عملية عسكرية محتملة واستراتيجية جديدة.. هل تُغيّر تركيا شكل الحكم في مناطق قسد الانفصالية؟
كتب: أشرف التهامي
انتهجت تركيا منذ نهاية عام 2023 استراتيجية جديدة لاستهداف حزب العمال الكردستاني الانفصالي والمصالح المرتبطة به، تقوم على تَوْسِيع بنك أهداف عمليات الاستهداف الجوي ليصبح شاملاً إضافةً للأهداف الأمنية والعسكرية جميع منشآت البِنْية التحتية والفَوْقية التابعة لـ PKK الانفصالي في سورية، فضلاً عن قطع إمدادات الحزب الانفصالي بين العراق وسورية.
خمس موجات تصعيد عسكري
مع انقضاء الربع الأول من عام 2024 االحالي نفّذت تركيا ما لا يقل عن 5 موجات تصعيد عسكري جوي ضد حزب العمال الكردستاني الانفصالي والتنظيمات الانفصالية المرتبطة به في سورية والعراق.
أدت هذه الموجات إلى:
1-تدمير كبير لمنشآت طاقة وبِنْية تحتية يستغلّها PKK ويسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر.
2-تحييد قياديين تابعين له في الصف الثاني وما دونه؛ لكنّها لم تنجح إلى الآن في ضرب حلقة القيادة الأمنية أو العسكرية الرئيسية في الحزب، مما يعني استمرار قدرته على تكرار تنفيذ العمليات الإرهابية ضد المصالح العسكرية أو المدنية التركية انطلاقاً من مناطق انتشاره في سورية إضافةً لاستمرار سيطرته بشكل مباشر أو غير مباشر على جميع مؤسسات الحكم الانفصالي في مناطق شمال سورية وشرقها.
الاستراتيجية التركية الجديدة
وضعت الاستراتيجية التركية الجديدة حزب العمّال الكردستاني الانفصالي أمام تحدٍّ وضغط كبير قد يُجبره على البحث عن آليات وسُبل جديدة للتعامل مع التهديد الذي تمثّله الضربات الجوية التركية.
حيث زاد حجم عمليات الاستهداف وحجم إضرارها بمنشآت البِنْية التحتية التابعة له، ومن المحتمل أن تشنّ تركيا عملية عسكرية برية واسعة تستهدف الحزب الانفصالي شمال العراق بمشاركة الجيش العراقي خلال الصيف القادم.
على الصعيد الداخلي
قد يلجأ حزب العمال الانفصالي إلى توجيه المؤسسات والتنظيمات الانفصالية التابعة له لاتخاذ إجراءات تُظهر شكلياً انفتاحه بشكل أكبر على مشاركة أكبر في حكم المنطقة من جانب القُوى المحلية الأخرى السياسية أو الاجتماعية أو غيرها على سبيل المثال:
1-تسريع وتنظيم انتخابات للمجالس المحلية والبلديات.
2-انتخابات لمؤسسات الإدارة الذاتية الانفصالية.
3-فتح الباب لمشاركة أكبر للقُوى العشائرية في إدارة بعض المناطق مثل دير الزور التي ما تزال في مرحلة إعادة بناء هيكل الحكم المدني والعسكري الذي يدير شؤونها.
لكن جميع هذه الخطوات لن تُغيّر شكل الحكم الحقيقي في هذه المناطق، خاصةً مع استمرار وجود قياديِّي الحزب وكوادره الانفصاليين كمشرفين ومسؤولين غير مباشرين عن جميع المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية التي تدير المنطقة.
على الصعيد الخارجي
ومِن المحتمل أن يدخل حزب العمال الانفصالي في مفاوضات مع أطراف محلية أو دولية في سورية أو خارجها لتجاوُز الضغط والتهديد المتصاعد الذي تمثله استراتيجية تركيا الجديدة؛ على سبيل المثال:
1-الدخول في مفاوضات مع الدولة السورية وروسيا بشأن مشاركة أوسع له عَبْر مؤسساته في إدارة بعض القطاعات الرئيسية مثل الكهرباء والنفط والغاز في حال استمرار استهداف تركيا لهذه المنشآت وعجز حزب العمال عن حمايتها أو إدارتها بشكل منفرد، مما يعني احتمال احياء وتثبيت وتوسيع الاتفاق المتذبذب بين الدولة السورية وحزب الاتحاد الديمقراطي (الذراع السوري لحزب العمال) منذ عام 2012 لتقاسُم عائدات قطاع النفط والغاز وتنظيم إدارته ومنشآت البِنْية التحتية الرئيسية، وهذا البند يمني الأكراد أنفسهم بالتوصل إليه حيث أن الدولة السورية عازمة كل العزم علي استرداد كامل الاراضي السورية و استرداد ثروات ومقدرات الشعب السوري كاملة وبسط نفوذها وسيادتها كاملاً على كامل أراضيها وطرد القوات الامريكية والتحالف الدولي من سوريا.
2-قد يضطر حزب العمال الانفصالي للتنازل عن موقفه المُعرقِل لاستئناف المفاوضات “الكردية – الكردية” بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي التي ترعاها وتشرف عليها الولايات المتحدة، حيث لم تُعقد أي جولة بين الطرفين منذ نهاية عام 2020.
بالنتيجة إنّ استمرار تركيا بتنفيذ استراتيجيتها الجديدة التي تركز على استهداف المنشآت النفطية والغازية والاقتصادية والبِنْية التحتية سيؤدي إلى:
1- تقويض قدرة الإدارة الذاتية وقسد الانفصاليتين على إدارة المنطقة.
2- يُجبر حزب العمال الكردستاني الانفصالي إمّا على استئناف المفاوضات “الكردية – الكردية” وهو ما قد يؤسس لمشاركة أكبر من القُوى السياسية المحلية، ويقوّض دور العناصر الأجنبية التابعة له وقدرتها، أو يُجبره على استئناف المفاوضات مع الدولة السورية وروسيا بشأن إدارة هذه القطاعات بشكل مشترك، مما سيؤدي لتقليص موارد الحزب وسيطرته على هذه المنشآت التي تمثّل مصدرَ تمويلٍ رئيسيّاً له وللتنظيمات الانفصالية التابعة له.