط. يوجد حالياً ما يصل إلى 46 قرية “غير معترف بها” في النقب، بما في ذلك القرى البدوية التاريخية والقرى التي تم بناؤها بعد عام 1948 من قبل البدو الذين أُجبروا على العيش في السياج.
تم استبعاد البدو الفلسطينيين في النقب بشكل منهجي من قرارات التخطيط الإسرائيلية، التي كانت وما زالت مدفوعة بأجندة “التهويد” الصهيونية، عبر إجبارهم على سبيل المثال بأداء الخدمة العسكرية، والادعاء بأنهم مواطنون إسرائيليون ولهم حقوق وواجبات في هذه الدولة، رغم تهميشهم في الواقع وإفقارهم، وعدم توظيفهم في مؤسسات الدولة إلا بوظائف متدنية جداً.
أعداد مقاتلي البدو في الجيش الإسرائيلي تتراجع وتنحسر
فبناءً على معلومات جاءت بتقرير نشره موقع “واللا” العبري عام 2021، يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي حالياً 1514 شاباً عربياً بدوياً، بمن في ذلك 84 ضابطا؛ ضابط واحد برتبة عقيد، و10 برتبة مقدم، بالإضافة إلى ذلك يخدم بشكل دائم (في سياق الخدمة العاملة) 287 مقاتلاً بدوياً في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي العام 2016، ذكر التقرير أن حجم التجنيد في صفوف الشبان البدو كان منخفضاً، وبلغ 339 جندياً بدوياً، وارتفع في العام 2017 إلى 448، ومنذ ذلك الحين شهد عدد الشبان البدو الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي تذبذباً، إلى أن سجل في العام 2020 زيادةً أخرى إثر تجنيد 606 شباب من البدو.
وشدد التقرير على أن العام 2021 شهد انخفاضاً في أعداد الشباب البدو الذين يقبلون على الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وذكر أنه لا يمكن التعرف على حجم هذا التراجع في هذه المرحلة؛ إذ إن الجيش لا يكشف عن البيانات الدقيقة.
وفيما يتعلق بحجم تسرب الشباب البدو من الجيش الإسرائيلي بعد التحاقهم بالخدمة، بلغت نسبة المتسربين في العام 2018 حوالي 31%، وفي العام 2019 بلغت 30% وفي العام 2020 بلغت 23%، في معدلات تعتبر مرتفعة مقارنة مع نسب التسرب العامة من الجيش الإسرائيلي التي بلغت بين الأعوام (2018 و2020) 13 و15 و12% على الترتيب.
كما واصلت نسبة التسرب في أوساط الشباب البدو العرب من صفوف الجيش، الارتفاع في العام 2021 كذلك، رغم أن الأرقام الدقيقة غير متوفرة. وكان عام2014، قد شهد انخفاضاً في أعداد العرب البدو المنتسبين للجيش الإسرائيلي، ليصل عددهم إلى 280 جندياً، بينما كان عددهم قبل سنتين 320 متجنّداً، خلافاً لما كان عليه قبل عقد، إذ وصل عدد المنتسبين إلى 400 متجند.
الأسباب الكامنة وراء انخفاض أعداد المنتسبين للجيش الإسرائيلي من العرب البدو
تقدّر جهات حكوميّة إسرائيلية أنّ الأسباب الكامنة وراء انخفاض أعداد المنتسبين للجيش الإسرائيلي من العرب البدو متعددة، مثل:
1- ممارسة التمييز في الوظائف ضدهم داخل إسرائيل.
2- عزلتهم في مجتمعهم العربي.
كما أن هناك أسباباً سياسيّة، أهمّها “مخطّط برافر” الذي أُعد لاقتلاع وتهجير مئات الآلاف من العرب البدو في النّقب، وتجميعهم في مناطق سكنيّة مكثّفة، ناهيك عن أن الانتفاضة الثانية لعبت دوراً كبيراً في تثبيط رغبة من رغب من العرب البدو بالتجند للجيش الإسرائيلي، لما رأوه من سياسة إسرائيلية عدوانية تنتهجها المؤسسة الرسمية تجاه الفلسطينيين في الداخل، على اختلاف انتماءاتهم.
زاد الأمر سلبيةً بالنسبة لـ”إسرائيل” عندما اندلعت أحداث “هبّة الكرامة” خلال معركة “سيف القدس” عام 2021، حيث يقول المراسل العسكري لموقع “واللا”، أمير بوحبوط، إن التراجع في أعداد المنتسبين من البدو إلى الجيش الإسرائيلي أو المتسربين من الخدمة ارتفع بشكل كبير، بعد ما يُعرف بـ”هبَّة الكرامة”، التي وقعت فيها صدامات بين العرب واليهود في الداخل، كما “ارتفع مستوى التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي بين الطرفين خلال الهبة الشعبية”.
وأشار بوحبوط إلى تحقيق معمق أجراه الجيش الإسرائيلي بأوامر مباشرة من رئيس أركانه، أفيف كوخافي، حول ما وُصف بـ”ظاهرة” رفض الشباب البدو الخدمة العسكرية وانسحابهم من صفوف الجيش.
وفي إطار التحقيق، رُصدت عشرات المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، نُشرت بواسطة أشخاص عرّفوا أنفسهم بأنهم “جنود بدو في الجيش الإسرائيلي”، دعوا من خلالها إلى رفض الخدمة العسكرية أو أعلنوا انسحابهم من صفوف الجيش.
وصف التقرير “الواقع على الأرض” بأنه أسوأ بكثير، مشيراً إلى مشاركة الشباب البدو في المواجهات التي اندلعت، في مايو 2021، في سياق الهبة التي شهدتها المدن والبلدات العربية والمختلطة؛ دفاعاً عن الوجود العربي من هجمات المستوطنين والمتطرفين اليهود بحماية أجهزة الأمن الإسرائيلية.
حالة الجنود البدو في جيش الاحتلال الإسرائيلي
تصف وسائل إعلام عبرية الجنود البدو في الجيش الإسرائيلي بأنهم يعيشون في أوضاع صعبة للغاية، حيث إنهم وجدوا أنفسهم في حالة من النبذ والعزلة هم وعائلاتهم من قِبل المجتمع العربي في النقب، الذي قدم خلال سنوات الانتفاضة الثانية العديد من الشهداء والأسرى المحكومين بمدد طويلة.
ومنذ سنوات الانتفاضة الثانية نظّم السكان العرب في النقب حملات عديدة لإرغام المجندين البدو على ترك الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي، عبر فرض مقاطعة عليهم، ومنع التعامل معهم أو تزويجهم. وفي عام 2001 فشل الجيش الإسرائيلي في توظيف إمام مسلم للعمل في صفوفه، لمساعدة المجندين العرب الذين يخدمون في الجيش، أو حتى الصلاة عليهم بعد مقتلهم.
ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون للاتصال برئيس هيئة السلطات المحلية العربية البدوية في النقب، حسن الهيب، للمساعدة في تأمين إمام مسلم للعمل في صفوف الجيش الإسرائيلي، بعد رفض أئمة المساجد المشاركة في صلاة الجنازة على عدد من الجنود الاسرائيليين العرب وفق الشريعة الإسلامية.
في الوقت نفسه لم يستطع هؤلاء الجنود الذين همّشتهم دولة الاحتلال نفسها وأفقرت مناطقهم، الاندماج في المجتمع اليهودي والحصول على وظائف بعد انتهاء خدمتهم العسكرية.
فقد كشف تقرير متلفز لقناة “كان” الإسرائيلية، في فبراير 2022، عن تراجع كبير في معدل تجنيد الشباب البدو خلال السنوات الأخيرة. قائلاً إنهم “التحقوا بالجيش ضد رغبة عائلاتهم”، وإنهم “يعانون من العزلة داخل مجتمعهم العربي الرافض لمثل هذه الخطوة”. ويشير التقرير إلى أن الجنود البدو “يلاقون التمييز داخل المجتمع الإسرائيلي، ولا يتم قبولهم في الوظائف التي ظلت حكراً على اليهود” منذ عقود طويلة، وقالت كارميلا مينشا، وهي صحفية إسرائيلية تعمل مراسلةً عسكريةً، إنها تلقت مؤخراً العشرات من الرسائل من قِبل ضباط وجنود بدو بالجيش الإسرائيلي، يشتكون من أوضاعهم السيئة.
رتب ودرجات البدو في جيش الاحتلال الاسرائيلي
وبحسب قناة كان، لا يصل الضباط البدو في الجيش الإسرائيلي إلى الدرجات والرتب التي يحظى بها نظراؤهم اليهود، فهم لا يتخطون رتبة عقيد، وتقول مينشا حول ذلك: “أجري الكثير من المحادثات الطويلة مع جنود ومجندات عرب، ليس لديهم نقود، يجب منحهم حزمة مساعدات بعد التسريح، تختلف عن تلك التي يحصل عليها الجنود اليهود”.
وأخيراً هل سنجد لوحدة الاستطلاع البدوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي أدوار ومهام في الأيام القادمة أم سنشهد زوالها نهائياً على عتبة رفح؟
هذا ما سيخبرنا به قادم الأحداث.
طالع المزيد:
– الجيش الإسرائيلى يشق طريقا يقسم غزة ويبنى منطقة عازلة
– ساويرس يسخر من متحدث الجيش الإسرائيلى